في تقرير أصدره “حماية وحرية الصحفيين” عن الأشهر الأربعة من عام 2012
كشف التقرير الدوري الذي أصدره مركز حماية وحرية الصحفيين حول الشكاوى والانتهاكات الواقعة على حرية الإعلام في الأردن أن الانتهاكات الجسيمة ما زالت ترتكب من قبل السلطات العامة بحق الصحفيين، وأن سياسة الإفلات من العقاب ما زالت قائمة.
التقرير الأولي الذي أعدته وحدة “سند” لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام التابعة للمركز ويغطي الفترة الواقعة بين 1/1 ولغاية 30/4/2012 اشتمل على ستة عشر انتهاكاً وثقتها الوحدة تنوعت ما بين انتهاكات جسيمة واعتداءات بدنية ولفظية.
وأشار التقرير أن جزءا من الانتهاكات التي وقعت على الإعلاميين والحريات الإعلامية خلال الفترة التي يغطيها لم تصدر عن سلطة أو جهة واحدة بل اقترفت من جهات وسلطات وهيئات مختلفة من بينها انتهاكات ارتكبتها الأجهزة الأمنية، وأخرى ارتكبها ما عرف بالبلطجية على مرأى ومسمع من الجهات الأمنية، كما ارتكبت انتهاكات أخرى من قبل محافظين ووزراء ونواب في البرلمان.
ووثق التقرير ظاهرة استخدام القانون والمحاكم الخاصة كأداة لإيقاع العنف بحق الإعلاميين أبرزها تحويل الإعلاميين لمحكمة أمن الدولة على أساس أن المواد الإعلامية التي قاموا بنشرها تشكل جرائم.
ونوه التقرير بتهاون رجال الأمن العام وتراخيهم في وقف الانتهاكات على الإعلاميين، والأخطر امتناعهم عن إجراء ما يستوجب القانون القيام به كالقبض على المعتدي والتحقيق معه وإحالته إلى الجهات المعنية بمحاكمته عن الانتهاك الذي صدر عنه.
وفي هذا الإطار أعرب مركز حماية وحرية الصحفيين عن قلقه من عدم تحرك الادعاء من تلقاء نفسه للتحقيق في الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين بغية الوقوف على هوية الأشخاص المسؤولين والمتورطين فيها وإحالتهم إلى المحاكم المختصة لمحاكمتهم ومعاقبتهم، خاصة وأن القانون الأردني يوجب في الحالات التي تنطوي على شبهة جرمية على الادعاء العام أن ينهض بصلاحياته واختصاصاته المنوطة به.
وتمكن المركز في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2012 من رصد وتوثيق العديد من الانتهاكات التي عرضها في التقرير وكانت محصلة الجهود التي بذلتها وحدة “سند” في رصد وتوثيق هذه الانتهاكات.
وسيعمل المركز على إعداد ونشر تقارير دورية متتالية للانتهاكات التي قد يتعرض لها الإعلاميون خلال ممارستهم لعملهم الصحفي.
وفيما يلي نص تقرير “سند” عن الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين عن الأشهر الأربعة الأولى من عام 2012:
التقرير الدوري الأول بشأن
الشكاوى والانتهاكات الواقعة على حرية الإعلام في الأردن
1/1/ 2012 ـ 30/4/2012
يسعى مركز حماية وحرية الصحفيين إلى مأسسة رصد انتهاكات الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين والوصول إلى الانتظام وتوخي أكبر درجة من الدقة في ذلك، الأمر الذي دفعه في عام 2012 إلى العمل على إصدار تقارير دورية ربعية تتناول شكاوى الإعلاميين والانتهاكات التي وقعت على حقوقهم وحرياتهم، وذلك من خلال وحدة “سند” والتي أنشأها المركز في عام 2011 لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام .
تتمثل الغاية الأساسية من وراء إعداد التقارير الدورية إلى إيجاد سبيل منهجي ومستدام للضغط على السلطات العامة ومصادر الانتهاك الخاصة والعامة لغاية توثيق انتهاكات الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين ومعالجة آثار ما يرتكب منها. وبمعنى آخر، يعتقد المركز أن إصدار تقارير دورية أو ربعية عن واقع انتهاكات الحريات الإعلامية من شأنه أن يساهم في إشاعة بيئة قد تحول دون وقوع الكثير من هذه الانتهاكات، وقد يضع السلطات العامة عند مسؤوليتها لمساءلة الأشخاص المتورطين بارتكابها، كما ان من شأنه أن يعزز فكرة وجود رقابة دائمة على الحريات الإعلامية من جانب مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها مركز حماية وحرية الصحفيين.
لقد ثبت للمركز أنه لتعزيز الرقابة على احترام الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين لا بد من إصدار هذه التقارير الدورية، لأجل أن يكون بمقدور كافة الجهات المعنية أن تباشر أدوارها المنوطة بها للتعامل مع ما يقع على الحريات الإعلامية من انتهاكات، علاوة على أن هذا النوع من التقارير يساعد المركز ووحدة “سند” على فهم أنماط وطبيعة الانتهاكات التي تقع أولا بأول، وبالنتيجة يجعل المركز في وضع أفضل لتحديد أولوياته ومجالات الرصد والتوثيق خلال العام.
