فلسطين: حملة ضد الصحفيين والناشطين

هيومن رايتس ووتش-

إن السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تعتقل الصحفيين والنشطاء الذين ينتقدون السلطات سلميا وتعتدي عليهم وتوجه لهم التهم الجنائية. تنتهك الحملة بشكل مباشر التزامات فلسطين الأخيرة بالمصادقة على المعاهدات الدولية التي تحمي حرية التعبير.

قالت ساري بشي، مديرة مكتب إسرائيل/فلسطين في هيومن رايتس ووتش: “تستعين الحكومتان الفلسطينيتان العاملتان، بشكل مستقل، بأساليب مشابهة في المضايقات والترهيب والاعتداء الجسدي ضد من ينتقدهما. خاض الشعب الفلسطيني الصعاب للحصول على الحماية المصاحبة للعضوية في المجتمع الدولي، وعلى قادته الالتزام بالمعاهدات جديا.”

السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تعتقل الصحفيين والنشطاء الذين ينتقدون السلطات سلميا وتعتدي عليهم وتوجه لهم التهم الجنائية.

وثقت هيومن رايتس ووتش 5 حالات – 2 في الضفة الغربية و3 في غزة – حيث اعتقلت أو استجوبت قوات الأمن الصحفيين، ناشطا سياسيا، وموسيقيَّي راب اثنين لانتقادهم السلمي للسلطات. قال 4 من المعتقلين، 2 في غزة و2 في الضفة الغربية، إن قوات الأمن اعتدت عليهم جسديا أو عذبتهم. نفت السلطات في غزة هذه الادعاءات، بينما قالت السلطات في الضفة الغربية إنها لا تستطيع التحقيق في هذه المزاعم دون شكوى رسمية. تتبع هذه الحملات نمطا من انتهاكات الحق في حرية التعبير والإجراءات القانونية التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في السنوات الخمس الماضية، آخرها في مايو/أيار 2015. أُحرز بعض التقدم في الضفة الغربية في مجال حماية حقوق الموقوفين.

في غزة، اعتقلت سلطات “حماس” وأرهبت ناشطا انتقد الحكومة لفشلها في حماية شخص يعاني من إعاقة عقلية؛ صحفيا نشر صورة امرأة تبحث عن الطعام بين القمامة؛ وصحفية ادعت سوء الممارسة الطبية في مستشفى عام بعد وفاة طفلة حديثة الولادة. في الضفة الغربية اعتقلت السلطة الفلسطينية واتهمت نشطاء وموسيقيين سخروا من قوات الأمن الفلسطينية للتعاون مع إسرائيل، واتهموا الحكومة بالفساد. زعمت السلطة أن التصريحات المسيئة تضمنتها منشورات على “فيسبوك”، كتابات على الجدران، وأغاني الراب.

قال الناشطون والصحفيون الذين تعرضوا لهذه الانتهاكات إن رجال الأمن ضربوهم أو ركلوهم، وحرموهم من النوم والطعام المناسب، رشّوهم بالماء البارد ثم الساخن، وأبقوهم بوضعيات غير مريحة لساعات طويلة. في غزة، قال معتقلان إن مسؤولي الأمن أجبروهما على التوقيع على تعهدات بعدم انتقاد السلطات دون أدلة مناسبة. في الضفة الغربية، يواجه المعتقلان التهم الجنائية، منها التشهير وإهانة موظف حكومي.

تنتهك هذه الحملات على حرية التعبير والتعذيب الالتزامات القانونية التي تعهدت السلطة الفلسطينية بها عام 2014، عندما صادقت على “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”اتفاقية مناهضة التعذيب”. كما تنتهك أحكام “القانون الأساسي الفلسطيني” التي تحمي حرية التعبير. في وقت ينتقد فيه العديد من الفلسطينيين قادتهم، أثرت الحملات سلبيا على النقاش العام في وسائل الإعلام التقليدي والتواصل الاجتماعي. ظلت هذه القيادات في السلطة لمدة 10 سنوات بلا انتخابات مقررة، بعد الانقسام الذي، بنتيجته، سيطرت حماس على قطاع غزة وحكمت السلطة الفلسطينينة، التي تسيطر عليها “فتح”، الضفة الغربية.

عام 2011، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرا حول انتهاكات السلطة وحماس للحريات الإعلامية. أشار التقرير إلى عمل جماعات المراقبة الفلسطينية المنشأة قانونيا مثل “الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان” (الهيئة)، و”المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية” (مدى)، وانتقد السلطة الفلسطينية لاستخدام الإجراءات العسكرية لاحتجاز الصحفيين المدنيين أو احتجاز المدنيين دون إجراءات قضائية، في انتهاك للقانون الفلسطيني.

MENA Palestine Free Speech 1
كلمة “انتفاضة” بالخط العربي على جدار في رام الله، 16 مايو/أيار 2016.

أوقفت السلطة الفلسطينية منذ ذلك الحين محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، في خطوة مهمة نحو حماية حقوقهم. ومع ذلك، قالت الهيئة لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطة الفلسطينية كثفت استخدامها للادعاء العام المدني لاتهام الصحفيين رسميا، بسبب ما يسمى جرائم مثل التشهير أو “إهانة سلطات عليا”، وهي تهم من بقايا قانون العقوبات الذي طبقه الأردن في الضفة الغربية ونظيره الذي طبقته مصر في قطاع غزة قبل 1967.

يقول المحامون والمعتقلون في الضفة الغربية إن السلطات تستخدم إجراءات المحاكمة للمضايقة. يتغيب شهود الادعاء بشكل روتيني، فيؤجل القضاة الجلسة بشكل متكرر، ليعاود المتهمون الحضور إلى المحكمة مرارا، على حساب عملهم ودراستهم. قالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن الاستخدام المتزايد للإجراءات القضائية للتصدي لانتهاكات جنائية مزعومة هو علامة هامة على التقدم، إلا إن اعتماد السلطة الفلسطينية على القوانين البالية لمعاقبة حرية التعبير يشكل مصدرا للقلق.

