- تغطيات بلا تحقق ومعالجات حقوق الإنسان الأكثر غيابا.
- الفيسبوك مصدرا للفيديوهات والإعلام بلا تدقيق أو تحقيق في مصداقيته.
- 102 مادة منها 59 للأمن العام و39 للفيديو الإباحي و4 لطفلة الفيسبوك.
كشف تقرير رصد الإعلام الأردني الصادر اليوم عن مركز حماية وحرية الصحفيين عن عدم اهتمام وسائل الإعلام في عينة الرصد المعتمدة لديه بإدماج قضايا حقوق الإنسان في تغطياتها للثلاث قضايا شغلت الرأي العام الأردني في شهر كانون الأول الماضي.
ورصد التقرير تغطيات 14 وسيلة إعلامية تمثل عينة الرصد لديه لقضية فيديو إلقاء القبض على مطلوب من قبل الأمن العام، وقضية الفيديو الإباحي “سيارة اللانسر”، وقضية طفلة الفيسبوك.
وأشار التقرير إلى رصد 102 مادة منها 59 مادة عن فيديو الأمن العام وبنسبة (57.9%)، و (39) مادة للفيديو الإباحي وبنسبة تغطية بلغت (38.2%) و (4) مواد فقط عن طفلة الفيسبوك وبنسبة (3.9%)، فيما بلغ عدد المواد التي تضمنت معالجة قانونية (9) مواد فقط وبنسبة (8.8%).
وبحسب التقرير فقد قادت منصات التواصل الاجتماعي وسائل الإعلام في عينة الرصد إلى التركيز على تلك القضايا الثلاثة، وتحول “الفيسبوك” إلى مصدر رئيسي لتلك الفيديوهات دون أن تتحقق وسائل الإعلام من مصداقية ما يتم بثه، ومن مصداقية مصادره التي ظلت مجهولة تماما، ولم تدقق أو تتحقق في المحتوى المنشور على الفيسبوك، ومدى قانونيته وانسجامه مع منظومة حقوق الإنسان والشرعة الدولية الناظمة لهذه الحقوق، ولم تتوسع في تقديم إيضاحات قانونية وحقوقية، أو حتى معلومات عن مكان وتاريخ التصوير.
ووفقا للتقرير فقد حظي فيديو إلقاء الأمن العام القبض على مطلوب أمني باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام في عينة الرصد إلا أن المعالجة القانونية لهذه القضية ظلت الأكثر غيابا عن هذه لتغطية باستثناء مقالة واحدة أشارت إلى (مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين) المُقرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف أن وسائل إعلام في عينة الرصد لم تبدِ أهمية للرجوع إلى المادة (8) من الدستور الأردني لتوضيح الموقف الحقوقي والقانوني لمن يتم اعتقالهم وحبسهم، وكذلك المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تمنع تعريض أي كان لمعاملة حاطة بالكرامة.
وقال التقرير إنه ووفقا لنتائج الرصد والتوثيق فقد عولجت قضية فيديو اعتقال مطلوب أمني من منطلق واحد فقط هو الدفاع عن الأمن العام وعن دوره الوطني في تحقيق الأمن المجتمعي في الوقت الذي ذهبت بعض التغطيات لمناقشة الفيديو من منطلق أنه “تنمر على الأمن العام وعلى أمن البلد، وأن جهات ما تحمل أجندة مشبوهة تقف وراء تصوير الفيديو الذي يراد منه الإساءة للأمن العام الأردني، فيما لم تسأل أي وسيلة إعلامية عن أسبقيات هذا المتهم؟ ولم تقم بمتابعة القضية، ومحاولة الوصول لذوي المتهم من أجل التحقق من صحة ما تم تداوله.
وحول الفيديو الإباحي قال التقرير إن نتائج الرصد والتوثيق أظهرت اهتماما أوسع في الجانب بإظهار العقوبات التي سيتعرض لها من ظهرا في الفيديو الإباحي، دون اللجوء إلى تبيان الجانب الحقوقي الذي يتعلق بانتهاك الحق بالحياة كحق إنساني قد يكون مهددا في حالة من ظهر في الفيديو، إذ قد يؤدي إلى قتلهما أو الانتقام منهما، ولهذا أعلن الأمن العام مبكرا “أنهما غادرا المملكة”، لغايات تامين حماية حياتهما.
ولاحظ فريق الرصد والتوثيق أن وسائل الإعلام في عينة الرصد لم تراجع في تغطياتها التصريحات ولم تتحقق من دقة المعلومات المحالة إلى قانون العقوبات، فقد استخدمت المادة (320) القديمة ولم تنتبه إلى أنه تم تعديلها سنة 2017 ليصبح نصها المعدل ” كل من فعل فعلاً منافياً للحياء العام أو أبدى إشارة منافية للحياء في مكان عام أو في مجتمع عام أو بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام أن يراه، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً.”[1].
