Skip links

الصحافي الإسباني يروي تفاصيل أيام اختطافه

تحدث المصور الصحافي الإسباني إمسوف تعقد الجمعية
العالمية للصحف مؤتمرا ببيروت، لبنان، يومي 10 و11 ديسمبر 2006، للنظر في جهود
الإعلام العربي لتحقيق استقلاليته وحريته في مناخ القمع والتحرش المستمر.

يليو
موريناتي الذي اختطف في غزة الثلاثاء الماضي عن تفاصيل «ساعات الرعب» في القطاع
ورحلته مع الخاطفين الذين لم تكشف هويتهم أو غايتهم من الاختطاف. ووزعت وكالة
«اسوشييتد بريس» التي يعمل معها موريناتي شريطاً تسجيلياً يوضح تفاصل الاختطاف بعد
إطلاق موريناتي، مشيرة الى ان مصورها لن يعود الى غزة.
ويعطي سرد
موريناتي لواقعة اختطافه فرصة للتعرف على ما يدور في اذهان المخطوفين الأجانب في
غزة، بالاضافة الى شرح لبعض تفاصيل تنفيذ هذه العمليات. ولم تكشف «اسوشييتد برس»
عن تفاصيل المساعي التي بذلت لاطلاق سراح المصور الصحافي، لكنها اوضحت ان كل من
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الإسباني وميغيل موراتينوس لعبا دورا
في إنهاء عملية الاختطاف. ويشرح موريناتي في الشريط التسجيلي ظروف اختطافه، قائلا:
«كان يفترض ذلك اليوم ان نصور عملية تنظيف بقايا المستوطنات الاسرائيلية في قطاع
غزة، وفي حدود السابعة صباحاً حملت كاميراتي والعدسات وخرجت من الشقة التي اقيم
فيها للقاء صديقي ماجد حمدان الذي يعمل مترجماً وسائقاً مع «اسوشييتد برس»، حيث
كان ينتظرني في الشارع المقابل للشقة. وقبل ان استقل السيارة (مع حمدان) اندفعت
سيارة من طراز «غولف ـ فولكسفاغن» بيضاء واغلقت الطريق، ثم قفز اربعة رجال يحملون
رشاشات كلاشنيكوف من السيارة وسيطروا علي واختطفوني داخلها وانطلقوا». ويضيف:
«شاهدت في الخلف ماجد على الارض في حين كان رجلان يوجهان نحو رأسه رشاشاهما، ثم
دفعني المختطفون نحو المقعد الخلفي وغطوني بقماش وهم يصيحون بالانجليزية «احن رأسك
واخرس».
ثم يستطرد
موريناتي: «بعد ربع ساعة دفعوني خارج السيارة الى داخل منزل ونحو غرفة في الطابق
الأرضي، لم يكن فيها سوى بعض الفئران». ويضيف: «سرت في جسمي رعشة وحمى مما جعلني
اشعر بالإرهاق ونمت مستلقيا على ارض الغرفة. لم ينزع الخاطفون ساعة يدي، لذلك حين
استيقظت وجدت ان خمس ساعات مضت منذ لحظة اختطافي». ويسرد موريناتي معاملة الخاطفين
له، قائلاً: «كان الخاطفون يرتدون سراويل جينز وقمصاناً سوداء وهم ملثمون بأقنعة
سوداء. وعندما كنت احاول ان اتحدث معهم، كان كل ما يقولونه «اخرس». وقال لي أحدهم
بلغة الإشارة بأنني لو حاولت الهرب فإنهم سيطلقون علي النار. وكرر ذلك عدة مرات
وحاول ان يبدو عدوانياً… أظن انه كان في العشرينات، أصغر كثيرا من أن يبدو شخصا
قاسيا». وعن مكان احتجازه، قال: «أعتقد انني كنت في منزل جيد، كانت هناك جدران
عالية، وحديقة مرتبة زرعت بها ورود».
وينتقل
موريناتي بعدها الى الاوقات الصعبة، فيقول: «بعد ذلك جاءت اللحظات المرعبة. جاء
شخص ووضع عصابة على أعيني وطلبوا مني الجلوس على ركبتي ورفع يدي، تواردت الى ذهني
آلاف الاحتمالات ومن ذلك احتمال قتلي. شعرت بأنهم على وشك ارتكاب حماقة. وضعوا
