
حبر – تطبيقًا لإحدى توصيات الاستراتيجية الإعلامية 2011 – 2015، تخوض مؤسسات إعلامية ومنظمات مجتمع مدني وصحفيون والحكومة، نقاشات موسعة لتشكيل مجلس شكاوى الإعلام، الذي سيتولى مهمة «تلقي الشكاوى الخاصة بأي تعدٍّ على الحريات الإعلامية من قبل أي طرف، أو الشكاوى حول الأضرار التي ألحقتها مؤسسات إعلامية أو العاملون فيها بالأفراد أو المجتمع، أو الشكاوى الخاصة بالمضمون الإعلامي غير الملائم».
والمجلس المنشود يفترض أن يكون هيئة «تنظيم ذاتي» يقوم الإعلاميون أنفسهم، باستقلالية تامة عن الحكومة، بتطويره من حيث بلورة آليات عمله، وكيفية تشكيله، ووضع معايير مهنية رفيعة المستوى يلتزمون بها في عملهم.
على أن الغرض الأساس من تشكيل المجلس هو تنظيم العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور، بما يتيح للجمهور أن يساهم من خلال تقديم الشكاوى إلى المجلس في حال خرق معايير جودة المنتج الإعلامي.
والأمل أن يساهم المجلس في بناء الثقة والمصداقية في الإعلام، ومنع التدخل الحكومي أو أي جهة سياسية أو اقتصادية، وتقليل القضايا المرفوعة في المحاكم ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
وبناء على التصور الذي ورد في نص الاستراتيجية الإعلامية، تقدمت عدة أطراف بمقترحات نوقشت في جلسات متعاقبة لبلورة الصيغة النهائية لإنشاء وتشكيل المجلس، برز فيها وجهات نظر مختلفة. الغرض الأساس من تشكيل المجلس هو تنظيم العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور، بما يتيح للجمهور أن يساهم من خلال تقديم الشكاوى إلى المجلس في حال خرق معايير جودة المنتج الإعلامي. قدمت الحكومة تصورًا لمجلس الشكاوى في استراتيجيتها الإعلامية تحت محور «التنظيم الذاتي للإعلام»، لكنه يقوم على نظام تتعاون فيه الحكومة والإعلام في مجلس مشترك.
فالاستراتيجية تقوم على مبدأ أن «الأردن في مرحلة الانتقال نحو ترسيخ استقلالية الإعلام»، وبالتالي فإن «بعض عمليات التنظيم تحتاج إلى جهود مشتركة بين القطاعين العام والخاص، دون وجود ولاية قانونية مطلقة للطرف الرسمي».
ويتضمن هذا التنظيم «إنشاء مجلس شكاوى من قبل الجسم الإعلامي؛ يتكون من شخصيات إعلامية تمتلك الخبرة والتجربة، وعدد من القضاة المتقاعدين، ويتمتّع بالاستقلالية الكاملة، ويمثل قوة معنوية وأخلاقية في المجتمع الإعلامي». تُذكّر تركيبة المجلس المقدمة في الاستراتيجية بتركيبة المجلس الأعلى للإعلام الذي تشكل بقانون خاص واستمر لمدة سبع سنوات (2001 – 2008).
وكان مجلسه المعيّن بإرادة ملكية بناء على تنسيب مجلس الوزراء ومصادر تمويله المعتمدة أساسًا على خزينة الدولة، سببين مباشرين في عدم استقلاليته عن الحكومة وفي تجميد دوره في التعامل مع الشكاوى الواردة إليه.
وفيما يشتكي الجسم الإعلامي من مماطلة الحكومة في تطبيق الإستراتيجية الإعلامية وتراجع الحريات الإعلامية، كما هو حال طاهر العدوان في مقال حديث، تبدو الحكومة، ممثلة بلجنة متابعة تنفيذ مضامين الاستراتيجية برئاسة وزير الدولة لشؤون الإعلام، وكأنها طرف محايد تنتظر «توافق الأطراف على صيغة تشكيل المجلس»، كما جاء على لسان الوزير محمد المومني.
وهكذا فإن النقاشات تدور بين الإعلاميين المختلفين على أمور متعددة، لكنهم متفقون على المسألة الجوهرية وهي تأسيس المجلس بناء على نظام التنظيم الذاتي، سواء كان بقانون أو نظام أو بلا أي منهما، خلافًا للتصور الحكومي لنظام مشترك حكومي-إعلامي كما هو مقدم في الاستراتيجية وفي توجهات اللجنة الحكومية بتشكيل المجلس تحت مظلة أحد الهيئات «المستقلة» المعينة والممولة من الحكومة. وبين هذه الأطراف تقف منظمة اليونسكو الراعية لتنفيذ توصيات الاستراتيجية طرفًا يحاول تسهيل التوصل الى توافق عام على صيغة المجلس القادم.