عزلت الغارات الاسرائيلية التي استهدفت امس
السبت هوائيات الارسال للمحطات التلفزيونية والهاتف الجوال شمال لبنان عن بقية
المناطق.
وغابت احداث الحرب الاسرائيلية عن متابعات
المقيمين في المدن والقرى الشمالية بفعل انقطاع البث التلفزيوني والاتصالات
الجوالة في هذه المحافظة.
وأعلنت محطتا "العربية"
و"الجزيرة" الفضائيتان أن القصف الإسرائيلي استهدف مراسليهما بالقرب من
منطقة حاصبيا – مرجعيون.
وقال مراسلو المحطتين إن القصف استهدفهم بشكل
مباشر بالرغم من أنه كان واضحا إنهم إعلاميون.
وقال علي نون مراسل العربية: " كان واضحا
أن المقصود إبعاد الصحافيين عن ذلك الموقع سيّما وأن المنطقة التي كنا نتجوّل فيها
خالية من أي هدف عسكري".
وكان الطيران الاسرائيلي وسّع دائرة عدوانه الى
عمق الشمال. ونفذ غارات على هوائيات التلفزيونات اللبنانية في قمة جبل تربل، وهو
موقع استراتيجي يشرف على الساحل الشمالي، ما ادى الى قطع البث التلفزيوني للمحطات
اللبنانية وانقطاع الاتصالات بالهاتف الجوال في محافظة الشمال التي بات سكانها
«مغيبين» عما يجري من احداث ميدانية واعتداءات اسرائيلية.
وذكر شهود عيان ان الطائرات اغارت في مرحلة
اولى على الجزء الشرقي من جبل تربل حيث تقع هوائيات محطات «المستقبل» و«المؤسسة
اللبنانية للارسال» (LBC) و«المنار» (التابع لحزب الله) و«اذاعة الشرق»،
وهوائيات عائدة لشركتي الاتصال الجوال في لبنان «MTC» و«Alfa».
وقد دمرت الغارات هذه الهوائيات بصورة كاملة.
وافاد شهود عيان انه بعد نحو ربع ساعة انفجرت صواريخ اخرى يرجح انها موقوتة فأوقعت
المزيد من الدمار.
وفي مرحلة ثانية، اغار الطيران الاسرائيلي على
منشآت محطات تقع على المرتفعات الغربية لجبل تربل فأصاب هوائيات عائدة لمحطات
«تلفزيون الجديد» و«NBN» فضلاً عن هوائيات محطات متوقفة عن البث، هي «MTV»
و«CVN» و«ICN» و«كليكيا» ما ادى الى اصابتها بأضرار جزئية.
واثر ذلك انقطعت الاتصالات الهاتفية الجوالة
نهائياً مما عزل الشمال عن بقية المناطق. اما الاتصالات بالهواتف الثابتة فقد
توقفت عن العمل لبعض الوقت نتيجة تعرضها لضغط كبير، ثم عادت للعمل بشكل شبه طبيعي.
واستكمل الطيران الاسرائيلي غاراته بعد الظهر
على محطات الارسال في محافظة الشمال. فقرابة الخامسة عصراً شن غارتين على جبل ايطو
في قضاء زغرتا مما ادى الى تدمير محطة ارسال اذاعي قصيرة «F.M» مع الهوائي العائد لها.
كما تم قصف هوائي في بلدة فيع (قضاء الكورة). ويشار الى ان محطة ايطو بنتها الدولة
اللبنانية مطلع السبعينات من القرن الماضي لاستخدامها كمحطة تقوية لاذاعة لبنان
الرسمية على موجة الـ«F.M» الا ان هذه المحطة لم تعمل سوى لاشهر قبل ان
تبدأ الحرب اللبنانية في العام 1975 حيث وضعت يدها عليها ميليشيا «المردة».
كذلك شنت الطائرات الاسرائيلية غارة على
هوائيات ارسال عائدة لمحطة «LBC» في تلال بلدة فتقا في كسروان (شمال بيروت)
فدمرتها بالكامل وأدت الى مقتل سليمان الشدياق وجرح زميله شربل عقيقي، وهما فنيان
يعملان في المحطة. كما اغارت الطائرات على محطات ارسال اذاعية وتلفزيونية والجوال
تقع على مرتفعات جبل صنين واصابتها باضرار جسيمة.
