Skip links

المطبوعات والنشر تقر بتمرد الصحف الصفراء في الاردن

«عملية اختلاس قيمتها 15 مليون دينار في وزارة» و«شبكة دعارة في المنطقة الفلانية 00وفضائح في المكان الفلاني 00المسؤول الفلاني يتسبب بخسائر في مؤسسة كذا بلغت قيمتها ملايين الدولارات 00والسماح بدخول مواد غذائية تالفة وغير مطابقة للمواصفات0»
آلاف العناوين الصارخة قرأناها ولا زلنا نقرأها على صدر الصفحات الأولى لبعض «الاسبوعيات» او صحف الاثارة او ما يسمى في الغرب «بالصفراء» تتجاوز ليس فقط القوانين والانطمة الخاصة بالصحافة والنشر وانما تتجاوز كذلك الآداب العامة والذوق العام «تضعنا امام اكثر من تساؤل اهمها ما مدى مصداقية ليس فقط ما ينشر وانما مدى مصداقية بعض الصحف الاسبوعية ذاتها وما هي اهدافها»؟.
رغم التزام العديد من الصحفيين والصحف الاسبوعية بأسس واداب العمل الصحفي واخلاقياته وقانون الصحافة والنشر وميثاق الشرف الصحفي الا ان البعض الاخر ينشر موضوعات «تشهير اتهامية» دون سند حقيقي لها لتحقيق مكاسب شخصية من بينها الرغبة في فرض الاجندة الخاصة لصاحب الصحيفة الاسبوعية او تحقيق مكاسب مادية او ابتزاز الشركات والمؤسسات العامة لاجبارها على نشر اعلانات مدفوعة مقابل عدم نشر اخبار وتقارير سلبية عنها.
مشكلة قانونية وصلت الى حالة «تمرد»
ولم يخف مدير عام دائرة المطبوعات والنشر بالوكالة احمد القضاة الذي تكدست امام مكتبه جميع الصحف الاسبوعية ان هناك مشكلة قانونية في محاسبة الصحف على مصداقية ما تنشره او ما تسببه من اساءة شخصية لبعض المواطنين اضافة الى ان ادراك صحف الاثارة لهذا الخلل واستغلاله جعل القائمين على بعض هذه الصحف يتمردون على دور الجهات المعنية ومنها دائرة المطبوعات والنشر ويتهمون الدائرة بالرجعية ويدعون الى الغائها مما زاد من سخونة تلك الصحف خاصة العناوين على الصفحة الاولى والتي بحسبه تجعل من يقرأها يظن ان الاردن في حالة «دمار كامل».
وحول المشكلة القانونية قال القضاه ان قانون عام 1997 الذي اشتمل على مواد كفيلة الى حد ما بردع التجاوزات الاخلاقية والمهنية على ما ينشر والذي اعد كبديل لقانون عام 93 رد من مجلس النواب واستعيض عنه بقانون 98 والمعمول به حاليا وقد اشتملت المادتان 5 و 7 منه على نصوص خاصة بالتجاوزات الصحفية مشيرا الى انهما لا تكفيان لأي ملاحقة قانونية مكتملة من الدائرة لتشكيل قضية يمكن ان ينظر بها في محكمة البداية المختصة بقضايا النشر وان المادة السابعة عبارة عن اطار عام لاخلاقيات العمل الصحفي.
واكد القضاة الذي كان يتحدث بصراحة «وجوب تعديل القانون لتتمكن الدائرة من الملاحقة القانونية اللازمة لردع أي اساءة او مخالفة وتمكن القاضي من اتخاذ حكم واضح مستند الى مرجعية قانونية».
واشار الى «ان مجموعة من النواب زارت الدائرة وابدت رغبة بشمول الماده 40 من قانون عام 93 والتي نصت على انه (لا يجوز للمطبوعة غير السياسية تحت طائلة العقوبة ان تنشر ابحاثا او اخبارا او رسوما او تعليمات ذات صبغة سياسية من الابحاث ذات الصبغة السياسية الممنوع نشرها 00جميع الرسوم والاخبار والتعليقات المتعلقة بالاشخاص الرسميين وكل رسم او مديح او هجو بالاشخاص العاديين يرمي الى دعاية سياسية او انتخابية لهولاء الاشخاص او ضدهم)».
وقال مدير المطبوعات والنشر «ان ايجاد نصوص قانونية واضحة من شأنها الحد من التجاوز والتطاول والتجريح والتهويل والافتراء ونشر الشائعات والاتهام دون دليل والتعرض للحياة الشخصية للمواطنين والمسؤولين بما يسبب لهم حرجا لا يمكن ان يحد من الحرية الصحفية المسؤولة على العكس يعززها ويقوي دورها ويكسبها مصداقية وثقة لدى المواطن الذكي والقادر على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مفبرك ومزيف».