أما فيما يتعلق بمنهجية العمل وآلية الرصد، فهي من حيث المبدأ تستند على منظومة من الأساليب التي يستخدمها المركز عادة وتعززها المراجعة القانونية والعلمية التي تقوم بها الوحدة للحالات التي يشتبه بوقوع انتهاك فيها، فالوحدة ترصد حالات يشتبه فيها بوقوع انتهاكات للحريات الإعلامية سواء كان مصدرها شكوى ترد إلى المركز أو بلاغ تلقاه أو الرصد الذاتي الذي تقوم به وحدة سند من تلقاء نفسها .
من المسائل اللافتة للانتباه في الحالات التي يرصدها المركز والانتهاكات التي قام بتوثيقها خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير وهي الفترة الواقعة بين 1/1 ولغاية 30/4/ 2012، أن الانتهاكات الجسمية ما زالت ترتكب من قبل السلطات العامة، كما أن سياسة الإفلات من العقاب مازالت قائمة، علاوة على أن الانتهاكات متنوعة المصادر وتشارك فيها سائر السلطات العامة، ولكن يلاحظ بالمقابل في هذا العام ازدياد الاعتماد على القانون كأداة لتكميم أفواه الإعلاميين من خلال إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة في بعض الحالات، وعلى أي حال سيتناول هذا التقرير المسائل المذكورة كلها على النحو الآتي:
1. استمرار ارتكاب الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات المنهجية
اتسمت الانتهاكات التي طالت الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين في الفترة التي يشملها هذا التقرير بأن جزءا منها يندرج ضمن الانتهاكات الجسيمة، فمن بين الانتهاكات الستة عشر التي تثبت المركز من وقوعها وقام بتوثيقها عن تلك الفترة، ثمة عدد منها ينطوي على انتهاكات جسيمة ومنهجية، وتمكن المركز من توثيق خمسة منها وهي انتهاكات اتخذت شكل اعتداءات بدنية ولفظية وجسمية .
ويمكن القول بأن مصدر هذه الانتهاكات الجسيمة السلطات العامة وبالذات الأمن العام، بالإضافة إلى انتهاكات مماثلة صدرت عن نواب ما زالوا في مناصبهم وقد تمثلت هذه الانتهاكات الجسيمة بضرب الإعلاميين والاعتداء عليهم جسديا، بالإضافة إلى توجيه شتائم مهينة ومسيئة لهم .
فقد تعرض الزميل زيد الصرايرة من موقع وسط البلد الإخباري لاعتداء من نائب اتهم باعتداءاته على الكثيرين بدنيا ومعنويا ودعمه ما يطلق عليهم البلطجية، وقد جاء في شكواه أنه بعد أن قام بتصوير اعتداء هذا النائب على فتاتين شاركتا باعتصام في وسط البلد بتاريخ 6/4/2012 “جاء إلي وهو يقوم بشتمي وحاول أخذ الكاميرا مني وأثناء ذلك كان يوجه لي لكمات على معدتي لأترك الكاميرا”.
أما الزميل نضال سلامه، فجاء في شكواه التي تقدم بها للمركز أنه أثناء تغطيته لاعتصام تضامني مع معتقلي الطفيلة بتاريخ 31/3/2012 كان الدرك يستهدفون الإعلاميين أثناء هذا الاعتصام الذي جرى في الدوار الرابع وأكد على أنه “توجه نحوي ثلاثة من الدرك وهم يكيلون سيلا من الشتائم نالت عرضي بالرغم من إبراز هويتي الصحفية، وقاموا كالعادة بإتلافها وقام احدهم بدفع القنوة لضربي ولكنه لم ينجح بسبب قيام دركي آخر بدفعي والصراخ بوجهي انقلع يا كلب من هون”.
كما تعرضت الزميلة إيمان جرادات لشتائم بذيئة ولمحاولة الاعتداء عليها لمنعها من تغطية اعتصام 6/4/2012 الذي جرى في وسط البلد، وذلك من قبل نفس النائب المتهم بالاعتداء على الزميل زيد الصرايرة كما جاء سابقاً.
وتعرض الزميل حمزة المزرعاوي كذلك إلى الضرب من قبل بلطجية أثناء تغطيته لاعتصام في وسط البلد بتاريخ 11/1/2012، حيث أورد الزميل في شكواه أن “أحد البلطجية هجم علي أمام الأمن وعلى نظرهم، وحاول أن يضربني على وجهي”، وأن سبب الاعتداء عليه هو اعتقاد المعتدي ان الزميل يرغب بتصويره لنشر صورته على المواقع .
كما وقع الزميل موسى برهومه ضحية اعتداء بدني أثناء وجوده في اعتصام الدوار الرابع بتاريخ 31/3/2012، وقد جاء في شكواه “فاستفرد بي حوالي 4 من الدرك ملثمين تماما ولا يوجد أي أسماء ولا رتب على ملابسهم، فقاموا بضربي على جنبي وساقي برأس مدبب، وحاولت الهرب إلا أن أحدهم لحقني ودفعني بقوة على جنبي فوقعت على الأرض وكادت أن تدوسني سيارة”.
