عندما الغيت وزارة الاعلام الأردنية كان الحلم كبيرا بالوصول الى حالة اعلامية مختلفة تجعل من اعلامنا نموذجا عربيا يحتذى ، ومع مرور السنين ابتعدنا عن تحقيق الحلم والغاية الحقيقية من وراء الغاء الوزراة ، فكانت حالة من التشتت الاعلامي وغياب المرجعية الادارية للمؤسسة الاعلامية الوطنية ، الامر الذي فرض حالة من مراجعة الذات في هذه المسألة ومدى ايجابيات وسلبيات الالغاء ، وبالمقابل مدى الحاجة لوجود مظلة شرعية اعلامية واحدة تجمع شمل الاعلام.
جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي الى حكومة المهندس نادر الذهبي طالب بوضع وتنفيذ خطط لتطوير الإًعلام الرَّسمي وَرفد مُؤسّساتًنا الإًعلاميّة بالكَفاءات والخبرات والأجهزة الحديثة لتُمكينًها من أَداء مسؤولياتًها في نقل الحقيقة ورَصدً الواقع ، وتَرسيخً مبادئً المهنيّةً والموضوعيّةً المسؤولة ، وتَشجيعها على لَعًبً دَورْ مؤثّر في الحراك السياسي والمجتمعي ، الامر الذي جعل الحكومة الجديدة تفكر بوجود وزارة لشؤون الاعلام ، وكأنها تفكر بشكل غير مباشر او على استحياء بعودة وزارة الاعلام.
الفكرة لم تشكل أي نوع من الاثارة في الاوساط الصحفية ، بل اعتبرتها آراء رصدتها "الدستور" نوعا من الترف الاعلامي كون الاعلام يعاني من مشاكل اكثر اهمية من وجود مرجعية ادارية له ، وفي الوقت ذاته رأت الآراء ان الامر غير مرفوض اذا ما عملت هذه الوزارة او اي شكل من اشكال لم الشمل الاعلامي الى الغاء حالة التشتت التي يمر بها اعلامنا.
وشددت ذات الاراء على ضرورة الاهتمام بالنهج الاعلامي الوطني برمته قبل التركيز على المسميات التي تدير الاعلام ، محذرين من ان المرحلة المقبلة تحتاج الى اعلام وطني قوي قادر على مواجهة استحقاقات المرحلة.وفي ذات الوقت اشارت الآراء ذاتها الى ضرورة وجود مرجعية للصحافة بشكل خاص والتي تعتبرالأب له في غياب وزارة الاعلام ، او وجود جهة واحدة للاشراف عليه.
الكاتب والمحلل السياسي راكان المجالي قال ان المشكلة ليست بادارة الاعلام ووجود مسميات للجهة التي ستقوم بهذه المهمة ، فالامر بحاجة الى ارادة وطنية يكون فيها اعلام قوي قادر على مواجهة متطلبات المرحلة ، وان يعبر الاعلام عن هم الوطن والمواطن ، اعلام حقيقي يعرض قضايانا ويعكس وجهات نظرنا.
وشدد المجالي على ان تعدد المؤسسات الاعلامية ادى الى ضعف الاعلام بشكل عام ، واصفا هذه المؤسسات بأنها وهمية ، للاسف وبدل ان يكون الاعلام رافعة يرفعنا الى الاعلى اويؤدي بنا الى التراجع للوراء.
وكرر المجالي التأكيد على ان الامر لا يتطلب بحثا عن مسميات بل البحث عن الاعلام نفسه ، وسط هذا التشتت من جانب والبعد عن كثرة الشعارات التي لا تتعدى كونها دعاية لا شيء جديا منها.
الكاتب الصحفي سميح المعايطه قال بعد تجربة السنوات الماضية من الغاء وزارة الاعلام اعتقد اني اصبحت متحمسا لعودة وزارة اعلام وبهذا المسمى الواضح ، لانه ثبت ان ما جرى بعد الغاء الوزارة اننا دفعنا ثمنا ليس سهلا مقابل استقلال اداري للمؤسسات الاعلامية.
ولفت المعايطة الى ان التشتت وتعدد المرجعيات اصبح يحتاج الى عودة الى وزارة الاعلام لضبط الادارة الاعلامية ، وكذلك الاعلام بشكل عام ، سيما وان الغاء الوزراة اثبت عكس ما كنا نحلم به.
الصحفي بسام بدارين مدير مكتب القدس العربي في عمان ، اشار الى وجود العديد من الملفات التي يجب الاهتمام بها في الاعلام اكثر من وجود جهة تشرف عليه ، خاصة واننا مقبلون على مرحلة حساسة وتحتاج الى رسالة اعلامية وطنية تلعب دور الوسيط بين صانع القرار والمواطن ، وكذلك قادرة على الوصول الى العالم بقوة.
واعتبر بدارين ان عودة وزارة تشرف على الاعلام امر شكلي لا يفيدنا كصحفيين كما انه لا يعنينا ، كون المؤسسات الرسمية الاعلامية هي الاكثر اهتماما بهذه المسألة ، والمؤسسات التي تحتاج الى أب ، لكن الاهم من كل هذا التخلص من تعدد الآباء للصحافة والاعلام ، الامر الذي يفرض وجود مرجعية واحدة للاعلام تحد من تعدد الآباء الذين يفرضون وصايتهم علينا.
ورأى بدارين ان الحديث وسط شبكة ملفات اعلامية هامة عن موضوع ادارة اعلامية او وجود وزارة للاعلام يعد نوعا من انواع الترف ، فالامر بحاجة الى اكثر من هذا اذ لا بد من حل وضع التشتت الاعلامي وتعدد مرجعياته.