في تقرير سنوي يصدره مركز حماية وحرية الصحفيين في اليوم العالمي لحرية الصحافة
– منصور: نقف على الحافة .. والوضع أكثر قتامة مما كان .. والصحفيون محبطون .. والتدخلات الحكومية تزايدت.
– صيحات المدافعين عن الحرية تدق أبواب الأردن .. وما كان محرماً أصبح على شفاه الجميع .. والتسويف والخداع والشعارات غير قابلة للصرف.
– هذا التقرير ليس استثناء عن واقع الحريات المجتمعية التي عصف بها خصوم الديمقراطية لعقود.
– 41% يرون أن الحريات الإعلامية تراجعت .. 3.2% يصفونها بالممتازة و50% يعتبرونها متدنية ومقبولة.
– التدخلات الحكومية تزايدت بوسائل الإعلام لتصل إلى 83% .. و266 صحفياً يقولون أنهم تعرضوا للتدخلات والمضايقات
– 94% من الإعلاميين يمارسون الرقابة الذاتية على أنفسهم و94% يتجنبون الكتابة عن القوات المسلحة و90% عن السلطة القضائية و87% الأجهزة الأمنية .. و85% لا ينتقدون زعماء العشائر.
– 19% من الإعلاميين اعترفوا بأنهم تعرضوا لمحاولات احتواء .. و46% سمعوا عن صحفيين تعرضوا لذلك .. 34% قالوا بأن الحكومة ومؤسساتها هي من قامت بذلك.
– 86% انتشار الواسطة بين الصحفيين .. 72% من الصحفيين يقبلون الهدايا .. و61% يكتبون أخباراً مدفوعة الأجر .. و59% معدل انتشار الرشوة والابتزاز.
– 81% من الصحفيين يرون بأن المواقع الإلكترونية ساهمت برفع مستوى الحريات .. و77% يعتقدون أنها دافعت عن حرية الصحافة.
– 5 صحفيين تعرضوا للتوقيف العام الماضي، و6% تعرضوا للمحاكمات في قضايا الإعلام.
– 153 انتهاكاً وثقها التقرير ضمن برنامج “سند” لرصد الانتهاكات الواقعة على الإعلام.
– أكثر الحقوق الإعلامية انتهاكاً الحق بالحصول على المعلومات .. والتقرير اعتمد المعايير الدولية لحقوق الإنسان كمرجعية للتوثيق والرصد.
– دراسة “جدران الكتمان” تكشف العجز الحكومي في إنفاذ وتطبيق قانون حق الحصول على المعلومات.
– أكثر المؤسسات الرسمية لم تضع نماذج لطلب المعلومات .. وليس لديها مفوضاً للمعلومات.
– الحكومة لا تفصح عن حالة المعلومات .. ولا يُعرف عدد الوزارات التي وثقت وصنفت المعلومات.
أصدر مركز حماية وحرية الصحفيين تقريره السنوي عن حالة الحريات الإعلامية في الأردن تحت شعار “على الحافة” في إشارة لتراجع حرية الصحافة والإعلام العام 2010.
التقرير السنوي الجديد صيغ بلغة علمية محكمة وتم إخضاعه لقراءة قانونية وعلمية لمقارنة واقع الحريات الإعلامية على الأرض ومدى تناسبها مع القوانين المحلية والمعاهدات الدولية الضامنة لحرية الرأي والتعبير والصحافة وحقوق الإنسان بشكل عام خاصة تلك التي أقرها الأردن ووقع عليها ونشرت في الجريدة الرسمية.
ويظهر التقرير الذي ينفذه المركز منذ 9 سنوات ويصدره في الثالث من أيار من كل عام بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة ويعد أحد أبرز التقارير الوطنية المحلية في رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام إلى وجود ارتفاع حاد للصحفيين الذين يرون أن حالة الحريات الإعلامية شهدت تراجعاً عند مقارنتها بعام 2009.
وفي التفاصيل يكشف الفصل الأول من التقرير المتعلق باستطلاع لرأي الصحفيين وشمل 505 إعلاميين أن 40.1% منهم أفادوا بأن الحريات شهدت تراجعاً بدرجة كبيرة ومتوسطة وقليلة، في حين اعتبر 41.4% أن الحريات بقيت على حالها ولم تتغير، ووصفها 18.4% بأنها شهدت تقدماً بدرجات متفاوتة كبيرة ومتوسطة وقليلة.
ويبين الاستطلاع استمرار تصاعد منحنى تدخل الحكومات في وسائل الإعلام ليصل إلى 83% على الرغم من كل الوعود الحكومية بدعم استقلالية الإعلام ورغم كل التوجيهات الملكية بذلك، وفي هذا السياق فإن مؤشر التدخلات الحكومية تزايد خلال السبع سنوات في استطلاع الحريات، فقد ارتفعت نسبة التدخل 23 نقطة بين عام 2004 و2010.
وخضعت الشكاوى والانتهاكات التي تناولها التقرير في فصله الثاني لمراجعة قانونية وعلمية في أول تجربة عملية يخضع لها التقرير منذ إطلاقه عام 2002، وذلك نتيجة مبادرة أطلقها المركز منتصف العام الماضي تتمثل ببرنامج لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام تحت اسم “سند”.
وطوّر فريق التقرير لأول مرة منذ صدوره استمارة متخصصة لرصد وتوثيق الانتهاكات عرض التقرير أهم مؤشراتها في باب الشكاوى والانتهاكات، فقد أظهر هذا الاستطلاع أن 266 صحفياً وصحفية تعرضوا لأشكال مختلفة من المضايقات والضغوط بما يشكل 53% وهي نسبة أعلى بكثير عما أفصح عنه الصحفيون عام 2009 والتي بلغت 39%.
ويأتي هذا التزايد رغم أن برنامج “سند” لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام والذي أطلقه المركز عام 2010 أكد على أن الإعلاميين بالأردن لا يفصحون بالغالب عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، وأن وعيهم بحقوقهم ومعرفتهم بالانتهاكات ما زال محدوداً.
وتضمن تقرير الحريات الإعلامية ثلاث فصول إضافة إلى الملخص التنفيذي هي استطلاع رأي الصحفيين وشمل 505 صحفياً وصحفية وفصل الشكاوى والانتهاكات حيث اكتفى التقرير بعرض 33 حالة انتهاك تعرض لها صحفيون خلال العام الماضي كنموذج من أصل 153 انتهاكاً سجله فريق التقرير استناداً لآليات الرصد والمتابعة التي استحدثها المركز العام الماضي.
ونشر التقرير في باب الدراسات والبحوث دراسة متخصصة بعنوان “جدران الكتمان .. جدلية السرية والإفصاح في تطبيقات قانون ضمان حق الحصول على المعلومات” أعدها الزميل الصحفي وليد حسني، حيث تسعى هذه الدراسة إلى تجاوز الحديث المتكرر على أن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لم يدعم منذ إقراره قبل أربع سنوات حق الصحفيين في المعرفة والوصول السهل للمعلومات من دوائر ومؤسسات الدولة، بل تذهب إلى الكشف بالتفاصيل عما حدث منذ إقرار القانون .. وهل قامت الحكومة بما هو مطلوب منها بموجب هذا القانون .. هل صنفت المعلومات، وهل وضعت آليات تضمن الحفاظ على هذه المعلومات وسريانها حتى داخل المؤسسات الرسمية؟.
ويقول الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور في مقدمة التقرير أن “المشهد الإعلامي عام 2010 يعود أكثر قتامة مما كان، وتسود حالة من الإحباط عند الصحفيين عندما يشعرون بأن التدخلات الحكومية لم تتراجع، وأن الانسحاب الأمني من المشهد المباشر للإعلام لم يوقف أو ينهي دورها، بل استعيض عنه بأدوار أكثر قساوة تمارسها المؤسسات الإعلامية في الرقابة المسبقة ومنع تدفق المعلومات والحقيقة للناس”.
وأضاف منصور “لم يختلف شيئاً، بل إن المؤشرات تؤكد أن الانتهاكات تزايدت على الإعلاميين رغم أن الصحفيين في الغالب لا يفصحون ويلوذون بالصمت، وموقف الإعلاميين من تفاصيل ما يحدث في واقعهم لا يبعث على التفاؤل، فهم يعتبرون أن حرية الإعلام في تراجع، والتشريعات تفرض قيوداً، والوصول للمعلومات حقاً مغيباً، والتهديدات والتوقيف واحتجاز الحرية ممارسة ما زالت قائمة، وحجب المواقع أسلوب جديد دخل إلى قاموس ومفردات قمع الحريات الصحفية”.
وتابع بالقول “لم تتحسن صورة الأردن في ميدان حرية الإعلام في التقارير الدولية، ففي تقرير بيت الحرية تحول الأردن إلى بلد غير حر، وفي تقرير مراسلون بلا حدود احتل الأردن المرتبة 112، وفي معايشتنا ورصدنا اليومي لحالة الحريات كانت الحكومة وأجهزتها الأمنية تدير ظهرها لتعهداتها بحماية استقلال الإعلام ووقف التدخل به، هذه التعهدات التي يجب أن تتحول إلى التزامات إيجابية على الحكومة وأجهزتها، وتترجم في المساهمة بصيانة هذه الحقوق التي صادق الأردن على الالتزام بها بموجب معاهدات ومواثيق وقعها وأصبحت لها صفة السمو على القوانين الوطنية، ولكن هذا لم يحدث”.
