طالب مركز حماية وحرية الصحفيين الحكومة بالعمل على مراجعة التشريعات الإعلامية وتقديم تعديلات عليها تتماشى مع المعايير الدولية لحرية الإعلام، وإنجاز التزاماتها في الاستراتيجية الإعلامية بالسرعة الممكنة، وخاصة ما يتعلق بتأسيس مجلس الشكاوى والتوجه نحو الإعلام العمومي.
وأشار المركز في تقريره الدوري الثاني لرصد ومتابعة تنفيذ الحكومة للتوصيات المتعلقة بالإعلام والتي صادق عليها الأردن في الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في جنيف عام 2013 أن على الحكومة إدراك الوقت الذي يمضي دون أن تضع خطة واضحة وآليات لتنفيذ تلك التوصيات.
ويصدر مركز حماية وحرية الصحفيين تقريره الثاني عن فترة الرصد الثانية والممتدة من 1 يونيو/ حزيران ولغاية 30 أغسطس/ آب 2015، وذلك ضمن مشروع “تغيير لإصلاح الإعلام في الأردن”.
وجرى استعراض الأردن في الاجتماع السابع الذي عقد في مجلس حقوق الإنسان في 24 أكتوبر 2013، واعتمد الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل في جلسته الرابعة عشرة المعقودة في 31 أكتوبر 2013 التقرير المتعلق بالأردن.
وتضمنت جميع التوصيات التي قدمتها الدول وعددها 173 توصية من بينها 18 توصية تتعلق بحرية التعبير وحرية الاعلام وحرية الانترنت، وأظهر التقرير أن الحكومة الاردنية وافقت على 126 توصية ورفضت 33 توصية فيما علقت 13 توصية للدراسة، وفي نهاية المطاف قبل الوفد الحكومي بـ 15 توصية تتعلق بحرية التعبير وحرية الإعلام وحرية الإنترنت.
واعتمد التقرير في إعداده على قياس مؤشرات ثلاث محاور رئيسية هي التشريعات، الممارسات والسياسات، والالتزامات الدولية التي تعهدت الأردن بتنفيذها.
وقال التقرير أن الحكومة لم تنجح بتحقيق منجز بتقديم مشاريع قوانين لتعديل التشريعات المقيدة للإعلام متذرعة بأن إجراء التعديلات على التشريعات عملية معقدة وأنها ـ أي الحكومة ـ ليست وحدها صاحبة القرار وأن الأمر منوط أيضاً بمجلس النواب صاحب الولاية بالتشريع.
وأظهرت نتائج التقرير وفي إطار مدى التحقق من قيام الحكومة بالوفاء بالتزاماتها أن الحكومة لم تقم بالإجراءات الكافية لتنفيذ التوصيات المتعلقة بالتشريعات ذات الصلة بحرية الرأي والتعبير والإعلام حتى لحظة إعداد تقرير الرصد الثاني.
وانتقد التقرير عدم جدية وسرعة الحكومة بموائمة تشريعاتها وسياساتها مع التزاماتها الدولية، مشيراً إلى أنها لم تضع أجندة زمنية لإنجاز ذلك، كما لا تضع آليات ومؤشرات قياس لمراقبة تحقيق هذا الأمر، حيث بينت النتائج أن مراجعة الحكومة للبيئة التشريعية المنظمة لوسائل الإعلام ما يزال محدوداً جداً، ولم تقدم الحكومة إلى البرلمان مشاريع قوانين معدلة للتجاوب مع التوصيات.
وبين أن الأردن يقف في المنطقة الرمادية في تعامله مع التزاماته الدولية، فهو لا يقوم بإنفاذها ولا يتجاهلها في ذات الوقت.
وبين التقرير أن بعض التطورات والمستجدات التي انعكست بشكل إيجابي على الممارسات الحكومية قد ظهرت، خاصة ما يتعلق بالتنسيق بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في متابعة تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل، إلا أن كل ما تمخض عن هذه الاجتماعات لم يتطور ليصبح واقعاً مؤسسياً.
وقال أن الحكومة من خلال الأجهزة الأمنية والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون استمرت بارتكاب الانتهاكات والمخالفات الماسة بحرية الإعلام، خاصة باللجوء إلى توقيف الإعلاميين والاستمرار في استخدام القانون للتضييق على الصحفيين ما ينعكس سلباً على السياسات التي تتبعها الحكومة في تنفيذ التزاماتها وتعهداتها أمام الاستعراض الدوري الشامل
وأظهر معدو التقرير أن الحكومة لم تضع حداً لاستمرار الانتهاكات الواقعة على الإعلام، فقد استمرت الانتهاكات على الصحفيين خلال فترة الرصد الثانية.
