لم يشهد الإعلام في الأردن تطورا ملموسا خلال
السنوات العشر الماضية بسبب الواقع التشريعي والتدخل الحكومي الذي يرزح هذا القطاع
تحت وطأته، وفق ما أجمع عليه صحافيون وإعلاميون.
وأشارعدد من الإعلاميين إلى أن سقف الحرية
الصحافية، برغم تذبذبه، ارتفع خلال العام 1994 الذي شهد توقيع اتفاقية السلام مع
إسرائيل والعام 2005 الذي سجل معطيات اجتماعية عديدة في ظل رفع أسعار المحروقات
بأعلى نسبة من الحكومات السابقة ما أثار تساؤلات صحافية متعددة حول القرار
ودوافعه.
وترزح الصحافة الأردنية تحت وطأة 24 قانونا
تؤثر على حرية النشر، وتدفق المعلومات، ما يفقد هذا القطاع دوره
"الرقابي"، ويقلل من تأثيره في المجتمع، كما يحول دون وصول رسائله، بحسب
ما كان أكده صحافيون وخبراء.
ويشكو إعلاميون وصحافيون من تدخلات مستمرة من
مرجعيات اعلامية عديدة، تحاول منع نشر أخبار، أو التعتيم على معلومات معينة.
واعتبر عضو نقابة الصحافيين الزميل ماجد توبة
أن التطور والارتقاء بالمستوى الاعلامي لا يزال يرواح مكانه، لافتا الى أن الحريات
الاعلامية في تراجع مستمر؛ حيث أن التيارات المحافظة لا تؤمن بالانفتاح الاعلامي
كونها "صاحبة الكلمة المسموعة في ذلك".
وأضاف أنه وبالرغم مما طرأ من تحسن على عمل
التلفزيون الأردني الحكومي و وكالة الانباء الأردنية الرسمية "بترا" لكن
ذلك لا يواكب التطور الحاصل في القطاع الإعلامي على مستوى العالم.
ويتثمل تراجع الحريات الاعلامية كذلك في كثرة
التشريعات الناظمة وفرضها قيودا على العمل الصحافي والإعلامي، لا سيما قانون
المطبوعات والنشر، وفق توبة.
وأورد مثالا أن الحكومة سحبت قانون مطبوعات عام
2004 لتضع أخر يتسم بالعرفية، لافتا الى أن الطرح الجديد للقانون يشدد على سجن
الصحافيين ورفع الغرامات المالية المترتبة عليهم.
وبين أن وعود رئيس الوزراء د. معروف البخيت
التي اطلقها لنقابة الصحافيين والمجلس الاعلى للاعلام بوضع تشريع جديد يواكب
تطلعاتهم في تطوير الإعلام "ذهبت أدراج الرياح".
وطالب توبة الحكومة بالتشاور مع نقابة
الصحافيين والمجلس الاعلى للاعلام لدى صياغتها أية تشريعات قانونية ذات مساس مباشر
أو غير مباشر بالإعلام.
واعتبر أن توفر الارادة السياسية التي تؤمن
بتطور الاعلام وحرية المجتمع ستساهم في رفع سويته وتقدمه، الا أنه أكد على
"عدم تواجدها نتيجة قوى الشد العكسي" التي لا تؤمن بالعمل تحت الضوء.
كما أن تلك القوى بحسب توبة، لا تؤمن باي
انفتاح سياسي داخلي أو تقرير الديمقراطية وتعزيز مبادئها.
وشدد على ضرورة أن تأخذ الصحافة دورها بمنأى عن
الضغوط لئلا تخدم مصالح فئات معينة تستفيد من غياب الحرية الاعلامية.
ورأى توبة أن عهد حكومة عدنان بدران في العامين
2004 و 2005 رغم قصر توليها للسلطة الا أن الاعلام اتصف خلالها بحرية التعبير.
الزميلة الصحافية رنا الصباغ اعتبرت أن
المؤسسات الاعلامية ليست هي صاحبة القرار في رفع سقف حرية التعبير.
واشارت الى أن تلك المؤسسات لا تحفز الصحافين
لديها عبر منحهم حرية التعبير عن الرأي ومزايا مالية.
ودعت إلى تنظيم مظاهرات صحافية للمطالبة بتعديل
التشريعات التي تكبل العمل الإعلامي وتفك قيودها.
وأكدت الصباغ على أن المؤسسات الصحافية تفتقد
للجسم الاعلامي المؤمن بدور الاعلام في التغيير، معتبرة أن حقبة عام 1994 كانت
الافضل من حيث حرية التعبير وتطور الاعلام.
من جهته، اعتبر مدير تحرير جريدة الحدث
الاسبوعية فتح منصور أن الاعلام في تطوره ما يزاول يروح مكانه وقد يصل الى مرحلة
التراجع التدريجي.
ولفت الى عدم وجود مؤشرات دالة على حرية
الاعلام مثل البنية التشريعة غير الناضجة التي لا تحقق رؤى جلالة الملك عبد الله
الثاني في "إعلام حر حدوده السماء".
وتشكل لقاءات جلالته المتكررة بالشباب قوة دفع
استثنائية شدد خلالها على أهمية دور الاعلام الحديث في ازالة الحواجز والحدود
واتاحة فرص التعبير وابداء الرأي للكثير من الشرائح الاجتماعية ومن بينها فئة
الشباب.
وأضاف منصور أن السلطة التنفيذية ترفض منح
الاعلام حرية التعبير خصوصا، في ظل وجود مجلس أمة محافظ لا يرغب في دعم تلك
الحرية.
وتابع أن التشريعات تفرض قيودا على الاعلام عبر
تشديد منح التراخيص للمؤسسات الاعلامية.
ورأى أن الصحافيين قادرين ومؤهلين على تحقيق
صحافية مهنية تتصف بحرية التعبير، الا أنه أكد على أن عدم وجود مناخ يتصف بالمرونة
والحرية يحد من طموحات الاعلاميين كافة.
إلى ذلك، اعتبر مدير مكتب اذاعة بي بي سي في
عمان سعد حتر أن الاعلام مازال بحاجة الى كوادر مؤهلة لتطويره، فضلا عن ضرورة
تسهيل امكانية حصول الصحافيين على المعلومات الهامة والتي ترفع من سقف حرية
الاعلام.
وبين أن ملكية الحكومة لبعض المؤسسات لاصحافية
يؤثر بشكل مباشر على حرية الاعلام ويضعفها، واصفا سقف الحرية الصحافية
بـ"المنهدم" بسبب الرقابة الذاتية لدى الصحافيين نتيجة للبيئة التشريعية
التي تفرض عليهم عقوبات قاسية.
ورأى أن تأهيل الصحافيين وإيجاد مناخ إيجابي
قادر على احتضان الحرية سيدفع الاعلام إلى الأمام.