وقال أن “ملف إصلاح الإعلام لا ينفصل حكماً عن ملف الإصلاحات السياسية، فإن كانت الإصلاحات في عمومها معطلة وتراوح في ذات المكان، كان الإعلام على ذات السكة لا يخرج عنها ويظل في نفس المسار”.
ويرى منصور أن “العالم العربي اليوم توقظه صيحات المدافعين عن الحرية والكرامة والعدالة، فإن صدى ما يحدث يدق أبواب الأردن، وما كان محرماً طرقه في السنوات الماضية أصبح اليوم على شفاه الجميع، وما عاد التسويف والخداع وإطلاق الشعارات الرنانة بالحرية الموعودة قابلة للصرف”.
ويصف منصور التقرير بأنه ليس استثناء عن واقع الحريات المجتمعية في الأردن التي عصف بها خصوم الديمقراطية لعقود، بل مرآة لما يحدث في حجر الزاوية للحريات وهي حرية الإعلام.
ويتابع وصفه بقوله أن “تقرير حالة الحريات لا يفتح وحده ثغرة للنور بل يحتاج إلى تكاتف جميع المؤمنين بالحريات حتى نبدأ مشوار الألف ميل، وما نؤمن به دوماً أن حرية الإعلام لا تزدهر إلا في مجتمع يؤمن بها ويحتضنها وهو ما نعمل ونسعى إليه”.
وختم منصور قوله أن “عام 2011 عام التغيير وفرصتنا الأخيرة، فلتكن ما تكشفه أرقام ومؤشرات تقرير حالة الحريات الإعلامية لعام 2010 آخر المحطات المؤلمة والمقلقة في تاريخ بلدنا، وما نرنو له أن تكون الأيام الحاضرة والمقبلة تترجم إرادتنا وعزمنا للحرية”.
إستطلاع رأي الصحفيين
التقرير الذي تمت طباعته في 284 صفحة من القطع الكبير احتوى على استطلاع رأي الصحفيين حول حالة الحريات الإعلامية في الأردن ونفذه المركز خلال شهر يناير 2010.
واعتمدت منهجية الاستطلاع على تصميم استمارة تشمل 298 سؤالاً تهدف إلى قياس تقييم الصحفيين والإعلاميين في الأردن لحرية الصحافة والإعلام بأبعادها المختلفة، وقياس مدى رضاهم عن التشريعات الإعلامية وأثرها على واقع الحريات الإعلامية، بالإضافة إلى معرفة المشكلات والضغوطات التي يتعرضون لها.
وخضع استطلاع الرأي لعام 2010 لمراجعة وتدقيق وبحث، إذ ألغيت بعض الأسئلة التي تجاوزتها الأحداث وأضيفت أسئلة طغت على المشهد الإعلامي، وتم تكثيف الأسئلة المتعلقة بالإعلام الإلكتروني وتطويرها لتتواءم مع الطفرة في تأسيس المواقع الإخبارية الإلكترونية، وأعطيت أهمية لقضية حق الوصول للمعلومات بعدما ثبت من خلال كل الاستطلاعات السابقة أنها من أبرز المعيقات للحريات الصحفية، وسلط الضوء على دور دائرة الإعلام والاتصال برئاسة الوزراء باعتبارها ذراعاً إعلامياً للحكومة وبديلاً عن وزارة الإعلام، بالإضافة إلى المؤتمر الوطني الأول لنقابة الصحفيين والذي أثار جدلاً بين الإعلاميين.
وروعي في هذا الاستطلاع تجاوز المشكلات والصعوبات التي واجهت فريق البحث في العام الماضي، وبخاصة في الإجابة عن الأسئلة المفتوحة، إذ تم الحد من عدد الأسئلة المفتوحة التي كانت تتضمنها الاستمارة في السنوات السابقة والاعتماد على طرح الأسئلة المغلقة لاستيفاء البيانات بناء على أهم الإجابات الواردة في السنوات السابقة.
وتكون مجتمع الدراسة من حوالي 1472 صحفياً وإعلامياً، حيث شمل الصحفيون والإعلاميون الأعضاء في سجل نقابة الصحفيين بالإضافة إلى كشوف مركز حماية وحرية الصحفيين حتى تاريخ تنفيذ الاستطلاع في الفترة من 8/1/2011 ولغاية 18/01/2011.
وبلغت نسبة المشاركين في الاستطلاع من الصحفيين والإعلاميين العاملين في القطاع الخاص حوالي 78.2% من مجموع الصحفيين والإعلاميين في الإطار الكلي، كذلك تم توزيع العاملين في الإطار حسب الجنس إذ شكل الذكور ما نسبته 77.2% من مجموع العينة.
كما تم تقسيم إطار المجتمع إلى طبقتين، حيث تتكون الطبقة الأولى من الصحفيين والإعلاميين ممن يعملون في القطاع الحكومي، أما الطبقة الثانية فهي طبقة العاملين في المؤسسات الإعلامية في القطاع الخاص .
واعتمد في تصميم عينة الدراسة أسلوب المعاينة الطبقية العشوائية، إذ تم توزيع حجم العينة على الطبقتين بما يتناسب مع حجم كل طبقة من الصحفيين والإعلاميين، وتم إجراء بعض التعديل على أوزان المسح وذلك بسبب عدم استجابة بعض الصحفيين، بالإضافة إلى وجود بعض المشاكل في الإطار مثل عدم صحة أرقام الهواتف أو أنها مفصولة.
واعتمد أسلوب جمع البيانات عن طريق الاتصال هاتفياً، إذ قام المعنيون في فريق العمل بتدريب باحثات وباحثين ذوي قدرة وكفاءة على جمع البيانات بهذا الأسلوب بعيدا عن التحيز والإيحاء في الإجابات، لضمان دقة ونوعية جيدة في البيانات، إضافة إلى تدريب فريق مصغر من الباحثين والباحثات لتدقيق الاستمارات، والتأكد من استيفاء بيانات جميع الأسئلة التي تنطبق وترميزها وإدخالها على الحاسب الآلي، وفي المرحلة النهائية تم العمل على تحليل بيانات الدراسة واستخراج النتائج النهائية للتقرير.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 40.1% من الصحفيين أفادوا أن الحريات شهدت تراجعاً وهو متوسط حسابي لمقياس التراجع بـ”درجة كبيرة، ومتوسطة وقليلة”، في حين اعتبر 41.4 أن الحريات بقيت على حالها ولم تتغير، ووصفها 18.4% بأنها شهدت تقدماً وهو متوسط حسابي لمقياس التقدم بـ”درجة كبيرة، ومتوسطة وقليلة”.
وتراجع الموقف الإيجابي الذي ساد عند الصحفيين في عامي 2008 ـ 2009 من التشريعات الإعلامية، إذ عاد المنحنى التصاعدي للصحفيين الذين يعتقدون بأن التشريعات تشكل قيداً على حرية الإعلام وبلغ 42% في حين لم يتجاوز من ينظروا لها بأنها ساهمت في تقدم الحريات عن 16% وكان 42% أيضاً يعتبرونها لا تؤثر على حرية الإعلام.
وتظهر المفارقة أكثر وضوحاً حين تكشف الأرقام بأن من يصف الحرية الإعلامية بأنها ممتازة لم يتجاوز 3.2% ومن يعتبرها جيدة 18.4%.
ولا تبدو التدخلات الحكومية في سياق منفصل عن الضغوط والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون، فقد أظهر الاستطلاع أن 266 صحفياً وصحفية تعرضوا لأشكال مختلفة من المضايقات والضغوط بما يشكل 53% وهي نسبة أعلى بكثير عما أفصح عنه الصحفيون عام 2009 والتي بلغت 39%.
ويأتي هذا التزايد رغم أن برنامج “سند” لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام والذي أطلقه المركز عام 2010 أكد على أن الإعلاميين بالأردن لا يفصحون بالغالب عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، وأن وعيهم بحقوقهم ومعرفتهم بالانتهاكات ما زال محدوداً.
وبالتدقيق بتفاصيل ما تعرض له الصحفيون من مضايقات أظهرت النتائج بشكل كبير أن 35% منهم يتعرضون لحجب المعلومات، وهو انتهاك لحقوق الإعلاميين يصعب توثيقه لأن غالبية الصحفيين لا يلتزمون بالآليات القانونية بطلب المعلومات.
ولمعالجة هذه القضية أضاف الاستطلاع أسئلة خاصة حول حق الوصول للمعلومات، وأظهرت الأرقام أن 29% من الصحفيين لم يطلعوا على قانون ضمان حق الوصول للمعلومات، والأهم والأخطر أن 47% من الإعلاميين لم يتقدموا لطلب الحصول على معلومات بأي شكل من الأشكال طوال عام 2010.