واستخلص التقرير بأنه على الرغم من استمرار الممارسات خاصة في جانب الانتهاكات والتي لا يتم التحقيق مع مرتكبيها ولا يقدمون للمسائلة القانونية، إلا أن الحكومة مضت في التشاور مع أصحاب المصلحة من أجل تعديل بعض التشريعات وتحسين بيئة الإعلام، حيث جرى التشاور لإنجاز تقدم على الاستراتيجية الإعلامية، وبدأت الحكومة خطوات ملموسة لتأسيس مجلس شكاوى، ودعم إنشاء محطات تلفزة عمومية، وتعديل قانون حق الحصول على المعلومات.
ويجد التقرير بأن الحكومة وعبر وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور محمد المومني، وبالتعاون أيضاً مع المنسق الحكومي لحقوق الإنسان، قد نشطت في الأشهر الأخيرة لإنجاز بعض التعديلات على التشريعات مثل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، وترجمت ذلك باجتماعات مع لجنة التوجيه الوطني واللجنة القانونية في البرلمان بالتنسيق والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، وتقدمت خطوات في دفع الحوار لتطوير السياسات الإعلامية سواء بإعادة مراجعة الاستراتيجية الإعلامية أو بطرح نقاش جدي حول تأسيس مجلس شكاوى.
وعلى الرغم من التقدم الطفيف والحركة باتجاه التشريعات والسياسات كما وصفها التقرير، إلا أنه أشار بأن المحك الأساس هو النتائج وما يتحقق على أرض الواقع من تغيرات تتوافق مع التزامات الأردن الدولية.
واستناداً إلى مؤشر وضعه باحثو التقرير لمدى التزام الحكومة بإنفاذ توصيات المراجعة الشاملة طبقاً لما وافقت عليه الأردن في جنيف، فقد حصل الأردن على (4) أربع درجات من (10) عشر درجات، أي ما نسبته 40%، ففي محور التشريعات لم تقم الحكومة بأي تعديلات حتى الآن على القوانين المتعلقة بالإعلام وحصلت على (صفر) من ثلاث درجات.
وفي محور السياسات والممارسات حققت الحكومة تقدماً لافتاً في بدء حوارات جادة مع أصحاب المصلحة ومؤسسات المجتمع المدني، وحصلت على نقطتين من أصل ثلاث درجات، في حين اختارت الحكومة المنطقة الوسطى في محور الالتزامات الدولية وحازت على نقطتين من أربع نقاط.
ودعا التقرير الحكومة إلى إحالة حزمة التشريعات المطلوب تعديلها إلى مجلس الأمة بأسرع وقت ممكن، حيث لم يتبق من عمر المجلس سوى عام واحد، ولم يتبق للاستعراض الدوري الشامل المقبل سوى عامين.
وطالب بأن تتضمن التعديلات التشريعية قانون المطبوعات والنشر، العقوبات، محكمة أمن الدولة، منع الإرهاب، ضمان حق الحصول على المعلومات، قانون جرائم أنظمة المعلومات، بالإضافة إلى قانون نقابة الصحفيين بما يضمن إلغاء إلزامية العضوية وضمان تعددية نقابية.
وحث التقرير الحكومة على الاستمرار في التشاور واللقاء مع أصحاب المصلحة فيما يتعلق بدعم الإصلاحات بالإعلام، وتنفيذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة، إضافة إلى دعوة الحكومة لتقديم التقارير الرسمية الدورية لتقييم ما قامت به من إجراءات لتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان.
وكانت نتائج التقرير الأول الذي أعده المركز خلال الفترة من 1 يناير 2014 ولغاية مايو من العام الحالي 2015 قد أظهرت أنه وبعد مرور أكثر من سنة ونصف على توصيات مجلس حقوق الإنسان وقبول الأردن لمجموع التوصيات المتعلقة بالإعلام، فإن الذي تحقق من هذه التوصيات لا يزال متواضع جدا ولا يمكن النظر إليه باعتباره منجزا سريعا وملموسا، بعكس الاستجابة الفورية للحكومة تجاه التوصيات التي قبلتها ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
ويؤكد مركز حماية وحرية الصحفيين أن الهدف من عملية رصد ومتابعة التحقُّق من أن توصيات وقرارات آليات وهيئات حقوق الإنسان قد نُفِذَّت بُغية تحسين احترام ورعاية حقوق الإنسان والإيفاء بها.
وسيستمر المركز على إصدار هذا النوع من التقارير بشكل دوري وبمعدل تقرير رصدي كل ثلاث شهور.