Skip links

كتاب: الصحافة وامتيازاتها… حماية المصادر السرية في الاجتهاد الأميركي

يعتبر فلويد أبرامز رائداً في قانون التعديل الدستوري الأول في البلاد، وهو عرض في كتابه حرية التعبير: محاكمات التعديل الدستوري الأول مراحل التفسير الدستوري بدءاً بكيفية تشكيل القضية، وبحث المحامي الذي يفترض فيه المطالبة بحماية دستورية، في تفاصيل القوانين وتحليلها، وصولاً الى استخلاص الحجج لقديمها في المحكمة ويرى القاضي برينان، وهو قاض في المحكمة الأميركية العليا، أن أهم ميزة يتمتع بها قاضي المحكمة العليا هي قدرته على تحصيل خمسة أصوات، أي اتخاذه موقفاً يستقطب أصوات الغالبية في المحكمة. ولا شك في أن القاضي يفضل أن يكون محقاً في موقفه على المساومة والتنازل في سبيل حصد غالبية الاصوات. ولكن المحامين لا يملكون هذا الخيار.

وشارك أبرامز، في السنوات الأولى لممارسته المحاماة في شركة كاهيل غوردون بنيويورك، في تمثيل شبكة أن بي سي.

وبحكم منصبه هذا، طلب أبرامز في 1971من البروفسور بيكل إعداد عريضة لرفعها إلى المحكمة العليا، بصفته صديق المحكمة، يدعم فيها مطلب الصحافة إبقاء مصادرها المجهولة المصدر سرية.

واستند أبرامز الى ثلاثة مبادئ، مبدأ الفصل بين السلطات، واعتبار المحكمة العليا قرار الرئيس ترومان مصادرة مصانع فولاذ لتفادي إضرابات أثناء الحرب الكورية باطلاً لعدم استناده الى أسس قانونية؛ والثاني موقف المحكمة العليا المشكك في القيود التي فرضت في وقت سابق على الصحافة على غرار الأحكام القضائية بمنع النشر؛ والثالث اعتبار أن التبديل الدستوري على المادة الأولى (في الدستور الاميركي)، ينص على الحق في حرية التعبير، وُضع لتفضح الصحافة أخطاء الحكومة. ولم يعتقد بيكل وأبرامز أن بعض أعضاء المحكمة قد يسمحون للصحافة بكشف الأسرار. وفي نهاية المطاف، تبين أن أحد القضاة كان يناصر هذا الرأي. وذهب القاضي بلاك، وهو أكثر قضاة المحكمة العليا التسعة بلاغة، الى أن التعديل الأول يضمن حرية الصحافة في كشف الأسرار الحكومية وإطلاع الشعب عليها. فالصحافة الحرة من كل القيود هي الوحيدة القادرة على فضح الأخطاء الحكومية.

ويناقش أبرامز باقتضاب أهم الموضوعات المتعلقة بحرية الصحافة حالياً، أي حماية المصادر السرية. ويتخذ موقفاً قاطعاً إزاء حق الصحافيين القانوني في التكتم على مصادرهم. ففي 1972، رفضت المحكمة الأميركية العليا إدعاء الصحافيين أن بالتعديل الأول يمنحهم الحق في إبقاء أسماء مصادرهم السرية طي الكتمان إذا تطلبت الإجراءات القانونية الكشف عنها.(…) ولا يمنح الدستور المحامين أو الأزواج أو الأطباء امتياز التكتم. واعتمدت المحاكم أو الهيئات التشريعية هذه الامتيازات لأنها تدعم أهم القضايا الاجتماعية.

وفي 1975، أقر الكونغرس قانون الشهادة، وبموجبه سُمح للمحاكم الفيديرالية بإعطاء امتيازات تحترم مبادئ القانون العام بكل تفسيراتها… في ضوء المنطق والتجربة.

واستندت المحكمة العليا الى هذا التفويض لإعطاء امتياز التواصل للمحامين مع موكليهم، وللزوجات مع أزواجهم، وللمعالجين النفسيين مع مرضاهم. ويجب النظر في قضية الصحافيين جوديث ميلر ومات كوبر، من هذا المنطلق.

ومع الأسف الشديد لا حل لقضية سرية المصادر يرضي الصحافة والقضاء في آن. ولا شك في ان ضرورة اعتماد الصحافة على مصادر سرية أحياناً. ولكن الصحافة أفرطت في استخدام هذه المصادر، ما أضعف صدقيتها، على ما حصل في تحقيق مجلة نيوزويك عن القرآن.

ولا يترتب على هذه الحادثة منع الصحافيين من استخدام المصادر السرية في القضايا المهمة. فالمصادر السرية تسمح بكشف النقاب عن أخطاء الحكومة، ولعلّ فضيحة وواترغيت هي أبلغ مثال على هذه المسألة.