يثبت من مجمل الانتهاكات السابقة أن نمط الانتهاكات الجسيمة واستهداف الإعلاميين بدنيا من قبل رجال الأمن والدرك، أو من قبل ما أصبح يعرف بالبلطجية على مرأى ومسمع من رجال الأمن أضحى نهجا ثابتا وراسخا، وبالأخص عند قيام الإعلاميين بتغطية الاعتصامات والمسيرات وأشكال الحراك الشعبي الأخرى .
ويعتقد المركز أن هذا الاستهداف المتعمد والجسيم للإعلاميين الذي أضحى سمة مميزة للتعامل مع أي إعلامي يقوم بتغطية أنشطة الحراك الشعبي أمر خطير، وهو ثمرة سياسة الإفلات من العقاب التي تنتجها السلطات العامة وتكرسها عاما بعد عام.
وما يؤكد هذا الاستهداف المتعمد والمنهجي أن المعتدين تقصدوا في أغلب هذه الانتهاكات الضحية لأنه كان ظاهرا لهم أنه إعلامي أو صحفي أو مصور، وقاموا بالاعتداء عليه في محاولة منهم لإخفاء الحقيقة أو حجبها .
2. السلطات العامة كلها متورطة في الانتهاكات
إن الانتهاكات التي وقعت على الإعلاميين والحريات الإعلامية خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير لم تصدر عن سلطة أو جهة واحدة، فقد اقترفت من جهات وسلطات وهيئات مختلفة، كما تورطت بها سائر السلطات العامة، فهناك انتهاكات من قبل الأجهزة الأمنية كالدرك والأمن العام، وهناك انتهاكات ارتكبها ما عرف بالبلطجية على مرأى ومسمع من الجهات الأمنية المذكورة، كما وقعت انتهاكات من جانب محافظين، ووزراء ونواب في البرلمان، الأمر الذي يعني أن رجالاً من السلطة التشريعية والتنفيذية ورجالاً تابعين للجهات الأمنية المختلفة مشاركون بتلك الانتهاكات، وهي ظاهرة تستحق الوقوف عندها لأنها تشير إلى أن الرجال المنتمين للسلطات العامة باتوا يضيقون ذرعا بالإعلام والإعلاميين وبالرقابة التي يفرضها الإعلام على مؤسساتهم وعلى سلوكياتهم وأدائهم لمهامهم.
ومن المسائل التي تميز الانتهاكات في هذا السياق أن عدداً من الانتهاكات جاءت من شخصيات نيابية وعلى خلفية مشاركة الإعلاميين في تغطية الاعتصامات، والمسيرات وغيرها من فعاليات الحراك الشعبي أو لأنهم نشروا أخبارا تتعلق بمواقفهم إزاء قضايا عامة عبروا عنها تحت قبة البرلمان.
إن مصادر الانتهاكات التي تقع على الإعلام والإعلاميين في الأردن متنوعة ومتعددة، وهي تشمل جهات رسمية وجهات خاصة بما في ذلك أشخاص متنفذون سياسيا واقتصاديا، ولكن الأخطر من هذا كله أن الهيئات القضائية أضحت كذلك تشارك في انتهاك الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين، وبالأخص محكمة أمن الدولة التي تقوم بتوقيف الإعلاميين على خلفية مواد صحفية يقومون بنشرها وتندرج ضمن حرية النشر ولا تتضمن تجاوزات مهنية أو قانونية، ومن أهم الانتهاكات التي رصدها المركز في هذا السياق توقيف الزميل جمال المحتسب من وكالة جراسا نيوز من قبل محكمة أمن الدولة لنشر مادة إعلامية جرى تفسيرها من قبل مدعي عام المحكمة على أنها تشكل مناهضة لنظام الحكم في الأردن وسيعالج التقرير هذه المسألة بصورة منفصلة في موضع لاحق.
3. انتهاكات من خارج الأردن
تمكن المركز في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2012 من رصد عدد من الانتهاكات وتوثيقها “3 انتهاكات”، وهي كلها تنطوي على انتهاكات واضحة للحريات الإعلامية ولحقوق الإعلاميين، وإذا كانت وحدة سند قررت حفظ الحالات التي وصلت إليها وكان مصدر الانتهاك فيها من خارج الأردن لأن عملها يقتصر على الانتهاكات التي تقع من مصادر داخل الأردن أو من مصادر خارجية تعمل لحساب أو لصالح جهات داخل الأردن، ففي الحالة الأخيرة يعد الانتهاك صادرا من داخل الأردن وعن جهة أردنية لأن مصدر الانتهاك الموجود خارج الأردن قام بالاعتداء لحساب جهة أردنية ولصالحها وبالتنسيق معها؛ ولذلك فإن المصدر الخارجي يعد في هذه الحالة مجرد أداة لارتكاب الانتهاك استخدمتها جهة أردنية للقيام بالاعتداء عوضا عنها. ولأنه لم يثبت للوحدة أية صلة بين الجهات الخارجية وجهات أردنية فقد قررت الوحدة حفظ هذه الحالات .
واللافت للنظر أن الانتهاكات التي وقعت من خارج الأردن كانت كرد فعل على نشر مواد إخبارية تتعلق بشؤون أردنية.
