على عكس ما يرتبط في ذهن الكثيرين من متتبعي تطورات قطاع الاعلام،
بوجود «صراع» بين وسائل الاعلام القديم والجديد.. تثبت خطوة جديدة اعلن عنها محرك
البحث الإلكتروني «غوغل» قد «حسن نوايا» الوسائل الجديد وتدخل طريقة شراء المساحات
الاعلانية في الصحف تحديدا الى بعد جديد.
فقد أعلنت شركة «غوغل» عن البدء في تقديم خدمة بيع المساحات
الاعلانية في عدد من ابرز الصحف الأميركية، ضمن تجربة مدتها 3 أشهر، وذلك عبر
برنامجها المصمم لتصميم وبيع الاعلانات الإلكترونية، والمعروف بـ«آد وردز» والذي
يمكن الدخول اليه اما عبر موقع «غوغل» الاساسي او عبر الدخول الى العنوان
الإلكتروني https://adwords.google.com.
التجربة تشمل 50 صحيفة تابعة لعدد من اكبر المؤسسات الصحافية في
الولايات المتحدة، ومن بينها شركات الـ«تريبيون» والـ«واشنطن بوست» والـ«نيويورك
تايمز»، اضافة الى 100 شركة معلنة. وبحسب ما ذكرت التقارير الاعلامية فإن الخدمة
تهدف لتحقيق اهداف كل من «غوغل» التي تريد ان تكّون نظاما إلكترونيا موحدا يمّكن
المعلنين من الترويج لمنتجاتهم في أي وسيلة اعلامية، واهداف دور النشر التي تريد
زيادة ارباحها من الاعلانات خصوصا في ظل شكوى الكثير منها من تدني معدلات القراءة
والدخل من المبيعات والدعايات. وفيما يمكن النظر الى الموضوع بأنه «صفقة يربح
الجميع فيها»، خصوصا وأنها قد تجعل «غوغل» تبدو وكأنها «صديقة» الصحف، الا انه في
حال نجاح التجربة فإنها ستعني امرا اساسيا وهو مضاعفة قوة «غوغل» الذي يعتبر حاليا
اكبر موقع بيع للاعلانات الإلكترونية على الاطلاق، حسبما ذكرت صحيفة «نيويورك
تايمز». ونقلت الـ«تايمز» عن توم فيليبس، المسؤول عن قطاع المطبوعات في شركة
«غوغل»، قوله بأن شركته جذبت الى الـ 48 مليار دولار التي تنفق كل سنة في الولايات
المتحدة على اعلانات الصحف. ولن تربح شركة «غوغل» أي شيء في مرحلة التجربة، الا ان
تطمح ان تقتطع جزءا من الدخل الاعلاني للصحف عندما يدشن النظام الجديد فعليا، وهو
ما يتوقع ان يتم في العام المقبل. وفي هذا السياق يذكر أن «غوغل» تقتطع 20% من
قيمة شراء مساحات الاعلانات الإلكترونية التي تباع من خلالها حاليا. من جهته يرى
كريم صيقلي، مؤسس شركة الاستشارات التسويقية الإلكترونية «E-com Lebanon»، بأن
لهذه الخطوة اثارا ايجابية على الصحف، ويقول لـ«الشرق الأوسط» موضحا «سيسهل ذلك
ملء المساحات الاعلانية بشكل اسهل وأسرع، وذلك لسببين هما اولا عولمة النظام بحيث
يمكن لأي شخص في أي مكان من العالم توصيل اعلانه للجريدة ببضع نقرات على ازرار
الكومبيوتر، وثانيا سيقلل من حجم المساحات الاعلانية الغير مستخدمة». وفي هذا
السياق، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أوين يانغمان، نائب رئيس قسم تطوير الاعمال
في جريدة «شيكاغو تريبيون» قوله ان هذه الخدمة ستقلل من كمية المساحات الاعلانية
التي لا يتم استغلالها، والتي تلجأ الصحيفة الى ملئها بإعلانات ترويجية لنفسها،
مضيفا «وهذا امر يحدث كل يوم». ويعود صيقلي ليقول انه، في حال نجاح التجربة، فإن
شركة «غوغل» ستكون مستفيدة للغاية، فبالاضافة الى النسبة المقتطعة من شراء
المساحات الاعلانية، فإن سيعني مزيدا من الحركة على موقعها، اضافة الى انها قد
تقدم عروضا خاصة تستفيد منها شخصيا بحيث تقدم خصما مثلا على اعلان إلكتروني لدى
شراء مساحة لاعلان ورقي، وبذلك تكون قد حصلت على نسبتها من بيع مساحة الاعلان
الورقي، اضافة الى جزء من نسبتها من بيع الاعلان الإلكتروني الذي باعته برفقة
الورقي. أما كيف سيعمل البرنامج، فالخطوات بسيطة.. الموقع يقدم «قائمة» بالصحف
التي يمكن الاعلان فيها اضافة الى انواع المساحات الاعلانية المتوفرة على اختلاف
احجامها وأيام صدورها، ويتقدم الراغبون في الشراء عبر ملء بيانات إلكترونية ترسل
الى الصحيفة التي تختار بدورها الاعلانات التي تريد… وذلك لأن الصحف في كثير من
الأحيان لا تعرف عدد صفحاتها وعدد المساحات الاعلانية حتى وقت متأخر للغاية، لذلك
فإن اتمام الصفقة لن يكون مضمونا في كل الأحيان، سيما وان المساحات المعروضة للبيع
لن تكون تلك الثابتة او الاكثر ظهورا… وهي المساحات التي تشهد طلبا عاليا وتباع
مسبقا عبر وكلاء الاعلان المعتمدين. يذكر أن شركة «غوغل» كانت قد نفذت عددا من
الخطوات تمهيدا لتطوير نشاطها في مجال الإعلانات، فبالاضافة الى خطوتها الجديدة
المعنية باعلانات الصحف، اشترت في يناير الماضي شركة ديمارك المتخصصة في توزيع
اعلانات الراديو، اضافة الى شراء موقع «يوتيوب» الشهير لكليبات الفيديو.. وهما
امران يخولانها التقدم في مجالي اعلانات الراديو والتلفزيون.