ويكشف الاستطلاع أن 16% من الإعلاميين تعرضوا لإلغاء أخبار ومقالات وتقارير وعدم نشرها خلافاً للمعايير المهنية، وهو شكل الرقابة المسبقة الذي تمدد واتسع في السنوات الماضية، حيث تتولى المؤسسات الإعلامية عبر (رئيس التحرير ومدراء التحرير ومحررو الديسك) ممارسة الرقابة المسبقة ومنع تدفق المعلومات من الصحفيين ليس لأنها تخالف معايير مهنية بل التزاماً بخطوط حمراء غير مكتوبة ومعروفة امتثالاً لتوجيهات حكومية وأمنية، والمشكلة في هذه الحالات صعوبة إثبات ما يحدث باعتبارها انتهاكاً لحقوق الصحفيين وممارسة للرقابة المسبقة حيث يسهل على إدارة التحرير التذرع بالمعايير المهنية وسياسات التحرير.
وتكشف الأرقام أيضاً أن 10% من الصحفيين تعرضوا للتشهير وكتابة أخبار وتعليقات تسيء لهم، و9% تعرضوا للتهديد تقدم 4% منهم بشكاوى، في حين أن 4% من الإعلاميين تعرضوا لكل من الاستدعاء الأمني والتحقيق الأمني، والمنع من الكتابة والبث الفضائي والتلفزيوني، وحجز الحرية، والضرب والاعتداء الجسدي، وحجب المواقع الإلكترونية.
وتصدّر قانون محكمة أمن الدولة ليصبح الأكثر تقييداً لحرية الإعلام بنسبة 92% يليه قانون العقوبات 86%، ثم قانون المحاكمات الجزائية 83% في حين أفاد ما بين 77 ـ 78% من المستجيبين أن كلاً من قانون المطبوعات وقانون وثائق وأسرار الدولة يشكلان قيداً على حرية الإعلام.
وبمراجعة استمارات الاستطلاع فإن الملاحظة السائدة في السنوات الماضية لم تتبدل كثيراً، فما زال الوعي القانوني للصحفيين محدوداً، وما زالت غالبيتهم لا تعرف القوانين الناظمة للبيئة الإعلامية.
واستمر الموقف الرافض للصحفيين لمدونة السلوك الحكومية لعلاقتها بوسائل الإعلام للعام الثاني، وفي تفاصيل رؤية الصحفيين لمدى التزام الحكومة بتطبيق تفاصيل ما ورد بالمدونة كان موقف الصحفيين أن الحكومة نجحت بالالتزام في كل من عدم الاشتراك في أي من الصحف حوالي 56%، الاهتمام بما تنشره وسائل الإعلام ومتابعته والأخذ بجوانبه الإيجابية وتوضيح الحقائق والرد على أي معلومات غير دقيقة 50%، في حين لم تنجح في كل من التوقف عن ممارسة الاسترضاء والمهادنة بسبب الخوف من الابتزاز أو سعياً وراء الشعبية 42%، الاستغناء ووقف تعيين المستشارين الإعلاميين من بين الصحفيين حوالي 42%، إتباع الحكومة معايير مهنية واضحة للإعلان في وسائل الإعلام حوالي 41%، اتخاذ إجراءات لضمان حرية التعبير وعمل وسائل الإعلام بحرية واستقلالية حوالي 38%.
وبمراجعة إجابات الصحفيين فإن غالبيتهم يعتقدون أن الحكومة تحركت بشكل جاد لوقف الاشتراكات 56% وهو إجراء سلبي، في حين أن موقفها من حقهم بضمان حرية الإعلام كان محدوداً 38%.
ولا تزال وكالة الأنباء الأردنية “بترا” تتقدم وسائل الإعلام الحكومية في مساحة الحريات الصحفية المتاحة فيها، فقد اعتبر 43% أن “بترا” الأكثر تمتعاً بحرية الإعلام، يليها الإذاعة الأردنية 37%، فيما يتذيل المشهد التلفزيون الأردني 36%، ولم تتجاوز أي وسيلة إعلام حكومية حاجز 50% مما يؤشر على أن جهداً كبيراً مطلوباً لدفع حالة الحريات داخل هذه المؤسسات خطوات للأمام.
وفي الاتجاه المقابل بلغ مؤشر مساهمة محطات التلفزة الخاصة في رفع مستوى الحرية الإعلامية 63% كوسط حسابي (لدرجات كبيرة ومتوسطة وقليلة)، إذ يلاحظ أن حوالي 45% من هؤلاء الصحفيين والإعلاميين يعتقدون أن هذه المحطات ساهمت في رفع مستوى حريات الإعلام بدرجة متوسطة، وحوالي 27% منهم يعتقدون أنها ساهمت بدرجة كبيرة، وحوالي 16% بدرجة قليلة. مقابل حوالي 10% من الصحفيين والإعلاميين يعتقدون أن هذه المحطات لم ترفع مستوى الحريات الإعلامية على الإطلاق.
أما بالنسبة لمحطات الإذاعة الخاصة فقد بلغ مؤشر مساهمة محطات الإذاعة الخاصة في رفع مستوى الحرية الإعلامية حوالي 67% (كمتوسط حسابي للدرجات كافة)، ويلاحظ أن 44% من الإعلاميين يعتقدون أن المحطات الإذاعية الخاصة ساهمت في رفع مستوى الحريات بدرجة متوسطة، وحوالي 31% يرون أنها ساهمت بدرجة كبيرة، و15% يرون أنها ساهمت بدرجة قليلة، أما من يرون أنها لم ترفع مستوى الحريات فكانت نسبتهم حوالي 8%.
وأكد 37% من الصحفيين أن دائرة الإعلام والاتصال برئاسة الوزراء لم تساهم في دعم حرية الإعلام في حين أن 31% منهم يعتقدون أنها ساهمت في دعم الحريات وبدرجات متفاوتة (كبيرة 4.2%، متوسطة 22.4%، قليلة 30.1%).
وبمراجعة ما تفعله الدائرة فيرى 48% من الإعلاميين أنها تقوم بالترويج وتقديم صورة إيجابية للأردن عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، فيما يعتقد 43% أنها تقوم بضمان تدفق المعلومات للإعلاميين، و40% منهم يقولون أنها تقوم بمساعدة الصحفيين في الحصول على المعلومة بسرعة ودقة.
وتحافظ المواقع الإلكترونية على الموقف الإيجابي منها في قضية دعم الحريات الإعلامية وبدورها في تطوير الحوار، ولكن يسجل الاستطلاع بالمقابل تحفظات ورؤية سلبية لمساهمتها في الإساءة لكرامة الأفراد ونشر الإشاعات، فلقد أفاد 81% من المستجيبين أنها ساهمت في رفع مستوى الحرية الإعلامية، وأفاد حوالي 77% أنها ساهمت في الدفاع عن حرية الإعلام، كما أفاد حوالي 69% أنها ساهمت في تطوير الحوار، وأفاد حوالي 61% أنها ساهمت في تدفق معلومات لها مصداقية، في حين أفاد حوالي 60% أنها ساهمت في تطوير الحالة المهنية الإعلامية. مقابل ذلك فقد كان الإعلاميون أقل إيجابية في تقييمهم لمدى مساهمة المواقع الالكترونية في كل من: الحد من الإساءة للناس وكرامتهم حوالي 41%، والحد من حالة الفوضى الإعلامية حوالي 39%، والحد من نشر الإشاعات حوالي 37%.
وقد خضعت أسئلة الإعلام الإلكتروني إلى تطوير منهجي، فلقد ألغي سؤالان عن خضوع التعليقات لرقابة الإدارة ومسؤوليتها المهنية عنها باعتبارها أمور مسلم بها، وأضيفت خيارات جديدة لدور الإعلام الإلكتروني في الحريات مثل تطوير الحوار، والحد من نشر الإشاعات والحد من الإساءة لكرامة الأفراد، كما أضيف سؤال عن مدى التزام المواقع بمعايير للتعليقات بالإضافة إلى سؤالين عن الموقف من قانون جرائم أنظمة المعلومات الذي استحدث، وحجب المواقع الإخبارية عن موظفي الدولة.
وبخصوص المساحة الحرة التي تتيحها المواقع الالكترونية للناس لإبداء آرائهم وتعليقاتهم على ما ينشر في تلك المواقع، فقد أظهرت النتائج أن حوالي 91% من الإعلاميين والصحفيين يعتقدون أن المواقع الإخبارية الالكترونية أتاحت للناس ذلك، مقابل حوالي 9% لا يعتقدون أن تلك المواقع تتيح للناس حرية لإبداء أرائهم وتعليقاتهم.
وفيما يتعلق بمدى التزام المواقع الالكترونية بعدد من المعايير المتعلقة بنشر التعليقات على تلك المواقع، فقد أظهرت النتائج أن الإعلاميين يعتقدون أن تلك المواقع تلتزم بهذه المعايير من خلال عدم قبول التعليقات التي تنتهج سلوكاً عدوانياً أو تحتوي على تهديدات أو ذات مغزى جنسي أو مسيئة إلى عرق من الأعراق حوالي 57% وبدرجات متفاوتة كبيرة ومتوسطة وقليلة.
وبخصوص إعطاء الأولوية للتعليقات التي تحترم النقد والرأي الآخر حوالي 56%، ولا تلتزم على الإطلاق فبلغت 26%، أما نشر تعليقات المشاركين التي لا تتعدى على حقوق الآخرين وتسيء لهم ولا تنشر أي عبارات أو ألفاظ تتضمن شتماً أو تجريحاً أو قدحاً وذماً فقد بلغت 55%، ولا تلتزم على الإطلاق 16.8%.
