تعتزم وحدة المساعدة القانونية “ميلاد” في مركز حماية وحرية الصحفيين، تقديم طلب إخلاء سبيل بالكفالة لمالك ورئيس تحرير موقع سرايا الإخباري “هاشم الخالدي”، والمحرر المسؤول “سيف عبيدات”، اللذين تم توقيفهما مساء الأربعاء الماضي، بتهمة استخدام وسائل إعلامية للترويج لأفكار جماعة إرهابية، والقيام بأعمال من شأنها تعريض الأردنيين لخطر أعمال عدائيين وانتقامية خلافا لأحكام المادتين الثالثة والسابعة من قانون منع الإرهاب.
وشدد رئيس المركز نضال منصور على موقفهم الثابت من العقوبات السالبة للحرية الموجهة للصحفيين؛ فالتوقيف عقوبة مسبقة لا يقبل بها.
واعتبر منصور أن السجن للصحافيين – حتى لو بأحكام قضائية – من سمات الدول الديكتاتورية وليست الدول الديمقراطية، فالدول التي تتحدث عن حرية الإعلام لم تعد لديها عقوبات سالبة للحرية في القضايا المتعلقة بحرية التعبير.
وذكر منصور أن الحكومة قدمت قانون المطبوعات والنشر على أنه ضامن بأن لا يحاسب الصحفيين إلا بموجب أحكام قانون، طالبة منهم ترخيص مواقعهم الالكترونية لانتظار مزايا القانون، لافتا إلا أن الحكومة ومحكمة أمن الدولة تتراجع عن ذلك، بتوجيه الاتهامات بموجب قانون منع الإرهاب، رغم أن الدستور حدد بأن القضايا التي يحاكم بها المدنيين أمام المحكمة لا تشمل الصحفيين.
كما أكد منصور فيما يتعلق بالأخبار المتعلقة بقضية الطيار الأسير معاذ الكساسبة، على وجوب أن يلتفت الصحافيون إلى أن المعلومات الكاذبة والمضللة قد تتسبب في إهدار حق أسمى هو حق الحياة، الذي يتقدم على حق المعرفة والحصول على المعلومات. وأكد أيضاً على أن نشر بعض المعلومات أو الصور بخصوص الطيار الكساسبة، تشكل انتهاكا للخصوصية، ويؤثر على عائلته؛ إذ ينبغي على الصحفيين التحرك دون خرق مبادئ حقوق الإنسان.
ويؤكد محامي وخبير قانوني في القضايا الإعلامية أن قانون العقوبات في المادة 163، واضح من حيث تجريم كل من يكتب أو ينشر أخبارا عن جمعية أو حزب، إضافة للمادة الثالثة من قانون منع الإرهاب.
وذكر أن القانون لم يجرم بل أباح نشر الأخبار إذا كان لها علاقة بفكر تلك الأحزاب وتوعية المواطنين من أخطارها، وما يشكله من إساءة لمعتقد طائفة أو فئة معينة، لافتا إلى أن واحدا من المواد الصحفية التي نشرت على موقع سرايا، تضمنت نقدا للتنظيم وما يمارسه من أفعال تؤدي لتظليل المواطنين، وما يرتكبه من جرائم قتل وإبادة بحق المواطنين في سوريا والعراق.
واعتبر أن الخبر الذي تعلق ب “ساجدة الريشاوي”، عبارة عن تحليل لواقعة متداولة بين المواطنين والمسؤولين الحكوميين، أشارت لمفاوضات تتعلق بالإفراج عن ساجدة مقابل إخلاء سبيل معاذ، مؤكدا أن الدستور وقانون المطبوعات والنشر نصا صراحة على حق الصحفي في نقل المعلومات والتعليق عليها، وما قام به زملاء الموقع يندرج في إطار التعليق على الأخبار والنقل، ولا يعتبر مجرما بل هو حق بموجب القوانين والدستور.
يذكر أن شخصيات إعلامية وحقوقية عبرت عن قلقها من قانون منع الإرهاب، باعتباره يصور وسائل الإعلام والإعلاميين كحاملي الأسلحة أو الرشاشات، محذرة من التشريعات التي تتعامل مع وسائل الإعلام والإعلاميين من فلسفة التقييد وليس الإباحة.
ويتضمن القانون نصا يعتبر أي استخدام لنظام المعلومات أو الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة نشر أو إعلام أو إنشاء موقع إلكتروني لتسهيل القيام بأعمال إرهابية أو دعم لجماعة أو تنظيم أو جمعية تقوم بأعمال إرهابية أو الترويج لأفكارها، أو تمويلها، أو القيام بأي عمل من شأنه تعريض الأردنيين أو ممتلكاتهم لخطر أعمال عدائية أو انتقامية تقع عليهم بمثابة عمل إرهابي محظور.
ويعتبر خبراء في مجال الحريات الإعلامية أن المشكلة التي تواجه الإعلام مع التشريعات، تنطلق من فلسفة التقييد وليس الإباحة، فضلا عن استخدام مصطلحات غير منضبطة قانونيا، ويمكن تفسيرها بسياق واسع، على نحو يشكل آداة تقييد على حرية الإعلام، مشيرين إلى أن العبارة الواردة في النص “الترويج لأفكار جماعة”، أن أي صحفي أو مؤسسة إعلامية معنية بنشر كل ما يكتب أو يذاع ويبث، سواء أكانت لحراك سياسي مرخص، أو جماعة سياسية محظورة أو غير محظورة؛ فالصحفي غير معني بالتدقيق بالترخيص أو التصنيف للجماعات.
وطالبت جمعيات حقوقية في وقت سابق من إقرار القانون لجنة الحريات العامة في مجلس الأعيان برد القانون خشية التقييد الذي تتضمنه بنود القانون على الحريات، واصفين نصوص القانون بالمقلقة جداً ومصاغة بعبارات فضفاضة حمّالة أوجه، يمكن أن تكون موجّهة فعلاً ضد مرتكبي الأعمال الإرهابية، ويمكن استغلالها لملاحقة النشطاء والمعارضين السياسيين الذي ينشطون بصورة سلمية وديمقراطية.
وحذرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية “هيومن رايتس ووتش”، في بيان سابق لها حول القانون أن لا تضارب بين مسؤوليات الأردن في الحفاظ على مواطنيه وعلى حقوقهم، ولا يحتاج الأردن إلى تقييد حرية التعبير لمنع الإرهاب.