كاتب صحفي مصري ورئيس تحرير جريدة الدستور كثر الحديث عنه في الأيام القليلة الماضية نظراً لما قيل عنه أنه قام بإثارة شائعات عن مرض الرئيس المصري محمد حسني مبارك في عدد من المقالات بجريدته الدستور في شهر أغسطس الماضي، والتي نتج عنها الكثير من البلبلة في الرأي العام المصري بالإضافة لتأثر الاقتصاد مما أدخله في أزمة كبيرة مع الحكومة المصرية، حيث تم إحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بتهمة نشر أخبار كاذبة تتعلق بصحة الرئيس المصري محمد حسني مبارك، وبذلك يكون عيسى هو أول صحفي يحاكم أمام محكمة استثنائية في قضية نشر.
عرف عيسى باتجاه الدائم لمناقشة القضايا الجريئة والتعرض لها بقوة، بالإضافة لانتقاده الدائم للحكومة والتركيز على السلبيات التي قد تواجهها، وذلك من خلال العديد من المقالات التي يقوم فيها بمهاجمة السياسات الحكومية، ورئيس الجمهورية.
مشكلة كبيرة
أدخل إبراهيم عيسى نفسه في مشكلة كبيرة عندما أقدم على نشر مقالات وأخبار في جريدة الدستور في العددين الصادرين في 27، 30 أغسطس 2007 والتي تضمنت فقرات تشير إلى احتمالية مرض وتدهور صحة الرئيس حسني مبارك، وما إذا كانت الشائعات التي أثيرت حول هذا الموضوع صحيحة أم لا وماذا سوف يحدث في مستقبل مصر بعد ذلك، هذا الأمر الذي أثار الكثير من البلبلة والقلق في العديد من الأوساط سواء على المستوى المصري أو المستوى العربي والعالمي، والذي ترتب عليه دخول عيسى إلى دهاليز النيابات والمحاكم بالإضافة إلى احتمالية سجنه إذا تم إثبات التهم المنسوبة إليه.
بدأت مشكلة إبراهيم عيسى تأخذ الشكل النيابي والقضائي عندما تقدم المحامي سمير محمد الششتاوي رئيس المنظمة المصرية للدفاع عن الوحدة الوطنية ببلاغ ضده إلى المستشار عبد المجيد محمود النائب العام وذلك بتهمة ترويج الشائعات وتكدير الأمن العام وإلحاق الأضرار بالمصلحة العامة وذلك عن طريق نشر عدد من الأخبار في جريدة الدستور وترويج عدد من الشائعات غير المؤكدة حول صحة الرئيس المصري محمد حسني مبارك، مما قد يؤدي إلى الإضرار بالمصلحة العامة للدولة وإشاعة جو من البلبلة والقلق داخل المجتمع المصري، والإضرار بأمن البلد.
وعقوبة هذه الاتهامات إذا ثبتت سوف يعاقب عليها عيسى بالسجن لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات وذلك بموجب المادتين 102 مكرر و 108 من قانون العقوبات المصري.
ومن الآثار التي ترتبت على نشر هذه الشائعات هو التأثير السلبي على الاقتصاد حيث أفاد البنك المركزي بأنه تم سحب استثمارات أجنبية من البلاد بلغت قيمتها أكثر من 350 مليون دولار.
رد عيسى ونفيه للاتهامات
ولكن قابل إبراهيم عيسى هذا الاتهام بالنفي وأنه لم يكن مصدر هذه الشائعات ولم يفعل سوى أن قام بتحليل لها، كما قام بتقديم بعض الصحف التي تضمنت شائعات عن مرض الرئيس كدليل أنه لم يكن هو المصدر الذي أثار هذه الشائعات، بل قامت صحف أخرى بإثارة هذا الموضوع قبل أن يتعرض هو إليه.
كما عبر عيسى عن دهشته حيث قال إن كل الصحف المصرية اليومية الخاصة ،والقومية تناولت الخبر الخاص بصحة الرئيس مبارك وأنه هو الوحيد الذي تم استدعائه، كما أكد أنهم في صحفية الدستور قد كتبوا أن صحة الرئيس المصري جيدة وطالبوا بإصدار بيان من قصر الرئاسة أو وزارة الصحة للرد على الشائعات، وأنه انتقد عدم صدور بيان صحيح يوضح الحقيقة للجمهور وهو الأمر الذي ليس فيه أي مخالفة للقانون.