وتابع الاستطلاع رصد التطورات على المشهد الإلكتروني فعاين الموقف من قانون جرائم أنظمة المعلومات الذي صدر العام الماضي وشهد الكثير من الجدل حوله، فلقد أظهرت نتائج الاستطلاع أن 67% من المستجيبين يعتقدون أن ذلك القانون يشكل قيداً على حرية المواقع الإلكترونية، وأفاد حوالي 59% أنه يشكل حماية للمواطنين من الجرائم الإلكترونية التي قد ترتكب بحقهم، كما أفاد حوالي 49% من المستجيبين أن ذلك القانون يساهم في تنظيم الإعلام الإلكتروني، في حين أفاد حوالي 41% انه يحمي المواقع الإلكترونية من أعمال القرصنة.
وتوقف الاستطلاع أيضاً عند قرار حكومة سمير الرفاعي بحجب المواقع الإخبارية عن موظفي الدولة والذي قررت حكومة معروف البخيت إلغاؤه والتراجع عنه بعد تكليفها، وقد أبدى حوالي 30% من الإعلاميين اعتقادهم أنه من حق للدولة أن تمنع موظفيها من الوصول إلى تلك المواقع لضمان تفرغهم لواجباتهم الوظيفية، مقابل حوالي 70% يعتقدون انه لا يحق للدولة ذلك. وأفاد حوالي 74% من المستجيبين أن هذا الإجراء يشكل قيداً على حرية الإعلام، مقابل حوالي 26% من لا يعتقدون ذلك. كما أفاد حوالي 75% انه يشكل قيداً على المواطنين في حق المعرفة والحصول على المعلومات، مقابل حوالي 24% من لا يعتقدون ذلك، في حين أفاد حوالي 72% أن ذلك القانون يشكل انتهاكاً للمعايير الدولية لحرية الإعلام، مقابل حوالي 26% من لا يعتقدون ذلك.
ولم تتراجع محاولات الاحتواء التي يتعرض لها الصحفيون على الرغم من أن مدونة السلوك الحكومية للعلاقة مع وسائل الإعلام كان من بين أهدافها وقف سياسات الاسترضاء والمهادنة، فلقد اعترف 19% بأنهم تعرضوا لمحاولات احتواء أثناء ممارستهم لعملهم الصحفي، وبأن 46% سمعوا عن صحفيين تعرضوا لذلك، وبهذا ترتفع النسبة لتصل إلى 65%.
وقال الصحفيون الذين تعرضوا لمحاولات الاحتواء أن 29% كانت من جهات حكومية و23% من رجال أعمال، 9% من مؤسسات مجتمع مدني، في حين أن المؤسسات شبه الحكومية والشركات التجارية والإعلانية بلغت 8% والأحزاب السياسية 7% والأجهزة الأمنية 4% والنقابات 3% والنواب 2%، وسنداً لهذه الأرقام فإن محاولات الاحتواء من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية يبلغ 37%.
وحول انتشار بعض الظواهر السلبية في الوسط الصحفي من واسطة، وقبول رشوة، وممارسة الابتزاز، وكتابة أخبار وتحقيقات مدفوعة الأجر، وقبول للهدايا، فقد أظهرت النتائج أن الصحفيين والإعلاميين يعتقدون أن تلك الظواهر منتشرة في الوسط الصحفي على النحو التالي: الواسطة 86%، قبول الهدايا حوالي 72%، كتابة أخبار وتحقيقات مدفوعة الأجر61%، ممارسة الابتزاز للحصول على مكاسب مادية حوالي 59%، قبول الرشوة حوالي 56%.
وعلى صعيد تأثير انتشار مثل تلك الظواهر في الوسط الإعلامي على حرية الإعلام، فقد أظهرت النتائج أن 92% من الصحفيين والإعلاميين يعتقدون أن انتشار تلك الظواهر تؤثر في حرية الإعلام وبدرجات متفاوتة (كبيرة 83%، متوسطة 12.3%، قليلة 2.8%)، مقابل حوالي 2% من يعتقدون أن تلك الظواهر لا تؤثر في حرية الإعلام.
ولم تتوقف الانتهاكات الواقعة على الإعلام وظلت حالات التوقيف للصحفيين عام 2010 رغم التعديل على قانون المطبوعات والنشر والحديث الملكي الصريح بضرورة أن لا يتكرر التوقيف للإعلاميين، فقد أكد 5 صحفيين (1%) من المستجيبين للاستطلاع أنهم تعرضوا للتوقيف.
وكشف الاستطلاع أن 6% من الصحفيين تعرضوا للمحاكمة في قضايا لها علاقة بالإعلام، وحسب المعطيات المتوفرة لوحدة المساعدة القانونية للإعلاميين “ميلاد” التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين فإن القضايا المقامة على الإعلام ستتزايد خاصة على الإعلام الإلكتروني في السنوات القادمة.
واستحوذت قضية الرقابة الذاتية التي يمارسها الصحفيون على أنفسهم على اهتمام المراقبين للشأن الإعلامي في الأردن، وأثارت المؤشرات العالية جدلاً واسعاً بين مصدق لها وبين مشكك، ولكنها وللعام الثالث على التوالي تحافظ على نفس المعدلات، فلقد أكد 94% من الصحفيين أنهم يقومون بالرقابة الذاتية على أنفسهم خلال عملهم الإعلامي.
وبخصوص مفهوم الرقابة الذاتية لدى الصحفيين والإعلاميين، فقد أفاد حوالي 84% بأن الرقابة الذاتية تعني أن يتجنب الإعلامي نشر أو بث كل ما يعتقد انه يتعارض مع الأديان، وأفاد 76% بأنها الامتناع عن نشر أو بث كل ما يعتقد انه يخالف القانون، كما أفاد حوالي 73% بأنها الامتناع عن نشر أو بث كل ما يعتقد انه يخالف العادات والتقاليد، في حين أفاد 66% بأنها الامتناع عن نشر أو بث كل ما يعتقد انه يتعلق بالأمور الجنسية، فيما رأى حوالي 56% أن مفهوم الرقابة الذاتية هو أن يضع الإعلامي لنفسه تصوراً لما يعتقد انه يمكن بثه أو نشره بغض النظر عن الالتزام بالمحددات المهنية.
وأعاد الصحفيون المشاركون في الاستطلاع التأكيد على أكثر التابوهات والمواضيع التي يتجنبون تناولها وهي انتقاد القوات المسلحة حوالي 97%، انتقاد السلطة القضائية حوالي 90%، انتقاد الأجهزة الأمنية حوالي 87%، انتقاد شيوخ ووجهاء العشائر 85%، البحث في القضايا الدينية 81%، انتقاد رجال الدين حوالي 80%، انتقاد زعماء الدول العربية حوالي 79%، مناقشة مواضيع متعلقة بالجنس 76%.
وتوقف الاستطلاع عند المؤتمر الوطني الأول الذي عقدته نقابة الصحفيين عام 2010 تحت عنوان “الإعلام الأردني .. حرية ومسؤولية وطنية”، وهو المؤتمر الأول لها منذ تأسيسها عام 1952 حيث أفاد 78% أنهم سمعوا عنه، ومن بين ممن سمعوا عنه فقط 15% شاركوا به.
وذكر 53% من الإعلاميين الذين سمعوا عن المؤتمر بأنهم ليسوا على اطلاع على توصياته.
وبشأن تأثير توصيات المؤتمر الذي عقدته نقابة الصحفيين على الواقع الإعلامي الأردني، فقد أظهرت النتائج أن 44% من الإعلاميين الذين سمعوا عن المؤتمر يعتقدون أن توصيات ذلك المؤتمر ساهمت في دعم حرية الإعلام مقابل حوالي 34% من يعتقدون أن توصيات ذلك المؤتمر لم تساهم على الإطلاق في دعم حرية الإعلام.
وأفاد 42% أن توصيات المؤتمر ساهمت في تطوير مدونات السلوك المهني وأخلاقيات العمل الصحفي، مقابل حوالي 35% من يعتقدون أن توصيات ذلك المؤتمر لم تساهم على الإطلاق في تطوير مدونات السلوك المهني، في حين أفاد 40% أن توصيات المؤتمر ساهمت في تطوير الحالة المهنية مقابل حوالي 38% من يعتقدون أن توصيات ذلك المؤتمر لم تساهم على الإطلاق في تطوير الحالة المهنية.
الشكاوى والانتهاكات
وأفرد التقرير فصلاً خاصاً بالشكاوى والانتهاكات حيث تم العمل على إعداد المحتوى العلمي لتقرير الانتهاكات الواقعة على الإعلام وتمكن فريق العمل من التحقق من وقوع عدد من الانتهاكات المتنوعة الماسة بحقوق الإعلاميين وبالحريات الإعلامية.
واتبع فريق التقرير أكثر من وسيلة لرصد الانتهاكات إذ وزع المركز خلال العام الماضي استمارات شكوى وبلاغات على الصحفيين مباشرة، إضافة إلى قيام باحثين بتعبئة 250 نموذج استمارة معلومات عبر الاتصال الهاتفي.
