من حق جلالة الملك ان يغضب على الانفلات الذي شهدته الساحة الاعلامية في الآونة الاخيرة ، فقد فهم البعض الحرية على انها استباحة حرمات الناس وكراماتهم ، وفسرها آخرون على انها التشويش على كل نقطة مضيئة في الوطن مما جعل المراقبين في الخارج يعتقدون ان الوضع في البلد قد انهار ولم يعد هناك مجال لانقاذ الأمور ، مما يشكل افتراءً وظلماً للاردن ما بعده ظلم.
لقد جاءت المقابلة الشاملة التي أجراها الزميل مدير عام «بترا» مع جلالة الملك عبدالله الثاني حافلة بالأسى والحزن ازاء جرأة البعض على الوطن ومصالحه العليا.. والأنكى ان بعض هؤلاء يزاودون بأنهم الأحرص على المصلحة والأدرى بما يخدم الوطن والناس.. ألا ساء ما يقولون ، فقد هددوا الناس في أرزاقهم وأرعبوا المستثمرين من خلال الاشاعات والافتراءات وأنصاف الحقائق التي أطلقوها دون أن يرف لهم جفن ، وكأن لسان حالهم يقول: المهم أن أكتب أو المهم أن أسجل نقطة على الحكومة وليكن من بعدي الطوفان،
أي اعلام هذا الذي يجيز النشر والتداول دونما تمحيص في الحقائق والمعلومات؟ وأي اعلام هذا الذي يضع أعراض الناس وكراماتهم على السفود لمجرد أنهم يشغلون مواقع عامة؟،
لقد بات الناس يخشون تقلد المناصب وتحمل المسؤوليات لأن ذلك يفتح عليهم أبواب جهنم ويصبحون هم وعائلاتهم الى عاشر جد نهبا للأقلام المسمومة التي تتخفى وراء أسماء مستعارة.
والطامة الكبرى أن البعض يعتقد أن هذه هي حرية الصحافة ، والحرية من ذلك براء.. بل ان هذه التطاولات التي ترتكب تسمى في العرف الاعلامي جرائم ضد حرية الصحافة ، لانها توغر صدر المجتمع ضد هذه المكتسبات وتجعل الانقضاض عليها سهلا.. ومبررا.
أما ما هو غير منطقي وغير مبرر فهو ذلك الصمت الذي يبديه الجسم الاعلامي ازاء هذه التجاوزات.. وأخشى أن يكون مصير الصحافة هو نفسه مصير ركاب السفينة الذين لم يضربوا على ايدي من قاموا بثقبها الى أن غرقت.. وغرقوا جميعا.
لقد آن الأوان لكي يتحرك الصحفيون ضد هذه التجاوزات وأن يفعّلوا مواثيق الشرف التي علاها الغبار وأن يسنوا ضوابط مهنية ملزمة أخرى لوسائل الاعلام المختلفة. فلا يشرف أحد منا أن تتحول وسائل الاعلام من أدوات للبناء والاعمار الى معاول للهدم والدمار.
وقد أطلق جلالته النداء منذرا من خطر استمرار هذا الوضع المسيء للوطن وانجازاته وللصحافة نفسها.. فهل من مجيب؟!