يبدأ البرلمان المصري مساء اليوم السبت الموافق
8 يوليو المرحلة الأخيرة لإصدار تشريع جديد يعدل مواد قانون العقوبات في الجرائم
المتعلقة بالنشر، حيث من المتوقع أن يوافق البرلمان على القانون بشكل مبدئي ثم
يبدأ مناقشة البنود وسط توقعات بالانتهاء منها غدا، وهو نفس اليوم الذي تبدأ فيه
24 صحيفة حزبية وخاصة الاحتجاب عن الصدور احتجاجا على التعديلات التي يرى
الصحافيون أنها تمثل قيدا جديدا على حرية الصحافة في مصر. فيما ينظم الصحافيون في
نفس التوقيت وقفة احتجاجية أمام البرلمان تشارك فيها منظمات المجتمع المدني وأحزاب
المعارضة.
وأصدر الحزب الوطني الحاكم تعليمات صارمة
لنوابه بضرورة حضور جلسات البرلمان، وإلغاء اجتماعات اللجان البرلمانية خلال جلسات
مناقشة القانون لتوفير الأغلبية اللازمة للموافقة عليه في ظل رفض المعارضة
والمستقلين، في الوقت الذي أشارت فيه مصادر نيابية إلى أن الباب لا يزال مفتوحا
لإدخال بعد التعديلات على مشروع القانون قبل تشريعه لاحتواء حالة الغضب التي تسود
أوساط الصحافيين المصريين.
وقرر نواب المعارضة من مختلف التيارات السياسية
تقديم اقتراحات جماعية بإلغاء أي نص يتعلق بإدراج الذمة المالية في مشروع القانون
حتى بعد نقل هذا البند من المادة 308 إلى المادة 303 في المشروع المعروض، وجعل
الحبس جوازا وليس وجوبا.
في حين لا تزال الحكومة متمسكة بهذه النقطة
للحد من حملات الانتقادات الصحافية التي تتناول ملفات الفساد. وقد تأكد حتى الآن ـ
بحسب الشرق الأوسط ـ ومن خلال استطلاع آراء نواب المعارضة أن هناك نحو 107 نواب
سيصوتون ضد القانون حيث رفضه الإخوان المسلمون والوفد والتجمع والنواب المستقلون.
وكانت أزمة عنيفة قد تصاعدت بين نواب الحزب
الوطني الحاكم والصحافيين قبل ساعات من موعد مناقشة القانون في البرلمان بسبب
المشادة العنيفة التي شهدتها اللجنة التشريعية للبرلمان بين نواب الحزب الحاكم
ونواب المعارضة والمستقلين بعد تهديد نقابة الصحافيين بإعلان قائمة سوداء بأسماء
النواب الذين سيوافقون على القانون في وقت رفض نواب الوطني هذه التهديدات ووصف
بعضهم الصحافيين بالمبتزين.
وأكد رئيس البرلمان الدكتور فتحي سرور أن هناك
مادة في قانون العقوبات هي المادة 99 تعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد على تهديد
نواب البرلمان.
في غضون ذلك دعا عدد من ممثلي القوى السياسية على
رأسهم حركة «كفاية» إلى مقاطعة الصحف القومية في مصر بسبب امتناعها عن الانضمام
إلى موقف الصحافة المستقلة والمعارضة في الاحتجاب احتجاجا على القانون الجديد، وهو
الموقف الذي استغربته النقابة معتبرة أن الحفاظ على حرية الصحافة وحرية التعبير
أمر يجب الدفاع عنه مهما كان انتماء الصحافيين.
ولا تزال الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين
المصريين في حالة انعقاد دائم، ويواصل مجلس النقابة اعتصامه المفتوح لليوم الخامس
على التوالي احتجاجا على المشروع الحكومي، ودعت النقابة أعضاء مجلسي الشعب والشورى
إلى القيام بموقف تاريخي حاسم، إما بالانضمام إلى حق الشعب المصري في صحافة حرة
ورفض المشروع الحكومي، أو الوقوف في خندق أعداء الحرية وأعداء الصحافة الحرة،
مشيرة إلى أنه لن تستقيم أية دعوة للإصلاح السياسي والديمقراطي بدون الانتصار لحق
مصر في صحافة حرة.
وأكدت النقابة التمسك بمشروعها ورفض المشروع
الحكومي المقدم إلى مجلسي الشعب والشورى، واعتباره بصيغته المقدمة لا يلبي الحد
الأدنى لطموحات الصحافيين ومن خلفهم المجتمع المصري في تحرير الصحافة المصرية
وحقوق التعبير عموماً من القيود الخطيرة التي تكبلها وما يعد تحصيناً للفساد
والفاسدين وغل يد الصحافة عن أداء واحد من أهم أدوارها وواجباتها تجاه المجتمع
والشعب، وهو التصدي لفضح النهب والإهدار للمال والثروة الوطنية.
من جهته دعا مركز ‘ماعت’ للدراسات القانونية
والحقوقية كافة الصحافيين المصريين إلى الامتناع عن الكتابة؛ وذلك في حال تمرير
القانون الحكومي الجديد الذي يقضي بالحبس في بعض قضايا النشر.
وأشار المركز في بيانٍ له إلى أن هذا الموقف لا
يعني بالضرورة الانسحاب من المعركة بقدر ما يعني فضح أساليب هذه القوى, والكشف عن
حقيقة الحريات والديمقراطية المزعومة داخل البلاد.
ودعا البيان كافة منظمات المجتمع المدني للتضامن
مع مطالب الصحافيين ونصرتهم, خلال وقفتهم الاحتجاجية المواكبة لمناقشات القانون
النهائية يوميْ الخميس والأحد القادمين أمام البرلمان.
وقال البيان: إن المركز استقبل نبأ احتجاب 15
صحيفة ـ كما أعلنت إداراتها خلال الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين ـ بالتأييد
المطلق والتضامن, معتبرًا إياه محاولة أكثر قوة لانتزاع حقوق المواطنين عمومًا
والصحافيين خصوصًا في حرية إبداء الرأي والتعبير.
وأكّد البيان مساندته لقرارات الاحتجاب, معلنًا
من جانبه عدم متابعة أو قراءة أو الاشتراك في أية صحيفة ترفض الاحتجاب أو تروّج
لأخبار كاذبة تُضلل الرأي العام وتزعم تحقيق الحكومة بقانونها الجديد للحريات.
وكانت الحكومة المصرية قد أقرّت قانونًا يسمح
بحبس الصحافيين الذين يشككون في الذمّة المالية للمسئولين, ويتعرضون لقضايا
الفساد.