وأكمل فريق الرصد عمله بمتابعة ورصد ما ينشر في وسائل الإعلام حول انتهاكات تعرض لها صحفيون أو عن طريق صحفيين أبلغوا عن وقوع انتهاك ضد زملاء لهم أو من خلال الزيارات واللقاءات التي قام بها فريق المشروع ضمن حملة التوعية لبرنامج “سند”.
وفي مرحلة لاحقة وحرصاً على أن يكون توثيق الانتهاكات ورصدها عملاً محترفاً يصل إلى الجميع، قام المركز بتصميم استمارة خاصة للانتهاكات الواقعة على الصحفيين تتضمن أسئلة عامة وتفصيلية، وجرى تصميمها بحيث تبدأ من الانتهاك بشكل عام إلى أن تتناول التفاصيل الخاصة بطبيعة ونوعية الانتهاك، وشملت عملية المسح 505 صحفيين وتم إجراء المسح عبر الهاتف.
وكشف هذا المسح عن أن (266) صحفياً وصحفية قالوا أنهم تعرضوا للتضييق والمضايقة من بين (505) جرى الاتصال بهم، وبعد تدقيق فريق الرصد لكل ما تلقاه من استمارات معلومات وبلاغات ورصد ذاتي توصل إلى اعتماد 153 انتهاكاً وقع على 148 إعلامياً، علماً بأن عدداً من الصحفيين تعرض لأكثر من انتهاك واحد.
وفيما يلي جدول يوضح مصادر استقاء ورصد الانتهاكات:
عدد الصحفيين الحالات التي تشكل انتهاكاً
إستمارة المعلومات والبلاغات 117 25
استمارة الانتهاكات 84 116
حالات الرصد 31 12
المجموع 148 153
وأوضح المركز في تقريره أنه يهدف من خلال الرصد والتوثيق إلى التحقق من التزام الأردن بالالتزامات الناشئة عن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وتقديم العون للضحايا، تعبئة الرأي العام وملاحقة مرتكبي الانتهاك وإنصاف الضحايا، فهم أنماط الانتهاكات وأخيراً تحديد العوائق والتحديات ومعالجتها.
وواجه المركز فترة إعداده لفصل الشكاوى والانتهاكات المعد لتقرير الحريات الإعلامية عدداً من الصعوبات والتحديات أبرزها سياسة عدم الإفصاح أو الصمت، إذ يشير التقرير بأن عدداً كبيراً من الصحفيين يلوذون بالصمت ويؤثرون عدم الإفصاح عما تعرضوا له من انتهاكات حرصاً على سلامتهم وأمنهم، إضافة إلى تأخر الصحفيين في تقديم الشكوى أو الإبلاغ عما تعرضوا له من انتهاك، وانخفاض درجة وعيهم بحقوق الإنسان، إضافة إلى الأسلوب المستخدم في الانتهاك إذ يتعذر في بعض الحالات إجراء عملية استقصاء وجمع أدلة بالنظر إلى الأسلوب الذي يستخدم في الانتهاك.
وتوزعت الانتهاكات التي وقعت على الإعلاميين والحريات الإعلامية ونشرها التقرير على أكثر من حق، خاصة وأن انتهاكات حقوق الإنسان بطبعها وبحكم الترابط بين الحقوق تتسم بكونها متعددة الجوانب.
وشملت الانتهاكات التي تحقق للمركز وقوعها في عام 2010 طيفاً واسعاً من الحقوق تمثل في الحق في الحياة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، الحق في الحرية الشخصية والأمان، حرية التعبير والإعلام، حق الحصول على المعلومات والحق في الاجتماع.
وبين التقرير في الجدول أدناه الانتهاكات التي عرضها التقرير وعددها وفقاً لكل حق من الحقوق المذكورة، علماً بأن عدداً لا بأس به من هذه الانتهاكات وقعت على أكثر من حق من هذه الحقوق ولكن المركز صنفها بحسب الطابع الأبرز والأغلب للانتهاك.
الحق المعتدى عليه
عدد الانتهاكات النسبة المئوية من إجمالي الانتهاكات
التهديد بالحرمان من الحق في الحياة 2 6%
الحق في عدم الخضوع للتعذيب أو لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة 8 24%
الحرية الشخصية والأمان 2 6%
حرية التعبير والإعلام 17 51%
حق الحصول على المعلومات 1 3%
الحق في الاجتماع السلمي 1 3%
الحق في العمل 2 6%
المجموع 33 100%
وكان المركز أطلق في عام 2010 برنامجاً متكاملاً تحت اسم برنامج “سند” لرصد الانتهاكات الواقعة على الحقوق الإنسانية والمهنية للإعلاميين على أساس علمي ومنهجي، وتبع إطلاق البرنامج حملة إعلامية ولقاءات دورية للتعريف بالبرنامج وبالانتهاكات الواقعة على الإعلام وآليات رصدها وتوثيقها.
ويهدف المركز في الأساس من خلال عملية الرصد إلى مراقبة الاحتكام الكامل والفعال للحريات الإعلامية وللحقوق الإنسانية المعترف بها في القانوني الدولي والوطني، والتي يتوجب على السلطات العامة داخل الدولة احترامها وضمانها للإعلاميين بمناسبة ممارستهم لأنشطتهم.
ويسعى برنامج “سند” إلى تحقيق جملة من الأهداف في رؤيته التي تنظر إلى الحد من الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من أجل تعزيز حرية واستقلالية الإعلام.
يهدف “سند” إلى تحفيز الصحفيين على الإفصاح عن المشكلات والتجاوزات والانتهاكات التي يتعرضون لها خلال عملهم وآليات التبليغ عنها، وتشجيعهم على الكشف عن الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى ممارستهم للرقابة الذاتية ومساعدتهم على تجاوزها، إضافة إلى تطوير ومأسسة آليات رصد المشكلات والانتهاكات التي يتعرضون لها.
ويتوسع البرنامج في أهدافه ليشمل توعية الصحفيين بحقوقهم وتعريفهم بالمعايير الدولية لحرية الإعلام وما هية الانتهاكات التي يتعرضون لها، ومطالبة الحكومة باتخاذ التدابير للحد من الانتهاكات الواقعة على الإعلام ومحاسبة مرتكبيها، وحث البرلمان على تطوير التشريعات الضامنة لحرية الإعلام وأخيراً توفير الدعم والمساعدة القانونية للإعلاميين الذين يتعرضون للمشكلات والانتهاكات.
وحرص المركز في عام 2010 على أن يتم النظر في الشكاوى وفحصها وتحليلها على أساس علمي ومنهجي متبصر، وذلك لأن الهدف الأساسي من وراء برنامج “سند” هو رصد الانتهاكات بمعناها الفني الدقيق وتوثيقها حسب الأصول ووفقاً للحقوق والحريات الإنسانية المعترف بها في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، ثم نشرها في فصل خاص ضمن تقرير الحريات الإعلامية.
ومن المسائل الملفتة التي عرضها التقرير أن المركز استقبل عدداً من الشكاوى يفوق بكثير الأعداد التي كان يستقبلها في الأعوام السابقة، فقد تلقى المركز خلال العام الماضي (117) شكوى سواء بشكل مباشر أو من خلال تعبئة استمارة المعلومات والبلاغ، ويعد هذا العدد من الشكاوى نقلة نوعية بالمقارنة مع السنوات السابقة.
تقرير حالة الحريات الإعلامية لسنة عدد الشكاوى
2005 29
2006 31
2007 33
2008 33
2009 40
2010 117
وأظهرت الشكاوى المعروضة في فصل الانتهاكات ضعف الوعي بحقوق الإنسان وبالمفاهيم القانونية الأساسية المتعلقة بالعمل الإعلامي لدى سائر قطاعات الإعلاميين، وعدم توافر الوعي بأهمية توثيق المشكلة من جانبهم، فيما لجأ بعض الإعلاميين إلى استخدام الشكاوى كوسيلة للإفصاح عن مشكلات عامة وبالأخص الإعلاميون في مؤسسات إعلامية رسمية.
وعرض التقرير في هذا الفصل استنتاجات بشأن الانتهاكات التي جرى رصدها وتوثيقها أبرزها كثرة الانتهاكات التي تنطوي على معاملة سيئة سواء اتخذت شكل تهديد أم مضايقة أم حرمان تعسفي من الحرية أم ضرب أم أي شكل آخر. وهي حقيقة تؤشر إلى أن بعض الجهات العامة والخاصة ما زالت تجد في العنف سبيلاً لعرقلة ممارسة الحريات الإعلامية وتسوية خلافاتها وحساباتها مع الإعلاميين أو مؤسساتهم الإعلامية.
ويستنتج التقرير أن ممارسة الرقابة المسبقة كقيد على حرية الرأي والتعبير باتت تمارس بشكل أساسي من قبل المؤسسات الإعلامية ذاتها والقائمين عليها، وهي تقوم بهذا الدور نيابة عن جهات رسمية وأمنية، إضافة إلى أن السواد الأعظم من الانتهاكات وقعت على الحقوق والحريات المدنية والسياسية، ومنها ما يمس كرامة الإعلاميين كالمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة والحرمان التعسفي أو غير القانوني من الحرية.