وفي هذا السياق قال القضاه «انه للتغلب على فرض الاجندات الخاصة والابتزاز الذي يمارسه افراد يجب ان تمنح تراخيص اصدار الصحف لشركات كبرى او لمجموعة مساهمين وان تلزم الصحيفة بالترخيص الذي على اساسه تم منحها اياه مشيرا الى ان عددا من المطبوعات والصحف تجاوزت ترخيصها فالثقافية والادبية والطلابية تتناول موضوعات سياسية وغيرها وحتى ان بعضها اصبح صحيفة شاملة».
نقابة الصحفيين تحذر من «الدخلاء»
بدوره اكد نقيب الصحفيين طارق المومني ان النقابة تدرك هذه المعضلة مشددا على ان الحريات الصحفية والاجواء السائدة مكتسبات جاءت بجهد طويل ودؤوب من الجسم الصحفي وانه غير مسموح لقلة «العبث بها» مشيرا الى ان قانون الصحافة والنشر المقترح ما زال منظورا على مجلس النواب ولن يقر قريبا
وقال ان «القانون العامل حاليا هو قانون عام 1999 وينص صراحة في بنوده على ان أي مخالفة من شانها نشر معلومات تشهيرية تمس الشؤون الشخصية لمواطنين والاتهام بصورة جزافية تعرض الصحفي للملاحقة القانونية ورئيس تحرير تلك الصحيفة» مشيرا الى ان ميثاق الشرف الصحفي والذي تستند اليه النقابة معمول به لحل هذا النوع من المشكلات داخل النقابة مشيرا الى ان النقابة تملك السلطة للتحويل الى المجالس التأديبية في النقابة او التحويل الى المحاكم المختصة
واشار الى حادثة ليست ببعيدة حول من خلالها «صحفي» الى النائب العام الا انه بين ان هذا «الصحفي» لم يكن للاسف عضوا في نقابة الصحفيين الاردنيين وهي مشكلة بين وجود التغلب عليها بحيث يكون كل صحفي عامل مسجل في سجلات النقابة
ولم يخف المومني ان هناك مشكلة حقيقية وبين ان معظم المشاكل التي تسيء الى مهنة الصحافة والعاملين فيها تأتي من اشخاص «دخلاء» على المهنة ومنتحلين لها يستطيعون للاسف الوصول من خلال موضوعات مختلفة الى القراء وان هذه المشكلة يجب التعامل معها بدقة وموضوعية للحفاظ على سقف الحرية الصحفية من خلال الوصول الى صيغة تنظيمية صحيحة
وقال ان «النقابة منفتحة لتلقي أي شكوى من أي مؤسسة او مواطن يتعرض بصورة مباشرة الى اتهام او تجريح من أي صحيفة وان لدى النقابة القدرة على اجراء تحقيق بمنتهى الحيادية لاحقاق الحق0»
المجلس الاعلى للاعلام
الى ذلك بين رئيس المجلس الاعلى للاعلام أبراهيم عز الدين ان دور المجلس يتركز في التجاوزات التي تمارسها بعض الصحف سواء أكانت يومية أو أسبوعية على ثلاثة محاور رئيسة بموجب مسؤولياته التشريعية والتنظيمية والمهنية
اولها يتركز على دراسات تحليل المضمون التي يجريها المجلس حاليا على الصحافة اليومية لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في منتصف الشهر القادم0 وتليها بعد ذلك مباشرة دراسة تحليل مضمون الصحافة الاسبوعية وتقييم مستوى ما تنشره بشكل عام في مختلف المجالات وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مؤشرات على تعارض بعض ما ينشر مع حرية التعبير المتاحة في التشريعات النافذة ومبادىء ميثاق الشرف الصحفي
أما المحور الثاني الذي يتبناه المجلس الاعلى للاعلام بين عز الدين انه العمل على رفع مستوى المهنية لدى العاملين في الصحافة الاردنية عموما من خلال عقد دورات تدريبية مكثفة ومتنوعة في مختلف مجالات العمل الصحفي وأخلاقياته يعقدها المركز الاردني للتدريب الاعلامي التابع للمجلس .
