يحتفل العالم بذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة في وقت لا يزال الإعلاميون العرب يعانون ويلات التوقيف والسجن والتهديد والضغوط والانتهاكات متعددة الأشكال، والقوانين المقيدة لحرية التعبير والإعلام.
ولا يزال مشروع الإصلاح السياسي والذي تعتبر حرية الإعلام أحد دعائمه وركائزه متعثراً ويواجه صعوبات وعراقيل بما يوحي أن ربيع “الحريات” في العالم العربي ليس حلماً قريب المنال.
وقال مركز حماية وحرية الصحفيين في بيان صادر عنه بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أن حرية الإعلام في العالم العربي لا تزال تواجه ضغوطاً متزايدة، ولا ينظر إلى حرية الإعلام باعتبارها ركيزة أساسية للديمقراطية وطريقاً للإصلاح السياسي، ولا يتم التعامل معها على أنها شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، بل أن أغلب الحكومات العربية تنظر لها بعين الريبة والتوجس وترى أنها خطر على الأمن الوطني.
وحذر المركز من خطورة الأوضاع التي يعاني منها الإعلام العربي مدللاً على ذلك بتزايد عمليات القتل التي تستهدف الصحفيين في العراق، واستمرار مسلسل التوقيف والسجن للصحفيين في العديد من البلدان العربية، إضافة إلى إغلاق للمؤسسات الإعلامية ورقابة مسبقة، وتغليظ للعقوبات وتوسيع في دائرة التجريم في القوانين الماسة بحرية الصحافة والإعلام.
وطالب المركز الحكومات العربية برفع يدها عن الإعلام وتقبل التعايش مع إعلام حر ومستقل إن كانت جادة في مشروع الإصلاح السياسي.
وقال إن طريق الإصلاح لا بد أن تكون من قواعده الأساسية إطلاق حرية الإعلام وهذا يتطلب من الحكومات العربية المبادرة إلى اتخاذ إجراءات وتدابير أبرزها ما يلي:
1) توفير المناخ والبيئة التي تسهم في إطلاق حرية الإعلام. وهنا تجدر الإشارة إلى أن أعداء وخصوم حرية الإعلام ليسوا محصورين في الحكومات بل تمتد يدهم وتطال الكثير من مكونات المجتمع التي يجدر بها دعم الحريات لا التضييق عليها.
2) سرعة مراجعة التشريعات لإلغاء وتعديل ما يتعارض مع حرية الإعلام وبما يتواءم مع المعايير الدولية ويأتي على رأس الأولويات إلغاء عقوبة السحن والتوقيف في القضايا المتعلقة بحرية الإعلام والتعبير.
3) ضمان الحق في الوصول للمعلومات بما يمكن الصحافة من القيام بدورها في الرقابة وبما يكفل حق المجتمع في المعرفة.
4) التوقف عن التدخل في المؤسسات الإعلامية وضمان استقلاليتها وحريتها والابتعاد عن ممارسة الضغوط والانتهاكات بحق الصحفيين.
5) إطلاق حريةالتنظيم النقابي بما يضمن التعددية النقابية ولا يفرض الإلزامية.
ووصف المركز هذه الإجراءات العاجلة بأنها المدخل والأرضية الأساسية لترجمة وتحويل شعاراتها الداعمة لحرية الإعلام إلى أفعال حقيقية.
وأكد أن ذلك لا يتحقق فقط بنوايا الحكومات الحسنة بل بتضامن كل مؤسسات المجتمع المدني دعما لحرية الإعلام.
وأشار المركز أن ذلك لا يكفي ولا يحقق المطلوب ما لم يقترن أيضا بان يبادر الإعلاميون ومؤسساتهم إلى “ثورة مهنية” تعيد الاعتبار لمصداقية الإعلام العربي الذي انجرف بعضه وراء الشائعات واصبح مضرب المثل بضعف حرفيته.
وعلى صعيد الوضع الإعلامي في الأردن، فإن المركز إذ يشيد بهامش حرية الصحافة الذي يشهد تقدماً نسبياً، يتجلى ذلك بتراجع التدخلات الحكومية في عمل الإعلام، فإننا في الوقت نفسه نجدد الدعوة إلى أهمية العمل لضمان المزيد من الحرية للصحافة.
ودعا المركز مجدداً الحكومة إلى سحب مشروع القانون المعدل للمطبوعات والنشر لأنه يفرض قيوداً إضافية على الصحافة ولا يترجم توجهات جلالة الملك عبدالله الثاني بحرية صحافة حدودها السماء، كما دعا مجلس الأمة الأردني إلى المبادرة لتقديم حزمة تشريعات معدلة تضمن حرية الإعلام واستقلاليته.
وقال المركز في بيانه أننا في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة نقف بإجلال لكل الإعلاميين والإعلاميات الذين ضحوا بأرواحهم وسقطوا شهداء دفاعا عن حرية الصحافة، والى كل من يدافعون عن حريتها.
وفي هذا السياق يدعو المركز إلى أوسع أشكال التضامن مع الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين الذين يخاطرون بحياتهم يوميا وهم يقومون بأداء واجبهم الصحفي في مواجهة أقسى أشكال القمع والتنكيل التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، كما يطالب المركز بتوفير الحماية للإعلاميين في العراق الذين يتعرضون للموت والخطف والتنكيل والمضايقات التزاما بالاتفاقيات الدولية، مجدداً الدعوة إلى تشكيل لجان تحقيق محايدة لمعرفة مرتكبي هذه الجرائم تمهيداً لمحاسبتهم ومعاقبتهم.
وختم المركز بيانه بالقول: إننا إذ نحتفل اليوم بالصحافة والإعلام فإن الأمل يحدونا بأن تمر ذكرى هذا اليوم في السنوات القادمة وواقع الإعلام العربي قد تحسن وتقدم.