المنظمة الدولية تطالب بحماية أفضل لحقوق الأردنيين في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات
حثت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان "هيومان رايتس ووتش" الحكومة على سحب مشروعي قانوني الجمعيات الخيرية، وقانون الاجتماعات العامة من مجلسي النواب والأعيان لكونهما "يتعارضان مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان".
وطالبت، في رسالة وجهتها إلى رئيس الوزراء نادر الذهبي، تلقت "الغد" نسخة منها، "ان تنفذ الحكومة وعودها في الإصلاح لتوفير حماية أفضل لحقوق الأردنيين في التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات".
وقالت إن مشروعي هذين القانونين بوضعهما الحالي "لا يحققان هذه الوعود، فقانون الجمعيات الخيرية يضع قيودا غير مقبولة على حق تكوين المنظمات غير الحكومية في انتهاك واضح للمادة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي أصبح قانونا نافذا في الأردن منذ تاريخ 15 حزيران (يونيو) 2006".
وأضافت "أن قانون الجمعيات الخيرية يتعامل مع تلك الجمعيات وكأنها امتداد للحكومة، حيث يفرض سيطرة حكومية على تأسيس وتمويل وأنشطة الجمعيات، مما يجعل من المستحيل تقريبا على أي منظمة غير حكومية تسعى للقيام برصد نقدي وتقييمي لسياسات الحكومة أن تحافظ على استقلاليتها".
أما مشروع قانون الاجتماعات العامة، فقد بينت المنظمة انه "يشمل تحسينات بسيطة على القانون المعمول به حاليا، إلا انه مازال يشترط الموافقة المسبقة من الحاكم الإداري على عقد أي اجتماع".
وبينت "أنه لم تتم استشارة المنظمات غير الحكومية بشأنه، وهو ما دفع المنظمات إلى محاولة إيصال انتقاداتها إلى أعضاء البرلمان".
كما ذكرت الرسالة ان القانون الجديد يدخل بعض التحسينات على القانون الحالي، إلا انه لا يعيد إحياء مبدأ حرية التجمع التي كانت مكفولة قبل القانون الساري المفعول والذي ادخل تعديلات جذرية على هذا المفهوم عام 2001.
وأشارت إلى أنه "مازالت مسودة مشروع قانون الاجتماعات العامة تشترط الموافقة الخطية المسبقة للحاكم الإداري من أجل عقد أي اجتماع عام، كما لايزال الحاكم الإداري غير ملزم بتبرير قرار رفض منح الترخيص لأي اجتماع".
وذكرت أن الحكومة كانت قامت بسحب مسودة سابقة "مثيرة للقلق" لمشروع قانون للجمعيات الخيرية في كانون الثاني (يناير) 2008 بشكل مماثل، كما قامت أيضا بالدعوة حينها إلى "إعادة" النظر في قانون الاجتماعات الساري المفعول.
الا انها أوضحت أن "إعادة صياغة القانونين جاءت مخيبة للآمال سواء في النواحي الإجرائية أو النواحي الجوهرية".
وأضافت الرسالة أن لدى ديوان التشريع والرأي في الأردن موقعا إلكترونيا "تم انشاؤه بدعم من الوكالة الأميركية للإنماء الدولي كي يكون مكرسا من أجل نشر مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة إلى مجلس النواب بهدف الحوار وجمع الملاحظات حولها، إلا أن مشروعي كلا القانونين لم يتم نشرهما على الموقع".
وتابعت "أنه على الرغم من الوعود التي تم قطعها بتزويد هيومن رايتس ووتش بمسودات مشاريع القوانين الجديدة، إلا أن وزارتي الداخلية والتنمية الاجتماعية لم تقوما بتزويدها بالمسودات عندما طلبت في وقت سابق من الشهر الماضي".
وأوضحت المنظمة، في رسالتها، أن قانون الجمعيات الخيرية "يضع قيوداً على حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين، فالمادة 3 منه تمنع أي جمعية من تبني أي أهداف سياسية تدخل ضمن نطاق أهداف الأحزاب السياسية".
