احتجاجا على مشروع قانون لاصلاح قطاع النشر لم
يلغ عقوبة الحبس، اعتصم امس الأحد (9 يوليو) مئات الصحافيين المصريين امام مجلس
الشعب فيما احتجبت صحف المعارضة والمستقلين عن الصدور ليوم واحد.
واحتشد الصحافيون عند المدخل الرئيسي لمقر مجلس
الشعب وسط طوق امني يتقدمهم جلال عارف نقيب الصحافيين واعضاء مجلس النقابة ورؤساء
تحرير الصحف المحتجبة، اضافة الى عدد من النواب المستقلين وخصوصا الصحافيين منهم.
وردد المعتصمون هتافات منها "افرح افرح يا
حرامي القانون حبس كلامي"، ورفعوا لافتات كتب عليها "من اجل حرية الرأي
اصح يا مصر".
وكم بعضهم فمه بملصق اصفر كتبت عليه بالاحمر
كلمة "كفاية" في اشارة الى الحركة المعارضة.
وكان مجلس الشعب بدأ السبت مناقشة المشروع الذي
تقدمت به الحكومة ويواصل أمس مناقشته بندا بندا.
وقال جمال فهمي عضو مجلس نقابة الصحافيين ان
"هذه الوقفة الاحتجاجية هي رسالة واضحة لمجلس الشعب لرفض مشروع القانون الذي
ربط الحريات بدل ازالة القيود عنها".
واكد "مواصلة الصحافيين نضالهم السلمي
الديموقراطي".
واضاف "اذا مررت الغالبية مشروع القانون
فلن نلتزم به واذا كانت لديهم (السلطات) الشجاعة فليسجنوا كل الاحرار".
واكد يحيى قلاش سكرتير عام نقابة الصحافيين ان
النقابة ستتخذ "خطوات تصعيدية" لم يكشف مضمونها اذا اقر مجلس الشعب
مشروع القانون بدون تعديل المواد التي تثير الاعتراض.
وقال "على نواب الشعب الاستجابة لمطلب
الحفاظ على حرية الرأي … والا فسنلجأ لخطوات تصعيدية".
واضاف "ستعقد النقابة جلسة طارئة وتدعو
الى جمعية عمومية مفتوحة لوضع خطة التحرك اللاحقة".
واحتجبت يوم أمس نحو 24 صحيفة يومية واسبوعية
من معارضة وحزبية ومستقلة احتجاجا على مشروع القانون الذي الغى عقوبة الحبس في بعض
مواده واضافها في مواد اخرى لم تكن موجودة اصلا وخصوصا في مواضيع تتعلق باتهامات
الفساد.
وغابت ليوم واحد اليوميات التي تصدر الاحد
وابرزها "المصري اليوم"، "العالم اليوم"،
"الاقتصادية"، "نهضة مصر"، "الاهالي"،
"الاحرار" و"الوفد"، اضافة الى اسبوعيات مثل "صوت
الامة".
ولم تصدر في القاهرة سوى الصحف الرسمية
"الاهرام" و"الجمهورية" و"الاخبار" اضافة الى صحيفة
واحدة مستقلة قريبة من النظام هي "روز اليوسف".
من ناحيتها، دانت منظمة عربية لحقوق الانسان
مقرها القاهرة بشدة "تجاهل الحكومة المصرية ومجلس الشعب ملاحظات نقابة
الصحافيين الجوهرية التي تكفل حرية التعبير وحماية الصحافة والصحافيين".
وذكرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق
الانسان" في بيان بان مصر "تحتل مرتبة متدنية بين الدول التي تحارب
الفساد".
واعتبرت ان وعد الرئيس المصري حسني مبارك
"تمخض عن تعديلات صورية تكرس عقاب اي صحافي او كاتب يتناول قضايا الفساد
والذمة المالية لاي مسؤول وتكرس تصليت سيف الحبس على الصحافيين".
في هذا الوقت استمر اعتصام مجلس نقابة
الصحافيين الذي بدأ الاثنين في مقر النقابة رفضا لمشروع القانون.
وكانت الحكومة لجأت اثر هذا الاعتصام الى اجراء
تعديل على المشروع قضى بان تكون عقوبة الحبس، خصوصا في المواضيع المالية،
استنسابية وليست الزامية، لكن المعترضين اعتبروا هذا التعديل التفافا على مطلب
الغاء عقوبة الحبس.
واوضح المعترضون في بيان صدر الثلاثاء ان خطورة
مشروع القانون تكمن في "الغائه دور الصحافة في كشف جرائم نهب المال العام …
وانه وضع خصيصا لحماية الفساد وتحصين المفسدين" مسقطا بذلك وعد الرئيس المصري
بمنع الحبس في قضايا النشر.
واكد مجدي الجلاد رئيس تحرير "المصري
اليوم" ان الاحتجاب "سيكون مجرد بداية".
وطالب صلاح قبضايا رئيس تحرير
"الاحرار" المواطنين "بالامتناع عن شراء وقراءة الصحف الاحد وحتى
القومية منها لانها لا تستطيع الاحتجاب، لكن كل مصري يستطيع الامتناع عن
الشراء".
يذكر بان صحافيين عدة مثلوا امام القضاء منذ
بداية العام الجاري بتهم مختلفة تتعلق خصوصا بكشف عمليات فساد.
واكد جلال عارف اخيرا في تصريحات صحافية ان
"اكثر من الف دعوى قضائية مرفوعة حاليا ضد الصحافيين في محاكم الجنايات
والجنح".
وطالبت المنظمات الاهلية للدفاع عن حقوق
الانسان مرارا الرئيس المصري بان يفي بوعود اطلقها في شباط(فبراير) عام 2004 حول
عزمه على مواجهة التعدي على الحريات الصحافية والغاء احكام السجن في عمليات النشر.
من جهة أخرى، استأنف مجلس الشعب المصري برئاسة
الدكتور أحمد فتحي سرور مناقشاته حول مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات
الخاصة بجرائم النشر.
وقد وافق المجلس ـ بحسب ما ذكرت صحيفة الأهرام
– على حذف عدد من المواد التي تحد من حرية الرأي.
ووصف سرور الإلغاء بأنه حتمي نزولاً على حكم
المحكمة الدستورية العليا.
كما وافق على إلغاء عقوبة الحبس في بعض مواد
العقوبات، وإلغاء مادة تجيز تعطيل الصحف ووقف حق المحكمة في مصادرة الصحف.
وأكد سرور أنه لا مخالفة للدستور في عدم عرض
المشروع على المجلس الأعلى للصحافة, مشيرًا إلى أن التعديلات خاصة بقانون
العقوبات.
وأضاف أن المجلس يناقش الآن قانونًا مكملاً
للدستور تم أخذ رأي مجلس الشورى فيه, مؤكدًا أن مجلس الشعب ليس ملزمًا بأخذ رأي
المجلس الأعلى للصحافة.
وأعرب رئيس المجلس عن دهشته لأنه اكتشف أن بعض
الصحافيين لا يتجاوز دخلهم 200 جنيه شهريًا, بدلاً من أن يكون ثلاثة آلاف
جنيه, وطالب الذين يطالبون بحرية الصحافة بالاهتمام بالصحافيين أولاًًً.