وفي إطار التحقيقات قام سيد أبو زيد محامي نقابة الصحفيين في دفاعه عن عيسى بالمطالبة بالإفراج عنه من سرايا النيابة وذلك استنادا لنص المادة 41 من قانون سلطة الصحافة والذي يحظر الحبس الاحتياطي في جميع قضايا النشر باستثناء المادة المتعلقة بإهانة رئيس الجمهورية وهى التهمة التي لم توجه لإبراهيم عيسى.
وقد حضر التحقيقات التي جرت معه أعضاء من مجلس نقابة الصحفيين منهم محمد عبد القدوس ويحيى قلاش وجمال فهمى.
وقد أمرت نيابة أمن الدولة بإخلاء سبيل عيسى من سرايا النيابة على ذمة التحقيقات التي تجري معه بشأن البلاغين المقدمين ضده من كل من مباحث أمن الدولة وسمير الششتاوي المحامي.
وقد سبق أن اتهم عيسى بتهمة سب الرئيس محمد حسني مبارك في يونيو 2007 وأصدرت محكمة الاستئناف حكماً عليه بالسجن لمدة عام ولكنها ما لبثت أن ألغته وأصدرت حكماً أخر يقضي بأن يدفع عيسى غرامة مالية قيمتها 22500جنيه.
موقف الصحفيين
أثارت مشكلة عيسى عاصفة من الغضب العام سادت الساحة الصحفية فقد أعرب عدد كبير من الصحفيين ورؤساء التحرير عن استيائهم مما تعرض له عيسى، ومن هؤلاء نذكر محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب ونقيب الصحفيين جلال عارف وعدد أخر من الصحافيين والكتاب الذين أعلنوا رفضهم لعقوبة الحبس في قضايا النشر بشتى أشكاله الورقية والإلكترونية.
كما قررت عدد من الصحف المصرية وعددهم 15 صحيفة حزبية ومستقلة أن تحتجب عن الصدور في السابع من أكتوبر 2007 وذلك كنوع من الاحتجاج على حبس الصحفيين وفرض القيود على حرية الصحافة.
كما وقفت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان للدفاع عن عيسى مؤكدة على حرية الصحافة، ومستنكرة القرار الذي صدر بإحالته إلى نيابة أمن الدولة، وعملت على مناشدة السلطات المختصة بالتدخل من أجل وقف إجراءات التحقيق في هذا الموضوع وذلك من أجل تدعيم الحق في حرية الرأي والتعبير، واستنكرت المنظمة أيضاً أن تكون محاكمة الصحفيين أمام محكمة استثنائية والتي تفتقد لميزات المحاكمة العادلة والمنصفة فالأحكام الصادرة عنها تكون غير قابلة للطعن أو الاستئناف بالإضافة إلى أن تنفيذ أحكامها يجب أن تخضع للتصديق من قبل رئيس الجمهورية أو الحاكم العسكري.
وطالبت المنظمة المصرية بمحاكمته أمام محكمة الجنح العادية بالإضافة لضمان تمتعه بكامل حقوقه القانونية في التدرج أمام المحاكم.
نبذة عن إبراهيم عيسى
ولد عيسى في نوفمبر عام 1965م بمدينة قويسنا بمحافظة المنوفية بجمهورية مصر العربية، وألتحق بكلية الإعلام وبدأ عمله الصحفي بجريدة روز اليوسف وذلك عندما كان في السنة الأولى بالجامعة، وتدرج في العمل الصحفي حتى أصبح سكرتير تحرير بها، ثم عمل في إحدى المجلات التي تصدر عن إحدى المؤسسات الحكومية، وجاء انتقاله للدستور ليشهد انطلاقة جديدة له فتتدرج بها حتى أصبح رئيساً للتحرير، عرف عيسى بآراه الجريئة ومقالاته القوية والتي تعرض من خلالها لعدد من سلبيات الحكومة، وله العديد من المقالات في عدد من الصحف المصرية.
كما قدم عيسى واحد من البرامج القوية والذي يحمل نفس عنوان مقالته في جريدة الدستور "من أول السطر" وذلك على القناة الفضائية دريم 2 في يوم الخميس من كل أسبوع.
صدر له عدد من الكتب منها أذهب إلى فرعون، دم الحسين، مجرد اختلاف في وجهات النظر، أشباح وطنية، مقتل الرجل الكبير، وغيرها من الكتب الأخرى.