وأدان رئيس الجمهورية اميل لحود «استهداف
الغارات الاسرائيلية لوسائل الاعلام في لبنان» ورأى فيها «محاولة مكشوفة لكتم صوت
الحقيقة واخفاء صورة المجازر اليومية البشعة التي ترتكبها اسرائيل في حق الشعب
اللبناني ومقومات حياته والبنى التحتية للبلاد». واعتبر «ان استهداف الاعلام
اللبناني عبر قصف محطات ارسال تلفزيونية واذاعية في عدد من المناطق اللبنانية هو
وجه من وجوه الحرب الاسرائيلية المفتوحة على لبنان في شكل يتجاوز بأشواط ردة الفعل
على اعتقال الجنديين الاسرائيليين، وصولاً الى تدمير هذا البلد الذي يشكل موقعاً
مميزاً للحريات والاشعاع الثقافي والاعلامي والفكري في المنطقة والعالم».
من جهته، اعلن وزير الاتصالات مروان حمادة ان
الوزارة وشركتي ادارة شبكتي الجوال «Alfa» و «MTC» تقوم الآن بإصلاح الاضرار
ومعالجة النتائج التي تسببت بها الغارات الاسرائيلية على محطات الارسال. وقال: «ان
محاولة العدو الاسرائيلي قطع التواصل الهاتفي بين اللبنانيين، بعد ضرب ومحاصرة
مواصلاتهم البرية والبحرية والجوية، لن تنجح، فشجاعة وتقنية الفنيين اللبنانيين
ستنتصر على ارادة الاسكات التي تعتمدها اسرائيل».
كما اصيب الموظف التقني في تلفزيون لبنان خالد
عيد بجروح خطرة، اثناء الغارة التي استهدفت عمود الارسال التابع لتلفزيون لبنان في
فيع في الكورة، ونقل الى المستشفى للعلاج.
كما ادان وزير الاعلام غازي العريضي "هذه
الهمجية البربرية الاسرائيلية وهذا الحقد الذي تفجره اسرائيل وحكومتها وجيشها بحق
المدنيين في لبنان وبحق لبنان عموما".
وقال العريضي "بطبيعة الحال اسرائيل لا
تريد ان تتكشف الحقيقة، والاعلام اللبناني الذي نعتز به ونفخر به هو جزء من صمود
لبنان وكرامة لبنان وعزة لبنان، ولبنان يواكب هذا العدوان ويفضخ اسرائيل وكل
الاعتداءات الاسرائيلية وكل الادعاءات الاسرائيلية انها لا تستهدف مدنيين، لكنني
اقول انه رغم كل الضربات التي وجهت الى هوائيات والى محطات اعلامية، والاستهدافات
التي نالت عددا من الزملاء والاعلاميين، تبقى ارادة الاعلاميين اللبنانيين اقوى من
حقد اسرائيل، ويبقى الزملاء الاعلاميون المنتشرون في كل المواقع اللبنانية بحثا عن
الحقيقة ويكشفون العدوان وحقيقة هذا العدوان ويقفون الى جانب الناس، اقوى بكثير من
القصف الاسرائيلي والدبابات والطائرات وكل التقنيات التي تستخدمها اسرائيل".
ووجه نقيب محرري الصحافة اللبنانية ملحم كرم
نداء عاجلا الى الامين العام للامم المتحدة، والامين العام لمنظمة الاونيسكو
والصليب الاحمر الدولي واتحاد الصحافيين العرب والفدرالية الدولية للصحافيين
والاتحادات والنقابات والرابطات الصحافية والاعلامية في العالم، دعا فيه للتضامن
مع الاسرة الصحافية والاعلامية في لبنان، والوقوف الى جانبها في هذه الظروف العصيبة
وادانة الاعتداءات على المؤسسات الاعلامية المكتوبة والمرئية والمسموعة، والضغط
على اسرائيل للتقيد بالمواثيق والمعاهدات الدولية ولا سيما معاهدة جنيف التي تحظر
التعرض للصحافيين والاعلاميين خلال اداء واجبهم المقدس في نقل الوقائع والتطورات.
