وجه المعهد العربي لحقوق الإنسان في مذكرة وصلت للبريد الإلكتروني لمركز حماية وحرية الصحفيين نسخة منها، نداء لعدد من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني ومؤسسات الإعلام العربية بنشر ما يمر به المعهد حالياً من محنة خطيرة نظرا إلى تجميد أمواله مما قد يؤثر على تواصل مجهوداته في مجال التربية على حقوق الإنسان في البلدان العربية.
وطالب المعهد العمل على ضمان مناصرته للخروج من الأزمة التي يمر بها من خلال القيام ببعض المبادرات التي يقترحها، كنشر النداء على أوسع نطاق ممكن والتعريف بوضع المعهد العربي لدى المنظمات الحكومية وغير الحكومية في البلدان العربية وحثها على اتخاذ بعض المبادرات.
إضافة إلى جمع أكبر عدد ممكن من التوقيعات على النداء ومراسلة السلطات التونسية من أجل إيجاد حل يضمن تواصل المعهد.
نداء من أجل إنقاذ المعهد العربيّ لحقوق الإنسان
نحن الموقّعين على هذا النّداء، من المؤمنين بضرورة نشر الوعي بحقوق الإنسان، وبضرورة التّربية على حقوق الإنسان في العالم العربيّ، ومن الذين تابعوا من قريب أو بعيد أنشطة المعهد العربيّ لحقوق الإنسان وإصداراته، ومن الذين درّبوا أو تدرّبوا في هذه المؤسّسة على آليّات الدّفاع عن القضايا العادلة، وهم يعدّون بالآلاف، ومن الذين أتاحت لهم هذه المؤسّسة فرص الحوار وتعميق التّفكير في قضايا حقوق الإنسان، نرفع هذا النّداء إلى الحكومة التّونسيّة من أجل رفع الحظر المضروب على هذه المؤسّسة الرّائدة، والمتمثّل في تجميد أرصدتها منذ عدّة أشهر، ممّا أدّى إلى إعاقة أنشطتها، وإلى حرمان موظّفيها من الأجور والتّغطية الاجتماعيّة والصّحّيّة.
إنّنا لا نقبل أيّ سبب يمكن أن تتعلّل به السّلطات التّونسيّة لتجميد أموال هذه المنظّمة التي تقوم بدور تثقيفيّ وتربويّ من شأنه أن يستعيض عن ثقافة العنف والتّعصّب والإرهاب بثقافة احترام الحقّ في الحياة، والحقّ في الاختلاف، والحقّ في الحرّيّة والعدالة.
إنّ المعهد العربيّ لحقوق الإنسان منظمة غير حكومية عربية مستقلة ، تأسست سنة 1989، بمبادرة من المنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبدعم من مركز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واليونسكو واليونيسيف، وهي منظّمة تستمدّ رسالتها من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومن النصوص الدولية المتممة له، وتتعاون في سبيل تحقيق أهدافها مع جميع الحكومات العربية والمنظمات الوطنية والإقليمية والدولية، الحكومية منها وغير الحكومية، وتعتمد في تمويلها أساسا على المنظمات الدولية والإقليمية وعلى المؤسسات التمويلية والهيآت المعنية بحقوق الإنسان. إنّ هذه المنظّمة تقبل التمويلات التي لا تتضمن شروطا تمسّ باستقلاليتها، وهذه التّمويلات خاضعة لعقود تضبط وجوه صرفها بكامل الدّقّة والشّفافيّة.
ويكفي للاستدلال على مصداقيّة هذه المؤسّسة، وعلى النّشاط الحيويّ الدّؤوب الذي تقوم به منذ تأسيسها، أن نقول إنّها حاصلة على جائزة اليونسكو للتّربية على حقوق الإنسان، وحاصلة على الصّفة الاستشاريّة أو العلاقة التّنفيذيّة أو صفة الملاحظ لدى عديد المنظّمات،منها المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ التّابع للأمم المتّحدة، وإدارة الإعلام لدى الأمم المتّحدة، واليونسكو، منها اللّجنة العربيّة الدّائمة لحقوق الإنسان، واللّجنة الإفريقيّة لحقوق الإنسان…
ويكفي للاستدلال على أهمّيّة هذه المؤسّسة، وعلى الفراغ الذي ستتركه في حال تلاشيها أن نقول إنّها اهتمّت في أبحاثها ودوراتها التّدريبيّة وإصداراتها بقضايا التّربية على حقوق الإنسان وحقوق النّساء وحقوق الطّفل وحقوق اللاّجئين والأقلّيّات، وبقضايا الدّيمقراطيّة، وأنّ المطّلع على إصداراتها يعجب بتنوّعها وغزارتها وقيمتها العلميّة، رغم قلّة موارد هذه المؤسّسة إذا ما قورنت بغيرها من المؤسّسات الإقليميّة الحكوميّة، ورغم كثرة العراقيل التي تجدها في طريقها.
ويكفي للاستدلال على مساهمة هذه المنظّمة في نشر الوعي بحقوق الإنسان وفي ترسيخه في الحياة اليوميّة وفي الفضاءات المدنيّة، أن نعدّد أصناف المستفيدين من أنشطتها : المنظّمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان، والنقابات العمّاليّة، والمنظمات النسائية والشبابية والمنظّمات المهتمة بالطفولة، واتحادات المحامين والأطباء والصحافيين، والمؤسسات التعليمية والتربوية بمختلف أصنافها، والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة بحقوق الإنسان كالأجهزة الأمنية ومصالح السجون وأعوان الدولة المكلفين بتنفيذ القوانين إلى الأجهزة القضائية والتشريعية، إضافة إلى شرائح المجتمع كافة وكل الأطراف التي يمكن لها أن تؤثر في النّهوض بحقوق الإنسان.
إنّنا نرى في إعاقة هذه المؤسّسة عن عملها إخلالا بالمبادئ الدّيمقراطيّة وضربا لهامش الحرّيّة الضّروريّ لخلق مجتمع مدنيّ حقيقيّ، وإنّنا نرفض تعريض هذه المؤسّسة للخطر، بما راكمته من تجارب وخبرات لا غنى عنها، ونناشد السّلطات التّونسيّة باتّخاذ التّدابير اللازمة لفكّ الحصار المضروب عليها، ونعلن بهذه المناسبة عن تأسيس “اللّجنة الدّوليّة للدّفاع عن المعهد العربيّ لحقوق الإنسان”.