تذهب المحللة السياسية الاميركية روزا بروكس الى تأكيد ، بأن الصحافة الرئيسة في الولايات المتحدة الاميركية تعيش في هذه الأيام صحوة أخلاقية بعد ان عاشت تحت وطأة كابوس ثقيل من الأكاذيب التي روجت لها منذ الاعداد للحرب التي قادها بوش وتشيني نائب الرئيس ووزير دفاعه السابق رامسفيلد.
وتذهب المحللة السياسية الى الاشارة بأن روحاً تحررية جديدة سيطرت على تغطية الصحافة الاميركية لأداء ادارة بوش الحالية، والتي تتصف بأنها مشحونة بالقصص والتحقيقات والافتتاحيات الصحفية لما تم الكشف عنه خلال الاسابيع القليلة الماضية من الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الادارة.
والواضح ان هذه الصحافة والتي اغلقت آذانها وعيونها عن اللامعقول الذي قدمته الادارة الاميركية بدأت في كشف المستور ووضع الصورة أمام القارىء الاميركي الذي غررت به هذه الصحف وجعلت من الحرب ضد العراق ، حرباً إلهية استهدفت تحقيق حلم الرب والمكلف الرئيس بوش بتنفيذه. ومن هنا ولأول مرة تتصدر الصحف الاميركية الرئيسة عناوين مثل (بوش يتجاهل واجباته الدستورية) (بوش: أسوأ ما اشتهر به اصداره للبيانات والتصريحات التي تستثني مئات القوانين التي وقع عليها بنفسه) (بوش لا يقدم المعلومات الصادقة لأصحاب القرار) (الرئيس بوش لا يصدق الاميركان ويخدعهم).
وفي الوقت الذي كانت الصحافة تتجاوز كل هذه الملاحظات التي تعرفها ، الا أنها وجدت نفسها في مأزق على اعتبار ان الشمس قد بدأت تذيب الثلج وبدأ يتضح ما تحته وذلك بعد ان تجاوز الجهاز التنفيذي كل المحاذير ولم يعد يتظاهر حتى مجرد تظاهر بتطبيق القوانين والتشريعات التي لا تروق له ، وجاء نقد نائب الرئيس تشيني بأكثر من ذلك حيث كتبت احدى أبرز الصحف الاميركية (واشنطن بوست) ما فحواه ان تشيني قد تمكن من إقصاء كافة المؤسسات التنفيذية والدستورية عن ادائه الحكومي بما في ذلك مجلس الوزراء نفسه مما يدلل على انقلاب نائب الرئيس غير المسبوق في تاريخ الادارات الاميركية.
وواصلت الواشنطن بوست بسؤال استنكاري حول تجاوزات نائب الرئيس الاميركي ، لماذا يكاد الكل لا يؤيد مطلقا المواقف والقرارات التي يتخذها نائب الرئيس باستثنائه هو الى جانب حفنة من حاشيته والمقربين منه اضافة الى الرئيس بوش الذي أصبح آخر من يعلم بما يجري من حوله وبين يديه.
والموقف كما تذهب المحللة السياسية من هذه الهجمة الاعلامية تتلخص فيما تؤكده من أن الادارة الاميركية قد خدعت الاعلام الاميركي. وجاءت أخيراً الصحوة التي كشفت عن هذا الخداع وكشفت عن الوقائع التي خدعت الشعب الاميركي كله وتواصل المحللة السياسية هجومها العنيف على بوش مشيرة الى «أن الادارة الاميركية قد أخبرتنا مبكراً ان كل ما فعلته كان شرعيا وضروريا لخير اميركا وأمنها ، ولكن ها قد تكشفت لنا كذبتهم الآن». والشاهد ان كلا من الرئيس ونائبه لم يعودا يأبهان البتة للتجاوزات الدستورية التي يرتكبانها ولا يفكران في مراجعة تجاوزاتهما تلك وتشمل هذه التجاوزات تجاهلهما لأعرق القيم الدستورية والتشريعات والقوانين الراسخة التي يوافق عليها المجتمع الاميركي.
لقد مارست الصحافة الاميركية الترديد الببغاوي لما تقوله الادارة الا انها قد وصلت الان الى مرحلة أصبحت تشعر فيها أنها خانت الأمانة وأسهمت في تضليل الشعب الاميركي ، وها هي تحاول ان تسترد مصداقيتها ، الا أننا جميعاً نعرف ان خراب مالطا قد تم على يد هذه الادارة ، وليس مالطا فقط وانما العالم بأسره. ولات حين ندامة.