وتابع: "ان ما تقوم به اسرائيل يتعارض
كليا مع ميثاق الامم المتحدة وشرعة حقوق الانسان. ولا بد من وقفة شجاعة للاسرة
الصحافية والاعلامية الدولية والعربية من اجل الزام الدولة المعتدية على لبنان
بتحييد افراد هذه الاسرة، وعدم استهداف محطات التلفزة والاذاعة بغرض عزل ما يجري
في هذا البلد المنكوب عن انظار واسماع الرأي العام العالمي".
وصدر بيان عن "اذاعة لبنان الحر" جاء
فيه: "بالرغم من الاضرار الجسيمة التي لحقت بمراكز الارسال التابعة للمؤسسة
اللبنانية للارسال التي استهدفتها الغارات الاسرائيلية، تمكن فريق الصيانة في
اذاعة لبنان الحر من اعادة البث الى الموجة 102.5 في الوقت الحاضر".
واصدرت لجنة الاعلام في "التيار الوطني
الحر" بياناً جاء فيه: "نقف بحزن واسى بالغين امام خبر استشهاد رئيس
محطة "المؤسسة اللبنانية للارسال" الزميل سليمان الشدياق في فتقا. ان
اللجنة واذ تتقدم بأحر التعازي من ادارة ال LBC وجميع الزملاء العاملين
فيها ومن اهل الشهيد الشدياق، تأمل ان تكون هذه الخسارة الغالية خاتمة احزان
الاعلام الحر في لبنان".
وناشد الوزير السابق وديع الخازن المؤسسات
الاعلامية العربية والدولية ان تبادر الى تسليط الضوء على هذا الحدث البربري وتبادر
الى شن حملة مركزة لتظهر وحشية هذه الحرب الاسرائيلية على كل لبنان بلا استثناء.
قصف الهوائيات
وكثفت إسرائيل قصفها على هوائيات الهواتف
والتلفزيونات، وقالت مصادر في الجيش اللبناني ان ثلاث غارات اسرائيلية أصابت
هوائيين خاصين بالهواتف والتلفزيون الى الشمال من بيروت يوم السبت.
الهاتف النقال ونشرة الأخبار أهم من المال
والدواء
ووصف الدكتور إياد المالح، حال النازحين
اللبنانيين المقيمين في سوريا اليوم، بأنهم الأكثر تطلبا لوسائل الإعلام وتلقي
الأخبار والهاتف الخلوي، مؤكدا أنه لاحظ احتياجا مبالغا فيه للاتصالات بين صفوف
النازحين بغض النظر عن أعمارهم، أما عن الأخبار فأضاف المالح، أنه لاحظ فروقا هامة
في سلوك وحياة هؤلاء النازحين مابين الأمس واليوم لدى الكثير منهم ، من خلال
إطلالة الأمين العام لحزب الله على شاشة محطة الجزيرة.
وعلقت إحدى اللاجئات اللبنانيات في سوريا لموقع
البوابة على حديث حسن نصر الله الذي بثته محطة الجزيرة فقالت:" لاحظت أنه
يتوعد لخصومه.. كل ما أتمناه أن لا نخرج من الحرب مع الإسرائيلي الى الحرب مع
بعضنا"، وعن إقامتها في سوريا قالت :" ان أهم مافي سوريا هو توفر
الاتصالات بالنسبة لنا.. الاتصالات عندي أهم حتى من الدواء والغذاء والماء، فلولا
الهاتف الخلوي لكنت مت" وفي تبريرها لما تقول تؤكد:"حين خرجنا من
بيروت.. قبل الذهب أو المال حملت هاتفي الخلوي فلولا هذا الهاتف لمتنا من الخوف
على الذين تركناهم من أهلنا". "أشعر أنني مدفوعة للتحدث بالهاتف.. دائما
تلح علي فكرة طلب هاتفي مع أنني أطلب أرقاما أعرف أن لا أحد سيجيبني إن
طلبتها".
الغارات لا تميز في انتماءات المحطات
اللبنانية
لماذا تدمر إسرائيل هوائيات إرسال
التلفزيونات؟
وتساءلت إيلاف في تقرير لها: لماذا يدمرالطيران
الحربي الإسرائيلي أعمدة الإرسال التلفزيوني على نطاق واسع في لبنان اليوم؟ ماذا
تريد أن تخفي عن أعين العالم وشاشاته، وهل سيشهد اللبنانيون والعالم العربي ،
والعالم أجمع ضرباً لإمكانات البث الفضائي لاحقاً ، وتالياً لقطاع الإعلام الذي
تميزت به محطات لبنان؟
وبسؤال أوضح ما الذي تخطط له إسرائيل ولا ترغب
في أن يشاهده العالم عند تحقيقه؟ الغارة الأولى استهدفت نحو الأولى والنصف بعد
الظهر بالتوقيت المحلي محطة بث ل "المؤسسة اللبنانية للإرسال- إل. بي.
