تشكلت مجموعة من 90 محامياً للدفاع عن مدير النشر في الوطن الآن عبد الرحيم أريري والصحافي العامل فيها مصطفى حرمة الله الملاحقين قضائياً بتهمة "حيازة مستندات بارتكاب جريمة" بموجب المادة 571 من القانون الجزائي. ويتولى الأستاذ حمادي منّي مراقبة هذه المحاكمة لدى محكمة الدرجة الأولى في الدار البيضاء باسم مراسلون بلا حدود.
تعرّض الصحافيان للتوقيف في 17 تموز/يوليو في الدار البيضاء إثر نشر مجلة الوطن الآن في عددها الأخير (رقم 253) الصادر في 14 تموز/يوليو، ملفاً بعنوان "التقارير السرية التي حركت حالة الاستنفار بالمغرب" الذي استند أحد المقالات فيه إلى مذكّرة صادرة عن أجهزة الاستخبارات. وبموازاة ذلك، أحيل ثمانية ضباط من الجيش الملكي أمام القضاء العسكري بتهمة ارتكاب "جريمة تسريب مستندات سرية تتناول الدفاع الوطني".
أفرج عن عبد الرحيم أريري مؤقتاً بعد إبقائه قيد الرقابة المشددة لمدة ثمانية أيام في حين أن مصطفى حرمة الله زج في سجن عكاشة (الدار البيضاء).
محضر جلسة 7 آب/أغسطس 2007: تداول الحكم في 15 آب/أغسطس المقبل
ردت محكمة الدرجة الأولى في الدار البيضاء الدفع بالبطلان الذي تقدّم به محامو الدفاع معتبرة أن مهلة الرقابة المشددة المفروضة على الصحافيين مطابقة لقانون أصول المحاكمات الجزائية. أما رئيس المحكمة فقد أعتبر أنه يحق للشرطة بإطالة مدة اعتقال عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة الله، بما أن التحقيق التمهيدي يطال وقائع مضرّة بأمن الدولة حتى إذا اتضح لاحقاً أن الملاحقة القانونية ليست إلا جنحة بحق القانون العام.
وقد استمع القضاة إلى أقوال المتهمين. فاعترف عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة الله بأنهما نشرا مستندات سرية ولكنهما رفضا اتهامهما بـ "جنحة الإخفاء" كما أنهما أفادا بجهلهما الحصول على هذه المستندات "بواسطة جريمة". وقد استجوبتهما النيابة العامة حول صلتهما بالعسكريين الذين نشروا المستندات. وقد تدخل أحد محامي الدفاع، الأستاذ عبد الرحيم جماعي، لطلب قراءة المستندات المنشورة. ولكن المحكمة رفضت طلبه مذكرة بأن الجدل هو عن "جنحة الإخفاء" وليس عن عرض هذه المستندات.
في مرافعتها، أعلنت النيابة العامة أن المخالفة الملحوظة في المادة 571 من القانون الجزائي مستقلة عن المخالفة التي سرقت المستندات بواسطتها. وقد أضاف المدّعي العام أن هذه المستندات تخضع أيضاً للمادة 187 من القانون الجزائي التي تحدد المعلومات السرية. وفقاً للنيابة العامة، كشف صحافيا الوطن الآن، بنشرهما المستندات، عن التدابير التي اتخذتها الدولة لمكافحة الإرهاب كما أنها استنتجت أن الوقائع المنسوبة إلى الصحافيين مثبتة وخطرة. وطالب المدعي المحكمة بإدانة عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة الله بتهمة "إخفاء مستندات تم الحصول عليها بواسطة جريمة" بموجب المادة 571 من القانون الجزائي وتطبيق عقوبة تتناسب مع خطورة المخالفة المرتكبة.
تولى كل من الأستاذ عبد الرحيم جماعي والأستاذ خالد صفياني الدفاع لضحد كل مزاعم النيابة العامة والرد على النقاط التي رفعتها جهة الاتهام. وقد تكلّم الصحافيان للتأكيد على ثقتهما بالقضاء الكفيل بتبرأتهما. فقررت المحكمة عرض القضية على التداول بغية إصدار الحكم فيها في 15 آب/أغسطس 2007 كما أنها ردت طلب الإفراج المؤقت عن مصطفى حرمة الله للمرة الرابعة.
على صعيد آخر، حكم على العسكريين الثمانية المتهمين بنقل المستندات السرية إلى صحافيي الوطن الآن بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وخمسة أعوام في 8 آب/أغسطس 2007.
محضر جلسة 2 آب/أغسطس 2007: رفض الإفراج المشروط عن مصطفى حرمة الله مجدداً
تطبيقاً للقرار الصادر عن المحكمة في 31 تموز/يوليو 2007، تقدّمت النيابة العامة من المحكمة بمحاضر تفتيش منزل وسيارة عبد الرحيم أريري ومنزل وإحدى ملكيات مصطفى حرمة الله فضلاً عن محضري اعتقال الرجلين.
وفي هذه الجلسة الثالثة، شدد محامو الدفاع مجدداً على المخالفات الكثيرة التي تشوب الرقابة المشددة المفروضة على الصحافيين المحتجزين في المفرزة الوطنية للشرطة القضائية لمدة ثمانية أيام. وفقاً للأستاذ خالد صفياني، لا تُلحَظ الرقابة المشددة لمدة طويلة إلى هذا الحد في قانون أصول المحاكمات الجزائية إلا في حالتي "المس بالأمن الخارجي للدولة" أو "الجريمة الإرهابية".