ففي حالة رصدتها وحدة سند، تبين أن موقع “لايت برس” الذي يرأسه الزميل رجا طلب قد تعرض إلى هجوم مستمر من مساء 28/1/2012 حتى ظهيرة 29/1/2012 .
وقد أدى الهجوم الذي كان قويا ومنظما ومبنيا على حرفية كبيرة، إلى إيقاف السيرفر الخاص بالموقع.
ولكن وحدة سند قامت بحفظ الحالة بسبب مجهولية المصدر، ولأنه من خارج الأردن، حسب معلومات إدارة الموقع.
كما تعرضت الزميلة رائدة الشلالفة من موقع أخبار البلد إلى انتهاك لحريتها في النشر والتعبير والتعرض إلى معاملة مهينة من خلال مصدر من خارج الأردن كما ذكرت، فضلا عن تعرضها للتهديد بالقتل. ففي شكواها التي قدمت للمركز ذكرت الزميلة أنها “في تمام الساعة الثالثة فجرا من يوم8/3/2012، وخلال متابعتي ومناوبتي على موقع وكالة أخبار البلد، تلقيت على لوحة البث لقسم التعليقات تعليقا يدعي صاحبه بأنه من أحرار الأردن متضمنا إساءات لفظية تخدش الحياء العام ومؤكدا على قتلي كما تم قتل صحفية القذافي”.
وبالفعل ثبت لوحدة “سند” أن ألفاظاً وعبارات بذيئة وفاحشة وجهت للزميلة، كما ذكرت في شكواها أنه بعد قيامها بتقديم شكوى لدى الأمن العام، تلقت اتصالا من البحث الجنائي أفادها فيه أن مرسل التهديد يقيم في واشنطن.
كما تعرض الزميل عماد حجاج لانتهاك من جهات خارجية، فقد أصدرت منظمتان يهوديتان بتاريخ 26/1/2012 بيانا للمنظمات الدولية والشركات بما فيها تلك العاملة في الأردن تحثها على عدم التعامل معه لأنه عنصري ولا سامي. ويبدو أن البيان الصادر عن منظمتي (jta) و (bani brith)جاء على خلفية قيام الزميل حجاج بنشر رسومات تتناول جرائم الكيان الصهيوني ويشكل هذا البيان انتهاكا لحرية الإعلام والنشر، خاصة وأن الزميل حجاج لا يقصد من رسوماته إثارة العنصرية والكراهية ضد اليهود ولكنه يستهدف إدانة الممارسات العنصرية والإجرامية التي يمارسها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين، علاوة على أن البيان المذكور يستخدم فكرة اللاسامية والعنصرية لحث وسائل الإعلام على الامتناع عن نشر رسومات الزميل حجاج أو التعامل معه مع أن رسوماته لا تتضمن أكثر من إدانة للممارسات القمعية التي أدانها العالم والمنظمات الدولية في أكثر من مناسبة إن مركز حماية وحرية الصحفيين يؤكد على رفضه لأية دعوات للكراهية أو العنصرية، ولكنه بالمقابل يذكر بأهمية عدم استخدام فكرة تحريم الدعوة إلى العنصرية والكراهية المنصوص عليها في المادة (20) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بصورة متعسفة أو مجحفة قد تهدر الحق في حرية الرأي والتعبير والنشر المنصوص عليها في المادة (19) من العهد ذاته. ويؤكد المركز على أن يدرك تماما أنه لا يجوز اتخاذ حرية الرأي والتعبير والنشر وسيلة للحض على الكراهية والعنصرية، ولكن ما ينشره الزميل حجاج لا يندرج مطلقا ضمن هذا الحظر لأنه لا يتضمن لا من قريب ولا من بعيد أية دعوة للكراهية والعنصرية بل بالعكس فإنه يدين الممارسات العنصرية والإجرامية للكيان الصهيوني وهي ممارسات باتت معروفة للقاصي والداني.
يعتقد المركز أن تزايد الانتهاكات الصادرة عن جهات موجودة خارج الأردن يشكل مصدرا للقلق، ويدعو إلى التساؤل عن المنافع أو الغايات التي ترجو هذه الجهات بلوغها من وراء هذه الانتهاكات. ويأمل المركز أن يكون هذا النوع من الانتهاكات مقصورا بشكل حصري على هذه الجهات وأن لا تكون أية جهة محلية قد استخدمت هذه المصادر الأجنبية كأدوات للانتهاك (مع أن ذلك لم يثبت للمركز إلى الآن) اعتقادا منها أن هذا السلوك قد يجنبها المسؤولية عن اقترافه أو رغبة منها بإخفاء هويتها.
4. العنف من خلال القانون
يلاحظ مركز حماية وحرية الصحفيين بانزعاج وقلق شديدين ظاهرة استخدام القانون والمحاكم الخاصة كأداة لإيقاع العنف بحق الإعلاميين، فقد بات مألوفا وشائعا تحويل الإعلاميين لمحكمة أمن الدولة على أساس أن المواد الإعلامية التي قاموا بنشرها تشكل جريمة إطالة لسان بحق الملك، أو أنها تشكل مناهضة لنظام الحكم أو تحريضا ضده.
