مركز حماية وحرية الصحفيين: قرار الديوان يفتح الباب واسعاً لتوقيف الصحفيين.

 

اطلعت وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين “ميلاد” التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين على القرار رقم “8” الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين بتاريخ 19/10/2015 والذي ينظر بطلب رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور ببيان فيما إذا كان النشر على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي الذي يتضمن قدحاً أو ذماً أو تحقيراً مشمولاً بحكم المادتين “42” و”45″ من قانون المطبوعات والنشر، أم بحكم المادة “11” من قانون الجرائم الالكترونية، والطلب ببيان فيما إذا كانت جميع إجراءات المحاكمة في القضايا المتعلقة بالنشر المشار اليها مشمولة بحكم المادة “42” من قانون المطبوعات والنشر أم بحكم المادة “114” من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

واطلعت بتقدير واحترام للقرار الصادر والذي ينص على “أن جرائم الذم والقدح المرتكبة أو المقترفة خلافاً لأحكام المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يسري عليها تطبيق المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية والمادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس المادتين 42، 45 من قانون المطبوعات والنشر”.

وعلى ضوء هذا القرار ومع الاحترام للجهة التي أصدرته فإننا نود أن نبين الملاحظات القانونية التالية: –

  1. أن قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 قانون خاص وهو ما استقر عليه التعامل في القضاء، وهو من الحوافز التي قدمتها الحكومة للمواقع الالكترونية منذ تعديله عام 2012 وطلبت بموجبه الترخيص وقد نص بشكل واضح على عدم جواز التوقيف نتيجة إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير وخلا من العقوبات السالبة للحرية.
  2. لما كانت القواعد الاجرائية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية قد وردت ضمن أحكام قانون عام، وبما أن المادة 42/1 من قانون المطبوعات والنشر وهو قانون خاص قد نظمت إجراءات المحاكمة المتعلقة بالصحفيين فإن هذا القانون (المطبوعات والنشر) هو الذي يحكم إجراءات التحقيق وفقاً لأحكام المادة )42/د،42 /ز، 42/ح، 42/ط)
  3. لم يراع قرار تفسير القوانين أن المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر قد نصت صراحة على القول “على الرغم مما ورد في أي قانون اخر”، أي أنها حصرت محاكمة الصحفيين بقانون المطبوعات والنشر وهو القانون الخاص.
  4. وعليه فإن التطبيق السليم للقواعد الإجرائية مع الاحترام لقرار تفسير القوانين يستوجب تطبيق أحكام المادة (42/ط/1) من قانون المطبوعات والنشر باعتبارها تسري على إجراءات دعوى الحق العام وإجراءات التوقيف على خلاف ما ورد في أحكام المادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
  5. كان الأحرى بقرار ديوان تفسير القوانين اجراء مقارنة بين 11 من قانون الجرائم الالكترونية مع المادة 38 من قانون المطبوعات والنشر التي تتحدث عن جرائم القدح والذم، حيث أن المادة (42) تتحدث عن الاختصاص، والمادة (45) تتحدث عن العقوبات، وبالتالي فإن المقارنة للوصول لهذه النتائج باعتقادنا لا تستقيم مع القواعد القانونية.

وكان ديوان تفسير القوانين قبل اصدار قراره قد استعرض القوانين وتوصل الى ما يلي: –

  • إنّ قانون المطبوعات والنشر رقم (8) لسنة 1998 وفيما يخص الجرائم المقترفة من خلال المطبوعات الدورية والصحيفة اليومية المطبوعة أو غير المطبوعة والمطبوعة الالكترونية والمتخصصة ونشرة وكالة الأنباء هو قانون عام وأنّ المشرع اشترط في كل هذه المطبوعات أن تكون جهات النشر مسجلة ومرخصة وأعطى المطبوعة الالكترونية خيار التسجيل وفقاً لما جاء في قرار الديوان الخاص رقم (2) لسنة 2012 .

 

  • إن قانون الجرائم الالكترونية رقم (27) لسنة 2015 نفذ بتاريخ 1/6/2015 هو قانون خاص فيما يتعلق بالجرائم المقترفة وفقاً للنصوص المستحدثة فيه.

 

  • ولما كانت القواعد القانونية تستلزم الإشارة للفعل بوصفه جرماً يعاقب عليه القانون مما يجب معه الوقوف على النص المنظم لهذه الجريمة، وبما أن قانون الجرائم الالكترونية هو قانون خاص أعاد تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بجرائم الذم والقدح فإنّ هذا القانون هو الذي يسري عليها وفقاً لأحكام المادة 11 منه وبدلالة المادة 57/2 من قانون العقوبات والتي نصت على ” أنه إذا انطبق على الفعل وصف عام ووصف خاص أخذ بالوصف الخاص “.

وعليــــــــــه وتأسيساً على ما تقدم نقرر أنّ جرائم الذم والقدح المرتكبة أو المقترفة خلافاً لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية من خلال المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تسري عليها هذه المادة والمادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس المادتين (42) و (45) من قانون المطبوعات والنشر.

 

ومن جانب اخر اعتبر الريس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور أن قرار تفسير القوانين يفتح الباب لإعادة التوقيف في قضايا الاعلام على نطاق واسع.

وقال منصور “إن الحكومة تتراجع عن تعهداتها بأن قانون المطبوعات والنشر هو قانون خاص واجب التطبيق، وتتراجع عن المزايا التفضيلية التي قدمتها للمواقع الالكترونية من أجل حثهم على الترخيص بعد تعديل قانون المطبوعات والنشر، مشيرة الى أنه قانون يخلو من العقوبات السالبة للحرية”.

وأعاد منصور الى الأذهان الجدل الذي شهده الوسط الإعلامي عند إقرار قانون جرائم أنظمة المعلومات عام 2011 والمعارضة الكبيرة الذي لاقاه خوفاً من ملاحقة الاعلام بموجبه، حيث قالت الحكومة آنذاك أنه و ضع للحد من القرصنة والجرائم الالكترونية ولا علاقة له بوسائل الاعلام مبيناً أن القانون عدل في شهر حزيران الماضي ليصبح اسمه قانون الجرائم الالكترونية، وتم الاعتراض على المادة “11” من القانون خشية ملاحقة الصحفيين بموجبها، وكان الرد مجدداً أنه لا داعي للخوف، فقانون المطبوعات والنشر هو القانون الخاص الذي يحاكم بموجبه الإعلاميين، رغم ادراكنا ومعرفتنا أن الصحفيين تاريخياً يحاكمون بموجب قوانين متعددة منها العقوبات ولاحقاً مكافحة الإرهاب.

وطالب منصور بالعودة عن هذا القرار لأنه يجيز توقيف الإعلاميين وهو توجه لا تأخذ به دول العالم التي تصون حرية الإعلام، ولا يتوائم مع المعايير والمعاهدات الدولية التي صادق عليها الأردن.

وأكد منصور على رفض عقوبة التوقيف والسجن في قضايا حرية التعبير والإعلام، ومهما كانت الذرائع والمبررات فإنها غير مقبولة، واستخدام القانون كأداة تقييد امر مرفوض.