ليصبح مكونا من أربعة أقسام. تلفزيون دبي، سما دبي، دبي الرياضية، ودبي وان ضمت
كلها تحت مسمي مؤسسة دبي للاعلام.
الرغبة في تجديد الشكل والصورة البصرية رافقها
تطور من حيث المضمون، وأحد القرارات الجيدة وجود قناة سما دبي التي تعني بالشأن
الداخلي للإمارة وتراثها وتروج لمشاريعها وتعمل علي استقطاب أبنائها وتوطينهم
وتدريبهم، وتفريغ قناة دبي وطرحها كقناة منوعات للأسرة العربية، وإن لم يتم الفصل
فعلا بشكل كامل فنري برامج مغرقة بالمحلية علي قناة دبي ونري برامج بعيدة إلي حد
ما علي سما دبي.
التطوير تطلب تجديدا كاملا وخصص مركز خاص
الأخبار بسلطة شبه مستقلة مرتبطة بصناع القرار مباشرة، واستدعي علي جابر وهو أحد
المؤسسين الأوائل لتلفزيون المستقبل كمستشار التطوير في التلفزيون.
ثمة الكثير ممن لديهم آراء متحفظة علي عمل علي
جابر وخاصة بتعزيز العنصر اللبناني داخل هذه المؤسسة، ووجوده يقارب أن يكون (لوبي)
فيما يتعلق بكل مفاصل وقرارات العمل الميدانية وأحيانا ينقل معه آراءه السياسية
ومواقفه داخل لبنان لتنعكس في مدينة محايدة سياسيا مثل دبي.
ولكن يعزو البعض الوجود اللبناني الكثيف إلي
الخبرة والقدرة التي يملكها اللبنانيون وهم لهم السبق في العمل التلفزيوني وإضافة
إلي امتلاكهم مهارات عمل متطورة. ويعاب عليهم عدم معرفتهم بثقافة الامارات بشكل
عميق وعدم تمكنهم من اللغة العربية مما يجعلهم بارعين في البرامج التي تخص الشكل،
وغير بارعين في البحث عن العمق والمحتوي.
بلا هوية
تلفزيون دبي الأساسي لم يتطور إلا شكليا، وحمّل
كل من المدير العام علي الرميثي والمستشار علي جابر جزء كبيرا من المسؤولية فالأول
هو المسؤول عن عرض وإنتاج مجموعة من البرامج ذات التكلفة الباهظة والمشاهدة
المتدنية، مثل برنامج (نشوي) الذي يمول من دبي بالكامل، ويطرح قضايا تخص مصر في
الغالب، من حيث الضيوف ووجهات النظر وطريقة التناول، ونشوي الرويني نفسها تعمل مع
تلفزيون أبو ظبي أيضا وهي المنتجة لبرنامج شاعر المليون مما يثير الكثير من
التساؤلات حول أسباب الحظوة التي تحصل عليها وهي بالتالي منتجة لا يهمها سوي تسويق
عملها. وبرنامج مع أسامة أطيب وهي الرغبة في خلق معادل يشبه الشيف رمزي، والنتيجة
برنامج مستنسخ وشخصية الطباخ لا تملك حضورا شيقا مع كل الإصرار علي تلميعها. برنامج
ترتاتا. من اسم البرنامج الذي يحمل مدلولا وعنوانا إلي نوعيته، تضاف إليه تكلفة
انتاج ضخمة تنفذ في بيروت، ومحتوي ساذج يقوم علي حشد مجموعة من الشخصيات المعروفة
في عالم الفنون علي منصة واحدة والغناء معا وسط حضور جماهيري مسبق الدفع. يعطي كل
حاضر حوالي مئتي درهم. رغم الانتقادات الكثيرة لهذا البرنامج المرتجل المفكك
المقترب من السطحية في معظم الأحيان والمنحدر تحتها في أخري. ظل الإصرار علي
انتاجه بحجة أن شركات الدراسات تعطيه نسبة مشاهدة كبيرة له في السعودية، من مظاهر
الفشل الذريع الذي وقع به أيضا تلفزيون دبي، هو عدم قدرته علي المنافسة في رمضان
الفائت، فما زالت العقلية الداخلية تقول ان مسلسلا تمثل به (يسري أو الهام شاهين) هو
مسلسل ناجح، بالمقابل من يشاهد أداء الأم . بي. سي يعرف الفرق بين المحطتين.
