الشرق الأوسط-
تصدر في اليونان، المعروف عنها أنها مولد الديمقراطية، العشرات من الصحف اليومية المتنوعة على الرغم من قلة عدد السكان فيها أو مقارنة بعدد سكانها، وقد شهدت الصحافة اليونانية خلال السنوات الماضية الكثير من قضايا الخروج عن ميثاق الشرف الصحافي ونشر أخبار وتحقيقات مفبركة وبعيدة عن الواقع الحقيقي، إلا أن الكثير من هذه القضايا يتم حفظها في أرشيف المحاكم بعد سنوات من تداول حيثيات القضية والتحقيقات، سواء برحيل الحكومة أو تنازل الجهة أو المؤسسة أو الشخص المتضرر من موضوع النشر.
والمعروف هنا في اليونان أن غالبا ما يكون الحكم في مواضيع النشر الصحافي الكاذبة أو المسيئة، عقابها غرامة مالية قد يتم سدادها أو شطبها بسبب التقادم أو السجن المؤقت بعد تدخل المسؤولين الجدد من أعضاء الحكومة الجديدة، لأن في كثير من الأحيان تقود نشر التحقيقات أو إفشاء أسرار الحكومة ولا أقول الدولة إلى إسقاطها، ومن ثم تتعامل الحكومة الجديدة مع الصحافي المتهم بطريقه مختلفة وقد يتم مكافأته بعد ذلك في منصب رفيع. وعن كيفية تعامل الصحيفة مع الصحافي الذي ينشر معلومات خاطئة، فوفقًا للمصادر فإنه في كثير من الأمور تكون الصحيفة نفسها على علم بهذا الأمر وهي التي تعطي الضوء الأخضر للنشر، وتسعى من وراء ذلك إلى إثارة الرأي العام أو الاستفادة ماليا من الجهة أو المؤسسة التي تقف وراء الخبر، وفي الحالات الأخرى يتم التعامل مع الصحافي بطريقتين، الطريقة الأولى إن ثبت أنه تقاضى أموالا أو رشوة وتستفيد منها الصحيفة يتم التغاضي عنها، والطريقة الثانية قد يتم إبعاد هذا الصحافي عن الصحيفة، ولكن هذا الصحافي يكون معروفا لدى وسائل الإعلام المختلفة والجميع يريد أن يعمل معه.
وعند الحديث عن مثل هذه السياسات الصحافية «الكاذبة» أو «المفبركة» والتي يطلق عليها في بعض الأحيان «الفرقعة الصحافية الكاذبة» فهي تخدم الصحيفة وتجعلها تتصدر قائمة المبيعات وقد يجعلها تستمر وقتا طويلا تنافس الصحف الأخرى في الأسواق، ولذلك قد تسعى كثير من الصحف اليونانية وراء جذب صحافيين من هذا النوع.
أما إذا تحدثنا عن كشف أسرار أو خطط الحكومة في الصحف، فهذا الأمر قد يحدث نادرا في بلد مثل اليونان، وأذكر أنه حدث ربما مرة واحدة في السبعينات عندما نشر الصحافي فيدانيديس في جريدة «الفثيروتيبيا» تقريرًا تضمن أرشيفًا سريًا للدولة، وهو كان يسعى في ذلك الوقت إلى المغامرة، وبناءً على ذلك دخل السجن لفترة قصيرة، وقال إنه كتب الحقيقة ولا أبالي بما سوف يحدث، وحينئذ تدخلت الحكومة الجديدة وقتها وتم إخراجه من السجن.
وأشير أيضًا إلى الصحافي اليوناني المعروف يانيس كابسيس، والذي أصبح وزيرا فيما بعد بفضل ما كان يقوم به من نشر معلومات في غاية الخطورة وكان معروفا عنه منذ السبعينات بأنه يقيل الحكومات بكتاباته، حيث كتب عن موضوع نقل القواعد العسكرية الأميركية من أثينا، إثر لقاء صحافي سري مع زيغيديس زعيم حزب الوسط المركزي وقتذاك، وتسبب فيما بعد بسب نشر بعض المعلومات في إسقاط حكومة ميتسوتاكيس عام 1992.
أما الكاتب الصحافي كوريس والذي كان رئيس تحرير صحيفة «افرياني» تجرأ في التسعينات، ونشر صور عارية لديميترا باباندريو زوجة رئيس الوزراء اليوناني وقتذاك أندريا باباندريو، وبقي الأمر حديث الساعة سواء في وسائل الإعلام المحلية أو الدولية لفترة طويلة، وبعد إلقاء القبض عليه وإحالته للقضاء، لم يتم إدانته حيث تبين أن الصور كانت حقيقية.
وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع الصحافي ثيميس تسكنيس، رئيس رابطة الصحافة الدولية في اليونان، أكد على أن الصحافي المثالي عليه أن يتبع ميثاق الشرف الصحافي ويتحلى بالأخلاقيات اللازمة تجاه نقل الحقيقة للقراء، بغض النظر عن مطالب الصحيفة أو جهة العمل الإعلامية التي يتبعها، موضحًا أنه من الخطأ أيضا استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت لا عدد لها خلال السنوات الأخيرة في التعبير عن رأيه الخاص فيما يتعلق بالصحيفة التي يعمل فيها أو الصحف الأخرى، وعدم الإساءة لقانون أو سياسة بعينها مختبئا وراء هذه المواقع الاجتماعية سواء بإعلان شخصيته أو استخدام شخصية وهمية.