وسط جدل حول
جدوى إلغاء وزارة الإعلام أكد اعلاميون أن إلغاء وزارة الإعلام "لم يحل دون
استمرارية التدخل في المؤسسات الإعلامية".
وشدد إعلاميون
مشاركون في ندوة نظمها المجلس الأعلى للإعلام حول مرتكزات الإعلام الأردني على أن
"حالة الفوضى التي تعيشها السياسة الإعلامية الرسمية تتطلب لمواجهتها تحديد
المرتكزات التي يجب أن يقوم الإعلام عليها، بعد دراسة الحالة الإعلامية وعلاقة
الإعلام بالجمهور، وتوفير بيئة تشريعية حامية للحريات الصحافية"، مطالبين
الحكومات بـ "عدم القاء اللائمة على الإعلام حال فشل السياسات
الحكومية".
ورأى رئيس
المجلس الأعلى للإعلام إبراهيم عز الدين في الورقة البحثية التي قدمها بعنوان
"مرتكزات الإعلام الأردني" أن السياسة الإعلامية يجب أن لا تكون امتدادا
للإعلام الحكومي، على أن تأتي كحصيلة تراكمية للسياسات الإعلامية للمؤسسات العامة
والخاصة، وأن يتم التوصل إليها بشفافية وقناعة نتيجة الحوار والنقاش على نطاق
واسع.
وأضاف عز
الدين خلال الورقة الرئيسية التي قدمت في الندوة التي حضرها إعلاميون وكتاب أن
الإعلام يعكس مدى الحرية المتاحة في المجتمع، ويسهم في تحقيق التنمية الشاملة
والمستدامة في المجتمع من خلال مجموعة متكاملة من وظائف الاتصال كتقديم الأخبار
والبرامج الإخبارية، وتكوين الآراء والاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، وإعداد البرامج التي من شأنها تعزيز ترابط المجتمع ونقل تراثه.
وترى الورقة
أن المجتمعات على اختلافها لديها ثوابت لا بد من مراعاتها لدى صياغة سياستها
الإعلامية، ولديهاً وثائق مرجعيّة أساسيّة لا بد من العودة إليها سواء كان لها صفة
دستوريّة أو تمّ اعتمادها نتيجة التوصل إلى عقد اجتماعي توافقي بين جميع الأطياف
الفاعلة في المجتمع، أو أنها جاءت تعبيراً عن الإرادة السياسيّة للقيادة العليا في
البلاد.
وقال عز الدين
إن الأولويات الوطنية في المرحلة الحالية ترتكز وكما يبدو من خلال التوجيهات الملكية
والبيانات الوزارية والسياسات والمواقف المعلنة على إعطاء التنمية السياسية
ومقتضيات الأمن الوطني والقضايا المتصلة بالإصلاح في المجالات الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والتربوية والتكنولوجية الاهتمام الأساسي.
وحدد عز الدين
المرتكزات الإعلامية بالدستور، والميثاق الوطني، ووثيقة " الإعلام الأردني …
رؤية ملكية " باعتبارها تمثل الوثائق المرجعية الأساسية، لرسم أو تطوير الرؤى
الإعلامية المختلفة في المجتمع.
وخلص عز الدين
إلى أن التوصل إلى السياسة الإعلامية المنشودة يجب أن يعتمد على مجموعة عوامل منها
ما هو ثابت ومنها ما هو متغير، والأخذ بعين الاعتبار أولويات المجتمع، والعودة إلى
الوثائق المرجعية السالفة الذكر.
ولم يبد رئيس
تحرير صحيفة "العرب اليوم" طاهر العدوان تفاؤلا بإمكانية وضع مرتكزات
وطنية للإعلام، دون فهم التحديات التي تواجه الإعلام"، وقال "ليس مهما
إلغاء وزارة الإعلام أو هوية الأشخاص القائمين على بعض المؤسسات الإعلامية بقدر ما
هو دراسة الحالة الإعلامية والجمهور المتلقي للرسالة الإعلامية، مشيرا إلى
"الإمبريالية الإعلامية التي تجتاح الساحات الوطنية تتطلب لمواجهتها إتاحة
حيز واسع من الحريات الصحافية، وتداول المعلومات حتى لا يذهب المواطن لتلقي
المعلومة من مصادر أخرى".