سي" في وسط كسروان، بلدة فتقا تحديداً، مما أدى إلى مقتل رئيس محطة البث
سليمان الشدياق وجرح مساعده سليمان عقيقي شربل عقيقي. ونقلت ال "إل بي
سي" مشاهد عن سحب جثة الشدياق من تحت ركام المحطة التي أصيبت بتدمير
كامل. وأدت الغارة كذلك إلى تدمير هوائيات
لتلفزيوني "المستقبل" و"تلفزيون لبنان" الرسمي، ولمحطات "صوت
المحبة" الدينية المسيحية
و"إذاعة لبنان الحر" التابعة لحزب "القوات اللبنانية"
وإذاعة "الشرق" التابعة لتيار "المستقبل" وهوائيات لشركة
اتصالات الهاتف النقال "ألفا". وتضرر إرسالها جميعاً.
وكان اللبنانيون يتابعون ا الاخبار على
"المحطة اللبنانية للارسال" عندما
فوجئوا بانقطاع الارسال فجأة ثم عودته حين كان الزميل وليد عبود في برنامجه
الصباحي "نهاركن سعيد" ليعلن ان الطيران الحربي الاسرائيلي استهدف محطات
ارسال عدد من المحطات التلفزيونية في فتقا وهوائيات خلوية وجبل تربل وتلال صنين.
وحاول اللبنانيون ان يتصلوا باقاربهم للاطمئنان
فتبين ان غالبية الهواتف الخلوية قد اصبحت معطلة. وتردد أنه بعد الجسور والشاحنات
بدأت اسرائيل حربها النفسية على وسائل الاتصالات مستهدفة الاعلام والخلوي.
واستبعد مراقبون أن يكون استهداف هذه الهوائيات
حصل عن طريق الخطأ، بدليل أن قصفاً جوياً استهدف قبل أيام عمود إرسال لمحطة
"المنار" التابعة ل"حزب الله" في أعالي ترشيش على طريق زحلة
ودمره وحده بدقة من بين 4 أعمدة متلاصقة.
وفي حديث اذاعي قال وزير الاتصالات اللبناني
مروان حمادة ان ما كنا نخشاه هو هذه الدرجة الجديدة في التصعيد في ضرب البنى
التحتية وجاء دور الاتصالات للاسف وهذا ما يكمل الجريمة بتقطيع اوصال البلد بقطع
الاتصال داخل البلد ومن يعلم ربما قطع الاتصال بين البلد والخارج.
ونقوم الآن من الوزارة ومقرها في تقويم الاضرار
وهي خصوصًا في وسط لبنان وشماله بعدما كان جنوب لبنان قد تعرض الى الغارات، ومحطة
فتقا هي اساسية بالنسبة للارسال وتوزيعه على ال MTC والALFA، ومحطات تربل هي محلية
اكثر ولكن ايضًا تؤثر في شمال لبنان، ومحطة المزار ايضًا قصفت قبل قليل وطبعًا لا
اريد ان اتنبأ باي قصف آخر لكن استغرب هذا النوع من التصرف مع ما بقي للبنانيين من
قدرة على التواصل بين بعضهم البعض وهذا العقاب الجماعي يستمر وهذا غير مقبول وفق
القوانين الدولية.
ولدى سؤاله ان البعض خائف ويتساءل ماذا يحضر
الآن اجاب:"قطع الاتصال هو لإسكات الناس عن التواصل فيما بينهم وتعريف العالم
على ما يتم من جرائم وعزل لبنان عن بعضه البعض وبينه وبين العالم العربي والعالم.
نقيم بسرعة وسنعمل على ايجاد الوسائط البديلة كما فعلنا عندما ضربت ضهر البيدر منذ
اسبوع، وتجاوزنا هذه المحنة، ولكن الاضرار الآن اكبر والمخطط تدريجي ومنظم ومبرمج
. ليس بالصدفة تضرب محطة هكذا".