قضت محكمة في الخرطوم بتغريم جريدة سودانية وصحفية تعمل بها غرامات مالية إضافة إلى أحكام بالسجن على خلفية إدانتهم بإشاعة أخبار كاذبة تتعلق بارتفاع نسبة الإصابة بالإيدز في المدارس الثانوية بالخرطوم بحري نتيجة انتشار الممارسات الجنسية الشاذة بين الطلاب.
وكانت وزارة التربية والتعليم رفعت شكوى ضد جريدة "الحياة والناس" التي نشرت قبل نحو ثلاثة أشهر خبر انتشار الإيدز بين نحو 50% طلاب المدارس ما أثار ردود فعل واسعة داخل المجتمع السوداني. واستندت الوزارة في دعواها إلى نشر معلومات كاذبة دون وجود دراسة أو مصادر موثوقة.
وكانت الجريدة نشرت على صدر صفحتها الأولى خبرا مفاده أن طلاب نحو 40 مدرسة بمنطقة الخرطوم يمارسون أنواعا من الشذوذ الجنسي ما أدى إلى إصابة نحو 50% منهم بالإيدز، مستندة في خبرها إلى معلومات تم تناقلها شفهيا عن ناشطة في منظمة طوعية في مجال محاربة الايدز، إلا أن الناشطة تبرأت من هذه المعلومات ونفت أن تكون هي مصدرها.
وقضت محكمة الصحافة بالخرطوم الاثنين 19-11-2007 بتغريم رئيسة تحرير صحيفة "الحياة والناس" السودانية 10 الآف جنيها سودانيا (5000 دولار) أو السجن شهرين في حالة عدم الدفع، كما قضت بتغريم الصحفية التي أعدت الخبر 5 الآف جنيه أو السجن لمدة شهر في حالة عدم الدفع، وتغريم المصدر الذي نقل الخبر للجريدة 10 الآف جنية أو السجن 3 أشهر في حالة عدم الدفع.
وقالت رئيسة تحرير الجريدة منى أبو العزائم في حديث هاتفي مع "العربية.نت" إنها لن "تدفع الغرامة" مفضلة السجن لمدة شهرين باعتبار أن الحكم الصادر "مقيد لحرية الصحافة السودانية"، معتبرة أن قرارها يعتبر أيضا تضامنا مع صحفي ورئيس تحرير آخرين حكم عليهما بالسجن في تموز/ يوليو الماضي بسبب مقال سياسي.
وفي حديث مع "العربية.نت"، أبدى حسين خوجلي، رئيس مجلس إدارة جريدة "الحياة والناس"، استغرابه "الشديد من الحكم الصادر بحق الصحيفة"، واصفاً إياه بأنه "خطير ويشكل سابقة في تاريخ الصحافة السودانية، منِ شأنه تحريض جهات كثيرة باتخاذ اجراءات قضائية ضد الصحف، ويؤدي بدوره الى التوجس في طرح أي مسألة عامة أو خاصة من قبل الصحافة".
واعتبر أن جريدته نشرت الخبر في سياق ما رأت أنه مصلحة عامة ولم تقصد به شخصا أو جهة بعينها مشددا على أنه "حتى لو كانت الجريدة قد أخطأت ماكان ينبغي أن يصدر حكم كهذا، انما يكفي الحصول على اعتذار من الجريدة".
وأقر رئيس مجلس إدارة الجريدة أن الخبر موضوع القضية كان مصدره عضو في جمعية مكافحة الإيدز. لكنه لم يتمكن من الحصول على نسخة من تقرير المنظمة السري"، لذلك اعتبرت المحكمة شهادته "سماعية"، وأقرت العقوبة بحقه.