ومن بين أهم الانتهاكات التي رصدتها وحدة “سند” وقامت بتوثيقها في هذا السياق، توقيف الزميل جمال المحتسب من وكالة “جراسا نيوز” مدة طويلة استمرت لـ 22 يوماً بسبب نشره خبرا في موقع “جراسا نيوز” عن إشاعات يعتبرها أحد النواب بأن هناك توجيه ملكي للنواب بتحصين “سهل المجالي” وعدم محاكمته هو وآخرون في قضايا فساد .وقد أوقفه مدعي عام محكمة أمن الدولة على أساس الاشتباه بارتكابه جرم “مناهضة نظام الحكم”، ورفض إحالة طلب إخلاء سبيله إلى المحكمة للنظر فيه .
لقد أكد مركز حماية وحرية الصحفيين مراراً وتكراراً بأن الصحفيين يجب أن لا يحاكموا أمام محاكم عسكرية أو خاصة، فضلاً عن ذلك أنه لا يجوز أن يكون النشر القائم على أسس مهنية أساساً لملاحقة الصحفيين والأهم أنه لا يجوز حرمان الصحفيين من حريتهم جراء ما ينشروه من مواد إعلامية وصحفية، فالتدابير والعقوبات السالبة للحرية لا مجال للعمل بها تجاه الإعلاميين بشأن ما ينشرونه أو يكتبونه أو يذيعونه .
إن ملاحقة الزميل المحتسب وإحالته إلى محكمة أمن الدولة تخالف أحكام الدستور الأردني، واتفاقيات حقوق الإنسان والمعايير الدولية المعمول بها في مجال حرية النشر والإعلام .
ومن الانتهاكات الأخرى التي قامت وحدة “سند” بتوثيقها في هذا المجال استدعاء الزميل نضال سلامة من “جراسا نيوز” من قبل مدعي عام محكمة أمن الدولة وتهديده، فقد جاء في شكوى الزميل المذكور أن مدعي عام محكمة أمن الدولة أبلغه هاتفيا بتاريخ 9/4/2012 بضرورة حضوره لنيابة امن الدولة بسبب تصريح قام بتسجيله لرئيس هيئة الدفاع عن معتقلي الطفيلة والدوار الرابع، وقد أكد الزميل نضال أنه بعد الانتهاء من تدوين إفادته وتسليمها لمدعي عام أمن الدولة في اليوم التالي للاتصال به “خاطبني المدعي العام وبحضور قاض عسكري آخر فقال: نضال بتعرف إنك إنت ناشط في الحراك وشعاراتك سقفها عالي ولسانك طويل مثلهم، قلت: نعم أنا بالحراك وناشط وكما ذكرت، فما هو المطلوب مني، فقال: خفف هتافاتك وحدة شعاراتك وقص لسانك إلى أن نناديك مرة ثانية”.
تشكل الحالتين المذكورتين بالنسبة لمركز حماية وحرية الصحفيين سابقتين خطيرتين، فقد أضحى القانون يستخدم أداة لقمع الصحفيين، ولتكميم أفواههم ولإرهابهم وإرعابهم، كما باتت محكمة أمن الدولة وسيلة لمنع الإعلاميين من ممارسة حرياتهم الإعلامية ولحرمانهم من حقوق أساسية كالحق في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة وحيادية.
ويعتقد المركز أن حرمان الإعلاميين من التمتع بحرياتهم وحقوقهم من خلال تدخلات محكمة أمن الدولة أمر يجب أن لا يستمر، ويتوجب وضع حد له فورا .
5. الافلات من العقاب وانعدام مساءلة الجناة
لقد بدا واضحا للمركز من خلال وحدة “سند” أن سياسة الإفلات من العقاب إزاء ما يرتكب بحق الإعلاميين من انتهاكات ما زالت شائعة، فإذا كان المركز في تقريره السنوي للعام الماضي (2011) أدان هذه السياسة وأطلق على تقريره عنوان “الإفلات من العقاب” ودعا إلى إنهائها، وملاحقة الجناة وإنصاف الضحايا إلا أن السلطات الرسمية على ما يبدو لم تتخذ أية خطوات حقيقية أو جدية لوقف العمل بهذه السياسة ولاتخاذ التدابير اللازمة لإنصاف الضحايا ومساءلة الجناة عن الانتهاكات الجسيمة التي اقترفوها بحق الإعلاميين .
وكما كان الحال في عام 2011 الذي تميز بهذا النوع من الانتهاكات فإن الأشهر الأربعة الأولى من العام 2012 شهدت وقوع انتهاكات مماثلة وعديدة، فقد تعرض الزميل موسى برهومة أثناء مشاركته في اعتصام الدوار الرابع كصحفي وناشط إلى الضرب من قبل قوات الدرك، ما أدى إلى إصابته بجروح ورضوض، ولم تقم الجهات المختصة بالتحقيق في الحادثة، ولا بملاحقة المشتبه بتورطهم بها، فضلا عن أنها لم تهتم برفع الضرر الذي لحق بالزميل المذكور .