وثقت المجموعة التي تُعنى بحرية الإعلام مدى 192 حادثة في 2015 تُظهر تعدي السلطات الفلسطينية على حق الصحفيين في حرية التعبير، من خلال الاستدعاء والاستجواب والاعتقال والاعتداء الجسدي والاحتجاز. أما في غزة، فمُنع الصحفيون من تغطية القضايا أو بعض القصص بزيادة 68 بالمئة عن 2014. نمط الانتهاكات الذي أوردته مدى، بما يشمل الضرب والتعذيب، والتحذير من انتقاد الحكومة، والاستيلاء على كلمات السر لتفتيش حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، يتفق مع حالات وثقتها هيومن رايتس ووتش.

كثيرا ما عكس الصحفيون الفلسطينيون منذ 2007، الانقسام بين فتح وحماس. قال مركز مدى: “ما يزال الانقسام الفلسطيني الداخلي واحدا من الأسباب الرئيسية وراء الانتهاكات الفلسطينية ضد الحريات الإعلامية… وخصوصا عندما يتعلق الأمر بحرية وسائل الإعلام التابعة لطرف معين”.

ذكرت الهيئة اعتقال 24 شخصا في الضفة الغربية و21 في قطاع غزة في 2015 لانتقادهم السلطات الفلسطينية، بما في ذلك عبر فيسبوك، أو لتغطية مواضيع تعتبر ممنوعة.

كما يواجه الصحفيون الفلسطينيون سوء المعاملة والمضايقات من الجنود الإسرائيليين، الذين ضربوهم في المظاهرات، أغلقوا مكاتب وسائل الإعلام، وألقوا القبض على الصحفيين لتسببهم بمخاطر أمنية غير محددة. خلال تصعيد للعنف،اغتالت إسرائيل الصحفيين المنتمين إلى الجماعات المسلحة في غزة، بزعم أن انتماءهم يجعلهم هدفا مشروعا.

نفى ممثلو حكومة حماس في غزة مزاعم الاعتداء الجسدي وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن لا تعتقل الأشخاص لآرائهم، إلا إذا انتهكوا قوانين التشهير أو التحريض على العنف.

MENA Palestine Free Speech 2
عبارة “انتفاضة مستمرة” التي اتهم مغنو الراب بكتابتها على جدار في رام الله، 31 مايو/أيار 2016.

قال مسؤولون في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية إنهم يعملون للتوافق مع الالتزامات الدولية الجديدة في فلسطين، لكن التحول لم يكن كاملا. لم يتناولوا مزاعم إساءة استخدام السلطة التقديرية للنيابة العامة وسوء المعاملة من قبل قوات الأمن في القضايا التي وثقتها هيومن رايتس ووتش.

معايير الحقوق الدولية التي أقرتها فلسطين تمنع الاتهام الجنائي بالتشهير. أقرت لجنة حقوق الإنسان الأممية، التي تفسر هذا العهد، أن حرية الرأي والتعبير تشمل تعرّض الموظفين الحكوميين لنقد أكبر من غيرهم.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي تنقيح قانون العقوبات الفلسطيني للقضاء على التشهير الجنائي وأي أحكام تجرم إهانة المسؤولين الحكوميين. بانتظار تلك التنقيحات، على عناصر الأمن وأعضاء النيابة العامة الامتناع عن فرض قوانين التشهير الجنائي ووقف اعتقال الأشخاص على أساس كلامهم وكتاباتهم. على السلطات في غزة والضفة الغربية أن تتخذ التدابير لمنع سوء المعاملة من قبل قوات الأمن، وينبغي التحقيق فيها ومحاكمة المسؤولين عنها.

قالت بشي: “في غياب الانتخابات، يبقى الفلسطينيون مع نفس الزعماء الذين تولوا السلطة قبل 10 سنوات. على هؤلاء القادة الاستماع للنقد على الأقل وليس معاقبته”.

المنهجية:

قابلت هيومن رايتس ووتش 5 صحفيين ونشطاء وموسيقيين، 3 في غزة و2 في الضفة الغربية، قالوا إن عناصر الأمن اعتقلوهم واستجوبوهم حول انتقاداتهم للسلطات. تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى محاميي المتهمَين بقضايا جنائية في الضفة الغربية وراجعت وثائق المحكمة. في غزة، راجعت هيومن رايتس ووتش استدعاء الشرطة ومنشورات المعتقلين على وسائل التواصل الاجتماعي. كما قابلت هيومن رايتس ووتش رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان واستعرضت تقاريرها وتقارير المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية. أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات هاتفية مع ممثلين عن السلطات في غزة ومقابلات شخصية مع السلطات في الضفة الغربية. كما أعادت هيومن رايتس ووتش مقابلة طالبين وثقت اعتقالهما في مايو/أيار 2015، وتحدث إلى محامييهما وراجعت وثائق المحكمة في قضيتيهما.

غزة

أيمن العالول

عمل أيمن العالول صحفيا لمحطات تلفزيون عراقية وخليجية، وكذلك في الخدمة المدنية حيث يستلم راتبه من السلطة الفلسطينية التابعة لفتح، المنافسة لحماس. قال العالول إن في مساء 3 يناير/كانون الثاني 2016، اعتقله أشخاص من منزله في مدينة غزة عرّفوا بأنفسهم كمسؤولين أمنيين، صادروا هاتفه الخلوي وحاسوبَين محمولَين، واقتادوه إلى سجن أنصار في غزة. أمره المحققون بالكشف عن كلمات السر لحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي وهاتفه الخلوي وفتشوها.

