شهدت قطر يومي الثاني
والثالث من أيار الجاري الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة للعام 2009 والذي
نظمه مركز الدوحة لحرية الإعلام بالتعاون مع اليونسكو تحت شعار "إمكانيات
وسائل الإعلام.. تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل والمصالحة" والذي أقيم لأول
مرة في دولة عربية.
وشارك في أعمال
المؤتمر الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين السيد نضال منصور والذي شغل
عضوية المجلس الاستشاري لحرية الصحافة في اليونسكو وعضوية مجلس جائزة حرية الصحافة
"جليرمو كانو" في الفترة من 2000 وحتى 2002، إلى جانب نخبة من
الإعلاميين والمختصين العرب والأجانب في حرية الإعلام.
وفي افتتاح المؤتمر الذي جرت أعماله تحت رعاية الشيخة موزة بنت ناصر المسند
حرم أمير دولة قطر، أكد رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة ورئيس مجلس إدارة مركز
الدوحة لحرية الإعلام الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني سعي دولة قطر إلى أن تكون عاصمة
للإعلام ومركزا لحماية الإعلاميين المتفانين في أداء مهمتهم النبيلة.
وأوضح الشيخ حمد بن ثامر أن الاهتمام بالإعلاميين جزء أصيل من اهتمام
وسياسة دولة قطر عبر شبكة الجزيرة ومركز الدوحة لحرية الإعلام دعما وإرساء لحرية
الإعلام وتوسيع فضاء الحرية الإعلامية وفقا لضوابط مهنية عالية وراقية.
من جهته قال رئيس الدورة الـ34 لمؤتمر اليونسكو العام الدكتور جورج
أنستاسوبولوس إن المؤتمر يبحث بالتحديد دور وسائل الإعلام في تعزيز الحوار
والتفاهم والمصالحة من أجل توافق الشعوب ومن أجل السلام.
وأكد أن المصلحة العامة لمجتمعاتنا تقتضي الدفاع عن استقلال الصحفيين على
الرغم مما يثار يوميا من تشكيك في هذا الاستقلال، مشيرا إلى أن استقلال الصحفيين
يتيح مكافحة التجنيد السياسي الغوغائي والعنصرية والأفكار المسبقة وشتى أنواع
الاستبعاد.
وتحدث عن وضع مثير للقلق البالغ فيما يتعلق بظروف عمل الصحفيين والمخاطر
المحدقة يوميا بمهنة الصحافة مشيرا إلى أنه تم اغتيال ستين صحفيا عام 2008 بسبب
المواقف التي اتخذوها، واعتقل بشكل تعسفي 673 صحفيا كما تعرض 29 صحفيا للاعتقال
ولا يزال كثير من الصحفيين معزولين تماما عن أي اتصال بالعالم الخارجي.
بدوره شدد مساعد المدير العام لليونسكو لشؤون الاتصال والإعلام عبد الوحيد
خان على ضرورة بناء الجسور والحوار بين مختلف الشعوب عبر وسائل الإعلام لمواجهة
التحديات الثقافية والاجتماعية التي تحول دون تحقيق هذا الحوار الذي يجب أن يعتمد
على حق الناس في استقاء المعلومات بحرية وموضوعية من أجل تحقيق التسامح والاحترام
المتبادل وتعزيز التفاهم.
وناقش الحاضرون دور وسائل الإعلام وحقوق وواجبات الإعلاميين. وستمنح جائزة
اليونسكو العالمية لحرية الصحافة لهذا العام للصحفي السريلانكي لاسانتا
ويكريماتونغ، رئيس تحرير صحيفة ساندي ليدر الذي اغتيل في الثامن من يناير/كانون
الثاني الماضي.
وقال عبد الوحيد خان
مساعد المدير العام لمنظمة اليونسكو لشؤون الاتصال والإعلام، إن اختيار الدوحة
لتكون العاصمة العربية الأولى التي تحتضن احتفال اليوم العالمي لحرية الصحافة، جاء
بسبب العمل "الرائع" الذي قامت به الدوحة في مجال إتاحة الحرية لأجهزة
الإعلام.
وكانت اليونسكو قد
أصدرت إشعاراً إلى وسائل الإعلام بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 2009 تضمنت
رسالة من المدير العام لليونسكو، كويشيرو ماتسورا قال فيها "علينا أن نكثف
جهودنا في سبيل إنشاء وسائل إعلام ناقدة للافتراضات المتوارثة ومتسامحة في الوقت
ذاته مع الرؤى البديلة؛ أي، بعبارة أخرى، وسائل إعلام توفر معلومات تساعد الناس
على اتخاذ قرارات مستنيرة؛ وتجمع بين وجهات النظر المتنافسة لتنسج منها رؤية
مشتركة وجامعة، مستجيبة في ذلك للتنوع من خلال الحوار".