وأشار عز الدين الى ان هذين البعدين من شأنهما معالجة جانب هام من المشكلات التي تعاني منها الصحافة على المستوى المهني والتدقيق فيما تنشره والتزام الأسس والاساليب التي تتوافق مع القواعد المهنية الصحفية
وحول البعد الثالث الذي ينتهجه المجلس اشار الى انه يتمثل في النظر في أية شكوى تصله بشأن ما تنشره الصحف ويمكن لأي متضرر من ذلك أن يلجأ الى لجنة تسوية القضايا الاعلامية في المجلس لبحثها والتوصل الى تسويات بشأنها شريطة أن لا تكون القضية معروضة على القضاء0 وسبق لهذه اللجنة أن عالجت عددا من القضايا التي وصلت اليها
في غضون ذلك يرى المواطن طارق ان قراءة الصحف الاسبوعية مهمة بالنسبة له ليس لانها مصدقة بل لانها مثيرة ويقضي بعضا من وقت فراغه في مطالعتها اذ انه عاطل عن العمل ويحمل الشهادة الجامعية منذ 3 سنوات
احمد قال «ان تلك الصحف تتناول الجانب المظلم من المجتمع» وعند سؤاله عن مدى تصديقه لما ينشر فيها قال انه ليس هناك دخان بدون نار في اشارة الى انه يصدق بعض محتواها» 00اما ايمن قال «انه يقرأها للتسلية ولا يهمه مدى مصداقيتها 00»
من جهتها قالت لينا ان «الصحافة الاسبوعية عيون ترى ما لا تراه عيون اخرى وهي نافذه على احداث فيها شيء من الحقيقة وهي افضل بكثير من الصحف اليومية». اما عندليب التي تعمل بشركة كبرى معنية بمتابعة كل ما ينشر في الصحف اليومية والاسبوعية قالت ان «الصحف الاسبوعية تتناول بجرأة الاحداث التي يتعرض لها المواطنون0»
استطلاع: الصحف الاسبوعية تشق طريقها بسهولة
من خلال استطلاع بسيط شمل مجموعة من الناس اظهر ان صحف الاثارة تشق طريقها بسهولة اكبر بين فئات الشباب والعاطلين عن العمل الا ان القليلين منهم يشترونها بانتظام
صحف اسبوعية تعترف بالوضع
قال رئيس هيئة تحرير صحيفة الحدث رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور00«نحن نستشعر ما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني من سنوات من انه مع حرية صحفية حدودها السماء واعترف كقائم على احدى الصحف الاسبوعية ان هناك خللا يجب معالجته بالعمل المؤسسي بعيدا عن العتب».
وقال ان «ما طرحه جلالة الملك في خطابه قبل ايام حول الصحافة الاسبوعية ليس دعوة لوضع قيود على حرية الاعلام فقد رفع جلالته منذ توليه لسلطاته الدستورية شعار حرية صحفية حدودها السماء وان جلالته يريد ان يقدم للعالم الاردن بصورته الديمقراطية وحرية الاعلام من اهم ركائزها».
واشار منصور الى انه يجب ان نبدأ بتحديد الصحف المسؤولة عن الاساءة للوطن وصورته الديمقراطية من خلال الاشاعات والاخبار الكاذبة ونبدأ بمحاسبتها حتى لا يقع ظلم على الصحف الاسبوعية التي تقدم مادة صحفية مفيدة تظهر الحقيقة وتكون خط دفاع اول تجاه القضايا ذات المساس المباشر بالمواطنين مبينا ان علينا ان نفهم ما قاله جلالة الملك في سياقة الصحيح
بدوره قال رئيس تحرير المجد رئيس تحرير صحيفة المجد الاسبوعية فهد الريماوي قال «ان بعض الصحف اساءت الينا وتضيق الطريق امامنا وتضر بصورة حرية الصحافة وتضيق المساحات الصحفية من خلال تجاوزاتها00 مشيرا الى انه للحفاظ على الحريات الصحفية لا بد من الضغط على الصحف المتجاوزة من خلال نقابة الصحفيين والمجلس الاعلى والمطبوعات والنشر لمعالجة المشكلة داخل البيت الصحفي وعدم فتح الباب امام الحكومة لتمارس ضغوطا وتغلظ العقوبات».
وبين رئيس تحرير احدى الصحف الاسبوعية (فضل عدم ذكر اسمه) معللا السبب بانه يريد اثارة حساسية زملائه في الصحف الاسبوعية الاخرى ان الكثير من الصحف الاسبوعية استغلت البحبوحة المتاحة حاليا لتوسيع دائرة «الطخ» وان على النقابة التدخل لوقف التجاوزات في اطارها والتحويل الى الجهات القضائية اذا لم تجد اجراءات النقابة نفعا
وشكك في جدوى تغليظ العصا القانونية ككابح لجماح الصحافة الاسبوعية معتقدا ان ذلك من شأنه ادراج الاردن على القوائم المختلفة كبلد يحد من الحريات الصحفية مشيرا الى ان العديد من تلك الصحف لها ارتباطات خارجية.
وفيما يبدو ان طرح هذا الموضوع بصورة مباشرة يثير حساسية وخشية لدى اكثر من طرف فقد فضل مسؤول في احدى المؤسسات الخدمية عدم التحدث عن الصحافة الاسبوعية سلبا وايجابا او ان يذكر اسمه تجنبا لحرج مع تلك الصحف التي يملك علاقات جيده مع معظمها
وعلى الطرف الآخر احد الصحفيين العاملين في احدى هذه الصحف وايضا لم يرد الافصاح عن اسمه خوفا على مصدر رزقه فيها احضر قصة مؤكدة حول فساد مالي في احد البنوك استطاعت ادارة هذه الصحيفة عمل تسوية مع البنك كي لا تنشر تلك القصة مقابل نشر اعلانات بصورة منتظمة فيها
في خضم ذلك يبقى السؤال هل تلك المؤسسات لديها فساد حقيقي تريد ان تخفيه ام انها لا تريد الاضرار بمصالحها من خلال اخبار ملفقة عنها في تلك الصحف؟!.