بالإشارة إلى منشوراته، اتهموه بتشويه صورة حماس، كما قال. كما سئل عن صورة على فيسبوك تُظهر امرأة تبحث عن الطعام في القمامة ومنشور ينتقد حماس لإخفاقها في منع رجل من المشي إلى مصر لتلقي العلاج الطبي بعد فشله في الحصول على إذن لمغادرة قطاع غزة، ومعظم حدوده مغلقة، حيث أطلق عليه الجنود المصريون النار وقتلوه. قال العالول أيضا إن المحققين سألوه عن مقابلة أجراها مع تلفزيون “الأقصى” التابع لحماس، حيث رد على مزاعم أن السلطة الفلسطينية تدفع له لانتقاد حماس. وردا على ذلك، قال متهكما: “إن دفع لي أحدكم (حماس) سأصمت. كيف سأصمت دون أن تدفعوا لي شيكل؟!” في الإشارة إلى هذا التعليق، اتهمه المحققون بالابتزاز.

قال إن المحققين عصبوا عينيه، وأجلسوه لساعات على كرسي أطفال في غرفة باردة دون ملابس مناسبة أو طعام، ثم صفعوه مرارا على رقبته واتهموه بأنه عميل أجنبي. في اليوم الثاني من استجوابه، نقلوه إلى النيابة العسكرية، حيث قال له عناصر الأمن إنه يستطيع الاستعانة بمحام ولكن ذلك ليس ضروريا. قال العالول إنه وافق على عدم طلب محام. فاحتجزوه 8 أيام، وسمحوا بزيارة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” ومنظمات حقوقية فلسطينية في اليوم الأخير.

أطلق عناصر الأمن سراح العالول في 11 يناير/كانون الثاني، بعد إرغامه على التوقيع على تعهد بعدم الخروج عن العادات والتقاليد والشريعة الإسلامية، وأن يظهر الاحترام ويتبع السلوك الاجتماعي المتعارف عليه. لم يزودوه بنسخة.

يبدو أن مسؤولي الأمن استمروا في مراقبة كتاباته وكلامه، كما قال، وأرسلوا له تحذيرات ليتوقف عن العمل الصحفي. قال العالول إن زميله في المكتب أخبره أن شخصا قال إنه يمثل جهاز الأمن الداخلي، اتصل به وأخبره بعدم السماح للعالول بمواصلة العمل من مكتبه. صديق آخر للعالول، نهاد نشوان، يتعامل مهنيا مع الأمن الداخلي في غزة. قال نشوان لـ هيومن رايتس ووتش، في اجتماع لا علاقة له بالعالول وبعد الإفراج عنه، إن مدير الأمن الداخلي سامي عودة أخبره بأن يقول للعالول أن يتوقف عن العمل كصحفي.

قال العالول إنه منذ اعتقاله، خفف من حدة انتقاداته لحماس لكنه مستمر في الكتابة على فيسبوك. قال إنه تلقى تحذيرات من أشخاص لا يعرفهم، ردا على منشورات على فيسبوك تنتقد حماس، وإنه يعتقد أن تلك التحذيرات، التي أشار بعضها إلى اعتقاله، جاءت من قوات الأمن. بعد نشر تعليق يوم 25 فبراير/شباط، يشير إلى النزاع الداخلي بين الفروع العسكرية والسياسية لحماس، قال إنه تلقى تعليقا: “يبدو أنك تحن لإصابة أخرى”. في 18 أبريل/نيسان، بعد منشور انتقد الحكومة لتعويض عائلات الذين قتلتهم إسرائيل دون دعم المحتاجين، تلقى تعليقا على فيسبوك، من مجهول آخر، قال: “سيد أيمن! ألن تتوقف عن الحديث عن هذه القضايا؟ هل نسيت التزامك قبل أن يطلق سراحك من سجن أنصار؟”.

رمزي حرزالله

رمزي حرزالله (28 عاما)، موظف في محل لصرف العملات وظل عضوا في الجناح المسلح لحماس حتى 2011، حين أنهى انتماءه إلى الحركة. في 1 يناير/كانون الثاني 2016، استدعاه مسؤولون في النيابة العامة وقالوا له إن وزارة الداخلية قد تقدمت بشكوى تزعم أنه قذف مسؤولي الوزارة على فيسبوك. المنشور كان فيديو انتقد فيه حرزالله سلطات حماس في القضية التي أثارها العالول، أي إخفاق الأمن في منع رجل من عبور الحدود بين غزة ومصر دون الحصول على إذن. بعد ساعات قليلة، أطلق المسؤولون سراح حرزالله.

قال إنه بعد ذلك بيومين، حوالي الساعة 6 مساء، وصل 5 رجال بالزي العسكري لمنزله في غزة وعرّفوا عن أنفسهم كأعضاء في جهاز الأمن الداخلي. أروه مذكرة تفتيش واعتقال وفتشوا منزله. صادروا منه جهازيّ كمبيوتر وهاتفا محمولا وعصبوا عينيه واقتادوه إلى سجن أنصار، دون إعطاء سبب لاعتقاله. صفع رجال لم يتعرف إليهم وجهه مرارا، حتى أزال عناصر أمن العصابة عن عينيه واقتادوه إلى غرفة بانتظار التحقيق.

وصل محققون ملثمون الساعة 4 صباحا واتهموه بالتعامل مع فتح والمخابرات المصرية. طلب المحققون كلمات السر لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، ثم قالوا إنهم عطلوا حسابه على فيسبوك لمنع مناقشة اعتقاله هناك. أمروه بفتح هاتفه الخلوي.

MENA Palestine Free Speech 2
معتز أبو ليهي في استوديو تسجيل في رام الله، 31 مايو/أيار 2016.

قال حرزالله إنهم أجلسوه على كرسي للأطفال، حيث أمضى 3 أيام ذهب خلالها للحمام فقط لفترات وجيزة. قدموا له الطعام، لكن المحققين صفعوه كلما غفى. اتهمه المحققون بموالاة فتح، فتحوا كمبيوتره المحمول، سألوه عن مصدر بعض منشورات فيسبوك، صفعوه وضربوا رأسه بالحائط عندما جادلهم حول كتاباته.

