– الحديدي: العلاقة بين القضاء والإعلام هامة .. والجهود توجت بإنشاء وحدة الإعلام والاتصال.
– منصور: القضاء والإعلام شريكان في الدفاع عن قيم العدالة وركيزتان للديمقراطية والإصلاح.
– دراسة “القول الفصل 2” وثقت 199 قضية أقيمت على الإعلام خلال 3 أعوام.
– اتجاهات الدراسة تكشف عن انتصار القضاء للإعلام .. ومحدودية أحكام الإدانة في قضايا المطبوعات، وتطبيق بعض القضاة للاتفاقيات الدولية في قضايا الصحافة ورفع عبء الإثبات عن كاهل الإعلاميين
برعاية رئيس المجلس القضائي رئيس محكمة التمييز معالي القاضي راتب الوزني نظم مركز حماية وحرية الصحفيين ملتقى “القضاء والإعلام” يوم الخميس 16/6/2011 في فندق كمبنسكي / البحر الميت وحضره ما يقارب 100 قاضٍ وقاضية ومحام وإعلامي.
وعلى مدار يوم كامل ناقش المجتمعون مسودة دراسة “القول الفصل 2” وهي توثق الأحكام القضائية التي أقيمت على الإعلام في الفترة من 2006 وحتى 2008 وعددها 199 قضية وأعدها الباحث والمحامي محمد قطيشات مدير وحدة المساعد القانونية للإعلاميين “ميلاد” وراجعها الخبير القانوني المصري المحامي نجاد البرعي المستشار العلمي للدراسة.
ويأتي هذا الملتقى ضمن برنامج القضاء والإعلام الذي استمر لمدة عامين واشرف عليه مركز حماية وحرية الصحفيين بالشراكة مع المجلس القضائي وبدعم من وزارتي التخطيط والتعاون الدولي والتنمية السياسية وبعثة الاتحاد الأوروبي في عمان.
وقال مدير المعهد القضائي القاضي منصور الحديدي كلمة ألقاها نيابة عن رئيس المجلس القضائي في ختام أعمال الملتقى ان هذا الملتقى تتويج للجهود الطيبة والمثمرة والتشاركية التي عملت عليها اللجنة الاستشارية من خلال إعداد وتنظيم برامج تدريبية عملية وتطبيقية للسادة القضاة والمدعين العامين ليكونوا على صلة وتواصل مع آخر المستجدات باتجاهاتها القانونية والقضائية والتنبه حول هذا الموضوع الحيوي لأنه يسلط الضوء على الاجتهادات القضائية وأحكام المحاكم وكافة القوانين والأنظمة المعمول بها الخاصة بقضايا الصحافة والإعلام وكذلك الاطلاع على تجارب الدول الأخرى والاتفاقيات الدولية في هذا المجال .
وأعرب عن تقديره البالغ للتوجهات الملكية السامية والتي تؤكد دائما وابدأ على دعم السلطة القضائية وكذلك سياسة التطوير والتحديث .
وأشار إلى أن المجلس القضائي خطى خطوات هامة لمواكبة ما هو جديد في شتى المجالات ومناحي العلوم القانونية .
وأكد القاضي الحديدي أن العلاقة بين القضاء والإعلام لها أهمية وذلك للدور الحيوي الذي ينهض به الإعلام ،مشيراً إلى انه في عام 2009 تم تعديل قانون تشكيل المحاكم النظامية وأصبح التخصص محددا بموجب القانون مثل إنشاء غرفة مدنية متخصصة بالقضايا الجزائية في محاكم الدرجة الأولى وكذلك الحال في محكمة الدرجة الثانية (الاستئناف) ومحكمة التمييز، وهناك غرفة متخصصة في قضايا المطبوعات فضلا عن العديد من الدورات حول هذا الموضوع .
ونوه بأنه تم افتتاح الوحدات الخاصة التابعة للمجلس القضائي ومنها الوحدة الخاصة بالإعلام والاتصال .