في مرافعة 17 تموز/يوليو 2007 في المخفر الوطني للشرطة القضائية، طلبت النيابة العامة فتح تحقيق في "نشر المجلة الأسبوعية الوطن الآن مستندات سرية من شأنها أن تخلّ بالنظام العام". وكانت الوقائع المنسوبة إلى الصحافيين تشكل جنحة وليس جريمة تمس بأمن الدولة. لذلك، أحيل كل من عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة الله أمام محكمة الدرجة الأولى في الدار البيضاء على أساس المادة 571 من القانون الجنائي التي تلحظ عقوبات بجنحة الإخفاء (إن كل من يخفي بمعرفة جزءاً أو كلية أشياء مسروقة أو مختلسة أو مستحصل عليها بواسطة جريمة أو جنحة، يعاقب بالسجن بين عام وخمسة أعوام وبتسديد مبلغ يتراوح بين 120 و2000 درهم، ما لم تكن الواقعة خاضعة لعقوبة جنائية تشكل عملية تواطؤ في جريمة ملحوظة في المادة 129). وفي هذه الحال، لا يفترض بالرقابة المشددة أن تتجاوز 48 ساعة.
كذلك، ردّت محكمة الدرجة الأولى في الدار البيضاء طلب الإفراج المشروط عن مصطفى حرمة الله مجدداً.
في النهاية، طالب محامو العسكريين الثمانية المحالين أمام المحكمة العسكرية في الرباط والمشتبه بتسريبهم المستندات السرية إلى صحافيي الوطن الآن بأخذ أقوال عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة الله كشاهدين. وفي هذا السياق، أفاد الأستاذ مراد بكوري، محامي أحد العسكريين، بما يلي: "من الضروري استدعاؤهما لأنه تم توقيف موكّلي على أساس إفاداتهما إلى الشرطة". أما رئيس المحكمة فرأى "أنها محاضر استجواب المتهمين الثمانية في المحكمة التي تسمح بالنظر في فرصة استدعاء الصحافيين أو لا".
محضر جلسة 31 تموز/يوليو 2007: رفض الإفراج المشروط عن مصطفى حرمة الله
عند افتتاح الجلسة الثانية لمحاكمة المجلة الأسبوعية الوطن الآن، طالب محامو الدفاع المحكمة بأمر النيابة العامة بإبراز مجمل المستندات المصادرة في خلال تفتيش مقر المجلة ومنزلي الصحافيين بهدف السماح للدفع بالتحقق من صحتها. وفي المرافعة، استجوب الأستاذ عبد الرحيم جماعي المحكمة والنيابة العامة متفاجئاً بإطلاق ملاحقات قضائية ضد الرجلين في غياب المستندات المتنازع فيها في الملف. فما كان من النيابة العامة إلا أن أفادت بأن الوثائق الصادرة في عدد 14 تموز/يوليو 2007 من الوطن الآن تعني وحدها المحاكمة الجارية. أما الأستاذ صفياني، محامي الدفاع الثاني، فشدد على التناقض السائد في القضية حيث أن النيابة تتذرّع بالوثائق الصادرة في المجلة في حين أن المتهمين لا يتعرّضان للملاحقة بموجب قانون الصحافة. فقبلت النيابة العامة بإبراز نسخة عن محاضر التفتيش فيما اكتفت بالسماح بإضافة نسخة عن المقالات المصادرة إلى الملف.
وقد جدد محامو الدفاع المطالبة بالإفراج المؤقت عن الصحافي مصطفى حرمة الله الذي أنهى أسبوعه الثاني في المعتقل.
وبعد المشاورة، أمرت المحكمة النيابة العامة بتأمين المحاضر التي يطلبها الدفاع وأجلّت البت في قرارها حيال مجمل الوثائق المصادرة في خلال التفتيش إلى تاريخ لاحق. كذلك، قرر القضاة إبقاء مصطفى حرمة الله قيد الاحتجاز الاحترازي بناء على طلب النيابة التي ذكرت خطورة الوقائع المسندة إلى الصحافي.
محضر جلسة 26 تموز/يوليو 2007: محامو الدفاع يترافعون على أساس "عيب في الشكل"
افتتحت محاكمة صحافيي المجلة الأسبوعية الوطن الآن في 26 تموز/يوليو 2007. وفي خلال الجلسة الأولى، قررت محكمة الدرجة الأولى في الدار البيضاء تمديد احتجاز مصطفى حرمة الله المعتقل في سجن عكاشة فيما كان مدير الصحيفة عبد الرحيم أريري ماثلاً في المحاكمة حراً.
طالب محامو الدفاع بإبطال الإجراءات المتخذة لعيب في الشكل. فقد ندد الأستاذ عبد الرحيم جماعي بانتهاك قانون أصول الإجراءات الجزائية قائلاً: "تم تمديد الاحتجاز قيد الرقابة المشددة مرتين لمدة 96 ساعة في حين أنه في حال جنحة مماثلة لجنحة اليوم لا يمكن تمديده إلا لمرتين لمدة 48 ساعة".