قال حرزالله إنهم سمحوا له بطلب محام لكنه رفض، قائلا إنه كان يدافع عن سكان قطاع غزة بالكتابة بشكل نقدي حول القضايا وإن بإمكانه الدفاع عن نفسه أيضا. قال إن السلطات رفضت في البداية السماح لمنظمات حقوق الإنسان بزيارته، ولكنه قال إنه في اليوم السابع تلقى زيارات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. سمحوا لأسرته بزيارته في اليوم التالي.

أطلقوا سراحه في 11 يناير/كانون الثاني. أخبروه أنه رغم إمكانية التعبير عن الانتقادات، لا يمكنه إهانة الحكومة، وعليه مراجعة الأمن الداخلي في غضون أسبوعين.

قال إنه امتنع عن الإدلاء بتصريحات عامة أو منشورات ذات طابع سياسي لمدة أسبوع. راجع الأمن الداخلي بعد حوالي أسبوعين من إطلاق سراحه، مع صديقه أيمن العالول. قال إنه خلال الاجتماع نبّهه مسؤولون أمنيون إلى أنهم يراقبون حسابه على فيسبوك.

قال حرز الله إنهم طلبوا منه التوقيع على وثيقتين أثناء اعتقاله: لتأكيد اتهام المسؤولين له بـ “النيل من الوحدة الثورية” والتعهد، لدى إطلاق سراحه، بألا يهين المسؤولين الحكوميين. قال إنه لم يحصل على نسخ من أي وثيقة، ولم تقترب منه قوات الأمن منذ ذلك الوقت.

مشيرة الحاج

مشيرة الحاج صحفية فلسطينية، حررت حتى وقت قريب الموقع الإخباري “بوابة الهدف”، المرتبط بالفرع الفلسطيني من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. نشرت في 14 أبريل/نيسان 2014 على صفحتها على الفيسبوك ردا على حادث وفاة طفلة حديثة الولادة في مستشفى عام في غزة. فيما بعد، ألقت باللوم على الأطباء لوفاة الطفلة، كاتبة: “بأي ذنب قُتلت سوار يا أبناء الكلاب!” بعد قرابة العام، في 28 مارس/آذار 2015 كتبت مقالة انتقدت وزارة الصحة لوضعها امتحانا مؤهلا لخريجي طب الأسنان رسب فيه معظمهم.

استدعي زوجها بعد أسبوعين، في 9 أبريل/نيسان، إلى مركز شرطة الشيخ رضوان. الاستدعاء، الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، لم يحدد السبب. قالت إن عند وصول زوجها إلى مركز الشرطة، قال له المسؤولون إن المدعي العام يريد استجوابها حول المنشور المكتوب في فيسبوك عام 2014. قالت إنها ذهبت لمركز الشرطة في اليوم نفسه واستُجوبت لساعة تقريبا حول منشور فيسبوك.

بعد 10 أيام، استدعى المسؤولون الأمنيون زوجها مجددا وأخبروه أن عليها مراجعة مركز الشرطة. طلب منها المحقق الاعتذار لوزارة الصحة واستُجوبت بتهمة “السب والقذف. قالت الحاج إنها رفضت الاعتذار.

في 5 أغسطس/آب، استدعى المحققون زوجها مجددا وأخبروه بضرورة مراجعة مركز الشرطة. قالت الحاج إن المحققين استجوبوها لفترة وجيزة ثم طلبوا منها الاعتذار عن المنشور. وعندما رفضت، أخذها رجال الأمن إلى سجن أنصار، حيث فتشوها ذاتيا واحتجزوها 4 ساعات تقريبا. قالت إنهم سمحوا لها باستقبال الزوار من الهيئة ومنظمات حقوقية محلية.

قالت الحاج إنها أخبرت المحققين بأنها ستعتذر “على طريقتي” وأخلوا سبيلها في فترة ما بعد الظهر. في نفس اليوم كتبتعلى فيسبوك شاكرة من دعمها أثناء اعتقالها وقائلة إن صدمتها، كأم، في وفاة الطفلة، أدت إلى كتابة قاسية عن حادثة المستشفى.

الضفة الغربية

معتز أبو لحية

معتز أبو لحية (21 عاما) طالب كلية الاعلام في جامعة القدس في الضفة الغربية وعضو سابق في فرقة الراب “من الألف إلى الياء”. قال إن قوات الأمن الفلسطينية أخذته صباح 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 من منزله إلى مقر جهاز الاستخبارات. سألوه عن انتمائه السياسي وعاداته الشخصية واتهموه بكتابة شعارات ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس. قال أبو لحية إن أحد المحققين ربط يديه، أجلسه تحت مكتب، وهدده بمسدس. ضربه عناصر الأمن بعصا خشبية وأنابيب بلاستيكية. قال إن أحد المحققين الذي عرّف نفسه باسم حسام أبو سيف، عرض إطلاق سراح أبو لحية إذا وافق على جمع المعلومات الاستخبارية، لكنه رفض وأفرج عنه في وقت لاحق من ذلك اليوم.

قال إنه تلقى عدة مكالمات هاتفية من أبو سيف بعد الإفراج عنه، وجاء مسؤولو الاستخبارات لمنزله. اختبأ 4 أيام، ثم سلم نفسه في مقر الاستخبارات في 25 نوفمبر/تشرين الثاني. احتجزه ضباط الأمن ليومين وضربوه وركلوه بين الفخذين، رغم معاناته من مشكلة صحية في هذه المنطقة، كما لكموه وشتموه. سألوه عن سبب كتابته ضد الرئيس الفلسطيني وقالوا له إنهم سيفرجون عنه لو اعترف برش كلمة “الانتفاضة” على الجدران. فوقع على اعتراف وسمحوا له بالمغادرة.