وأعرب عن شكره وتقديره لمركز حماية وحرية الصحفيين وجميع القائمين والعاملين فيه للجهود الطيبة التي بذلوها وكذلك اللجنة الاستشارية والسادة الخبراء وما قدم من أوراق عمل تحقق مزيد من المعرفة وسعة الاطلاع .
ومن جانبه أكد الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور على أهمية العمل المجتمعي والإعلامي من أجل الدفاع عن استقلالية القضاء وهيبته منوهاً بأن قضاء ناجز الاستقلالية هو عون لحرية الإعلام وضامن لاستقلاليته.
وقال أن القضاء المستقل هو الأكثر تفهماً لدور الإعلام وحريته وبأن تعدد المنابر الإعلامية والصحفية يصب في خدمة المجتمع وحقه في المعرفة والوصول للمعلومات.
وأشار إلى أن القضاء والإعلام شريكان في الدفاع عن قيم العدالة والمواطنة وحرية التعبير وهما ركيزتان للديمقراطية والإصلاح.
وناشد منصور القضاة بالدفاع عن حرية الإعلام باعتبارها تجسيد لحرية المجتمع داعياً القضاة والمدعين العامين إلى المبادرة بتحريك دعاوى ضد من ينتهكون حرية الصحافة والإعلام.
واستذكر منصور الدور الريادي الذي لعبه الإعلام وخاصة الإعلام الجديد في صناعة الثورات والإصلاح في العالم العربي مؤكداً أنه ما عاد ممكناً إغلاق السماء أمام حرية الإعلام، فلقد أصبح كل مواطن صحفي يستطيع أن يقول ما يريد وينشر ما يريد بفضل وسائل الاتصال الجديدة ووسائط التفاعل الاجتماعي الفيسبوك والتويتر واليوتيوب بالإضافة للمواقع الإخبارية الالكترونية.
وأعرب عن سعادته بالنجاح غير المسبوق لبرنامج القضاء والإعلام معرباً عن تقديره لرئيس المجلس القضائي على مساندته لأنشطة البرنامج ولأعضاء الهيئة الاستشارية الذين عملوا طوال عامين على أن يكون البرنامج محطة هامة ومميزة للشراكة بين الإعلام والقضاء، مشيداً بمشاركة جميع القضاة والقانونيين والإعلاميين بهذا البرنامج.
وأثنى منصور على خطوة المجلس القضائي بتأسيس وحدة الإعلام والاتصال واصفاً إياها بخطوة هامة نحو الاتجاه الصحيح مؤكداً بأن مركز حماية وحرية الصحفيين سيواصل جهود التعاون مع المجلس القضائي لتعزيز قنوات الاتصال مع الإعلام.
وشكر منصور الداعمين لهذا البرنامج وعلى رأسهم بعثة الاتحاد الأوروبي في عمان ووزارة التخطيط والتعاون الدولي بالإضافة إلى وزارة التنمية السياسية.
وقائع الملتقى:
وكان الملتقى قد شهد حضوراً مكثفاً من القضاة والمحامين وتضمن أربعة جلسات ترأسها كلا من القاضي منصور الحديدي رئيس المعهد القضائي ووزير الإعلام الأسبق نبيل الشريف ، ووزير العدل الأسبق شريف الزعبي ووزير العدل السابق هشام التل ناقش المؤتمرون الدراسة؛ حيث ناقشت الجلسة الأولى الدراسة ومستخلصاتها وتوصياتها بشكل عام وتحدث فيها الباحث الرئيس المحامي محمد قطيشات والمستشار العلمي للدراسة المحامي بالنقض نجاد البرعي ، وفي الجلسة الثانية خصص النقاش للبيئة الحاضنة لحرية الإعلام فعرض الزميل الإعلامي يحي شقير “تطورات المشهد الإعلامي” وعرض المحامي أيمن أبو شرخ “واقع التشريعات الإعلامية” ، وعرض القاضي الدكتور نشأت الأخرس “واقع العمل القضائي” ؛ أما الجلسة الثالثة فتحدث فيها كلا من القاضي اشرف الحباشنه والقاضي نصار الحلالمة والمحامي احمد النجداوي والمحامي مضر الجيرودي، و خصصت لمناقشه دور الادعاء العام والدفاع في قضايا الإعلام عبر أربعة مداخلات هي “النيابة العامة والإعلام ..قراءه في التطبيق وآليات العمل “و”واقع الدفاع القانوني في قضايا الإعلام “و”ظلال مشكلات مهنه المحاماة في الأردن وتداعياتها على قضايا الإعلام “وأخيرً “تخصص المحامين في قضايا الإعلام “. وناقشت الجلسة الرابعة “اتجاهات القضاء في التعامل مع قضايا الإعلام ” وتحدث فيها ثلاث قضاة هم على التوالي القاضي الدكتور محمد الطراونه والقاضي وليد كناكريه والقاضي شجاع التل .