وأضافت ان مثل هذه العبارة "الفضفاضة لا تخدم إلا قمع أي نشاط شرعي للجمعيات، ومن شأنها أن تسمح للحكومة بمنع المنظمات غير الحكومية من تبني التحقيق في قضايا حقوق الإنسان والحملات البيئية أو تقديم المساعدة للفقراء – على سبيل المثال- وذلك بذريعة أن حزباً سياسياً ما مهتم بنفس الموضوع".
وتابعت ان المواد من 4 إلى 8 من القانون "تشير بوضوح إلى أن الحكومة تعتزم الإبقاء على سيطرتها الكاملة في ما يخص تسجيل المنظمات التي تريد، ورغم أن القانون يتحدث الآن فقط عن "التسجيل" للمنظمات. إلا أن الحكومة في الواقع زادت من سلطتها في تحديد الطريقة التي تتشكل بها المنظمات غير الحكومية".
وذكرت أن "مراقب سجل" المنظمات "يتم تعيينه مباشرة من قبل مجلس الوزراء – حسب المادة 4- والذي يمكنه الموافقة على أن يكون من بين الاعضاء المؤسسين للجمعية شخص اعتباري أردني من غير الجمعيات -حسب المادة 8 ، كما أن العضو المؤسس لأي منظمة يشترط فيه أن يتمتع بحسن السيرة والسلوك وأن يكون غير محكوم بأي جريمة مخلة بالشرف – حسب المادة 7 د".
وأشارت الى ان المنظمات غير الحكومية "ستجد صعوبة في العمل وفق هذا القانون إذا لم توافق الحكومة على انشطتها، وعلى المنظمة أن تبلغ الوزير ومراقب سجل الجمعيات بمكان وموعد وبرنامج اجتماع هيئتها العامة وذلك قبل اسبوعين، وأن تتقيد بكل الأنظمة التي تصدرها الوزارة والتي لم يصدر بالطبع أي منها كما يمكن تغييرها في أي وقت دون الحاجة إلى موافقة البرلمان".
وذكرت الرسالة ان المادة 16 من القانون تشترط على "أي منظمة أن تقدم خطتها السنوية لأي عام مقبل بالإضافة إلى تقرير سنوي وموازنة مالية تتضمن أسماء المتبرعين الأردنيين وكل قرارات الهيئة الإدارية للمنظمة".
وأوضحت ان هذه الإجراءات "ليست مجرد عقبات بيروقراطية غير ضرورية، بل يبدو أنها صممت فقط بهدف منح الحكومة سيطرة مطلقة لإسكات منتقديها، فالحكومة ستكون لديها القدرة على التأثير في أنشطة المنظمات غير الحكومية لأنها ستكون على علم مسبق بخططها السنوية".
كما بينت انه يمكن للحكومة "أن تغلق أي منظمة عبر تشكيل هيئة ادارية مؤقتة لها في حال فشلت المنظمة خلال شهر في تصويب ملاحظات قدمتها الوزارة حول عدم توافق الجمعية مع القانون أو مخالفتها لأنظمتها الداخلية، كما ان المادة 20 من القانون تسمح للوزير بإغلاق الجمعية إذا فشلت للمرة الثانية بتصويب مخالفتها بعد أن يتم تنبيهها أو في حال تلقت الجمعية تبرعاً من جهة غير اردنية دون موافقة الوزير".
وأشارت الرسالة الى إجراءات الحكومة السابقة إزاء جمعية المركز الإسلامي في عامي 2006 و2007، قائلة انها "تمثل تدخلا سافرا في استقلالية الجمعية عبر تشجيع أعضاء جدد للانضمام إلى عضويتها والتصويت على هيئة ادارية جديدة بعد أن كانت الحكومة قامت بإقصاء الإدارة السابقة واستبدالها بهيئة ادارية مؤقتة مشكلة من مسؤولين حكوميين".
كما أشارت الى ان الحكومة قامت أيضاً بـ"تنصيب موظفيها كهيئة ادارية مؤقتة للاتحاد العام للجمعيات الخيرية، وفي فرع الاتحاد في عمّان بحجة وجود مخالفات مالية مزعومة، وبالأخص في ما يتعلق بعائداته من بيع اليانصيب وتبرعات قدمها الاتحاد إلى جهات فلسطينية ولبنانية".