بجديد عما اعتادت منظمات وجمعيات حقوق إنسان محلية على ذكره، إلا أنه في ذات الوقت
يضع الحكومة ومجلس النواب أمام استحقاق تعديل تشريعات أكد متابعون أنها "مقيدة"
لعمل المؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان.
وتتجدد مطالبات ناشطين في مجال حقوق الإنسان
على ضرورة الاخذ بما ورد في تقرير المنظمة الدولية الذي وجه انتقادات للاردن
لتراجعه على صعيد حماية ممارسة الحقوق الأساسية للانسان وتقييده للحريات العامة
وحرية التجمع عبر قوانين ومشاريع قوانين.
وتعلق تقارير حقوق الإنسان الدولية والمحلية
الجرس لمجموعة من الوقائع التي تحتم على الحكومة اتخاذ إجراءات فعلية لمعالجة
القضايا التي تطرحها دون تجاهل وجودها.
ويؤكد
مصدر مسؤول في وزارة الخارجية أن "الوزارة بصدد دراسة تقرير منظمة هيومن
رايتس وووتش".
ويوضح المصدر لـ "الغد" أن "الاردن
يتعامل بإيجابية مع كافة التقارير الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، ويرصد كل ما
يتعلق منها بالشأن المحلي " مؤكدا أن "الحكومة تأخذ بعين الاعتبار كل ما
يرد في التقارير من نقد بناء، ولكن لا تؤخذ على عواهنها حيث أن الكثير من التقارير
يرد فيها معلومات مغلوطة وأحيانا مبالغ فيها".
ويقول "إن الاردن سباق عن غيره في موضوع
حقوق الإنسان ويتعامل مع الثغرات والانتهاكات اينما وجدت، ويحاول تحسين وضع حقوق
الإنسان، ولا يكون اهتمامه قائما على ردات الفعل".
وفي الوقت الذي يعتبر فيه مراقبون أن عدم تجاوب
الحكومة مع ما يرد في هذه التقارير "مؤشر على عدم جديتها بتصويب أوضاع حقوق
الإنسان والنهوض بأوضاعها"، يشيرون إلى أن سحب الحكومة لقانوني النقابات
المهنية والجمعيات الخيرية من مجلس النواب مؤخرا خطوة تسجل للحكومة في باب
الانتصار للحريات العامة.
وكان تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي نشرت "الغد"
تفاصيله أمس وتناول أوضاع حقوق الإنسان في أكثر من 75 دولة، اعتبر أن مشروع قانون
الجمعيات الخيرية سيقيد من حرية تكوين الجمعيات غير الحكومية، في وقت تباشر فيه
وزارة التنمية الاجتماعية الاسبوع الحالي تنظيم حوارات وطنية حول القانون بعد أن
سحبته الحكومة.
وعلى خلفية صدور تقرير المنظمة تنوي لجنة
الحريات العامة وحقوق المواطن النيابية، وفقا لرئيسها النائب فخري اسكندر، مناقشة
ما ورد في التقرير من معلومات ووقائع، والتوجه إلى الحكومة مطالبة إياها معالجة
السلبيات التي يسجلها التقرير على الأردن.
ويرى اسكندر أن ما تضمنه التقرير من وقائع هي
في معظمها حقائق يعيها الأردن، إلا أنه لم ينف وجود معلومات مبالغ فيها ولم تراع
المنظمة الدولية فيها الخصائص الديموغرافية وطبيعة المجتمع الأردني.
وتعرض النائب إلى ما تطرق إليه التقرير من أن
الاردن شهد تراجعا في التسامح التقليدي
إزاء العراقيين، معتبرا أن معلومات منظمة هيومان رايتس لحقوق الإنسان المتعلقة
بأوضاع العراقيين في الأردن "خاطئة".
ويؤكد أن العراقيين في الأردن، والمقدر عددهم
بـ 500 ألف عراقي حسب منظمة "فافو" النرويجية، يعيشون في ظروف جيدة، حيث
وفر الاردن للمواطن العراقي العديد من الحقوق، بما في ذلك التسهيلات التجارية وتلك
ذات العلاقة بالإقامة والعمل.
ويشير اسكندر إلى أن لجنة الحريات النيابية
ستدرس كل ما يتعلق بقوانين الانتخاب والأحزاب إلى جانب قانون الاجتماعات العامة،
لقناعته بأهمية هذه القوانين في تعزيز الحريات العامة.
وكان تقرير هيومن رايتس ووتش انتقد قوانين
الحريات العامة في الاردن بما في ذلك قانون الاجتماعات العامة، مشيرا في ذات الوقت
إلى أن القوانين الخاصة بالصحافة جاءت أقل من المتوقع، حيث أن التعديلات التي
أدخلت على قانون المطبوعات والنشر ضاعفت الغرامات المالية، كما أن عقوبة الحبس
جراء حرية التعبير ظلت موجودة في قوانين أخرى، لا سيما قانون العقوبات.
وقال التقرير إن مشروع قانون الأحزاب السياسية
الذي صاغته الحكومة أخيرا يهدد تواجد الأحزاب الصغيرة، بزيادة الحد الأدنى المطلوب
من الأعضاء الممولين إلى 500 عضو، على أن يكونوا من خمس محافظات على الأقل.
ويعتبر رئيس لجنة الحريات النقابية في نقابة
المهندسين ميسرة ملص أن تقرير المنظمة أتى بحقائق ومعلومات كانت تقارير محلية
ذكرتها سابقا وما تزال تتطرق لها، إلا أنه لم يتعرض إلى الحق في الحفاظ على الشخصية
القانونية وتعرض مواطنين إلى سحب الجنسية.
ويتفق رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان هاني
الدحلة مع ما ذهب إليه ملص من أن التقرير احتوى على العديد من الحقائق التي
تضمنتها تقارير محلية، وجاء التقرير شاملا للانتهاكات التي وقعت عام 2007.
ويقول الدحلة إن "استمرار المنظمات
المحلية والدولية في تسجيل الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان، يجعلنا نتأمل أن
تتابع الحكومة هذه الانتهاكات بطريقة قانونية وبما يكفل إزالتها، وعدم الإصرار على
أن معلومات هذه المنظمات خاطئة".
من جانبه، يؤكد ملص أن أهمية التقرير تكمن في
اتخاذه كوسيلة لحث الحكومة على معالجة السلبيات الواردة في التشريعات الأردنية،
مثمنا سحب حكومة الذهبي لمشروع قانوني الجمعيات الخيرية والنقابات المهنية من مجلس
النواب.
ويعتقد أن الشعارات التي تتبناها الحكومات بشأن
حقوق الإنسان لا تخرج عن كونها جملا كلامية لا تنفذ على أرض الواقع"، مدللا
على ذلك "بعدم تجاوب الحكومات مع القضايا التي ترفعها المؤسسات الأهلية
والرسمية العاملة في هذا المجال".
وبتأكيد ناشطين في حقوق الإنسان على أهمية
التقارير الدولية والمحلية في الإشارة إلى مواقع الخلل وانتهاكات حقوق الإنسان،
يتحتم على الحكومة تركيز جهودها خلال المرحلة المقبلة على معالجة هذه الانتهاكات
والالتزام بتطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين
بالحقوق السياسة، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.