اعتقلت قوات الأمن أبو لحية مرة ثالثة في 12 يناير/كانون الثاني 2015 واحتجزته 24 يوما، ثم عرضته في 19 يناير/كانون الثاني على القاضي، الذي وافق على تمديد اعتقاله. قال أبو لحية إن ضباط الأمن اتهموه بالكتابة على الجدران، بما في ذلك شعارات مثل “إرحل يا عباس” و”تسقط أوسلو”، في إشارة إلى اتفاقات السلام المؤقتة التي أوجدت السلطة الفلسطينية، و”غزة أقرب من باريس”، في إشارة الى الفصل بين شطري الأراضي الفلسطينية، وشعارات مؤيدة لحماس. وقال أبو لحية إن المحققين قالوا له إنهم لن يفرجوا عنه ما لم يعترف أو يورط أصدقاءه.

قال إن 4 أو 5 ضباط أجبروه على خلع ملابسه، ثم فتحوا النوافذ أمام هواء الشتاء، وانهالوا عليه بالضرب بأيديهم وأنبوبة إخماد الحريق. كسروا أسنانه، وصبوا عليه الماء البارد ثم الماء الساخن، وضربوه بين الفخذين. لم يقدموا له الطعام الكافي وضربوه مرة أخرى في 5 فبراير/شباط، يوم إطلاق سراحه.

عز الدين أبو رحمة، عضو آخر في فرقة الراب، اعتقلته قوات الأمن أيضا في 12 يناير/كانون الثاني واحتُجز مع أبو لحية 4 أو 5 أيام، أكد الاعتداء الجسدي في مقابلة منفصلة: “في أحد الأيام، أرغمونا على خلع ملابسنا باستثناء السروال الداخلي، وضربونا وألقوا علينا المياه الباردة. كان البرد شديدا. كنا في نهاية يناير (كانون الثاني). ضُرب معتز في وجهه وجسده، وكسرت أسنانه”.

كانت أسنان أبو لحية المكسورة واضحة خلال مقابلة في أبريل/نيسان 2016، وقال إنه غير قادر ماديا على إصلاحها.

وفقا لوثائق المحكمة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، اتهم الادعاء الفلسطيني أبو لحية وزملاءه من مغني الراب بخلق الفتنة، بموجب المادة 150 من قانون العقوبات، وانتقاد سلطات عليا، بموجب المادة 195. قال الادعاء إن أبو لحية وغيره كتبوا على الجدران “عبارات ذم… تضمنت الإساءة إلى شخص رئيس دولة فلسطين وضد السلطات”. قال أبو لحية إنه منذ إطلاق سراحه حضر عدة جلسات استماع تتعلق بالتهم، والمقبلة مقررة في سبتمبر/أيلول.

قال أبو لحية: “أذهب لجلسة استماع تلو الأخرى دون حضور الشاهد. أتغيب عن الدروس والعمل في كل جلسة استماع”. قال إنه تغيب عن اختبار نهاية الفصل بسبب اعتقاله في 2015 وأعاد الفصل. كما توقف عن إنتاج الموسيقى.

أضاف: “لا أريد التورط مثل بقية أصدقائي الذين غنوا عن الحرية”.

مجد الخواجا

كان مجد الخواجا (22 عاما) عضوا في فرقة الراب من الألف إلى الياء مع أبو لحية. قال إن قوات الأمن اعتقلته واحتجزته في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، لمدة 3 أيام. حققوا معه في مقر المخابرات واتهموه بكتابة كلمة “الانتفاضة” على الجدران. قال إن أحد المحققين ركله في ساقه اليسرى، موقع إصابة برصاصة عام 2013، متسببا بتلف الأعصاب وصعوبة تحريك ساقه. كان يعرج خلال المقابلة. استعرضت هيومن رايتس ووتش تقريرا طبيا يشير إلى الإصابة السابقة. قال الخواجا إن مسؤولين أمنيين أخبروا والديه باعتقاله لكنهم لم يسمحوا له بمقابلة محام.

قال الخواجا إنه بعد اعتقاله، أمره ضابط مخابرات بالعودة إلى مقر المخابرات. بعد اختبائه لبضعة أيام، سلم نفسه في 18 يناير/كانون الثاني 2015. اتهمه المحققون بحيازة الأسلحة والتخطيط لتهريب أشخاص إلى الأردن. كما سأله المحققون حول أغنية عن الفساد كان قد سجلها، كتبها صديقه وسيم. تقول كلماتها: “عزيزي الرئيس، أتمنى أن تفهم هذه الكلمات. انتفاضة ثالثة وأنت نائم تحلم”. قال المحققون إن الغناء ضد السلطة الفلسطينية يعتبر جريمة جنائية.

قال إن عناصر الأمن أخذوه إلى المحكمة لتمديد اعتقاله. قدمت النيابة في جلسة المحكمة توقيعات على الاعترافات قال الخواجا إنها مزورة. واتهموه بإهانة سلطة عليا، وخلق فتنة داخلية تتعلق بكتابة مزعومة على الجدران تنتقد الرئيس عباس. أفرج عنه في 1 فبراير/شباط 2015، ويُحاكم مع أبو لحية.

MENA Palestine Free Speech 4
معتز أبو ليهي في استوديو تسجيل في رام الله، 31 مايو/أيار 2016.

قال الخواجا إنه فقد وظيفته كحارس أمن بعد غيابه عن العمل أثناء اعتقاله، وإنه يعاني من متاعب عند الوقوف بسبب إصابة في الساق. تلقى منذ إطلاق سراحه مكالمات من مجهولين يطالبونه بالتوقف عن الغناء. أضاف أن شخصا اخترق حساب الفرقة على يوتيوب وحذف الأغاني. توقف بقية أعضاء الفرقة عن غناء الراب خوفا، لكنه مستمر في الغناء والتسجيل باسمه.