وعقد مؤتمر الدوحة
على فكرة أن وسائل الإعلام الحرة وحدها تساهم في تحقيق الحوار والتفاهم المتبادلين
متجاوزة كل أشكال الانقسام، ويتمحور في أربعة مواضيع يناقشها إعلاميون من مختلف
أنحاء العالم وهي:
ـ قدرة وسائل الإعلام
على الحوار بين الثقافات والتفاهم المتبادل؛
ـ ضرورة وضع المعايير
المهنية والأخلاقية لوسائل الإعلام من أجل دعم الحوار المفتوح؛
ـ ما هو دور وسائل
الإعلام المحدد في تعزيز الحوار بين الأديان والتفاهم المتبادل؟
ـ دور وسائل الإعلام
في تعزيز الحوار بوصفه أداة لتمكين المواطنين.
إعلان الدوحة
ودعا المشاركون في
المؤتمر المؤسسات الإعلامية والجمعيات المهنية في أنحاء العالم والدول الأعضاء في
المنظمة إلى الالتزام بتطوير مؤهلات الصحفيين المهنية وإرساء أطر عمل قانونية تضمن
حرية التعبير وتضمن للإعلاميين المحترفين أداء عملهم بحرية وسلامة. كما دعوا
اليونسكو إلى الاستمرار في توعية الحكومات بأهمية حرية التعبير.
ودعا الإعلان
المؤسسات الإعلامية والجمعيات المهنية إلى توعية الرأي العام بانتهاكات حقوق
الإنسان والتعصب واستغلال النفوذ وضرورة إعداد التحقيقات والتقارير الصحفية بطريقة
مهنية احترافية، وتنظيم نشاطات موجهة إلى تحسين فهم تنوع الثقافات عبر تعزيز
عمليات التبادل الإعلامي والمشاريع المشتركة مع إعلاميين محترفين من مختلف
الثقافات والخلفيات المهنية.
وطلب البيان تعزيز
التنوع في صالات التحرير على جميع مستوياته عبر توسيع مصادر التوظيف لزيادة
المساواة والمشاركة والحوار.
كما دعا إلى تطبيق
المبادئ الأساسية لأخلاقيات مهنة الصحافة في كل أعمالها من خلال إيلاء عناية خاصة
لتغطية القضايا الحساسة مثل الدين والتعدد الثقافي والجريمة والهجرة والإرهاب،
وإلى تطوير مبادرات عملية تعنى بكيفية إعداد التقارير حول التنوع الديني والثقافي
لتعزيز الحوار والتفاهم من خلال إرساء مناهج تعليمية بكليات الإعلام والصحافة تركز
على التوعية حول الحوار بين الثقافات وإعداد التقارير حول النزاعات.
حرية التعبير
وحث إعلان الدوحة
الدول الأعضاء باليونسكو على وضع أطر عمل قانونية من شأنها ضمان حرية التعبير،
وضمان أداء الإعلاميين المحترفين عملهم بحرية وسلامة من دون تهديد، واتخاذ
الإجراءات اللازمة لضمان التحقيق المستقل والادعاء في حال حدوث عنف أو تهديد
للصحفيين والمدونين.
ودعا الإعلان الدول
إلى الحرص على أن تتضمن أنظمتها الدستورية والتشريعية الضمانات الفعالة الكفيلة
بتأمين حرية الفكر والمعتقد والدين للجميع وفقا للمعايير الدولية، وتشجيع ثقافة
الشفافية بما في ذلك النفاذ الحر للإعلام ونشر الأخبار لتعزيز الحوار.
كما دعاها إلى دعم
المشاركة الواسعة في مسارات الإعلام من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإدارة
الإلكترونية، وتسهيل النفاذ إلى الإعلام لجميع المواطنين ولاسيما النساء والجماعات
المستضعفة وذوي الاحتياجات الخاصة وتمكينهم من إنشاء وسائلهم الخاصة للنقاش.
وحثها أيضا على تسهيل
إنتاج ونشر وتبادل البرامج حول الحوار وبناء السلام والمصالحة التي تتوجه إلى
الأطفال والشباب عبر تأمين المساعدة لاكتساب حقوق التوزيع والترجمة.
وحضها على الترويج
لثقافة الإعلام والمعلومات على نحو يسمح للمستهلكين الشباب بالتفكير بشكل نقدي
واستخدام شتى أنواع وسائل الإعلام لغاياتهم الخاصة.
توعية الحكومات
ودعا إعلان الدوحة
اليونسكو إلى الاستمرار في توعية الحكومات والمشرعين والمؤسسات العامة بأهمية حرية
التعبير بما فيها حرية النفاذ للمعلومات وإنتاجها وتشاركها.
ودعاها أيضا إلى
تعزيز الترويج لدور وسائل الإعلام الجديدة والتقليدية لتكون منصة للحوار عبر تحسين
القدرات اللازمة لإعداد تقارير مستقلة وتحليلية ومهنية محترفة.
كما دعا المنظمة
الدولية أيضا إلى نشر إعلان الدوحة بشكل واسع في الدول الأعضاء فيها وغيرها من
المنظمات الدولية والإقليمية واستخدام هذا الإعلان مرجعا لنشاطات المنظمة في هذا
المجال.
يشار إلى أن احتفال
العام القادم باليوم العالمي للصحافة سيقام في مدينة بريسبين الأسترالية.