وبالاضافة إلى تلك الجلسات الأربع عقدت جلسه ختامية أدارها الرئيس التنفيذي للمركز الزميل نضال منصور حيث عرضت فيها التقارير التي صاغها مقرروا الجلسات المحامون خالد خليفات ، تغريد الدغمي ، حنان لصوي، مامون السخني ، ماجد عربيات ، مروان سالم ؛ والتي تضمنت تلخيصا لأهم الأفكار والتعليقات والإضافات والتوصيات التي طرحت في الجلسات.
ففي الجلسة الأولى عرض الباحث الرئيس المحامي محمد قطيشات للخطوط العامة للدراسة والطريقة التي اتبعت في انجازها وشدد على التعاون الذي ابداه المجلس القضائي الذي سمح بتصوير الملفات التي عمل عليها الفريق البحثي ، كما استعرض أهم العوامل التي أثرت على اتجاهات القضاء تجاه قضايا الإعلام خلال الفترة من ٢٠٠٦-٢٠٠٨ ، مقارنه بالدراسة السابقة لاتجاهات القضاة في قضايا الإعلام خلال الفترة من ٢٠٠٠ إلى ٢٠٠٦ ، وعرض للتعديلات التشريعية على بعض النصوص القانونية الحاكمة للإعلام كما عرض لقراءة نقدية لتصرفات النيابة العامة تجاه قضايا الإعلام ، وعرج بالمناقشة على موقف الدفاع من هذا النوع من القضايا على النحو الذي أثبتته الدراسة ، ونوه إلى نقص المراجع القانونية المتخصصة في شرح قانون المطبوعات والنشر داعيا الفقهاء القانونيين إلى سد هذا النقص بالسرعة الواجبة ، ثم عرض لاهم اتجاهات الأحكام القضائية تجاه قضايا الإعلام خلال الفترة من ٢٠٠٦ إلى ٢٠٠٨ والتي استقاها من أحكام المحاكم التي خضعت للتحليل ، وانتهي بعرض لأهم التوصيات على النحو الذي سجله الملخص التنفيذي للدراسة .
مبدأ شرعية الجرائم
اما المستشار العلمي للدراسة المحامي بالنقض نجاد البرعي فقد قال انه كان على الدراسة أن تتعمق أكثر في الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المؤثرة على الإعلام ، وعلى سبيل المثال تاثيرات ارتفاع الأسعار على كلف إصدار الوسائط الإعلامية المختلفة وكلف تشغيلها ، وإلى أي حد يؤثر الإعلان على اتجاه الإعلام مما قد يورطه في انتهاك حرمات القانون ، وتأثير البيئة الاجتماعية في المجتمع الأردني ذو التركيبة العشائرية على تأدية وسائل الإعلام لدورها بحياد ونزاهة . وشدد المستشار العلمي للدراسة على ان النصوص القانونية التي تحكم الإعلام بشكل عام تتسم ألفاظها بالعمومية والاتساع وامكانيه حملها على أكثر من معني ، وهو ما يعد مخالفه لمبدأ دستوري هو مبدأ شرعيه الجرائم والعقوبات والذي من أهم عناصره ان تكون عبارات النص واضحة جليه لا يمكن صرفها إلى معاني مختلفة أو متعددة باعتبار ان النصوص الجنائية يتعين أن تكون منضبطة ليمكن للمخاطبين بأحكامها أن يتبينوا عناصر الجرم الذي تعاقب عليه من ناحية وان يقدروا عواقب مخالفة النص القانوني من ناحية أخرى ؛ ونتيجة لذلك كله، فقد دعا المستشار العلمي للدراسة القضاة الأردنيين إلى استخدام حقهم القانوني في الامتناع عن تطبيق اي نص يكون مخالفا للدستور الأردني وهو ما يوفر فرصه فريدة للفت انتباه المشرع إلى مثل تلك النصوص والعمل على إصلاح ما قد يكون فيها من عيوب في الصياغة .