قال الخواجا: “كانت لدينا أغنية قبل أن نُعتقل بعنوان “الفساد” في 2013. كانت على صفحتي الشخصية. حُذفت عندما كنت في السجن. لا نعرف من حذفها من يوتيوب. لم تحوِ كلمات بذيئة أو تستهدف أشخاصا معينين. كانت عن فساد السلطة الفلسطينية بشكل عام”.

قال الخواجا إنه يمارس، كما الآخرين رقابة ذاتية، ويحاول التواصل باستخدام تلميحات أو كلمات مشفرة لتجنب المزيد من الاعتقالات.

قال: ما زلت أغني الراب السياسي، لكني أنتبه أكثر لدى اختيار الكلمات. أنشر أشياء أحيانا تحت أسماء مختلفة”.

الملاحقة القضائية كشكل من أشكال المضايقة في الضفة الغربية

أعرب محامون ونشطاء وجماعات حقوقية عن قلقهم إزاء مضايقة السلطة الفلسطينية منتقديها وترهيبهم ودفعهم إلى ممارسة الرقابة الذاتية، عن طريق اتهامهم بارتكاب جرائم على أساس خطابهم السلمي، ثم جرهم للإجراءات القضائية المطولة. تتطلب هذه الإجراءات استعانتهم بالمحامين، وتؤدي إلى فقدان المال نتيجة فقدان العمل، وتفويت الدروس والامتحانات.

وثقت هيومن رايتس ووتش عام 2015 الاعتقال ومزاعم الإساءة بحق طالبين، أيمن محاريق، طالب صحافة في جامعة القدس في أبو ديس، والبراء القاضي، طالب الإعلام في جامعة بيرزيت قرب رام الله. ووفقا لوثائق المحكمة التي استعرضتها هيومن رايتس ووتش، اتهم الادعاء الشابين بقذف موظف حكومي بموجب المادة 191 من قانون العقوبات، ما يعني السجن لعامين كحد أقصى. برأت محكمة الصلح المحاريق في 2 سبتمبر/أيلول 2015، ولكن المدعي العام استأنف، وأدانته محكمة الاستئناف وحكمت عليه بالسجن 3 أشهر. قال محاميه أنس البرغوثي إن المحاكمة لم تكن عادلة، لأن مسؤولي الأمن المدعوين كشهود لم يأتوا. ما يزال القاضي، الذي اتهم في سبتمبر/أيلول 2014، يُحاكم. قال محاميه مهند كراجة إن شهود الادعاء لم يظهروا مرارا، لتتأجل الجلسات 7 مرات على الأقل.

قال كراجة: “الهدف من وراء ذلك هو معاقبة الناس”. موكله، القاضي، “قد يفقد مقعده في الجامعة، لتردده على المحكمة… هذا يثبت أن قوات الأمن فوق القانون”. انتقد المحكمة للتأجيل المتكرر عند غياب المسؤولين الأمنيين.

انتهت قضية ضد مدير “راديو بيت لحم 2000″، جورج قنواتي، أخيرا بتبرئته في 2015. ذكرت مدى أن محاكمة قنواتي بتهمة القذف، لانتقاده وزارة الصحة في بيت لحم، استمرت 4 سنوات وشملت 27 جلسة في المحكمة، تطلبت حضور قنواتي.

رد السلطات الفلسطينية

هاتفت هيومن رايتس ووتش المتحدث باسم حماس غازي حمد، ومفتش وزارة الداخلية العميد محمد لافي في غزة. عرض حمد الاجتماع شخصيا بـ هيومن رايتس ووتش لمناقشة القضية، لكن إسرائيل رفضت لعدة سنوات السماح لموظفي هيومن رايتس ووتش بدخول غزة، بينما تُبقي مصر معظم حدودها مع القطاع مغلقة ورفضت طلب هيومن رايتس ووتش للدخول.

نفى حمد أن يكون مسؤولي الأمن عذبوا المعتقلين أو أرغموا أحدا على توقيع تعهدات للامتناع عن نشر الإهانات أو الانتقادات الأخرى للمسؤولين الحكوميين أو العسكريين. قال إنهم يسمحون للصليب الأحمر والهيئة، ومجموعات حقوقية محلية بزيارة السجون ومراقبة العلاج، وإن السلطات فرضت لوائح أكثر صرامة على قوات الأمن في ضوء شكاوى هذه المجموعات. قال إن السلطات في غزة لا تعتقل الناس على أساس النشاط السياسي.

قال حمد: “نعتقل الأشخاص لارتكابهم جرائم جنائية. الناس لديها حرية الاعتقاد وتأييد من تريد. نقوم بالاعتقالات إذا حاولوا استخدام القوة ضد المجتمع”.

قال لافي من وزارة الداخلية إن السلطات تحترم الحق في حرية التعبير، وتتبع سيادة القانون في الحالات التي يهين بها الناس الآخرين أو “يهاجمون الأشخاص جهارا للتحريض على الفتنة العامة”. قال إن الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، والقيود التي تفرضها إسرائيل على التنقل “خلقت حالة فريدة من نوعها حيث يمكن أن يتسبب الإخلال بالنظام العام والخلافات السياسية والصراع بتأثير ضار على الناس”.

قال أيضا إن الصليب الأحمر درّب موظفي الأمن على القانون الإنساني الدولي، ويتم تدريبهم في مجال حقوق الإنسان، وإن وزارة الداخلية تتفقد جميع الوحدات الأمنية.

قال: “لدينا لوائح صارمة للغاية. نرفض أي شكل من أشكال العنف اللفظي أو الجسدي. كمفتش، أقوم بزيارات غير معلنة بانتظام. نتلقى الشكاوى ونحقق فيها. تزور منظمات حقوق الإنسان مراكز الاعتقال باستمرار”.