ويتعرض التقرير في استنتاجاته إلى مفهوم حجب المعلومات لدى الإعلاميين بقوله أن هذا المفهوم ليس واضحاً لدى الصحفيين الأمر الذي انعكس بوضوح على فهمهم للانتهاكات الخاصة بحق الحصول على المعلومات وعلى صعوبة إثباتها، إن لم يكن تعذرها، وهو ما صعب مهمة حصر انتهاكات حجب المعلومات لعام 2010.
ويلفت فصل الشكاوى والانتهاكات النظر في سياق الانتهاكات المرتكبة في عام 2010 بأن الجهات التي بادرت إلى فرض قيود أو تدابير تقييدية على بعض الحقوق التي يتمتع بها الإعلاميون كحرية التعبير والإعلام والحرية الشخصية لم تراعِ البتة مسألتي هذه التدابير وتناسبها مع الغاية المرجوة من التقييد.
ويعتقد مركز حماية وحرية الصحفيين في التوصيات المذكورة بفصل الشكاوى والانتهاكات أنه ينبغي على سائر المؤسسات الإعلامية أن تبادر إلى حماية الإعلاميين الذين يعملون فيها أو يرتبطون معها بنشاط إعلامي، إلى توثيق الانتهاكات التي تقع عليهم، وإلى متابعة شكاوى إعلامييهم مع مصادر الانتهاك بما في ذلك العمل على ملاحقة الفاعلين إن كان الانتهاك ينطوي على جرم جزائي، أو تبني المطالبات بإنصاف الإعلاميين ضحايا هذه الانتهاكات وتعويضهم. وذلك كشكل من أشكال الردع حتى لا تكرر هذه الانتهاكات.
ويلتمس المركز من الهيئات القضائية المختصة والادعاء العام المبادرة إلى فتح تحقيق في أي انتهاك من انتهاكات الحريات الإعلامية ينطوي على جرم جزائي، يتناهى إلى مسامعهم وقوعه على زميل أو أكثر من الزملاء الإعلاميين، وملاحقة الجناة، وبالذات في الحالات المنطوية على تهديد بالقتل أو تعذيب أو معاملة قاسية أو لا إنسانية.
الدراسات والبحوث
واحتوى تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن في فصله الثالث على دراسة متخصصة أعدها الزميل والباحث الصحفي وليد حسني زهرة تحت عنوان “جدران الكتمان .. جدلية الإفصاح والسرية في تطبيقات قانون ضمان حق الحصول على المعلومات”.
وتتحدث الدراسة عن أن تطبيقات نصوص قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لا تبدو بعد مرور نحو أربع سنوات في الإدارة العامة للدولة تسير بالاتجاه الصحيح، فقد كشفت هذه الدراسة عن أن حجم التراخي الحكومي الرسمي في تطبيق القانون لا يزال هو المهيمن والمسيطر على تعامل الحكومة ومؤسساتها ووزاراتها ودوائرها المختلفة مع القانون.
وتكشف الدراسة بالتفاصيل الدقيقة عن مدى التراخي في تطبيق القانون، وعن مدى التأثير السلبي لهذا القانون على تحقيق المبدأ الإنساني في حرية تداول المعلومات ونشرها وتلقيها من قبل الجمهور.
وقد حظي القانون منذ إقراره من قبل مجلس النواب الرابع عشر في عام 2007 بالعديد من الانتقادات المحلية والدولية، بالرغم من أن الأردن كان أول دولة في العالم العربي يقر مثل هذا القانون في عمل ريادي إيجابي أدى بالنتيجة إلى تقدم الأردن في قائمة التصنيف الدولي للدول الديمقراطية التي تتوفر فيها حرية تداول المعلومات.
وتشير الدراسة أن قضية ضمانة الدولة لحرية تداول المعلومات تعتبر من أهم المقومات الإيجابية لمكانتها في ضمان حرية الرأي والتعبير، وصولاً إلى تحقيق مكانة أكثر تقدماً في المسوح الدولية المحكّمة فيما يتعلق بتصنيف الدول في مكافحة الفساد، استناداً إلى القاعدة الذهبية التي تقول بأنه كلما ارتفع سقف حرية الرأي والتعبير وحرية تداول المعلومات كلما ارتفعت مكانة الدولة في تحقيق الشفافية التي هي نقيض تماما لانتشار ظاهرة الفساد في الدولة.
وتعتقد الدراسة أن هذه الجدلية ربما كانت هدفا عند واضعي التشريع الذي جاءت تطبيقاته على الأرض بخلاف ما هو متوقع ولذلك اندفعت منظمة المادة 19 لإصدار بيان مبكر وفور إقرار مجلس النواب للقانون لإصدار بيان عبرت فيه بجلاء عن تخوفاتها من التأثيرات السلبية لهذا القانون على حرية التعبير والنشر وحرية تدفق المعلومات، وتأثيراته الأكثر سلبية فيما يتعلق بانتشار الفساد.
وحاولت الدراسة جاهدة استقراء التطبيقات العملية للقانون حرصت أولاً على قراءة الخارطة التشريعية الدولية التي تشكل أرضية وتجربة مهمة لدول التحول الديمقراطي في إصدار مثل هذا القانون، ثم التجول في البيئة التشريعية المحلية التي شكلت أرضية قانونية لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات بدءاً بالدستور وانتهاءا بالقانون نفسه، مرورا بقوانين أخرى ظهرت وكأنها الأرضية الأكثر تشددا التي استقى قانون ضمان حق الحصول على المعلومات نصوصه منها على نحو قانون حماية أسرار ووثائق الدولة، وقانون العقوبات.
وتظهر الدراسة بوضوح حجم اللامبالاة التي تتعامل بها مؤسسات الدولة مع القانون الذي قال رئيس الوزراء د. معروف البخيت وقبل أن يشكل حكومته في تصريحات صحفية أن حكومته ستعمل على تعديل هذا القانون باعتباره جزءا لا يتجزأ من حزمة قوانين الإصلاح السياسي.
وتتوقع هذه الدراسة أن تقوم الحكومة سريعا بإدخال تعديلات جوهرية على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات بعد أن تبين انه احد التشريعات المعيقة للإصلاح السياسي، واحد ابرز القوانين المؤثرة سلبا على مناخ الحريات الصحفية والإعلامية والحريات العامة في الدولة.
وتكشف الدراسة جانبا من الأخطاء العديدة التي رافقت تطبيق القانون في أجهزة الدولة، وقد ذهبت هذه الدراسة إلى التوقف أمام ثلاثة نماذج لاستكشاف حجم التطبيق للقانون ومدى صوابيته، وهي وزارة المالية، ووزارة الداخلية، ومديرية الأمن العام.
وظهر من هذه التطبيقات جملة من السلبيات وضعتها الدراسة بشكل مجمل وهي عدم تعيين مفوض للمعلومات في تلك المؤسسات، تداخل مهمة الناطق الرسمي مع مهمة مفوض المعلومات وحصر ملكية المعلومات في الموظفين الكبار مثل الوزير أو الأمين العام وعدم وجود مسطرة وتعليمات واضحة ومحددة لتصنيف المعلومات‘ إضافة إلى عدم وجود مكان مخصص لحفظ الوثائق المصنفة بدرجة سري للغاية وسري محدود وإطلاق التقديرات الشخصية للموظفين في تصنيف الوثائق والمعلومات وعدم وجود نموذج لطلب الحصول على المعلومات ـ باستثناء وزارة المالية ـ إلا انه لم يستخدم نهائيا، وتشدد مجلس المعلومات في وضع اشتراطات في طلب الحصول على المعلومات يصل إلى حد فرض تعهدات واشتراطات على صاحب الطلب وعدم وجود إحصائيات في تلك الوزارات والدوائر عن عدد الوثائق التي تم تصنيفها، إلى جانب عدم توفر إحصائيات رسمية عن عدد من استخدم القانون للحصول على المعلومات في كل وزارة ودائرة، والخلط الواضح والمكشوف بين طلب المعلومات بموجب قانون ضمان حق الوصول للمعلومات، وبين الطلبات العادية اليومية التي يقدمها المواطنون للاستفسار عن معاملة خاصة بهم، وأخيراً قيام الناطقين الإعلاميين في الوزارات بحجب المعلومات عن الصحفيين في بعض الأحيان استنادا لتقديراتهم الشخصية فقط.
وذهبت الدراسة لاختبار مدى التزام مجلس المعلومات بنصوص القانون ووجهت لهذه الغاية جملة من الأسئلة العادية التي لا يمكن تصنيفها تحت أي بند إلا بند المعلومات العادية والتي يجب أن تتوفر أصلاً لدى مجلس المعلومات وكانت النتيجة صادمة إلى أبعد حدود الصدمة، فقد جاءت الإجابات في مجملها بدون معلومات، وظهر مجلس المعلومات وكأنه لا يملك بالفعل أية معلومات.