كما تعرض الزميل حمزة المزرعاوي أثناء وجوده في ساحة النخيل لتغطية مسيرة (حقوق لا مكارم) إلى هجوم أو اعتداء من قبل أحد “البلطجية” على مرأى ومسمع من رجال الأمن، وقد جاء على لسان الزميل المزرعاوي قوله “هجم علي أحد البلطجية وهاجمني أمام الأمن وعلى نظرهم، وقتها لم أكن أرتدي سترة الصحفيين، لكن رجل الأمن نظرلي وقال “شو بدك، أروح أتذبح أنا والناس”، واستذكر الزميل كذلك بأن “الأمن أحضروا الرجل الذي تهجم علي وقدم لي الاعتذار وقال: فكرت بدك تصورني لتنشر صوري على المواقع”.
يرى المركز أن الحالة المذكورة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك تهاون رجال الأمن وتراخيهم في وقف الانتهاكات الجسيمة على الإعلاميين، والأخطر امتناعهم عن إجراء ما يستوجب القانون القيام به كالقبض على المعتدي والتحقيق معه وإحالته إلى الجهات المعنية بمحاكمته عن الانتهاك الذي صدر عنه.
أما الزميل زيد الصرايرة، فقد تعرض لاعتداء جسدي من أحد النواب على مرأى من رجال الأمن أثناء تغطيته لاعتصام في وسط البلد بتاريخ 6/4/2012، وقد أكد الزميل في شكواه التي تقدم بها للمركز على “فرق الناس بيني وبينه، وبعد ذلك حصلت على تقرير طبي من مستشفى الخالدي وبشكوى رسمية لدى مركز أمن المدينة”، ويبدو أن التحقيق في شكواه راوح مكانه ولم تتخذ أية إجراءات جدية بشأنه.
وتعرض الزميل زيد السوالقة من موقع الحرة الأردن الإخباري بتاريخ 17/2/2012 إلى اعتداء بدني من قبل مجهول، وقد ذكر الزميل أنه “وفي تمام الساعة الثامنة مساء وعند مدخل العمارة التي أسكن فيها تفاجأت بتوقف سيارة أجهل نوعها وخروج (4) أشخاص منها وقاموا بضربي بعصا وقبل أن أفقد الوعي بسبب الضرب على رأسي قال أحد المعتدين بدك تكتب والله للعن أبوك وأبو الكتابة”.
ويلاحظ المركز في هذا السياق بقلق شديد أن الادعاء العام لم يتحرك من تلقاء نفسه للتحقيق في هذه الانتهاكات بغية الوقوف على هوية الأشخاص المسؤولين والمتورطين فيها وإحالتهم إلى المحاكم المختصة لمحاكمتهم ومعاقبتهم، خاصة وأن القانون الأردني يوجب في الحالات التي تنطوي على شبهة جرمية على الادعاء العام أن ينهض بصلاحياته واختصاصاته المنوطة به.
يعتقد المركز بأن سياسة الإفلات من العقاب التي تتبناها الجهات الأمنية وغيرها من الهيئات المختصة إزاء الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الإعلاميون، تساهم في اتساع حجم وعدد هذا النوع من الانتهاكات، وتضع الحريات الإعلامية في الأردن واحترامها محل شك، ويذكر المركز في هذا الصدد بأن تصنيف الأردن بالنسبة للحريات الإعلامية قد تراجع بشكل ملموس بسبب هذه الانتهاكات .
6. عرض لأهم الانتهاكات
يتضمن هذا البند من التقرير عرضا موجزا بأهم الانتهاكات التي رصدها المركز وقام بتوثيقها، وهي لا تشكل كل الانتهاكات التي جرى توثيقها من وحدة “سند” ولكنها الانتهاكات الأكثر جسامة خلال الفترة التي يشملها هذا التقرير، ويمكن إيجازها على النحو الآتي:
§ الاعتداء على الزميل رائد العورتاني بالضرب والشتم
تعرض الزميل رائد العورتاني من تلفزيون (جوردان دايز) إلى اعتداء بالضرب والشتم أثناء تغطيته لمسيرة في وسط البلد عند ساحة النخيل بتاريخ 11/1/2012، وقد ذكر الزميل العورتاني أن أحد البلطجية اعتدى عليه أثناء تغطيته للمسيرة المذكورة وقال له: “إنت اللي عملت فيديو مع د. أحمد عويدي العبادي اللي طالب فيه بجمهورية أردنية”. وعندما أكد له الزميل أنه هو الذي أجرى المقابلة قام المعتدي بشتمه وضربه ولكن الامن أبعدوه عنه وأحضروه ليعتذر للزميل العورتاني .
إن ما تعرض له العورتاني يشكل جرم إيذاء وذم وقدح خلافا لقانون العقوبات الأردني، وهو يشكل كذلك انتهاكا لحرية الإعلام والنشر وللحق في عدم التعرض لتعذيب أو لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية .
§ الاعتداء على الزميل نضال سلامة بالضرب والشتم
تعرض الزميل نضال سلامة من موقع جراسا نيوز أثناء تغطيته لاعتصام الدوار الرابع بتاريخ 31/3/2012 إلى اعتداء وإلى منعه من حق التغطية المستقلة، وقد أكد الزميل سلامة أسوة بشهود عديدين، بأن أفراد قوات الدرك استهدفوا بشكل عنيف الإعلاميين لمنعهم من تغطية الاعتداء على المعتصمين، وذكر الزميل أن ثلاثة من الدرك توجهوا نحوه وهم يكيلون له سيلا من الشتائم التي نالت من عرضه، وأنه عندما أبرز لهم باجته الصحفية قاموا بأخذها منه وإتلافها وقام احدهم برفع قنوة عليه لضربه بها ولكن القنوة لم تصبه بسبب قيام دركي آخر بدفعه بقوة والصراخ عليه: “انقلع يا كلب من هون وممنوع تصور”.
