قرار
نيابة الصحافة فى السودان بوقف النشر فى قضية إغتيال الصحفى محمد أحمد محمد طه
رئيس تحرير صحيفة " الوفاق – مستقلة " كان له تداعياته على الصحفيين
والكتاب السودانيين اللذين جاء رد فعلهم الغاضب معبراً عن سخطهم حيال هذا الأمر
الذى إعتبروه إنتهاكا صارخاً لحرية الصحافة فى البلاد ، كان الإحتجاج والإنذار
بالتوقف عن الكتابة والعمل الصحفى هى وسيلة الإحتجاج ضد السلطات لتتوقف عن
ممارستها ضد الحق فى حرية الرآى والتعبير .
وأعادت
تلك الأحداث التذكير بالرقابة المسبقة على الصحف ومدى سلطة الأجهزة الأمنية فى
الرقابة و متابعة ما ينشر بالصحف وحجب ما تريد التعتيم عليه وتعديل الأخر وفق
رؤيتها وسياساتها الخاصة .
ويرى
مراقبون أن تطبيق تلك الرقابة بشكل واضح فى الأونة الأخيرة لا يعود على وجه
التحديد إلى قضية إغتيال رئيس تحرير "الوفاق" قبل إسبوعيين ولكن كانت
الحاجة الملحة لدى السلطة والداعية لتفيعل رقابتها هو التخفيف من المواد الصحفية
التى تتناول الوضع فى إقليم درافور خاصة مع التطورات الأخيرة ومطالبة المجتمع
الدولى بإنزال قوات أممية فى الإقليم المتأزم الأمر الذى ترفضه حكومة الخرطوم ،
وذكر أكثر من مصدر للمنظمة العربية لحرية الصحافة أن عدد الموضوعات الصحفية
المتعلقة بشأن الوضع فى دارفور والتى تم حجبها بأمر الرقابة فى غضون تلك الفترة
يفوق بكثير فرض الرقابة على الموضوعات المتعلقة بقضية الإغتيال.
تلك
الرؤية التى طرحها المراقبون لم تتفق ورؤية نائب رئيس الدولة على عثمان محمد طه
الذى قال فى مؤتمر صحفى عقد أمس الإثنين فى العاصمة الخرطوم " إن دواعى فرض
الرقابة القبلية على الصحف كانت متعلقة بإغتيال الصحفى محمد طه قبل نحو إسبوعين "
وكشف طه
فى المؤتمرالصحفى ذاته عن أنه أصدر توجيهاته لإدارة الإعلام فى جهاز الأمن
والمخابرات الوطنى برفع الإجراءات الإستثنائية الجزئية فى مواجهة بعض الصحف مما
يعنى رفع الرقابة عنها ، وأضح نائب الرئيس فى تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام وهو
يشيد بالدور الوطنى الذى تلعبه الصحافة والحق فى حرية الرآى والتعبير أن تلك
الإجراءات ما كانت لتتم إلا نظراً للتطورات الطارئة التى تشهدها البلاد وتقدير
المصلحة الوطنية العليا ، و دعا الصحفيين إلى ضرورة مراعاتهما .
وعاد طه
إلى قضية إغتيال رئيس تحرير الوفاق قائلاً " ما حدث يشكل تحديا للجميع فى
جانب حياة الناس وأمنهم وسلامتهم، وفى أن يعبروا بحرية عن معتقداتهم وأفكارهم
وآرائهم السياسية من دون تدخل إلا فى ما يطاله القانون ويوفره الدستور" ،
وهنا توقف الكثيرمن المهتمين بالشأن الصحفى وقضايا الحريات العامة معتبرين ان
القانون والدستور بهما من القدر الكافى ما يعيق تطبيق منهج الحق فى الحرية
والتعبيرعن الرآى ، داعين إلى غربلة تلك القوانين والمواد الدستورية المقيدة
للحريات . وأضاف طه إلى تعليقه السابق أن " الدولة ملتزمة بالكشف عن الجناة
وتقديمهم للعدالة مهما طال الزمن".
كما أكد
طه على أن مؤسسات الدولة ملتزمة بتقديم المعلومات للصحف معيدا التنبيه على
الإلتزام بقرار نيابة الصحافة بوقف النشر فى قضية إغتيال طه ، الأمر الذى يشير إلى
أن نائب الرئيس أرد أن يبقى على الحاجة إلى الصحافة ودور الإعلام فى الوقت الراهن
، فى إطار الإلتزام بسياسة الدولة ، والإبقاء على حرية تداول المعلومات المؤسسيه
مما يقلل من هامش حرية الراى والتعبير لإختزال رأى الأجهزة المستقلة عن الدولة
بحجة المصلحة العامة للبلاد