كشفت زوجة الصحفي الأردني تيسير النجار المعتقل في السجون الإماراتية عن تردي حالته الصحية وتهديد بصره بشكل جدي، بسبب التضييق عليه في مقر اعتقاله وإهماله طبيا.
وقالت ماجدة الحوراني زوجة النجار لـ”عربي21″، إن زوجها اشتكى لها في اتصالاته الأخيرة من مشاكل طرأت على بصره نتيجة حرمانه من أشعة الشمس في مقر اعتقاله، بالإضافة إلى آلام شديدة في أسنانه بسبب إهماله وعدم تقديم الرعاية الصحية اللازمة له.
ونقلت عن زوجها قوله: “أنا ما بسمحولي أشوف الشمس مطلقا في السجن”.
وأوضحت الحوراني أن وسيلة التواصل الوحيدة معه هي الهاتف، مشيرة إلى أنه حذرها في أحد الاتصالات من محاولة السفر إلى الإمارات من أجل لقائه، لأن المحققين الإماراتيين أخبروه في إحدى جلسات التحقيق “أنني هاجمت شيوخ الإمارات وربما أتعرض للاعتقال في حال سافرت إلى هناك”.
ولفتت إلى أن ذوي تيسير حاولوا السفر إليه من أجل متابعة قضيته وزيارته، لكنهم كانوا يخشون مواجهة إشكالات هناك وتوجيه اتهامات لهم “من حيث لا يدرون لأن ما حصل مع تيسير لم يكن أحد يتوقعه”.
وقالت الحوراني إن زوجها مكث في الإمارات سبعة أشهر كاملة لغايات العمل دون انقطاع ولم يتعرض له أحد، ليفاجأ عند وصوله إلى المطار لقضاء إجازة 10 أيام معنا في الأردن بأنه مطلوب وتم اعتقاله، وحتى الآن لم يحول إلى محكمة أو توجه له تهمة واضحة.
وأضافت أن “آلاف الناس مثل تيسير عبروا عن تضامنهم مع غزة خلال العدوان الأخير”، في إشارة إلى المشاركة التي كتبها النجار على حسابه في موقع “فيسبوك”، ويعتقد أنها سبب اعتقاله، متسائلة: “هل تريد الإمارات محاسبة كل إنسان عبّر عن تضامنه مع غزة على الفيسبوك قبل عامين؟”.
وعلى صعيد توفير مستلزماته الحياتية، قالت زوجة النجار إن الشيء الوحيد الذي يسمحون بوصوله إليه هو النقود، مشيرة إلى أنها طلبت في إحدى المرات توفير أطعمة له أفضل من تلك التي تقدم في السجن، فما كان منهم سوى الرفض.
وحول الرسالة التي وجهها أحد أبنائه إلى رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد، عبر السفارة الإماراتية في عمان قبل أشهر، قالت الحوراني إنهم “لم يردوا على رسالة طفل ناشدهم إعادة والده إليه”.
وعلى مستوى الفعاليات التضامنية مع تيسير من جانب نقابة الصحفيين، قالت الحوراني إن النقابة كانت تنوي تنفيذ اعتصام أمام السفارة الإماراتية للمطالبة بالإفراج عنه، لكن إلى الآن لم يحصل شيء ولا ندري متى ستتحرك النقابة بهذا الاتجاه.
من جانبه، ألقى مقرر لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في نقابة المحامين الأردنيين المحامي وليد العدوان، باللوم على نقابة الصحفيين الأردنيين لعدم تحركها الفاعل في قضية الصحفي النجار.
وقال العدوان لـ”عربي21″ إن “لجنة حريات المحامين اتفقت في آخر اجتماع لها على إيفاد أحد أعضائها إلى الإمارات لمتابعة قضية النجار مع السلطات هناك، وقمنا بدورنا على صعيد نقابة المحامين إلا أن نقابة الصحفيين إلى الآن لم تتحرك”.
ولفت إلى أن “موفد اللجنة من المتوقع أن يسافر إلى الإمارات الأسبوع المقبل، وبعد عودته سنطلع على نتائج الزيارة وتقرير الخطوات المقبلة في قضية النجار”.
وأكد العدوان أن قضية النجار تتعلق بأمور سياسية، داعيا إلى إنهاء هذا الاعتقال الذي طالت مدته.
من جانبه، قال أمين سر نقابة الصحفيين الأردنيين حازم الخالدي، إنه “من المقرر أن يجتمع مجلس النقابة غدا لبحث فكرة تنفيذ اعتصام أمام السفارة الإماراتية، للمطالبة بالإفراج عن الزميل النجار”.
ولفت الخالدي لـ”عربي21″ إلى أن الظروف لم تكن مناسبة خلال الفترة الماضية لتنفيذ الاعتصام، لكن الفكرة ستكون قيد البحث في اجتماع الغد.
يشار إلى أن العديد من المنظمات الحقوقية استنكرت استمرار اعتقال الصحفي النجار، وطالبت السلطات الإماراتية بالإفراج عنه وتقديم المسؤولين عن إساءة معاملته إلى المحاكمة.
وطالب المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، في بيان له وصل “عربي21” نسخة منه بفتح تحقيق فوري ونزيه حول ما يتعرض له النجار من تعذيب وسوء معاملة واختفاء قسري واعتقال تعسفي في دولة الإمارات.
ودعا المركز الحقوقي الدولي ومقره في لندن (غير حكومي)، السلطات الإماراتية للإفراج الفوري دون تأخير عن النجار وفتح تحقيق فوري حول سوء المعاملة التي يتعرض لها في سجن “الوثبة” سيئ السمعة في الإمارات.
وطالب بإحالة كل من ثبت تورطه في الانتهاكات ضد النجار إلى القضاء “العادل والناجز”، إلى جانب السماح له دون توجيه تهم إليه بالحق في الانتقال من أجل جبر ضرره المادي والمعنوي ورد الاعتبار له.
واعتقل النجار، وهو أب لخمسة أطفال في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2015، في مدينة أبو ظبي، دون توجيه أي تهم له أو إحالته للمحاكمة من قبل السلطات الإماراتية التي نقلته إلى سجن “الوثبة” الصحراوي، على خلفية منشور له على موقع “فيسبوك” نشره خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، انتقد فيه موقف الإمارات من العدوان، وتعاونها مع مصر لتدمير الأنفاق بين مصر وغزة.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان دعت في بيان لها مؤخرا السلطات الإماراتية لإسقاط كل التهم الموجهة للنجار “الذي انتقد بشكل سلمي السلطات الإماراتية”.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، جو ستورك: “يبدو أن السلطات الإماراتية تعتقد بأن لديها الحق في اعتقال أي شخص حيثما كان يعبر عن وجهة نظر لا تتفق معها”.