ومن جهة أخرى شدد المستشار العلمي على ضرورة مراجعه أحكام محكمه التمييز الأردنية والتي قد يفهم منها حرمان النيابة العامة من حقها المقرر في وزن البينات وصولا إلى اتخاذ قرار بمنع المحاكمة او إحالة القضية مؤكدا على أن هذا حق أصيل للنيابة العامة مسند إليها بنص القانون ولا يجوز حرمانها منه.
وفي النقاش اثني الكثيرين على الجهد الذي بذل في إعداد الدراسة، وأشار المحامي الأستاذ احمد النجداوي أن هناك سببا تاريخيا أدى إلى عدم استخدام النيابة العامة لسلطتها في وزن الدليل ، وهو انه حتى عام 1951 كان الأردن يعرف نظام قاض التحقيق وقاض الاحاله وهو ما انتهي عمليا في ذلك العام واحيل عملهما واختصاصاتهما إلى النيابة العامة والتي لم يكن لها في ذلك الوقت ان تتصرف في البينات بالبحث والتمحيص ،باعتبار ان هذا من عمل قاض التحقيق.
وطالب بعض المشاركين بتنظيم دورات تدريب للمحامين على قضايا المطبوعات والنشر تحت إشراف نقابة المحامين؛كما طالبوا باستحداث مادة جديدة خاصة بالتشريعات الإعلامية تدرس بكليات الحقوق تحت إشراف السلطات المختصة ، فضلا عن دعم البحث العلمي في التشريعات الإعلامية لسد النقص في المكتبة القانونية الأردنية في هذا الفرع القانوني الهام .
كما طالب البعض بتعديل التشريع المتعلق بتقدير التعويض عن جرائم النشر وان تقوم به المحكمة وفق ضوابط محدده بدلا من اللجوء فيه إلى الخبرة وإعادة النظر في التشريعات الإعلامية من حيث مدى موافقة كثير منها لمبادئ الدستور .
قوانين مخالفة للدستور
الجلسة الثانية التي حملت عنوان البيئة الحاضنة للإعلام ، تناولت فيها المناقشات عددا من الملاحظات الأساسية والتي لم تكن بعيده عما أوردته الدراسة، حيث أشارت المناقشات إلى ان منظومة التشريعات الناظمة للإعلام في الأردن متشعبة وتتداخل فيها عدة قوانين ، الأمر الذي يرهق القاضي والمتقاضي ؛ وفي هذا المقام القي البعض الضوء على ان الدستور الأردني قد اورد مبادئ عامة تكفل حرية الرأي والتعبير ، ولكنه أوكل إلى القانون مهمة وضع حدود لضبط وتنظيم تلك الحقوق والحريات ، على ان المشرع قد أساء استخدام سلطته في التشريع فسلب اصل الحق بدلا من ان ينظمه وييسر استمتاع المواطنين به .
