أصيب صحافي وناشطة سلام أجنبية بجروح في الخليل أمس، فيما تم اعتقال نحو 19 آخرين خلال اعتداءات للمستوطنين وجنود الاحتلال الإسرائيلي، ضد مزارعين ومتضامنين أجانب كانوا يقطفون ثمار الزيتون في حي تل الرميدة وسط المدينة.
وقالت مصادر طبية فلسطينية في المدينة أمس إن الصحافي عبد الحفيظ الهشلمون (45 عاما) المصور في وكالة الصحافة الأوروبية، أدخل إلى المستشفى وتلقى العلاجات والإسعافات اللازمة جراء إصابته بجروح وخدوش نازفة في الوجه والرأس وكدمات ورضوض في أنحاء الجسم، ناجمة عن تعرضه للضرب المبرح من قبل المستوطنين.
وأضافت مصادر من فريق صنع السلام المسيحي المقيمة في المدينة، أن الناشطة جيرني بينفي (في الستينيات من عمرها)، أصيبت بكدمات في وجهها وأنحاء جسدها في ذات الاعتداء بينما كانت تحاول الدفاع عن الصحافي الهشلمون خلال عملية الاعتداء، وتحاول تخليص الكاميرا التي استولى عليها مستوطنون.
ووقع الاعتداء على الصحافي الهشلمون والناشطة بينفي، بينما كان العشرات من المزارعين إلى جانب ما يزيد عن 70 ناشطا من حركة "تعايش" الإسرائيلية، ومتضامنين أوروبيين، ومن فريق صنع السلام المسيحي، يقومون بمساعدة مزارعين من تل الرميدة بقطف ثمار زيتونهم في الأراضي الواقعة بجوار البؤرة الاستيطانية المسماة "رمات يشاي"، المقامة في المنطقة.
وأشار شهود عيان إلى أن قوات وشرطة الاحتلال التي هرعت بأعداد كبيرة إلى المنطقة، عملت على حماية المستوطنين، واعتقلت نحو خمسة عشر متضامنا قبل أن تغلق المنطقة وتعلنها منطقة عسكرية مغلقة.
يذكر أن حصاد الزيتون عملية مرهقة بحق ويزيد الغاز المسيل للدموع الذي يهب فوق بساتين الزيتون الفلسطينية من صعوبتها، وهو ما يحدث معظم أيام نهاية الأسبوع في الضفة الغربية المحتلة حيث تتكرر الاشتباكات بين الاسرائيليين والفلسطينيين كأنها طقس من الطقوس.
ويقول رام كاهو الضابط بشرطة الحدود الاسرائيلية والذي تقوم فرقته المكونة من 40 فردا بدوريات في واحدة من نقاط الاشتباك الكثيرة عند الحدود المشتركة المتوترة بين الاسرائيليين والفلسطينيين "يحدث هذا مرتين او ربما ثلاث مرات في الاسبوع".
والقطاع المسؤول عنه كاهو هو ذلك الذي توجد به مستوطنة حشمونئيم اليهودية بالقرب من قرية نعلين العربية والتي ستعزل قريبا بسبب الجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل في الوادي الذي يفصل بينهما.
وأضاف "هذا المكان صعب بشكل خاص، لدينا الكثير من الاصابات مقارنة بأماكن أخرى، إنها منطقة زاخرة بالمشاكل".
وربما تكون المستوطنات الاسرائيلية بالاراضي المحتلة في الضفة الغربية اكثر القضايا اثارة للخلاف في طريق التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين لانهاء عقود من الصراع.
والاشتباكات في نعلين مستمرة منذ نحو عام، وفي عام 2004 قضت محكمة العدل الدولية في لاهاي بأن الجدار العازل الذي اعتزمت اسرائيل اقامته بطول 720 كيلومترا على أراض فلسطينية محتلة والذي بدأ بناؤه عام 2002 غير قانوني.
وتقول اسرائيل ان الجدار العازل وهو مزيج من الاسلاك الشائكة والحوائط الخرسانية يبعد المهاجمين الانتحاريين عن مدنها.
وحين تسمع قوة كاهو صوت الاذان لصلاة الجمعة وهو يرفع من التل المقابل يستعد أفرادها للتحرك. انهم واثقون من أنه عند انتهاء الصلاة سيبدأ بعض الفلسطينيين المدعومين بأنصار من النشطاء الدوليين في رشق الحجارة.
وتبدو مجموعة من الاشخاص من بين أشجار الزيتون والتين الشوكي على سفح التل الصخري المقابل. ويرفع كاهو نظارته المعظمة ويتحدث في جهاز اللاسلكي.
وهناك أصوات فرقعة متكررة ثم تحلق زخات من دخان الغاز المسيل للدموع على السفح. يتفرق الاشخاص الموجودون على مبعدة.
وقال كاهو; "نحن هنا لمنعهم من مهاجمة الالات، مشيرا الى معدات الحفر الثقيلة التي تستخدم في تكسير الحجارة اللازمة لدعائم الجدار بالوادي الجاف الصغير الواقع أسفل موقعه مباشرة".
وعند منتصف الطريق الى أعلى التل يقف شابان فلسطينيان ووالدهما على سلم ويقطفون الزيتون الاسود الضارب الى الزرقة من شجرة ليضعوها على حصير مفروش على الارض أسفل السلم.
ويبدو أنهم غير مدركين لصوت الازيز والفرقعة الناجمين عن اسطوانات الغاز المسيل للدموع أعلى السفح. لكن النسيم سريعا ما يهب حاملا الرائحة النفاذة فوق الارض الحجرية الصغيرة من التربة الصفراء حيث يعملون.
وقال أحد الرجال الذي طلب عدم نشر اسمه "بطبيعة الحال يجب أن يكون هناك عدد اكبر منا هنا للحصاد لكن الجنود يجبروننا على الرحيل. ونرسل اطفالنا الصغار الى الديار".
ولا يضاهي المحتجون الاسرائيليين الذين يملكون أسلحة آلية وسيارات جيب مصفحة. وقال الجيش ان ثلاثة فلسطينيين "قتلوا" بالرصاص في الضفة الغربية على مدار الايام الاربعة المنصرمة لالقائهم قنابل حارقة على القوات.
وقال كاهو "هنا نحاول فعلا تجنب اي استخدام للقوة المميتة، ويعتمد كاهو على ترسانة من قنابل الغاز وقنابل الصوت اوأسلحة صادمة كما يسميها لابعاد المهاجمين الذين يقذفون الحجارة".
ويسمح لجامعي الزيتون باستكمال عملهم لكن حين يندمج المحتجون بهم "نبدأ نقلق".
وتبدو سيارة اسعاف أعلى قمة التل وتتحرك ببطء عبر طريق حجري الى حيث يوجد مصاب ما فيما يبدو.
وقال كاهو (37 عاما) ولديه ندبة فوق عينه اليسرى من أثر حجر قذفته أداة يدوية لقذف الحجارة "انهم منظمون جيدا".
ويقول فلسطينيون ان الجدار العازل يجور على أجزاء كبيرة من أراضيهم ويقسم عائلاتهم. وأجبرت اعتراضات قانونية اسرائيل على تغيير مسار بعض القطاعات الصغيرة لكن راشقي الحجارة لم يتمكنوا من وقف بنائه.
وينطلق الضابط ليقود فرقته أعلى التل المترب عبر الاشجار والى أرض اكثر استواء. ويلي ذلك دوي قنبلة صوت أعقبه صوت اطلاق أعيرة نارية من بنادق. ويقول ضابط اخر ان الاعيرة المطاطية تستخدم أيضا.