MENA Palestine Free Speech 5
احدى العبارات التي اتهم مغنو الراب بكتابتها في رام الله: “غزة أرض العزة”، 31 مايو/أيار 2016.

قال لافي إن الوزارة تستقبل شكويين شهريا حول انتهاكات الأنظمة، عادة من قبل إدارة مكافحة المخدرات، حيث توجد انتهاكات خطيرة، واعتقلت ضباط الأمن المسؤولين. وأكد أنه عندما يعتقل عناصر الأمن الناس لتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، يطلبون من المعتقلين التوقيع على تعهد بأنهم سوف يوفرون أدلة لدعم مزاعمهم وأنهم “لن يشهروا بالناس أو يهينوهم دون دليل”. وقال إنه سيزود هيومن رايتس ووتش بنسخة من الوثيقة ولكنه لم يفعل.

كما تناول حمد ولافي اعتقال العالول، حرزالله، والحاج.

فيما يتعلق باعتقال العالول، قال حمد إنه يكتب عبارات غير محترمة وغير صحيحة، وإن ضباط الأمن حذوره في الماضي: “يذكر مزاعم لا أساس لها وليس لديه أي دليل على صحة المعلومات التي نشرها”. قال حمد إن النيابة العامة في غزة يمكن أن تنسب إليه اتهامات التشهير، ولكن لأن السلطات “تتعامل بحساسية مع اعتقال الصحفيين”، اعتقلته لفترة وجيزة فقط، و”تم حل الأمر وديا وبشكل مقبول اجتماعيا”.

قال لافي إن قوات الأمن اعتقلت العالول 3 أيام فقط ونفى إهانته أو ضربه. قال إن العالول ليس صحفيا “حقيقيا”، بل عضو سابق في قوات الأمن التي رفضت استمراره في العمل بعد سيطرة حماس داخليا على قطاع غزة عام 2007.

فيما يتعلق بحرزالله، قال لافي إن قوات الأمن اعتقلته بموجب قرار النيابة العسكرية لاتهامه بإهانة الحكومة وموظفي القطاع العام بموجب المادة 144 من قانون العقوبات. وقال إن قوات الامن لم تسبه أو تضربه، وإن لديها أوامر صارمة بعدم إهانة أو ضرب أي شخص. قال لافي إنه بعد تدخل ممثلين عن بعض الأحزاب السياسية في غزة وبعد أن وقّع حرزالله تعهدا “بعدم التشهير أو نشر الأكاذيب خلال عمله وتقديم أدلة على مزاعمه”، وافقت وزارة الداخلية على إطلاق سراحه.

فيما يتعلق باستجواب الحاج، قال حمد إنها كتبت بيانات كاذبة، وكان يمكن اعتقالها وتوجيه تهمة التشهير لها، لكن المسؤولين أفرجوا عنها بدلا من ذلك.

التقت هيومن رايتس ووتش أيضا بمسؤولي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، منهم النائب العام الفلسطيني، المدعي العام العسكري، ووزير الخارجية. قدمت هيومن رايتس ووتش معلومات عن مغنيَّي راب اعتُقلا قبل اللقاءات وبعدها، لكن لم يستجب أي مسؤول لطلبات الحصول على معلومات محددة حول هذه الاعتقالات.

عموما، ذكر المسؤولون الثلاثة التقدم الذي أحرزته السلطة الفلسطينية، بوقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية منذ 2011، بما في ذلك الجرائم المتعلقة بالتعبير عن الرأي.

قال النائب العام أحمد براك إنه يحاول تقليل الملاحقات القضائية بتهمة إهانة سلطات عليا أو موظف حكومي، وإن مكتبه يغلق مئات الشكاوى دون توجيه التهم. قال براك إن بعض هذه الشكاوى تأتي من مسؤولي الأمن الذين يتهمون الآخرين بالتشهير أو الإساءة إليهم. وقال إنه يستخدم سلطته التقديرية لملاحقة معظم الحالات “الخطيرة” فقط ولكنه لم يذكر معاييره.

اعترف بأهمية مصادقة فلسطين على العهد الدولي لكنه قال إنه كمدع عام ما زال خاضعا لتنفيذ القانون المحلي ومطالبا بتجريم أنواع معينة من الخطاب، حتى يتم إلغاء هذه الأحكام القانونية. عندما سئل لماذا لا يستخدم تقديره لتجنب ملاحقة المتهمين بإهانة مسؤولين، قال: “أجد نفسي مجبرا على تطبيق تلك القوانين حتى يتم تغييرها”. وأضاف أن القيود المفروضة على حرية التعبير ضرورية في أي بلد، “وإلا عمّت الفوضى”.

قال اللواء إسماعيل فراج، رئيس النيابة العسكرية، إن مكتبه كان يعمل لتحديث قوات الأمن الفلسطينية، وإن أي انتهاكات للقانون هي أفعال فردية وليست جزءا من سياسة. قال: “نحن لا ندعي الكمال. سنحاكم أي عضو في قوات الأمن لا يطيع القانون”. وأضاف فراج أن مكتبه يشجع الجمهور على تقديم الشكاوى في حالات سوء المعاملة ويأخذ التدابير لطمأنتهم بأنهم لن يتعرضوا للانتقام. وردا على سؤال عن مغنيَّي الراب، الذين قالا إنهما لن يتقدما بشكوى لخوفهما، قال إن مكتبه لا يستطيع التحقيق بالأمر دون شكوى. وافق على النظر في الادعاءات الموجهة ضد القوات الأمنية التي قدمتها هيومن رايتس ووتش بشكل غير رسمي، لكنه لم يقدم في وقت لاحق أي معلومات إضافية.

ردا على سؤال حول ما إذا كانت قوات الأمن تراقب وسائل التواصل الاجتماعي، قال المتحدث باسم قوات الأمن، اللواء عدنان الضميري، نعم، لرصد نشاطات “إرهابية”.