وعن البيئة التشريعية الناظمة لحرية الإعلام قال بعض المشاركين ان اغلب القوانين الناظمة لحرية الإعلام هي قوانين مؤقتة مخالفة للدستور ، فضلا عن انها تضع قيودا مبالغا فيها على الحريات الإعلامية ، وهو ما يفتح الباب للمطالبة بإعادة النظر فيها ، ومناقشتها بشكل عميق وعرضها على البرلمان لتخرج عاكسه لوجة نظر المجتمع كله ومواكبه للتطورات السياسية الايجابية التي يشهدها . ونبه بعض المشاركين إلى ان قانون الحصول على المعلومات في الاردن قانون معيب في صياغته وصدر دون مناقشات كافيه ،ويكاد يمنع الوصول إلى المعلومات ، وربما يتعارض مع بعض الأنظمة والقوانين الأخرى السارية .
ونوه بعض المشاركين الى ان القضاء هو حامي الحقوق والحريات ، وان القضاء المستقل اداريا وماليا هو القادر على حمايه الحقوق والحريات لذلك يتعين العمل على ضمان استقلال القضاء وصيانة هذا الاستقلال.
وركز عدد من المشاركين على التوازن بين الحرية والمسؤولية، وانه ان كان للصحفي حقوق يجب مراعاتها وحمايتها فإن للمواطنين حقوق يتعين حمايتها وعدم التفريط فيها؛ وان على القضاء ان يحمي حرية الإعلام من ناحيه ولكنه من ناحية أخرى عليه ان يقوم بما يمكنه القيام به من حمايه حرية الأشخاص وحقوقهم .
ونبه المشاركون أنفسهم إلى انه لابد من التأكيد على ان بذل الصحفي للجهد المناسب في سبيل الوصول إلى المعلومة يسقط عنه القصد الجنائي حال ثبوت خطأ المعلومة أو عدم صحتها .
وعلي الرغم من إقرار المشاركين جميعا ان الوضع المادي للقضاة لا يؤثر على اتخاذ القرار في المنازعات الإعلامية إلا انهم اقروا بضرورة تحسين الوضع المعيشي للقضاة كونه يحتاج الى مزيد من الاطلاع والبحث عن المراجع، فضلا عن تامين الراحة النفسية له لتصدر قراراته ليس فقط موافقة للقانون ولكن تحمل أيضا تفسيرات جديدة للنصوص القانونية اكثر حداثة وعصريه . وطالب مشاركون بإخضاع القضاة إلى دورات تدريبية متخصصة تبنى على معرفة سابقة وتدريب متخصص ومستمر.
وطالب العديد من المشاركين بتعديل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات بحيث يتم معاقبة المسؤول الذي يتعمد إخفاء وعدم إعطاء المعلومة. كما طالب العديد من المشاركين بتعديل تشريعي يسمح بان تكون قضايا المطبوعات والنشر قابله للطعن بالتمييز لتوحيد المبادئ القانونية؛ وطالبوا أيضا بإلغاء العقوبات الجزائية على قضايا الإعلام واقتصارها على التعويض المدني.
وناقشت الجلسة الثالثة أربعة موضوعات أساسيه وهي النيابة والإعلام قراءه في التطبيقات واليات العمل .. وواقع الدفاع القانوني في قضايا الإعلام ..وجهه نظر ومقاربات مع الدراسة .وظلال مشكلات مهنه المحاماة في الأردن وتداعياتها ، وتخصص المحامون في قضايا الإعلام.
وقد أكدت المناقشات على ان النيابة العامة جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية ، وهي تقوم على عملها بحياد وموضوعيه ايا كانت النزاعات التي تحقق فيها او أطرافها . وانه ترد إلى النيابة العامة نزاعات تتعلق بها عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية ويتم تحييد هذه العوامل والتعامل بالعامل القانوني.
وبخصوص ما أشارت إليه الدراسة من قرارات متتابعة لمحكمه التمييز بحرمان النيابة العامة من وزن البينة قال مشاركون انه لابد من وجود نص قانوني يعطي النيابه الحق في وزن البينه ، وهو ما اعترض عليه بشده مشاركون آخرون قالوا ان القانون أعطى النيابة العامه الحق في إصدار قرار بوقف الملاحقة وهو ما لا يكون بغير وزن البيانات والمقارنة بين ادله البراءة وأدله الإدانة ولا حاجه لوجود نص قانوني في هذا الشان .