كيسا فوق رأسي ثم طلبوا مني ارتداء زي امرأة وقبقابا كان في الواقع نصف قياس
الأحذية التي ارتضيها، مما جعلني أجد صعوبة في المشي. طلبوا مني مجدداً ان ادخل سيارة
ثم راحوا يدورون بها».
ويصف
المصور الإسباني ما حدث داخل السيارة، فيقول «بعض حراسي كانوا نساء، كنت أجلس في
المقعد الخلفي وتجلس على يساري امرأة، وكانت هناك امرأة أخرى تحمل رضيعاً ظل يبكي
طول الوقت، ولم يستجب لمحاولات اسكاته». ويضيف: «هذا الوضع هدأ من روعي الى حد ما،
فكرت انه برفقة امرأة ورضيع لا شيء سيئ قد يحدث لي. لم أكن ارى شيئاً في الشوارع
التي نمر منها، لكنني كنت اسمع اصوات مدينة غزة، ضجيج حركة المرور وأبواق سيارات
الشرطة. بعد فترة توقفت السيارة، وأخذت الى مبنى ثم الى غرفة مظلمة، لم أكن أرى
شيئاً، على الرغم من انهم نزعوا عصابة العينين. كنت اسمع نقاشاً غاضباً بين
الخاطفين خارج باب الغرفة. كانوا يتحدثون بالعربية التي لا أتحدثها. تركت هناك
حوالي سبع ساعات».
ويتحدث
موريناتي عن ما حدث بعد ذلك، فيقول: «أحضرت لي سيدة طعاماً كان عبارة عن مكعبات
جبنة وبعض اللحم وكأس شاي، حاولت ان تتحدث معي وقالت كلاماً عن أوروبا وأميركا
والدول العربية، لكن لم نستطع ان نفهم بعضنا بعضاً. كانت لطيفة معي. كنت عندما
اريد الذهاب الى المرحاض يضعون على عيني العصابة من جديد ويرافقوني عبر فناء طويل.
كنت اسمع أصوات أطفال، ويبدو انني كنت أتقاسم مع الخاطفين منزل عادي، لم أكن
متقيناً اذا كان حراسي هم الأشخاص أنفسهم الذين اختطفوني أم انني سلمت لجهة اخرى.
كانوا جميعاً في حدود 15 شخصاً».
ثم جاءت
لحظات الفرج، ويقول عنها موريناتي «جاءت سيدة ووضعت من جديد عصابة على وجهي.
سألتها اذا ما كان هناك شيء سيئ سيحدث، وذلك بعد ان وجهت أصابعي نحو رأسي في إشارة
الى المسدس. أجابت بكلمة واحدة «خلاص». فهمت انهم سيطلقون سراحي. كنت اسمع صوت
الرعد والمطر يهطل. فجأة وضع أحد الخاطفين هاتفاً محمولاً على أذني، سمعت شخصاً
يتحدث الانجليزية بلكنة عربية، قال إن كل شيء سيكون كما ينبغي وانه سيفرج عني
قريباً. لم يقل من هو».
وينتقل
موريناتي بعد ذلك الى الفصل الأخير، فيقول: «اصطحبني أحد الخاطفين الى السيارة،
وضعوا العصابة من جديد على عيني وطلبوا مني ارتداء ملابس نسائية. سارت السيارة مدة
خمس دقائق ثم سمحوا لي بنزع العصابة والملابس النسائية. لم أتعرف على المكان الذي
نقلت اليه، لكنني وجدت نفسي في شارع غسلته الأمطار المتهاطلة. نقلوني الى مبنى كان
يحيط به رجال الأمن الفلسطيني. قال لي أحدهم بالإنجليزية :«أنت معنا، أنت آمن».
ومن ثم ناولني شرطي هاتفاً جوالا، وكان ميغيل موراتينوس، وزير الخارجية الإسباني،
على الخط». وعن الحديث مع موراتينوس، قال: «تحدثنا قرابة خمس دقائق. قال لي إن
أسرتي كانت قلقة لكن الأمور الآن جيدة. أخذت من هناك الى مكتب الرئيس محمود عباس.
اصطحبوني الى قاعة كانت تعج بالصحافيين والمسؤولين الفلسطينيين. عانقت زملائي في الوكالة،
خاصة ماجد، وسلمتني الشرطة معداتي وهاتفا جوالا وجواز سفر».
وثم يختم
المصور الصحافي موريناتي حكايته قائلاً: «يبدو من الصعب العودة الى غزة. لكني آمل
أن أقوم بذلك قريباً».