أكّد خبراء أن توجه قطاعي الاتصالات والإعلام
في الأسواق العربية نحو التحرير سيوفّر مناخاً مناسباً لتحقيق مفاهيم الاندماج
للقطاعين، كما أشاروا إلى أن تطبيق هذه المفاهيم سيسهم في تغيير العوائد التقليدية
للقطاعين.
وتشير دراسة عربية مستقلة إلى وجود منافسة
"شديدة وواضحة" في سوق المحطات الفضائية، إذ استندت الدراسة في ذلك إلى
ارتفاع عدد المحطات الفضائية المجانية على قمري "عربسات"
و"نايلسات" بنسبة 30%، حيث ارتفع العدد من 155 لتصل إلى 200 قناة، 141 منها
لها تواجد على الإنترنت.
وعلى صعيد قطاع الاتصالات يبيّن بحث متخصّص
"الاتجاه المتزايد" في المنطقة العربية لفتح أسواق الاتصالات المنافسة،
حيث من المتوقّع انطلاق أكثر من ثماني رخص خليوية جديدة في كل من مصر والسعودية
والمغرب والكويت وتونس وفلسطين والبحرين قبل نهاية العام 2007.
ومن المتوقّع بحسب البحث ذاته أن يبدأ أكثر من
20 مشغلاً للخطوط الثابتة والدولية عملياتهم التشغيلية في كل من السعودية والأردن
وتونس وعمان والعراق وفلسطين خلال نفس الفترة.
ولم يخفِ خبراء – على هامش مؤتمر "اندماج
وسائل الإعلام والاتصالات 2006" المنعقد أخيراً في عمّان – وجود جملة معوقات
لتحقيق هذه المفاهيم ومنها معوقات "تشريعية واجتماعية وتكنولوجية" فضلاً
عن "ضعف المحتوى الخاص بالخدمات وليدة هذا الاندماج".
وأجمع الخبراء أن تطبيق مفاهيم الاندماج بين
الوسائل في كلا السوقين يمثّل "فرصة" لتحقيق عوائد مجزية في ظل ما تشهده
عوائد وسائل وخدمات الاتصال التقليدية من تراجع في الأسعار جراء المنافسة، فضلاً
عن كونها فرصة إضافية لتوسيع قاعدة مشتركي المؤسسات الإعلامية وشركات الاتصالات من
خلال تقديم خدمات جديدة.
ويشهد معدّل العائد من خدمات الاتصالات التقليدية
الصوتية للثابت والخليوي في المنطقة العربية مع دخول المنافسة تراجعاً ملحوظاً،
ففي الأردن مثلاً انخفض معدّل العائد من كل مستخدم للخدمة الخليوية في السوق
المحلية خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 17,4 دولار، مقارنة مع 22,14 دولار،
أي بتراجع نسبته 27,24%.
سعد ناصر
إلى ذلك قال مدير عام شركة "فاست
لينك" – إحدى شركات مجموعة الاتصالات المتنقلة "ام تي سي"، سعد
ناصر، ان قطاع الاتصالات المتنقلة أحدث تغييرات ملحوظة في مختلف القطاعات، وخاصة
الإعلام، مشيراً الى أن العديد من الدول العربية بدأت بالتوجّه نحو فتح السوق أمام
المنافسة نظراً لأهمية هذا القطاع الحيوي في خدمة كافة القطاعات الأخرى.
"ولم يعد الهاتف الخليوي مجرد وسيلة
للمحادثة الصوتية" بحسب ناصر الذي أشار الى تحوّل هذا الجهاز الى أداة
اعلامية وترفيهية مصغرة، ووصف ناصر جهاز النقّال بـ "كمبيوتر صغير
ومتنقل".
وقفز عدد مشتركي الشبكات الخليوية في 18 دولة
عربية مع نهاية العام الماضي ليسجّل 85 مليون مشترك، يرتبطون بـ 39 مشغلاً للخدمة،
وبلغ العدد في الأردن حوالي 3.5 مليون مشترك نهاية الربع الأول من العام الحالي.
تشير دراسات الى أنه في الوقت الذي انخفض فيه
معدّل أسعار الإعلانات على التلفاز بنسبة 30% خلال العام الماضي، فان 25% من
المحطات الفضائية المجانية استطاعت أن تستفيد من عوائد قطاع الاتصالات عبر دردشة
الرسائل القصيرة والتصويت وبرامج أخرى.