وعن الدفاع في قضايا الإعلام اكد مشاركون على ما خلصت إليه الدراسة من أن المحامين لا يجتهدون لإبداء دفوع بعدم الدستورية ، وان مرافعاتهم تتسم بالعموميه والتقليد وهي لا تحمل أفكارا جديدة يمكن ان تساعد القاضي على استنباط مبادئ قانونيه مستحدثه. وقال مشاركون آخرون انه نادرا ما تتضمن المرافعات أية إشارة إلى المعاهدات الدولية التي وقعت عليها المملكة ؛ كما انه من النادر ان يتم التمييز في المرافعة بين أنواع الفنون الصحفية . وأشار احد المتحدثين إلى أن الدفاع عادة ما ينحصر في نفي التهمه وهو ما يطلق عليه الدفاع السلبي. فيما برر احد المشاركين قلة عدد المحاميين التخصصين في قضايا الإعلام بأنه يعود إلى قلة عدد القضايا الأمر الذي يؤدي إلى عدم وجود تخصص في المجال القضائي.
توجهات القضاء
وركزت الجلسة الرابعة على قراءة اتجاهات القضاء في التعامل مع قضايا الإعلام ، حيث أسفرت المناقشات عن عدد من النقاط الأساسية أهمها:
1. ان القضاء دائما ما انتصر للإعلام في أكثر من محطة عبر تاريخ طويل وهو ينتصر لليوم للإعلام الالكتروني ويحميه ويساعده على التطور والنمو .
2. انه على الرغم من ان أصعب القضايا هي قضايا الإعلام ، باعتبار أن المتهم فيها يحاسب على آراء ومعتقدات، إلا أن القضاء الأردني استطاع بيسر أن يحمي أصحاب المعتقدات وان يضيق إلى أقصى حد ممكن من اتساع النصوص القانونية الفضفاضة .
3. إن أحكام الإدانة في قضايا المطبوعات لا تذكر كونها قليلة جدا وإذا تم الإدانة من الدرجة الأولى فانه في كثير من الأحيان يتم تبرئة المتهم في الدرجة الثانية.
4. إن كل المحاكم على اختلاف درجاتها تتفاعل ايجابيا مع قضايا الإعلام ولصالح حريته.
5. إن إنشاء محكمة متخصصة بقضايا المطبوعات ساعد على توحيد الاتجاه والمبادئ ومنع ما كان يحدث في الماضي من تضارب في الأحكام .
6. إن القضاء في الأردن يطبق اتفاقيات حقوق الإنسان في القضايا بعد 2007 عقب التصديق على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
7. إن القضاء لم يعد مؤسسة مغلقة ، وانه أصبح الآن منفتح على وسائل الإعلام ، وفي هذه النقطة بالتحديد طالب عدد من المشاركين بان يتم السماح بالتعليق على قرارا ت المحاكم كما في دول أخرى مما يشكل رقابة الشعب على القضاء.
8. إن القضاء الأردني سعي إلى التخفيف عن كاهل الإعلامي فجعل عبء إثبات عدم صحة الخبر ومخالفته الحقيقة على النيابة العامة.
9. إن القضاء الأردني وضع ضوابط لحق النقد على الرغم من أن الدستور الأردني لم يتعرض لحق النقد على عكس الدستور المصري ، كما لم يتضمن القانون الأردني شروطا ولا أحكاما لحق النقد ولكن الفكرة كلها من تأصيل القضاء الأردني المتطور.
10. إن التعويضات المدنية يجب ان لا تكون مدخلا للإثراء بلا سبب ، وهو ما حدا بالجميع إلى ألمطالبه بان يتم تحديد مبلغ التعويضات المدنية ويكون من صلاحيات قاضي الموضوع ان يقوم بذلك مباشره دون حاجه إلى خبره فنيه في الموضوع .