إلى جانب المؤسسات الاجتماعية و الثقافية الأخرى، تعتبر وسائل الاتصال الجماهيري من أهم أدوات ومصادر التنشئة الاجتماعية وتنمية الموارد البشرية والتي يمكن استثمارها لأحداث التغيير المنشود في وضع المرأة بصورة عامةو تفهم قضاياها سواء على صعيد زيادة الوعي بدور المرأة باعتباره أمرا ضروريا لتحقيق التنمية الشاملة على الصعيد الاجتماعي ، أو على صعيد انعكاس هذا الوعي على منظومة القيم و المواقف و الاتجاهات الاجتماعية بشكل إيجابي و بالتالي حدوث التغيير النوعي الذي يتجسد على صعيد المشاركة المتوازنة و بأسلوب تكاملي بين أدوار المرأة و الرجل و ذلك لتلبية متطلبات ومستحقات التنمية على جميع الأصعدة .
لذلك بات في حكم الحقيقة أن أجهزة الاتصال الجماهيري ، بما فيما الصحافة المطبوعة ، في المجتمعات المعاصرة تؤدي دورا ملحوظا و هاما في آن معا في تشكيل الأطر الدلالية/ المعرفية بما تتضمنه من أنماط ثقافية و قيمية لأفراد هذه المجتمعات .
و على العموم ، يتركز واقع المرأة في الإعلام العربي فيما يتعلق بصورها الدلالية و أدوارها المختلفة ، ونوعية الموضوعات المقدمة لها ، و القيم التي تكرسها هذه الوسائل بالنسبة للمرأة ، على مضمون كمي يدور في اغلبه حول الاهتمامات التقليدية للمرأة ، بعيدا عن الاهتمام بإدماجها في عملية التنمية الشاملة أو قضية مشاركتها في العمل السياسي النقابي في العموم ، و التي تتسم معالجتها بالسطحية دون البحث عن الأسباب المجتمعية لهذه القضايا .
ومن جهة أخرى ، لا تظهر القيم و الأدوار التنموية التي من الممكن أن تؤديها المرأة في المجتمع بصورة واضحة في و سائل الإعلام العربية بالنسبة للمرأة ، لا سيما قيمة العمل و قيمة المساواة .
كما أن المرأة العربية تقدم في اغلب الأحيان في أدوار هامشية و تصور على أن دورها في الحياة ثانوي باستمرار و تابعة للرجل .
و يأتي تركز وسائل الإعلام العربية على أدوار المرأة ذات المضمون الاجتماعي كربة بيت أو المرأة التي لا تعمل في مهنة واضحة و يقابل ذلك في معظم الأحيان ضعف اهتمام هذه الوسائل بدور المرأة كمبدعة و كمنتجة و مشاركة في الحياة العامة فضلا عن إهمال بعض فئات المرأة و قطاعاتها المهمة مثل المرأة الريفية و نساء البادية و تبدي تجاهلا واضحا لقضاياهن.
وعلى صعيد واقع المرأة في الإعلام الأردني فالصورة تبقى غير واضحة المعالم من جوانبها المختلفة نتيجة لضعف الدراسات و الأبحاث التي تتناول حال المرأة الأردنية في الإعلام الأردني بوجه خاص.
إلا أن بعض الدراسات العربية التي أجريت على سائل الإعلام في بلاد الشام وهي الأردن و فلسطين و سوريا باستثناء لبنان ، خلصت انه رغم أن هذه الوسائل قد بدأت بتقديم المرأة العربية في مواقعها كزوجة وربة بيت وأم وامرأة عاملة تشارك في عمليات التنمية والحياة السياسية .
إلا أن معظمها لا تزال تركز على الصورة النمطية للمرأة و أدوارها التقليدية على حساب الأدوار الأخرى لها كشريكة في الإنتاج وفي بناء الأسرة و في اتخاذ القرار و كمساهمة في مختلف جوانب الحياة و العمل و الإبداع الفكري و الفني و الثقافي ، و كإنسانة تتساوى مع الرجل في الحقوق و الواجبات .
من جانب آخر لم يكن هناك أية صحيفة أردنية تكرس صفحات متخصصة للمرأة عدا محاولة صحيفة الشعب اليومية الأردنية ، سابقا ، التي خصصت صفحة أسبوعية واحدة بشكل منتظم تتعلق بشؤون المرأة ، غير أن مثل هذه الصفحة استمرت لفترة محدودة جدا .
و لم تبذل محاولة أخرى في هذا الشأن على صعيد الصحافة اليومية الأردنية إلا عندما بدأت صحيفة الأسواق محاولتها لإصدار ملحق أسبوعي خاص بالمرأة و شؤونها ، غير أن مثل هذا الملحق الأسبوعي استمر لفترة زمنية .
اعداد :عماد الضميري