بعبورها اليومَ عامها الخامس، يتأكد عزم الغد على المضي في درب المستقبل بخطوات متسارعة كي تكون جديرة باسمها. ففي الغد يكون الوعد. وفي الغد يبرم الفجر موعدا مع الشمس والندى. ومع "الغد" يكون النجاح هو الندى والشذى.
مأخوذين بما تحقق، ندخل عاما جديدا من المغامرة الصحافية الجميلة، ففي السنوات الأربع التي تحتشد بها الذاكرة استطعنا أن نكون لائقين بما وعدنا أنفسنا وقراءنا به: أن نظل على العهد معهم شركاء أبديين من أجل أن نحرس الحقيقة ونصون صدقيتها وندافع بثبات عن الموضوعية والحياد.
مأخوذين بهذه النواميس، نضيء شموعنا ونؤكد أننا ما قطعنا من الشوط إلا أوله، وما أسلنا من العرق إلا القليل، فالجباه موعودة مع الكثير من الأمل والإيمان بأن صحافة أردنية الهوى، عربية الروح، إنسانية التطلع ستنبثق لتصحب الحقيقة في رحلة التنزه بين النفوس والعقول والخيالات والتاريخ.
ولئن أصابت "الغد" في مسيرتها القليلة حضورا آخذا في الاتساع والتمدد، فلم يكن ذلك ليتأتى لولا السطوع المشع لكوكبة من الذين لا يتعين أن ننساهم ونحن في غمرة بناء مدماك جديد في عمارة الحلم. نستذكر النهارات الشتائية قبل خمسة أعوام. نستذكر الشغف الكبير بأن نصوغ رسالة إعلامية تنشد الاختلاف فعلا وقولا، وتذهب بعيدا في صيانة الوعي وحماية المعلومة ورفد القارئ بكل ما هو جاد ومفيد وحقيقي وصادق وجديد.
وأزعم أننا ما برحنا على ذلك الوعد، وماتزال تلك الشرارة تلتمع في ليالينا ونحن نفكر في عهد قطعناه على أنفسنا رغم ما يعتور مثل هذا الوفاء من مشاق وتحديات في ظل حالة سياسية إقليمية رجراجة تنعكس على واقعنا المحلي فتزيده التباسا واشتباكا، حتى ليكاد التميز والتفوق في هكذا مناخ مثبط ضربا من الكد والمشقة.
ولأننا نكابد وسنبقى، فإننا نقتطع من الوقت فسحة نرتب فيها أولوياتنا في مطبخ تحرير "الغد" ونعدّ العدة للخروج بعدد جديد اسما ومضمونا صبيحة كل يوم. وكم نكون مسرورين حين تصيب سهامنا، كم نشعر بالتعب لمّا تنبو السهام أو ترتد. حينها نغضب لا لأننا قصرنا، بل لأن المعلومة كانت ضنينة. ولأن مرسلها ومعطيها لم يكن قادرا أن يستجيب لنداءاتنا بالذهاب إلى آخر الشوط في قول الحقيقة.. كل الحقيقة.
ويقيننا الدائم الذي يتأكد كل يوم، أن الصحافة لا تتطور من غير مناخ حر وديمقراطي تتوافر فيه كل الشروط المتاحة للحصول على المعلومة من مصادرها، من غير عسف أو اشتراط أو افتئات أو رقابة. وهذا الحلم المنشود لا يتحقق لنا في كل حين، ما يجعل الحفر في لحم الحقيقة مهمة لا يتولى المضي فيها إلا عشاق المكابدة والضناء.
ورغم ذلك، لم ولن نسقط الراية، وسنواصل العزم على أن نكون أهلا لما وعدنا به القارئ منذ العدد الأول من "الغد" بأن نطارد الحقيقة وأن نلقي القبض على المعلومة المحايدة ونضعها في أفق التحليل الموضوعي.. وأن نبتكر.
وبجهود كوكبة من الصحافيين المحترفين، وبرفقة جيل جديد من الإعلاميات والإعلاميين الذين ما وطئت أعمارهم عتبة الثلاثين، سيكون بمقدورنا أن نجدد الوعد والعهد مع القارئ ومع الوطن، بأن نبقى قابضين على جمرة الموقف المنحاز للحقيقة من غير زيف أو تزلف، كي تستحق الغد أن تكون مرجعية، وركنا أساسيا في المشهد الإعلامي المحلي والعربي.
أعزاءنا القراء والقارئات: سنظل معا نوقظ الشموس ليسطع فجر الحق، فكل غد وأنتم في قلب الغد.