إن الاعتداء الذي وقع على الزميل سلامة يشكل انتهاكا لقانون العقوبات الأردني، كما أنه ينطوي على انتهاك لحرية الإعلام وللحق في عدم الخضوع لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة .
§ الاعتداء على الزميلة إيمان جرادات من أحد أعضاء مجلس النواب
أثناء تغطيتها لمسيرة انطلقت بتاريخ 6/4/2012 من أمام الجامع الحسيني وقبل انتهاء المسيرة بقليل، وبينما كانت تحاول إيقاف تكسي لاحظت الزميلة إيمان جرادات وجود سيارة تحمل لوحة مجلس النواب تقف مقابل تجمع ما يعرفوا بالبلطجية في ساحة النخيل وكان يقف خلفها أحد النواب، فحاولت الزميلة الاقتراب منه لتصويره فقامت بتصويره أثناء دخوله إلى سيارته، فقام النائب بالنزول من سيارته وحاول أخذ هاتفها منها وبعد أن أخبرته أنها صحفية قام بتوجيه سيل من الشتائم البذيئة إليها وبحق الصحافة والصحفيين بوجه عام، وبعد أن حاول انتزاع الهاتف من الزميلة أكثر من مرة دون جدوى، وقد حاولت فتاتان كانتا برفقة الزميلة منعه من التعرض لها لكنه استمر بإلقاء الشتائم وقام “بدفشهن” فقامت الزميلة جرادات بشطب الصورة ولكنه استمر بالشتم .
إن اعتداء النائب على الزميلة جرادات على النحو المذكور أعلاه يشكل انتهاكا واضحا لحرية النشر والإعلام ولحقها الإنساني في عدم الخضوع لمعاملة مهينة، كما أنه يدل على أن الانتهاكات التي تطال الإعلام والإعلاميين ليست حكرا على الجهات الأمنية ولكن أشخاصا متنفذين باتوا يقترفونها بشكل ملموس بما في ذلك في الحالات التي يقوم بها الإعلاميون بتغطية الفعاليات الشعبية والمسيرات.
§ الاعتداء على الزميل حمزة المزرعاوي بالضرب
من الانتهاكات الجسيمة التي رصدتها وحدة “سند” خلال الفترة التي يشملها هذا التقرير الاعتداء البدني واللفظي الذي تعرض له الزميل حمزة المزرعاوي من جريدة الدستور، وذلك أثناء تغطيته لمسيرة في وسط البلد/ ساحة النخيل بتاريخ 11/1/2012، فقد قام أحد “البلطجية” بمهاجمته أمام مرأى رجال الأمن له: “شو بدك أروح أتذبح أنا والناس”. بعد ذلك قام رجال الأمن بإحضار المعتدي واعتذر له قائلا “فكرت بدك تصورني لتنشر صوري على المواقع” وقد أكد الزميل رائد العورتاني بأن شاهد الزميل المزرعاوي وهو يتعرض للضرب .
إن ما تعرض له الزميل المزرعاوي يشكل انتهاكا واضحا لحرية الإعلام وللحق في عدم التعرض لمعاملة قاسية أو لا إنسانية، ويؤكد على سياسة الإفلات من العقاب التي تنتهجها الأجهزة الأمنية وتراخيها في ملاحقة المعتدين على الإعلاميين .
§ الاعتداء بدنيا على الزميل موسى برهومة
يشكل الاعتداء البدني الذي تعرض إليه الزميل موسى برهومة أثناء مشاركته وتغطيته لاعتصام الدوار الرابع بتاريخ 31/3/2012، دليلا إضافيا على استمرار ارتكاب أفراد الدرك والأمن العام لانتهاكات جسيمة بحق الإعلاميين، فقد تعرض الزميل برهومة إلى الضرب من قبل رجال الدرك، وأصيب بجرح في منطقة الرأس وهذا ما أكدته الفحوص والتقارير الطبية .
إن هذا الاعتداء أسوة بالاعتداءات السابقة، ينطوي على انتهاك واضح لحرية النشر والإعلام وللحق في عدم الخضوع لمعاملة قاسية أو لا إنسانية، كما أنه ينطوي على مخالفة لقانون العقوبات الأردني، ويستوجب بالنتيجة إجراء تحقيق وملاحقة المتورطين فيه .
§ استدعاء الزميل نضال سلامة وتهديده من مدعي عام محكمة أمن الدولة
من الانتهاكات التي تدعو إلى القلق، والتي رصدها المركز ووثقها خلال الفترة المشمولة بالتقرير، قيام مدعي عام محكمة امن الدولة بتهديد الزميل نضال من جراسا نيوز، فقد ذكر الزميل سلامة في شكواه التي تقدم بها إلى المركز انه بتاريخ 9/4/2012 اتصل به مدعي عام محكمة وطلب منه الحضور إلى نيابة امن الدولة بسبب تصريح قام بتسجيله لرئيس هيئة الدفاع عن معتقلي الطفيلة والدوار الرابع أشار فيه إلى أن توقيف مدعي عام أمن الدولة لعدد من الناشطين قرار سياسي، وقد ذهب الزميل سلامة في اليوم التالي إلى مدعي عام أمن الدولة، وقد خاطبه المدعي العام وبحضور قاض عسكري كان موجودا “نضال بنعرف إنك إنت ناشط في الحراك وشعاراتك سقفها عالي ولسانك طويل مثلهم، خفف هتافاتك وحدة شعاراتك وقص لسانك إلى أن نناديك مرة ثانية”.
