حرص جلالة الملك عبد الله الثاني كعادته خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف اليومية امس الأول الى الانحياز للحريات العامة والعمل الصحفي ، لايمان جلالته بدور الصحافة كسلطة رابعة ، فالملك باستمرار يقدم رؤية اصلاحية متقدمة للاعلام ، لان جلالته يسعى لان يكون الاردن نموذجا في الحريات يشار اليه بالبنان ، ليست المرة الاولى التي يعلن جلالته بوضوح لا لتوقيف الصحفي بل ان الملك دائم الحرص على الاعلان بانه لا يجوز توقيف الصحفيين.
لقي حديث الملك امس الاول حول الحريات الصحفية ارتياحا كبيرا في الوسط الصحفي والسياسي الذي اعتبر التأكيدات الملكية بان توقيف الصحفيين خط احمر بانها انحياز ملكي للمستقبل وتشكل ضمانه ملكية للحريات الصحفية.
الملك كان قد قدم تبرعا شخصيا من اجل تطوير الاعلام بتخصيص صندوق للتدريب وهي خطوة ملكية تهدف الى تحسين قدرات الاعلاميين وتطوير مهاراتهم ، بحيث تكون المهنية هي الاساس في العمل الصحفي.
من المعروف ان قانون المطبوعات والنشر يمنع التوقيف الاحترازي في القضايا المتعلقة بالنشر ولكن المشكلة التي يواجهها الصحفيين ، هي انه يمكن توقيف الصحفي في حال أقيمت عليه دعوى من خلال الاستناد الى قانون العقوبات الذي يبيح التوقيف.
الان وبعد التأكيدات الملكية فانه من غير المقبول اطلاقا توقيف أي صحفي على خلفية قضية رأي او مطبوعات ونشر ، فالملك حسم هذه القضية، كما انه مطلوب تعديل التشريعات والمواد التي تجيز توقيف الصحفيين في القوانين الاخرى وخاصة قانون العقوبات.
الرؤية الملكية للاعلام تدعو الى العمل على وضع استراتيجية لتطوير الاعلام واداء الاعلاميين والصحفيين من خلال التدريب ، اذ لا يجوز ان تكون الاشاعة مادة اخبارية في وسائل الاعلام فالاصل ان تبتعد وسائل الاعلام عن الاشاعة وان تكون المصداقية والمهنية هما الاساس في العمل الصحفي.
كما ان توجيهات جلالة الملك الى الحكومة واجهزة الدولة المختلفة تأتي من باب تقديم المعلومة الى الصحفيين حتى تكون الابواب مفتوحة امام وسائل الاعلام ليقوم الصحفي بدوره المهني ، لان غياب المعلومة لا يساعد في تعزيز المهنية بل احيانا يؤدي الى نشر اخبار غير صحيحة.
لا عذر للصحفيين اليوم بعد التأكيدات الملكية بحقهم في الحصول على المعلومة بعدم الالتزام بالمهنية والمصداقية ، ولن يقبل من وسائل الاعلام سواء المطبوعة او المرئية وحتى المواقع الالكترونية نشر اية معلومات غير صحيحة فالحقيقة والموضوعية هما شعار المرحلة القادمة لوسائل الاعلام.
مؤخرا اقرت منظومة من التشريعات الاعلامية الاصلاحية التي تنسجم مع الرؤية الملكية في تعزيز الحريات الصحفية والاعلامية وتطوير الاعلام الاردني ليواكب التطورات الحديثة التي يشهدها العالم.
وكان الغاء وزارة الاعلام استجابة للتوجهات الملكية والرؤي الملكية ببناء نظام اعلامي اردني حديث يشكل ركيزة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحيث يتماشى الاعلام مع سياسة الانفتاح التي ينتهجها الاردن وتؤكد الرؤية الملكية على اهمية بناء اعلام الدولة الحديثة الذي يشجع التعددية واحترام الرأي والرأي الاخر من خلال عرض وجهات النظر المختلفة في مناخ من الاستقلالية والحرية المسؤولة كما تؤكد التوجهات الملكية على دعم استقلالية مؤسسات الاعلام وادارتها وذلك من خلال استقلالية ادارات المؤسسات الاعلامية واستقلالية القرارات الاعلامية المؤسسية وفتح المجال امام القطاع الخاص للمشاركة في ملكية وسائل الاعلام.
لقد استطاع الاردن ان يقدم للعالم رؤية اصلاحية اعلامية متطورة من خلال الغاء وزارة الاعلام ووضع منظومة تشريعات اعلامية تنسجم مع روح العصر في الديمقراطية والحداثة.
عودة وزارة الاعلام يخالف التوجهات الاصلاحية للاردن ويتناقض مع سعي الاردن في تعزيز استقلالية المؤسسات الاعلامية سواء في اداراتها او قراراتها التحريرية.
وزارة الاعلام مرحلة قد تجاوزها الاردن ولم يعد هناك أي مبرر للمطالبة في عودتها الا مبرر اعادة سيطرة الحكومات على المؤسسات الاعلامية من جديد فالسلطة التنفيذية والصحفيون والاحزاب مرتاحة للمنظومة التشريعية الاصلاحية والتي نظمت طريقة ومرجعية المؤسسات الاعلامية الرسمية وخاصة الاذاعة والتلفزيون ووكالة الانباء الاردنية بترا والمطبوعات ان الحديث عن اعادة وزارة الاعلام سيعني الدخول في ورشة لتغيير العديد من التشريعات الاعلامية التي انجزها مجلس النواب سابقا مما سيدخلنا في ارباك لا يستفيد منه احد.