أصدرت محكمة سيدي محمد حكما بستة أشهر حبسا مع وقف التنفيذ في حق مديري جريدتي “الخبر” علي جري و”الوطن” عمر بلهوشات والصحفية في جريدة الوطن سليمة تلمساني في قضية القذف وإهانة هيئة نظامية التي تواجه فيها الجريدتان وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني منذ عدة أشهر.
وقضت المحكمة في نفس القضية بحسب ما ورد في خبر نشرته المنظمة العربية لحرية الصحافة في لندن بغرامة مالية قدرها 50 ألف دينار وتعويض لفائدة الطرف المدني المتمثل في المديرية العامة للأمن الوطني قدره 300مليون سنتيم.
وأدانت المنظمة العربية لحرية الصحافة تلك الأحكام، فيما نشرت تقريراً أعده مندوب المنظمة في الجزائر، جاء فيه: تعود حيثيات هذه القضية إلى شهر فبراير من عام 2003 عندما نشرت صحيفة “الوطن” مقتطفات من رسالة وقعها 58 ضابطا من الشرطة موجهة إلى رئيس الجمهورية تحت عنوان” مجموعة من ضباط الشرطة تكشف” تحدثوا فيها عن سوء تسيير وتجاوزات مسؤولين في سلك الشرطة، وفي اليوم التالي قامت “الخبر” بنقل مخلص عن مضمون الرسالة تحت عنوان “إطارات من الأمن الوطني تكشف”.
وأضاف التقرير إذا كانت قضية المديرية العامة للأمن الوطني قد بادرت وزارة الداخلية بإعادة تحريكها مرتكزة على نفس الوقائع والقضية بعدما رفضت المحكمة الدعوى الأولى التي رفعتها المديرية العامة للأمن الوطني لتتواصل سلسلة الجلسات المؤجلة والتي حطمت رقما قياسيا بلغ 10 مرات، فإن القضية التي تواجه فيها الخبرالأمين العام الأسبق لوزارة الفلاحة ووزير التنمية الريفية الحالي رشيد بن عيسى قد تولت العدالة بنفسها متابعتها بعدما قررت وزارة الفلاحة سحبها· وقد أصدرت المحكمة أمس حكمها الإبتدائي بشأن هذه القضية ويتمثل في عقوبة الحبس غيرالنافذ لمدة شهرين في حق مدير “الخبر” وغرامة مالية قدرها 50 ألف دينار ودينار رمزي كتعويض لفائدة الطرف المدني”.
وإلى جانب الأحكام الصادرة ضد “الوطن” و”الخبر” كانت يومية “ليبرتي” في قائمة الجرائد التي حاكمتها محكمة سيدي محمد الإثنين (24/1/2005)، كذلك قضت بتغريم مديرها الأسبق فريد عليلات وصحفيها الأسبق رضا بن حجوجة بمبلغ 250 مليون سنتم لكل واحد منهما، وبحبسهما لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ·
وبحسب التقرير تبقى كل هذه الغرامات والعقوبات بالحبس غير النافذة معهودة لدى الأسرة الإعلامية منذ فترة طويلة وإن تفاقمت أكثر بعد رئاسيات أبريل الماضي· لكن الغريب في جلسة الإثنين الخاصة بجنح الصحافة جاء من مرافعة النيابة العامة في قضية بنك التنمية المحلية ضد يومية “لوسوار دالجيري” حيث طلب ممثلها توقيف صدور الجريدة لمدة ستة أشهر· وهذا النوع من الأحكام لا سند له في قانون العقوبات ولم تشهده الصحافة الجزائرية في علاقتها بالعدالة منذ قضية “لا تريبين” التي أوقفت لنفس الفترة بسبب رسم كاريكاتوري إعتبره القاضي مساسا بالعلم الوطني·
وحدث ذلك أيام كان قانون حالة الطوارئ وكانت كل التجاوزات القانونية تبرر بحالة الطوارئ· أما اليوم فقد أصبح المبررالوحيد للإبقاء على حالة الطوارئ، بحسب المسؤولين الجزائريين، هو مواصلة مكافحة الإرهاب فقط وليس توقيف الصحف أوغلق المجال السياسي
وجاء في التقرير أنه “حتى قانون الإعلام لسنة 90 الذي لم تعد تعمل به السلطات العمومية إلا في جوانبه العقابية ينص في مادته الـ 99 على أن توقيف صدور عنوان صحفي هو من صلاحيات القاضي عندما تثبت ضد هذا العنوان أو ذاك “ممارسات خارج مجال نشاطها ومهامها الإعلامية”.
واكد مدير “لسوار دالجيري” فؤاد بوغانم أنه لم يتلق أي إستدعاء بخصوص هذه القضية· ويقول محامي المدعى عليه خالد بورايو “إن مثل هذا الإلتماس الذي جاء في غياب المتهم لعدم تلقيه أي إستدعاء سابقة خطيرة لم تشهدها الصحافة الجزائرية حتى في العشرية السوداء وعشرية الإرهاب”.
ولا زالت “لوسوار دالجيري” متابعة في سلسلة طويلة من قضايا القذف وإهانة هيئة نظامية. وسبق أن صدرت في حقها غرامات مالية وهي معرضة لغرامات إضافية·
وأشار التقرير أن “الصحافة المستقلة في الجزائر بغض النظر عن مستواها الإحترافي أوالتسييري أو أي نقائص تسجلها عليها السلطات العمومية فهي تعيش في محيط معادي لمبدأ “الصحافة المستقلة”.