ولم تتوقف النتائج الصادمة عند هذا الحد فقد وجهت أسئلة لوزارة الداخلية وتحديدا للامين العام للوزارة وعلى ورقة عادية وليست على نموذج طلب الحصول على المعلومات المعتمد من مجلس المعلومات لان الوزارة لا تملك نموذجا، وكانت الصدمة كبيرة فقد جاءت إجابة الأمين العام للوزارة عبر الهاتف، ولم توجه لي شخصيا باعتباري طالب المعلومة، وإنما تلقاها زميل آخر ، وتضمنت إجابات في غاية الإثارة فقد أحالتني الإجابة إلى مفوض المعلومات في مجلس المعلومات، لأستقي منه معلوماتي عن وزارة الداخلية، بينما كانت إجابة رئيس مجلس المعلومات خالية تماما من أية معلومات.
وتتوقف الدراسة عند نماذج تطبيقية أخرى تم خلالها اختبار مدى تطبيق القانون، وتمثل ذلك بالقضية التي رفعتها مجدولين خليفات أمام محكمة العدل العليا للطعن في قرار امتناع دائرة الأراضي والمساحة عن منحها معلومات تتعلق ببيع وتأجير أراضي الدولة، وكانت النتيجة أن المحكمة أيدت قرار دائرة الأراضي والمساحة بالامتناع عن الإفصاح عن المعلومات المطلوبة.
وتناولت الدراسة أيضا تأثيرات الرقابة الذاتية والخارجية والداخلية المتمثلة برقابة المؤسسات الإعلامية على المنتج الصحفي وعلى المعلومات المنشورة باعتبار أن هذه الرقابة تشكل أبرز المعوقات السلبية الكبيرة على مدى حرية الإفصاح عن المعلومات ونشرها.
وناقشت الدراسة نموذجا آخر مخالف للدستور وللقوانين المرعية ويتمثل بالتعاميم التي تصدرها الحكومات تحذر فيها موظفي الدولة من مغبة الإفصاح عن أية معلومات قد تجد طريقها للنشر في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة.
وخلصت الدراسة إلى عدة نتائج وتقييمات من أبرزها أن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات أبقى القانون الباب مفتوحا أمام المسؤول لوضع التصنيف الذي يختاره للوثائق التي تملكها مؤسسته أو وزارته، لم يقدم أي جديد أو دفع باتجاه تعزيز مطلب الإفصاح عن المعلومات وحرية تداولها، بحيث جاء القانون بخلاف المسطرة النموذجية لمثل هذا النوع من القوانين التي تعزز من حرية تداول المعلومات والكشف عنها في محاربة الفساد، وتحقيق المبدأ الإنساني بحق المواطن بالحصول على المعلومات.
ومن أهم النتائج والتوصيات التي خلصت الدراسة إليها ما يلي:
• أن هذا القانون لم يلتزم تماما بالأصول الرئيسية المعتمدة في مثل تلك التشريعات، وان المشرع عندما اقر القانون تغاضى عن مجمل التوصيات التي قدمتها منظمة المادة 19 للمجلس الأعلى للإعلام قبل حله وهو الجهة التي أشرفت في حينه على وضع نموذج القانون.
• تشدد القانون كثيرا في مسألة الإفصاح عن المعلومات وتسهيل انسيابها لطالبيها، بحيث تحول هذا القانون إلى قانون منع حق الحصول على المعلومات، وهو ما ظهر مبكرا فور إقرار القانون من مجلس النواب عندما وجهت الصحافة الأردنية انتقادات شديدة له، انتقلت سريعا إلى توجيه انتقادات دولية له من قبل منظمة المادة 19، كما انه ساهم في تراجع مرتبة الأردن في الحريات العامة، وفي التزامه بضمان حرية الحق بالحصول على المعلومات.
• تخلو جميع الوزارات والدوائر الرسمية من تحديد مفوض مختص للمعلومات يتولى الإفصاح عنها، ويلاحظ في تطبيقات القانون أن من يتولى هذه المهمة بشكل غير رسمي وغير مباشر إما موظفين في العلاقات العامة، أو الأمين العام، أو حتى الوزير أو المدير شخصيا، ولا توجد أية مرجعية واضحة في الإدارة العامة للدولة تتولى مهمة” مفوض المعلومات فيها”.
• تجاهل المشرع تماما التشاور والتحاور مع مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بمثل تلك التشريعات المتعلقة بالحريات العامة وبالشفافية وبمحاربة الفساد، ولم يتم إشراكها بمناقشة القانون قبل عرضه على مجلس النواب سنة 2007 أو حتى أثناء مناقشته من قبل لجان المجلس المختصة.
• يبقى هذا القانون محاصرا بقانون آخر أكثر تشددا هو القانون المؤقت رقم 50 لسنة 1971 قانون حماية أسرار ووثائق الدولة الذي لم يعرض منذ 40 سنة على مجلس النواب لتعديله.
• ذهب مجلس المعلومات للتشدد في وضع نموذج طلب الحصول على المعلومات بخلاف ما ينص عليه القانون.
• القانون نفسه لا يلزم الجهة التي ترفض الإفصاح عن المعلومات بقراره المخالف لها، وقد أثبتت التجارب المتواضعة والمحدودة جداً أن هذا الأمر من ابرز العيوب التشريعية في القانون.
• الفترة الزمنية التي منحها القانون للمؤسسة للرد على طلب الحصول على المعلومات والمحددة بـ 30 يوما تعتبر مدة طويلة جدا، كما أن القانون نفسه منح المسؤول الحق المطلق بعدم الرد على الطلب، معتبرا أن عدم الرد يعني قانونيا رفض الطلب، مما يؤشر على أن المشرع أراد إعفاء المسؤول من مهمة تبرير الرفض ومسبباته.
• لم تبذل الحكومة أي جهد كبير للترويج للقانون بين الإعلاميين والمواطنين، مما أبقاه خارج إطار التفعيل بالرغم من مرور نحو أربع سنوات على تطبيقه.
• خلا القانون من أي نص يلزم مجلس المعلومات بالإفصاح عن تقريره السنوي الذي يرفعه لرئيس الوزراء حول حالة حق الحصول على المعلومات، كما انه لم يلزم المجلس بالإفصاح سنويا عن عدد طلبات الحصول على المعلومات.
• التهاون الواضح من قبل وزارات ومؤسسات حكومية عديدة وتراخيها في تطبيق القانون بتسريع فهرسة وثائقها خلال ثلاثة أشهر من سريان مفعول القانون، مما اضطر رئيس الوزراء لإصدار 3 تعاميم على تلك الوزارات والمؤسسات بضرورة المسارعة في فهرسة الوثائق التي تملكها كل وزارة ومؤسسة.
• تتجاهل المؤسسات والدوائر الرسمية وضع إحصائيات بعدد ونوع الطلبات التي يتم تقديمها من قبل طالبي الحصول على المعلومات لتشكل مرجعية لفهم وتقييم القانون من خلال التطبيقات.
• أثبتت تطبيقات القانون عدم وجود مسطرة واضحة لدى الوزارات والدوائر الرسمية في تصنيف الوثائق الخاصة بها، مما أبقى السلطة التقديرية الشخصية للموظف هي المهيمنة فقط على عملية تصنيف المعلومات.
• لا توجد آلية واضحة لحفظ الوثائق أياً كانت تصنيفاتها، كما لا توجد أماكن واضحة ومحددة لحفظ الوثائق المصنفة على أنها سرية للغاية أو “سري محدود”، ومعظم هذه الوثائق تحفظ في أماكن مكشوفة يسهل وصول الموظفين إليها، ولكن عندما يتم طلبها بشكل رسمي تصبح وثائق محرمة.
• تجاهل القانون تماما تحديد فترة زمنية لتغيير تصنيف الوثائق السرية للغاية أو السرية المحدودة لتصبح وثائق متاحة للجمهور، بخلاف ما هو معمول به في دول العالم الأخرى، مما يبقي تصنيف تلك الوثائق سرية على الإطلاق، بالرغم من أن الاقتراحات التي تم تقديمها أثناء إعداد مسودة القانون وضعت نصوصا تحدد فيها الفترة الزمنية لإلغاء التصنيف السري للوثائق.
• إن حالة القانون وتطبيقاته لا تزال بحاجة إلى مراجعة شاملة وتتمثل هذه المراجعة بعقد ورشات عمل متخصصة تشارك فيها مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالقانون إلى جانب خبراء ومهتمين لإعادة تقييم تطبيقات القانون بعد مرور أربع سنوات على تطبيقه ووضع المقترحات والملاحظات على مواد القانون التي يجب معالجتها وتعديلها.
• ينتج عن تلك الورشة المختصة وضع مشروع قانون معدل لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات بالتعاون مع الحكومة وعرضه على مجلس النواب.
• يعتبر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات من أهم القوانين الإصلاحية في أية دولة ديمقراطية أو في دول التحول الديمقراطي “الأردن مثلا”، ولهذا فيجب العمل على تعزيز مطلب تعديل القانون وجعله أكثر مواءمة لمطلب الإصلاح السياسي.
• من الواضح أن الجو السياسي موائم تماما للمباشرة بالمطالبة بتعديل القانون خاصة وان رئيس الوزراء د. معروف البخيت قد تحدث بوضوح في 2 /2 /2011 وأثناء محاورته للكتل النيابية قبل الإعلان عن تشكيل حكومته عن رغبته بتعديل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.