ووصف العدوان
حال الإعلام الرسمي والخاص في الوقت الحالي بـ "الفوضى، وغياب السياسات
الإعلامية الواضحة التي امتدت لتطال المرتكزات الوطنية، كما أن هناك فجوة بين
الإعلام الرسمي المستقل والسياسات الإعلامية الحكومية".
وأكد العدوان
أن المرتكزات الوطنية يجب أن لا تكون محل خلاف وطني، ما يستلزم في هذه المرحلة
البحث عن المرتكزات ليتم الالتزام بها".
وحول
المرتكزات التي أوردها عز الدين في ورقته البحثية رأى العدوان أن الربط بين
الدستور والميثاق والرؤية الملكية للإعلام الأردني ربط تاريخي غير أنه يقع ضمن
منظومة واحدة أساسها الدستور، داعيا إلى إيجاد حاضنة سياسية لهذه المنظومة
الإعلامية من القوانين، وسياسات تتعلق بحريات الإعلام والصحافة.
وأكد رئيس
مجلس إدارة المؤسسة الصحافية الأردنية "الرأي" الكاتب فهد الفانك أن
التدخل في المؤسسات الإعلامية لم يختف باختفاء وزارة الإعلام، داحضا ما يتردد في
الأوساط الإعلامية من أن غياب وزارة الإعلام هو "خير وبركة".
وحول ما
تضمنته الورقة البحثية التي قدمها عز الدين من أن مرتكزات الإعلام تقوم على
الدستور والميثاق الوطني والرؤية الملكية، رأى الفانك، الذي ترأس الندوة، أن
الإعلام بحاجة إلى مرتكزين أساسيين هما؛ البحث عن الحقيقة والمصلحة العامة حسبما
يرتئيها الإعلامي.
ورأى أستاذ
الصحافة والإعلام في جامعة البتراء تيسير أبو عرجة أن تطوير الإعلام يتطلب الكثير
من الإجراءت، منها أن تكون الهيكلة الادارية الإعلامية قادرة على حمل أعباء العمل
الإعلامي، وتوفير حزمة تشريعات إعلامية تساعد على سلامة الأداء، إضافة إلى
الالتزام بالثوابت الوطنية والمصالح العليا للدولة ومقتضيات الأمن الوطني،
والاستثمار في الصناعة الإعلامية.
وأشار أبو
عرجة إلى الدور الذي تقوم به نقابة الصحافيين في خدمة الرسالة الإعلامية، داعيا
إلى ضرورة تعزيز عملها في صياغة مرتكزات العمل الإعلامي الوطني، وتعديل قانونها
وتحديدا ما يتعلق بتوسيع العضوية فيها بما يعزز دور النقابة في دعم الحريات،
ويواكب التطورات التي تعيشها الساحة الإعلامية.
وحول إلغاء
وزارة الإعلام، قال أبو عرجة إن وجود وزير إعلام قوي وقادر على النهوض بمسؤولياته،
يعد شرطا لنجاح الإعلام وقوته وقوة الوزارة بشكل تكون فيه إدارة مركزية تتولى
إصدار التوجيهات لهذا الطرف أو ذاك.
وذكّر بالنقد
الذي كان يوجه ضد وزارة الإعلام قبل إلغائها والأسباب التي دفعت إلى إلغائها
ومنها، التغيير المستمر لحاملي حقيبتها، وارتباط أدائها بأشخاص الوزراء
واجتهاداتهم، واتساع قطاع الإعلام والاتصال والدعوة إلى استقلالية المؤسسات
الإعلامية، فضلا عن السعي إلى تأمين سقوف عالية للحريات الصحافية.