France 24-
من وراء حاجز زجاجي بقفص اتهام مكتظ باسلاميين قال المصور الصحافي المصري محمود عبد الشكور انه يشعر بانه “منسي” في السجن منذ ثلاث سنوات.
وقبض على المصور الحر المعروف باسم “شوكان” خلال فض قوات الامن اعتصام الاسلاميين في 14 اب/اغسطس 2013 بالقاهرة.
وبعد عامين ظل خلالهما محبوسا احتياطيا من دون توجيه اتهامات رسمية اليه، احيل شوكان (29 عاما)للمحاكمة في قضية عنف مرتبطة بفض الاعتصام مع مئات الاسلاميين.
ويؤكد شوكان ان محاميه قدم مستندات تثبت انه كان في مهمة عمل صحافية اثناء فض الاعتصام الذي نظمة انصار الرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي احتجاجا على عزله من قبل الجيش في الثالث من تموز/يوليو 2014.
وقد ادى تدخل قوات الامن يومذاك الى مقتل مئات الاسلاميين.
ومن وراء الحاجز العازل للصوت، كان شوكان يصرخ محاولا التحدث الى فرانس برس خلال رفع جلسة محاكمته الثلاثاء الفائت قائلا “اشعر بانني منسي في السجن كما اشعر باليأس والعجز. فالزمن يمر وما زلت في السجن”.
واضاف شوكان الذي يؤكد انه يقبع منذ اشهر في زنزانة سيئة التهوية لا تدخلها الشمس الا نادرا في سجن طرة، جنوب القاهرة، “تتضاءل امالي كل يوم”.
وفي منزل العائلة قرب احدى صوره داخل اطار بني اللون زجاجه مشروخ بجوار سريره، تقول والدته رضا محروس (60 عاما) وسط الدموع “اشعر بالظلم والقهر. لا استطيع ان انام لان ابني مظلوم”.
واضافت رضا التي تضع سوارا اخضر حول معصمها صنعه ابنها في سجنه “اقوم بترتيب سريره يوميا وانتظر ان يطرق الباب (…) لكن هذا لا يحدث”.
وشوكان متهم مع 738 اخرين معظمهم من الاسلاميين ب”القتل والشروع في القتل ومقاومة السلطات وارهاب المواطنين وحيازة اسلحة” اثناء فض الاعتصام.
وهذه الاتهامات قد تصل عقوبتها للاعدام في حال الادانة.
الا ان محاميه المتطوع كريم عبد الراضي قال في قاعة المحكمة “لا توجد اي ادلة اتهام ضده بالعكس هناك ما يثبت انه يعمل كصحافي بشكل مستقل”.
واضاف لفرانس برس “كل ما في القضية ضده هي تحريات الامن التي لا تشكل دليلا كافيا”.
– اعطوني حريتي لا الجائزة
محنة شوكان المستمرة اكسبته جائزتين خلال صيف 2016 الاولى من نادي الصحافة الوطني الاميركي والاخرى من لجنة حماية الصحافيين الدولية.
الا ان شوكان قال مبتسما انه يشعر تجاه ذلك “بمعضلة كبيرة. اود ان اعبر عن سعادتي لكنني لا اعرف كيف”، مضيفا “اعطوني حريتي وخذوا الجائزة”.
وشوكان مصاب بالتهاب الكبد الوبائي وتقول اسرته انه يحتاج لرعاية صحية ملائمة غير متوافرة في السجن.
ولازالت اسرته تأمل ان يحظى ابنها بعفو رئاسي مثل صحافيي محطة الجزيرة القطرية الثلاثة الاسترالي بيتر غريست والكندي محمد فهمي والمصري باهر محمد.
الا ان والده عبد الشكور ابو زيد (68 عاما) قال “ابني يدفع ثمن عدم وجود مؤسسة خلفه تسانده”.
من جهته، يقول مايك جيغليو مراسل “النيوزويك” الذي قبض عليه مع شوكان واطلق سراحه حينها بعد ساعات “قبض علينا اثناء تواجدنا للتغطية في الجهة التي تواجدت فيها الشرطة وليس ناحية المتظاهرين”.
بدوره، يقول جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ان “شوكان نموذج يوضح العداء لحرية الصحافة واستخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة في مصر”.
-ثاني اكبر سجان للصحافيين
واستمرار حبس شوكان لثلاث سنوات يعتبر جزءا من معضلة اكبر يتعرض لها الصحافيون المصريون، بحسب حقوقيين.
وتتهم منظمات حقوقية دولية نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بمحاولة اسكات كافة اطياف المعارضة والقضاء على حرية الراي والتعبير الا ان السيسي يقول ان “مصر تشهد حرية إعلام غير مسبوقة ولا يوجد أي ضغوط تمارس على حرية التعبير”.
وتصاعدت المخاوف اخيرا عقب احالة نقيب الصحافيين يحي قلاش واثنين من اعضاء مجلس النقابة الى المحاكمة بتهمة التستر على صحافيين اثنين مطلوبين للعدالة، في سابقة من نوعها منذ تاسيس النقابة قبل 75 عاما.
كما يقول شريف منصور مدير قسم الشرق الاوسط في لجنة حماية الصحافيين الدولية ان “هذا اسوأ عصر يمكن للمرء ان يكون صحافيا فيه حتى مقارنة بعهد(الرئيس الاسبق حسني) مبارك”.
وفي تموز/يوليو الفائت، صدر حكم غيابي بالسجن 15 عاما بحق مصور صحافي يدعى بلال دردير ادين بالانتماء لجماعة غير قانونية في اشارة لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة والمشاركة في تظاهرة غير مرخصة.
وحلت مصر في المرتبة الثانية بعد الصين على قائمة الدول التي لديها اكبر عدد من الصحافيين المسجونين، بحسب تقرير للجنة حماية الصحافيين التي احصت 23 صحافيا مسجونا في مصر بنهاية كانون الاول/ديسمبر 2015.
وعلى الجدار المجاور لسرير شوكان، ملصقان يدعوان للتظاهر ضد الرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي.
ويقول شوكان “لا افهم لماذا يحدث كل هذا الظلم معي. انا من الداعمين ل30 يونيو فكيف يحصل هذا معي”؟
وكان يشير الى التظاهرات التي شارك فيها ملايين المصريين في 30 حزيران/يونيو 2013 للمطالبة برحيل مرسي والتي فتحت الطريق امام الجيش لعزله بعدها بثلاثة ايام في الثالث من تموز/يوليو.