كل ما سبق يمكن أن يحمل جزء منه لعلي الرميثي
الذي صدر قرار بتنحيته عن إدارة التلفزيون، واستلامه لمركز الأخبار، الذي كان
يديره شاب من لبنان اسمه سامر حمزة. ويؤخذ علي الرميثي إضاعته لهوية تلفزيون دبي،
وان برنامجا مثل قريب المنال، ونشرة أخبار الإمارات يجب ان تكون في قناة سما دبي
وصنعت من باب رفع العتب وإرضاء المسؤولين، أكثر مما تخدم هوية محطة طامحة لتكون
منافسة علي صعيد المحطات العربية. أما وجود واستقطاب شخصيات معروفة مثل حمدي قنديل
وبرنامجه قلم رصاص وحوار هاني مع الإعلامي السعودي هاني نقشبندي فلا يشكل ثقلا ويأتي
من باب الحشو ووضع برامج سياسية، في تلفزيون متشتت الهوية، وبرنامج بروين حبيب
الثقافي (نلتقي) يمر مرور الكلام دون أثر يذكر، بينما برنامج مذهل في سطحيته وأيضا
مدهش في كم الرعاية الإعلانية مثل (أنت أجمل)، يقدم صورة للمرأة تجعل من العنوان
الأنسب له (أنت أهبل) كل ذلك يجعل من تلفزيون دبي يتراجع ويفقد بوصلته وهويته،
يحمل البعض في الوسط الإعلامي داخل التلفزيون (علي جابر) المسؤولية الرئيسية
كمستشار أسس منظومة قيم وزرعها في التلفزيون من الصعب تجاوزها ببساطة أو خلال فترة
وجيزة (علي جابر) يفكر في دبي كما كان يفكر في بيروت، فقد جلب طاقم عمل كبيرا معه
من بيروت فظهرت النتيجة كاستنساخ غير موفق لهوية المستقبل والال. بي .سي، كما أنه
يصنع مادة تلفزيونية وعينه علي السعودية، فتراه يبحث عن المادة المروج لها في
السعودية والتي تثير الجمهور السعودي أكثر من بحثه واهتمامه بمادة ذات مضمون هام
وخاص فنجح في جلب مردود إعلاني جيد، ولكن هذه البرامج لم تستطع تشكيل أو صناعة
هوية خاصة واضحة المعالم أو توجه إلي فئة مستهدفة جامعة تأخذ بعين الاعتبار أيضا
الجمهور العربي الذي لا يشتري (الشوفروليه)، ومن غرائب التجريب علي القناة وجود
مسلسل ياباني مدبلج بعنوان (جوهرة القصر) نرجو أن لا يكون متأثرا بالمسلسلات
المكسيكية من حيث الطول والامتداد.
الشغف بالتوطين
رغبة توطين الكوادر الإماراتية في العمل
الإعلامية تبدو جامحة ومطلوبة وعلي قدم وساق، النظرة للمواطن يجب أن تتغير، صرح
أحد مخرجي تلفزيون دبي، فنحن أصبح لدينا القدرة علي العمل في شتي الظروف وتحمل ضغط
العمل الإعلامي، ويمكن لنا إدارة أي برنامج، ولدينا جيل جديد مميز سيأخذ المبادرة
قريبا.
تحمس شباب الإمارات للعمل في ميدان حيوي هام
يبدو جليا ولكن طريق التوطين ما زال بعيدا والتسرع به إرضاء لإحصائيات تبعث للمسؤولين،
يجعلنا نتسرع في الاعتماد علي العنصر المواطن، يصرح آخر.
يقترح أحد الشباب أن يوضع مواطن بجانب كل وافد
مسؤول يراقب عمله ويتعلم منه حتي يستطيع امتلاك المبادرة لاحقا..
رأي الوافدين يوافق ويختلف، تقول منتجة في
تلفزيون دبي أنا مع أن أضع كل خبرتي لتعليم شباب وصبايا من الإمارات وهذا واجب،
واعتقد أن الأمر يحتاج إلي عدة سنوات وعدم الاستعجال في التوطين، وصقل الجيل
الجديد بالخبرة الميدانية الحقيقية، وجعلهم يعملون بأيديهم ويستشعرون قيمة ما
ينتجون.
ويعترض أحد التقنيين الوافدين علي الكلمة ويقول:
التوطين حق طبيعي ولكن أعتقد أن العبارة مؤذية نوعا ما، فالكلمة تجعلني اشعر دائما
أني أحتل مكانا ليس لي، فأنا أعطي المكان خبرة عمرها عشرة أعوام، وادفع ضرائبي
كاملة ولست هنا أعمل كمرتزقة ولا أعيش علي نظام إعاشة ولا آخذ فرصة عمل من أبناء
البلد، لو كانوا يملكون معرفتنا لما احتاجوا إلينا، فمثلي مثل أي خبير في مجاله
ومقابل عقد عمل سينتهي وأعود إلي بلدي.
لا أعتقد أن الشباب المواطن يمكن أن ينجح في
العمل الميداني أو التقني أو العمل الذي يتطلب جهدا ووقتا لأن تركيبة العامة هنا
هي إعداد جيل من القادة فالتوطين لن يجدي وسيظل تلفزيون دبي يستعين بخبرات عربية.
ورأي الشخصي أن مؤسسة دبي للاعلام ودبي عامة لا
تحتاج إلي توطين بل إلي تعريب، فهي الكلمة الأدق.
المواطنات في العمل الإعلامي في دبي طرقنَ
المجال من باب واسع يظهرن شغفا بالعمل، وقدرة علي تحمل ضغطه ورغبة كبيرة في التعلم
ولكن معظمهن ربما سيضحين بالعمل عند الزواج، فالسياسة العامة في المؤسسة تقوم علي
تشجيع المواطنين ورفدهم بالدورات المناسبة وإعطائهم فرصا كبيرة للظهور وإعداد جيل
منذ الصغر ورغم ذلك سيبقي تلفزيون دبي يعتمد في معظم الوقت علي العنصر الذي يسمي
هنا وافدا، الذي يبدو في معظمه مشغولا في تحقيق فرصة عمل بدخل مقبول، ويبتعد قدر
الإمكان عن الجدال ويدعو أن لا يطاله التفتيش القادم.