وبحسب التقرير فإنه وبالرغم من أن الفعل -كما وصف- يتنافى مع الأخلاق والقيم الدينية والاجتماعية فإن مناقشة هذا الفعل ظلت محصورة في هذه المعطيات دون مناقشة القضية من جوانب أخرى تتعلق بمدى تأثير نشر الفيديو على حياة من ظهرا فيه وهما يمارسان الفاحشة في مكان عام، وأمام الناس وفي وضح النهار، وفيما إذا كان هذا الفيديو سيهدد حياتهما وينتهك حقهما الإنساني في الحياة في حال أصبحت حياتهما مهددة.
وأشار التقرير الى أن وسائل الإعلام في عينة الرصد لم تناقش فيما إذا كان هذا الفيديو يخضع إلى قوانين انتهاك الخصوصية وحماية الحياة الخاصة، أم أن هذه الخصوصية انتفت تماما بعد أن قاما بعملهما في وضح النهار وفي مكان عام وأمام الجمهور؟ وما مدى المسؤولية القانونية والحقوقية التي تترتب على من قام بالتصوير والنشر؟
وبين التقرير أنه بدا جليا أن وسائل الإعلام في عينة الرصد لم تقم بمتابعة حيثيات القضية، ولم تتحقق أولا من هوية مصور الفيديو، وأين ومتى، ولماذا تم التصوير؟، وهل كان التصوير مُدبرا، أو أن من ظهروا بالفيديو كانوا على علم مُسبق بعملية التصوير، أو أنه كان باتفاق بينهم أو بين أحدهم؟، ولم تتابع وسائل الإعلام الإجراءات القانونية بحق مصور الفيديو، ومن ظهر فيه؟
لم تحظَ قضية “طفلة الفيسبوك” التي تدرس في إحدى المدارس الخاصة باهتمام لافت من قبل وسائل الإعلام في عينة الرصد، فقد لاحظ فريق الرصد أن الصحف اليومية لم تشر إلى هذه القضية نهائيا بينما اكتفت ثلاثة مواقع إلكترونية بنشرها.
ولاحظ فريق الرصد أن وسائل الإعلام التي نشرت عن هذه القضية لم تناقشها وتطرحها أمام الجمهور من زاوية حقوقية وقانونية، ولم تقل إنها تعبر عن رأيها وهو ما كفله الدستور الأردني، والقوانين الأردنية الناظمة لحرية الرأي والتعبير، والشرعة الدولية المتمثلة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان الواردة في المادة (19) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ووفقا لنتائج الرصد والتوثيق فإن عينة الرصد نشرت 102 مادة حول الموضوعات الثلاث بلغت حصة الصحف اليومية الورقية منها 42 مادة وبنسبة بلغت (41.2%) مقابل 60 مادة نشرتها الصحف الإلكترونية في عينة الرصد وتمثل ما نسبته (58.8%) من النسبة الإجمالية للتغطيات التي تم رصدها وتوثيقها.
وبلغ عدد المواد التي اعتمدت على المصادر المعرفة (88) مادة تمثل ما نسبته (86.3%)، بينما وصلت نسبة المواد مجهولة المصدر من إجمالي التغطيات الإعلامية (17.7%) تمثل (14) مادة فقط.
واعتمدت وسائل الإعلام في عينة الرصد على تعددية المصادر في 8 مواد وبنسبة (7.8%) وعلى تعددية الآراء في (7) مواد وبنسبة (6.9%).
وبحسب التقرير فإن وسائل الإعلام في عينة الرصد اعتمدت على التغطية الإخبارية بنسبة (62.8%) تمثل (64) خبرا، ثم المقال الصحفي بنسبة (18.6%) تمثل (19) مقالا، ثم التقرير الصحفي وبنسبة (14.7%) تمثل (15) تقريرا، ثم التصريح لصحفي وبنسبة (3.9%) وتمثل 4 مواد فقط.
وتتضمن عينة الرصد والتوثيق التي اختارها فريق الرصد في مركز حماية وحرية الصحفيين 14 وسيلة إعلامية أردنية منها أربع صحف يومية ورقية هي صحف الرأي والدستور والغد والأنباط، و10 صحف إلكترونية هي عمون، وجو24، وجفرا، ورؤيا، وسرايا، وسواليف، ومدار الساعة، والبوصلة، والسبيل، ورم.
[1] ــ تم تعديل هذه المادة في القانون رقم (27) لعام 2017 “قانون معدل لقانون العقوبات الأردني “ونشرت في عدد الجريدة الرسمية رقم 5479 بتاريخ 30/8/2017، وبدا العمل بها بتاريخ 1/11/2017.