يشكل هذا الانتهاك سابقة خطيرة ينبغي الوقوف عندها، ويعتقد المركز أنها تعكس إمعان السلطات العامة في استهداف الصحفيين، وإرعابهم ومنعهم عن ممارسة عملهم من خلال إساءة تطبيق القانون واستعماله كأداة للعنف وتكميم الأفواه، إن الانتهاك السابق هو انتهاك مركب، فبالإضافة إلى كونه يمس حرية النشر والإعلام وعدم الخضوع إلى معاملة قاسية أو مهينة، فهو كذلك يشكل انتهاكا للحق في محاكمة عادلة بما في ذلك المثول أمام محكمة مستقلة وحيادية .
§ تهديد الزميل سامي أبو خرمة ومحاولة إجباره للكشف عن مصادره الصحفية
من الانتهاكات التي قامت وحدة “سند” برصدها ما تعرض إليه الزميل سامي أبو خرمة من صحيفة النهضة الأسبوعية، فقد قامت هذه الصحيفة بتاريخ 20/2/2012 بنشر شكوى لمواطنين تضررت ممتلكاتهم خلال مشاجرة جماعية وقعت في أواخر العام الماضي، وقد جمعت محافظة الزرقاء مبلغا من المال ووزعته على بعض المتضررين، فنشرت الصحيفة شكوى لمتضررين آخرين يطالبون بتعويضات، وقد تلقى الزميل أبو خرمة عقب نشر الخبر اتصالا من محافظ الزرقاء وهدده باللجوء إلى الأمن الوقائي قائلا: “لماذا نشرت ذلك؟ ومن أعطاك الأمر؟ ومن أعطاك هذه المعلومات؟ ومن أين حصلت عليها؟ وهل أنت عضو في النقابة أم تعمل على راسك؟ وسأرسل لك الأمن الوقائي للتحقيق معك في الخبر المنشور”، وأرسل المحافظ بعدها النائب سمير العرابي للمصالحة، ثم وجهاء وصحفيين من الزرقاء .
إن ما تعرض له الزميل أبو خرمة يشكل اعتداء على حرية النشر والإعلام، وحق الصحفي في الحفاظ على مصادره سرية، وهو انتهاك ثابت من خلال محاولات المصالحة بين الطرفين وبوجود أشخاص شهود على ذلك.
§ توقيف الزميل جمال المحتسب بشكل تعسفي وغير قانوني
يعد الانتهاك الذي طال الزميل جمال المحتسب من جراسا نيوز دليلا واضحا على استمرار سياسة استخدام القانون كأداة لقمع الاعلاميين ولانتهاك حرياتهم.
فقد قام موقع “جراسا نيوز” بتاريخ 22/4/2012 بنشر خبر مفاده أن أحد النواب قام بحث زملائه على عدم التصويت لصالح احالة ملف سكن كريم إلى القضاء لأنه وحسب مزاعم النائب هناك توجهات ملكية عليا تفضل اغلاق الملف، وفي اليوم التالي، تلقى الزميل جمال المحتسب اتصالا هاتفيا من مدعي عام امن الدولة بضرورة حضوره هو وشقيقته التي نشرت الخبر الى مكتبه.
وقد قام المدعي العام بتوجيه تهمة التحريض على مناهضة نظام الحكم للزميل المحتسب ولشقيقته، وقرر المدعي العام كذلك توقيف الزميل المحتسب مدة 15 يوما في سجن البلقاء.
وقد أفاد الزميل المحتسب أن ثلاثة من أفراد الأمن العام الذين اقتادوه من أمن الدولة إلى مركز أمن ماركا لترحيله إلى مركز إصلاح وتأهيل البلقاء، قالوا له عندما اطلعوا على التهمة الموجهة إليه: “كيف تتجرأ على الانقلاب على الملك، والله إلا لنورجيك”.
وقد شدد الزميل المحتسب أنه بخلاف احتجازه لمدة 22 يوما لم يتعرض إلى سوء معاملة أو إلى أية انتهاكات داخل مركز الإصلاح والتأهيل.
إن الخبر الذي قام موقع “جراسا نيوز” بنشره يندرج ضمن حدود ممارسة العمل الإعلامي والنشر، وتوقيفه يشكل انتهاكاً لحرية التعبير والنشر المنصوص عليها في المادة 19 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمكفول بأحكام الدستور الأردني علاوة على أن مجرد احتجاز الزميل المحتسب وحرمانه من حريته لممارسته لحرية النشر والإعلام يشكل معاملة قاسية تحظرها اتفاقيات حقوق الإنسان التي يلتزم بها الأردن والتي قام بنشرها في الجريدة الرسمية منذ سنوات.