وتوقعت دراسات متخصّصة في سوق الخليوي أن يبلغ
حجم سوق المحتويات الترفيهية للهواتف النقّالة بحلول عام 2010 نحو 40 بليون دولار
سنوياً، تزامناً مع ارتفاع عدد مستخدمي النقّال الى حوالي البليونين حول العالم
وهذا الرقم مرشّح لزيادة كبيرة خلال المرحلة المقبلة.
بشار دحابرة
وقدّر مدير عام ومؤسس شركة "انفوتوسيل دوت
كوم" بشار دحابرة حجم سوق الخدمات الخليوية المضافة "غير الصوتية"
العام الماضي بـ 170 مليون دولار، مشيراً الى أن معدّل دخل المشغل الشهري من
المشترك الواحد في الأسواق العربية بلغ العام الماضي 26 دولارا، وتبلغ نسبة خدمات
القيمة المضافة من هذا الدخل نحو 10%.
ولفت دحابرة إلى أن القنوات الإعلامية في
الأردن لا زالت بعيدة عن عصر الاندماج لكنه أشار الى شركات محتوى الخليوي
وتكنولوجيا المعلومات جاهزة لذلك. مبينا أن أكثر أنواع خدمات المحتوى انتشاراً في
المنطقة هي الترفيهية نظراً لـ "شبوبية المجتمع العربي".
محمّد عليان
من جهة أخرى قال ناشر صحيفة "الغد"
ورئيس مجلس إدارة الشركة الأردنية للبث التلفزيوني "ATV"، محمّد عليّان ان
الاندماج بين وسائل الاتصالات والإعلام "يعد فرصة" للشركات والمؤسسات من
كلا القطاعين في اجتذاب المشتركين وتطوير الوسائل التقليدية الموجودة. مستبعداً أن
يؤثر التقدّم التكنولوجي في إلغاء دور وسائل الإعلام التقليدية.
وقال عليان "على الوسائل التقليدية أن
تطور نفسها وتستفيد من التكنولوجيا المتوفرة كالإنترنت والهاتف النقّال"،
مشيراً الى أنها "ستكون مهددة بخطر تلاشي مشتركيها ان لم تستخدم الوسائل
الحديثة في إيصال رسائلها للمشترك".
وشدّد على ضرورة صياغة الرسائل الإعلامية
الملائمة لوسيلة الاتصال المراد استخدامها كقناة للوصول الى المستهلك، مشيراً الى
أن ذلك يتطلّب مجهوداً أكبر من المشغلين في هذا المجال، كما شدّد على ضرورة احترام
"المساحة الشخصية" للمشترك في بعض وسائل الاتصال كالهاتف الخليوي مثلاً.
طموح الخولي
ثمة متطلبات يرى فيها الرئيس التنفيذي لشركة
"أي دايمنشن" المتخصصة في مجال محتوى الإنترنت، طموح الخولي،
"ضروريات" لتطبيق مفهوم الاندماج بين الاتصالات والإعلام، مشيراً في
الوقت ذاته الى تأخر المنطقة العربية ومنها الأردن في تطبيق مثل هذه المفاهيم.
من هذه المتطلبات بحسب الخولي وجود المحتوى
المناسب باللغة العربية، ضرورة صياغة التشريعات ومعالجتها لأدق التفاصيل في السوق،
فضلاً عن الوعي من المستخدم بالتكنولوجيا والأنظمة المراد استخدمها، وكذلك وجود
أنظمة تسعير مناسبة من قبل المزوّد للخدمات الى جانب العمل على محاربة القرصنة
التي أصبحت تتدخّل كثيراً في سوق هذه الخدمات.
واختتم "مؤتمر اندماج وسائل الاتصال
والإعلام 2006" أعماله الأربعاء الماضي، وكان تطرّق المؤتمر الذي نظمته
مجموعة المرشدون العرب -المتخصّصة في دراسة أسواق الاتصالات والإعلام العربية –
على مدى يومين الى الحديث ومناقشة مثل الاتصالات ذات النطاق الواسع وفتح الأسواق
والمنافسة والتخاطب الهاتفي عبر بروتوكول الإنترنت والمحتوى الإعلامي والنقل
التلفزيوني عبر الهواتف المتنقلة ونماذج الأعمال في عهد الاندماج وحلول التشغيل
الثلاثي وأنظمة أسواق الاتصالات والإعلام وقطاع الفضائيات العربية وغيرها من
المواضيع.