قال وزير الخارجية رياض المالكي إن فلسطين كانت في حالة انتقالية، بعد المصادقة على معاهدات حقوق الإنسان الدولية الرئيسية كلها تقريبا خلال العامين الماضيين. قال إن الحكومة تعمل على جعل الممارسات متماشية مع التزامات فلسطين الدولية. قال: “لست فخورا بالسماع عن مغنيي الراب والطريقة التي عوملا بها”.

القانونان الفلسطيني والدولي

يحمي القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2005 الحق في حرية التعبير. يؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه فلسطين عام 2014، على أن “لكل إنسان الحق في حرية التعبير… والتماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار بجميع أنواعها”.

عام 2011، أصدرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توجيهات إلى الدول الأطراف بشأن الالتزامات بحرية التعبير بموجب المادة 19 التي أكدت على القيمة العالية التي توليها المعاهدة على التعبير غير المقيّد. حيث قالت إن في ظروف النقاش العلني حول الشخصيات العامة في المجال السياسي والمؤسسات العامة، ينبغي للدول الأطراف ألا تحظر انتقاد المؤسسات، مثل الجيش أو الإدارة. وحذرت أيضا أن مجرد كون أشكال التعبير تعتبر مهينة لشخصية عامة لا يكفي لتبرير فرض العقوبات. وقالت لجنة حقوق الإنسان أيضا إنه ينبغي من حيث المبدأ معاملة التشهير باعتباره شأنا مدنيا، وليس جنائيا يُعاقب بالسجن.

كما يظهر إلغاء قوانين التشهير الجنائي في عدد متزايد من البلدان، بحسب هيومن رايتس ووتش، أن هذه القوانين ليست ضرورية لحماية سمعتها، فسُبل الانتصاف المدنية التي توجد بالفعل في القانون الفلسطيني، ينبغي أن تكون كافية.

إلا أن قانون العقوبات الفلسطيني يتضمن حكما، يعود تاريخه لحكم السلطنة العثمانية لفلسطين، التي تجرم إهانة “سلطات عليا” أو الحكومة. في قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني (1995)، يحظر نشر المواد التي تتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان، واحترام الحقيقة، أو الوحدة الوطنية. في ديسمبر/كانون الأول 2015، أصدر الرئيس عباس، بموجب مرسوم رئاسي، قانون المجلس الأعلى للإعلام، لزيادة سيطرة السلطة التنفيذية على الصحفيين. عُلق نشر القانون، الذي من شأنه أن يدخله حيز التنفيذ، في ضوء معارضة قوية.

MENA Palestine Free Speech 6
صورة على فيسبوك لامرأة تنظر في حاوية قمامة في مدينة غزة، يونيو/حزيران 2015، نشرها أيمن العالول.

قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه المحظورات غامضة بحيث تحد من حرية الصحافة، وتسمح لتفسيرات تعسفية بانتهاك الحقوق، وتخرق حق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم، كما أنه من المستحيل معرفة أنواع المعلومات التي ستشكل جريمة، إذا نشرت.

لتعزيز الهدف المتمثل في تماشي ممارسات السلطات الفلسطينية مع التزاماتها القانونية الدولية، قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي إعادة النظر في قانون العقوبات الفلسطيني لإزالة الأحكام التي تجرم التشهير، بما فيها المادة 144، إهانة موظف حكومي؛ المادة 189 حول القذف في المطبوعات؛ المادة 191، قذف موظف حكومي؛ والمادة 195، إهانة سلطات عليا. كما يجب أن تلغي فلسطين المادة 150 من قانون العقوبات وهو الحكم غامض الصياغة الذي يجرم خلق “الفتنة الطائفية”، والذي يمكن استخدامه بسهولة لمعاقبة المعارضة.

لم يكتمل النصاب القانوني للمجلس التشريعي الفلسطيني منذ 2007، عندما تخاصمت حركتا فتح وحماس. حتى تتم مراجعة قانون العقوبات، يجب أن يمتنع المدعون العامون والمسؤولون الأمنيون عن تطبيق هذه القوانين التي تتعارض مع القوانين الأساسية الفلسطينية في حماية حرية التعبير والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها فلسطين عام 2014. على المسؤولين الأمنيين الكف عن توقيف الناس واحتجازهم واتهامهم بسبب كتاباتهم طالما أنها لا تصل حد التحريض على العنف. على القضاة تفسير القانون في ضوء المعايير الدولية لحماية الخطاب الذي أقرته فلسطين.

في حين يحق للمسؤولين الحكوميين والعاملين في الشؤون العامة حماية سمعتهم، بما في ذلك الحماية من التشهير، على الأفراد الذين سعوا إلى لعب دور في الشؤون العامة تحمل درجة أكبر من المراقبة والانتقاد من المواطنين العاديين. يخدم هذا التمييز المصلحة العامة عن طريق تصعيب المهمة على الموجودين في مراكز السلطة في استخدام القانون لردع أو معاقبة أولئك الذين يسعون إلى فضح انتهاكات المسؤولين؛ كما يسهل النقاش العام حول قضايا الحكم والقضايا العامة. ينبغي تجنب لجوء الموظفين الحكوميين للمقاضاة بتهمة التشهير، بل الرد على الانتقادات إن شعروا أنها غير عادلة من خلال العديد من سبل المناقشة العامة المتاحة.

إضافة إلى ذلك، على المسؤولين الأمنيين في الضفة الغربية الامتناع عن استجواب الأشخاص في مقر المخابرات والقيام بأي استجواب ضروري في مراكز الاستجواب المجهزة بكاميرات. لردع الاعتداء في غزة، على السلطات تركيب كاميرات في المرافق التي تجري فيها التحقيقات. على السلطات في المنطقتين التحقيق في مزاعم مستمرة بسوء المعاملة من قبل المسؤولين الأمنيين، سواء قدمت شكاوى أم لا، ومعاقبة المسؤولين عنها.