وتوضح الدراسة أن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات وضع في الأساس لغير الصحفيين، لكون الصحفيين لديهم القدرة الكافية للوصول إلى المعلومات التي يطلبونها بطرقهم الخاصة وبلجوئهم إلى العلاقات مع مصادرهم، إلا أن هذا لا يمنعهم ـ أحياناً ـ من استخدام القانون لو كان قانوناً مرناً وإيجابياً يضمن تأمين الحصول على المعلومات وتسهيل الوصول إليها في مدة زمنية قصيرة بدلاً من الانتظار 30 يوما للإجابة على طلب الحصول على المعلومات.
وتكشف الدراسة عن أن بعض الحالات التي تم فيها استخدام قانون ضمان حق الوصول للمعلومات من قبل زملاء صحفيين إنما كان لهدف واحد فقط هو اختبار مدى مرونة القانون والكشف عن مدى إيجابياته وسلبياته، وهو ما تم الكشف عنه فعلا، وتم التأكيد عمليا على انه قانون ضد حرية تداول المعلومات ونشرها.
وتوقفت الدراسة أمام استطلاع للرأي نفذه مركز حماية وحرية الصحفيين لصالح هذه الدراسة أصلا أمام نتائج تعتبر صادمة في حد ذاتها عندما كشف الاستطلاع الذي شمل 505 إعلامياً وإعلامية أن 71% من الإعلاميين مطلعين على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، مقابل 29% منهم أفادوا بعدم اطلاعهم عليه.
وأظهرت النتائج أن حوالي 59% من الإعلاميين يعتقدون أن القانون يدعم حرية الإعلام وبدرجات متفاوتة مقابل حوالي 18% منهم أفادوا بأنه لا يدعم حرية الإعلام على الإطلاق.
وأفاد حوالي 53% من العينة المستطلعة أنهم تقدموا بطلب للحصول على معلومات من تلك الجهات، مقابل 47% أفادوا بعدم تقدمهم بطلب للحصول على معلومات.
وعن مدى تأييد الإعلاميين إجراء تعديلات على قانون ضمان حق الحصول على معلومات حتى يحقق أهدافه بضمان حصول الإعلاميين والمجتمع على المعلومات، فقد أظهرت النتائج تأييد حوالي 81% من الإعلاميين إجراء تعديل على ذلك القانون، مقابل 9% منهم يرفضون إجراء مثل ذلك التعديل، في حين رفض حوالي 9% من الإعلاميين الإجابة على ذلك.
وتكشف الدراسة أن قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لا يزال يشكل عبئاً حقيقياً على مستوى حرية الحصول على المعلومات، كما أن الغالبية العظمى من المواطنين لا يعرفون عن القانون بالرغم من انه لا يختص فقط بالصحفيين وإنما بالمواطنين جميعهم.
وتوقفت الدراسة مطولاً أمام البيئة التشريعية الدولية في الفصل الأول لتتوقف مطولا أمام البيئة التشريعية المحلية المتعلقة بالقانون وبالحريات العامة وبثقافة الإفصاح عن المعلومات وتم تخصيص الفصل الثاني من الدراسة لهذا الموضوع.
وفي الفصل الثالث ذهبت الدراسة لاستجلاء القانون بايجابياته وسلبياته، لتدخل في الفصل الرابع للتوقف أمام شهادات الزملاء الصحفيين، وقراءة تطبيقات القانون بلقاء مع مفوض المعلومات، إلى جانب التوقف أمام دراسات محلية أخرى وضعت في هذا الجانب.
وتم تخصيص الفصل الخامس لقراءة استطلاع الرأي الذي نفذه مركز حماية وحرية الصحفيين لصالح هذه الدراسة، واستعانت الدراسة باستطلاع رأي آخر تم إجراؤه من قبل مركز الأردن الجديد للدراسات تم تنفيذه بعد مرور عامين من تطبيق القانون لمعرفة إلى أي مدى وصل فيه حجم التغيير في موقف الصحفيين من القانون بالمقارنة بين الاستطلاعين.
وختمت الدراسة بالنتائج والتوصيات التي خلصت إلى عدة نتائج وتوصيات تستهدف الرفع من سوية القانون موصية بإجراء حوار تشترك فيه جميع مؤسسات المجتمع المدني لوضع مسودة مشروع قانون معدل لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات، وانتهاز فرصة الأجواء الإصلاحية التي تشهدها المملكة واستنادا إلى تصريحات مبكرة لرئيس الوزراء د. معروف البخيت تعهد فيها بتعديل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.
وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين “ميلاد”
واستعرض التقرير قصة نجاح وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين “ميلاد” التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين والتي استمرت في تقديم العون القانوني والدفاع عن الصحفيين أمام المحاكم بمهنية وكفاءة، حيث بلغت عدد القضايا التي ترافعت بها (78) قضية عام 2010.
وأشار التقرير أن “ميلاد” توكلت بـ (44) قضية جديدة خلال هذا العام في حين بلغ عدد القضايا التي ترافعت بها منذ تأسيسها (143) قضية.
وأضاف أنه خلال عام 2010 حضر محامو ميلاد مع الصحفيين (794) جلسة محاكمة أمام مختلف المحاكم، في حين بلغ عدد الأحكام التي صدرت في القضايا التي يتابعونها (19) حكماً تنوعت بين (12) قضية عدم المسؤولية والبراءة في حين صدرت (7) أحكام إدانة لمخالفتها أحكام المواد 5و7 من قانون المطبوعات والنشر.
ومع نهاية عام 2010 ظلت (59) قضية منظورة لدى محاكم الدرجة الأولى، في حين أن ألـ (19) قضية التي صدر بها أحكام ذهبت لمحكمة الاستئناف.
وبذلت “ميلاد” جهداً في متابعة القضايا المقامة ضد الصحفيين والإعلاميين أمام دوائر التحقيق ومحاكم الدرجة الأولى ومحاكم الدرجة الثانية (الاستئناف) بشكل يومي وبلغ عدد المرافعات الدفاعية الخطية التي قدمها محامو الوحدة (25) مرافعة بالإضافة إلى 45 مذكرة خطية تتضمن دفوع واعتراضات سواء كانت على الشكوى المقدمة أم على البينات.
وناقش محامو ميلاد خلال قضاياهم (86) شاهداً للنيابة والإدعاء بالحق الشخصي.
ومن أجل ضمان تقديم أفضل دفاع قانوني عن الصحفيين قام محامو “ميلاد” بعقد (52) اجتماعاً لمناقشة القضايا المقامة على الإعلاميين، وفي الوقت ذاته عقدوا )34( اجتماعاً مع الصحفيين والإعلاميين لمناقشتهم في القضايا المقامة عليهم.
وكانت أكثر القضايا التي رفعت على الصحفيين تستند إلى مخالفتها لمواد 5و7 من قانون المطبوعات والنشر إضافة إلى مخالفتها أحكام مواد قانون العقوبات المتعلقة بالذم والقدح والتحقير.
ومن بين أبرز التهم التي وجهت إلى الصحفيين الذين تترافع عنهم ميلاد كان عدم احترام الحياة الخاصة وانتهاك حرمة المحاكم وإثارة النعرات المذهبية والطائفية ومخالفة قانون الاتصال وممارسة مهنة الصحافة من غير الصحفيين.
وواصلت “ميلاد” عملها وتشبيكها مع المحامين الذين قامت بتدريبهم على آليات الدفاع عن الصحفيين، وتم الإعلان عن تأسيس شبكة محامي الإعلام في الأردن تحت مظلة مركز حماية وحرية الصحفيين.
وركزت “ميلاد” جهودها عام 2010 على تطوير العلاقة مع السلطة القضائية وعملت بعناية ضمن برنامج القضاء والإعلام، والذي تضمن ورشات تدريبية للسادة القضاة، وإنجاز دليل تدريبي على التخصص القضائي في قضايا الإعلام، إضافة إلى توثيق القضايا المقامة على الصحفيين خلال الأعوام 2006 وحتى 2008، وذلك لإصدار دراسة القول الفصل “2” التي تؤشر على اتجاهات القضاة في التعامل مع قضايا الإعلام.
ومما يذكر أن “ميلاد” تأسست عام 2001 وتتولى مهام تكليف محامين للدفاع عن الإعلاميين الذين يتعرضون للتوقيف و/ أو المحاكمة أثناء تأدية واجبهم المهني، وتقديم الاستشارات القانونية الوقائية للإعلاميين دون زيادة في القيود و/ أو الرقابة الذاتية، وزيادة وتعزيز الثقافة القانونية للصحفيين والإعلاميين ومساعدتهم على ممارسة حقهم الدستوري في التعبير والدفاع عن حق المجتمع في المعرفة دون انتهاك محارم القانون في أي مجتمع ديمقراطي.
وتعمل “ميلاد” أيضاً على حث وتحفيز المحامين على الاهتمام بقضايا حرية الصحافة والإعلام وتطوير مهارتهم القانونية في الميدان، وتقديم مقترحات لمشاريع القوانين للبرلمان والحكومة لتحسين البنية القانونية التي تحكم حرية الإعلام في الأردن بما يتوافق مع المعايير الدولية، والتواصل مع السلطة القضائية بما يكفل تعزيز الحريات الصحفية وخلق حالة تفهم للمعايير الدولية لحرية الإعلام.