تساور منظمة العفو الدولية بواعث قلق بشأن التصعيد الأخير لعمليات الترهيب والعنف ضد المتظاهرين السلميين في تونس، قبل أشهر قليلة من استضافة البلاد للقمة العالمية لمجتمع المعلومات، وهي اجتماع يضم منظمات حكومية دولية ومنظمات من المجتمع المدني وتنظمه الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني.
فإثر انتشار خبر دعوة الحكومة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، آرييل شارون، لحضور اجتماع القمة العالمية، خرجت عدة مسيرات في أجزاء مختلفة من البلاد للاحتجاج على القرار. وفي 4 مارس/آذار، جرى الاعتداء جسدياً، بحسب ما ذكر، على العديد من الأشخاص، بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان، عندما جرى نشر عدة مئات من رجال الشرطة لمنع مجموعات صغيرة مختلفة من التجمع للقيام بمظاهرة في وسط العاصمة التونسية. ودعت إلى المظاهرة أحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية مستقلة إثر رفض السلطات منح ترخيص لعقد اجتماع لها.
وقد تعرضت المدافعة عن حقوق الإنسان والمحامية راضية نصراوي، التي كانت في طريقها إلى نقطة التقاء المتظاهرين، للضرب الوحشي على أيدي رجال الشرطة. وكنتيجة للاعتداء، أبلغت عن إصابتها بكسر في أنفها، وبجروح في جبينها وكدمات في مختلف أجزاء جسمها. ولم تسلم ابنتها، التي كانت ترافقها في حينه، من الضرب؛ حيث أصيبت بالإغماء وورد أن جسمها مغطى بالكدمات، كما قُطب رأسها عدة قطب. ومن الواضح أن راضية نصراوي قد استهدفت على نحو خاص بسبب انتقاداتها العلنية إثر اعتقال المحامي محمد أبّو في الأسبوع الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، تعرضت للاعتداء أيضاً على أيدي أفراد في قوات الأمن سجينة الرأي السابقة نجوى رزقوي، التي كانت تجلس في أحد المقاهي في وقت المظاهرة. وبحسب ما ذكر، نُقلت إلى المستشفى لمعالجة الجروح التي أصيبت بها نتيجة للاعتداء. كما اعتُقل العشرات من المتظاهرين؛ عُرف أنه قد أفرج عن معظمهم في 5 مارس/ آذار.
وكان محمد أبّو، المحامي وعضو المجلس الوطني للحريات (المدنية) في تونس، قد اعتقل في 1 مارس/آذار بتهم نشر معلومات كاذبة والتشهير والتحريض على خرق القانون ونشر مواد مسيئة. وبحسب ما ورد، حُرم من حقه في الاتصال بمحام. واعتقل محمد أبّو في الأسبوع الماضي لنشره مقالة في أغسطس/آب 2004 استنكر فيها التعذيب في تونس في أعقاب ما أثارته صور التعذيب لسجناء أبو غريب في العراق من اهتمام لدى الجمهور. بيد أنه من المعتقد على نطاق واسع أن اعتقاله الأخير هذا يتصل بنشره مقالاً في الآونة الأخيرة يتعلق بزيارة أرييل شارون إلى تونس. وفي 2 مارس/آذار، احتشد مئات المحامين أمام قصر العدل في تونس للاحتجاج على اعتقال محمد أبّو؛ وبحسب ما ذُكر، تعرض العديد منهم، ومن بينهم زوجة محمد أبّو نفسها، لاعتداءات جسدية من قبل رجال شرطة بملابس مدنية.
وفي 28 فبراير/شباط، اعتُقل عدة طلاب إثر مظاهرة في صفاقس، في جنوب تونس. واحتجز خمسة منهن، بينهم طالبتان، وبحسب ما زُعم، تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم في مركز الشرطة في صفاقس. وتضمنت مزاعم التعذيب التعليق من السقف والضرب على باطن القدمين. وقد خرج بعضهم، بحسب ما ذُكر، بكسور في المعصمين وبكدمات في الوجه.
إن الحالات والحوادث المذكورة أعلاه ليست سوى قلة قليلة من الأمثلة على حملة القمع التي طال عليها الزمن في تونس. ومنظمة العفو الدولية تدين هذه الاعتداءات وتحت السلطات التونسية على احترام التزامات البلاد بمقتضى القانون التونسي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان بوضع حد للقمع المتواصل لحرية التعبير والانتساب إلى الجمعيات والتجمع السلمي. وتدعو المنظمة السلطات أيضاً إلى كفالة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وناشطي المجتمع المدني، وضمان تمكنهم من القيام بأنشطتهم دونما تدخل أو خشية من الاضطهاد.
خلفية
جرى أثناء اختتام المرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات، التي عقدت في جنيف في ديسمبر/كانون الأول 2003، تبني إعلان للمبادئ تم التأكيد فيه على احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير باعتبارهما عنصرين أساسيين لبناء مجتمع المعلومات، الذي يكفل الوصول إلى المعلومات والأفكار والمعارف في مختلف بقاع الأرض دونما قيود. وفي تنكر تام لهذه المبادئ ولحقيقة أن تونس سوف تستضيف المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات، تتواصل الممارسات التي تنتهك هذه الحقوق في تونس.
ولقد سلطت منظمة العفو الدولية لسنين عديدة الأضواء على انتهاكات الحق في حرية التعبير والتجمع في تونس. فمنذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، خضعت حرية التعبير والانتساب إلى الجمعيات والتجمع في البلاد لقيود تلفت الانتباه. فقد حُرمت المنظمات المستقلة لحقوق الإنسان من حقها في أن تسجل رسمياً، أو واجهت عقبات وعراقيل أثناء ممارستها لأنشطتها. والحرية الصحفية، في واقع الحال، لا وجود لها، بينما عمدت الحكومة على نحو متكرر إلى حجب سبل الوصول إلى عدد من المواقع على شبكة الإنترنت.