ثلاثة خطابات كراهية ضد الأم المعتدية على رضيعتها ومؤسسات المجتمع المدني.
أعلى نسبة خطاب كراهية في التغطيات الإعلامية منذ حزيران الماضي.
كشف تقرير الرصد الشهري لخطاب الكراهية في الإعلام الأردني لشهر تشرين الثاني الماضي الصادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين اليوم عن رصد وتوثيق ثلاثة خطابات كراهية بثها نائب واحد وصحفيان.
وقال التقرير الذي رصد خطاب الكراهية والتحريض في قضيتي فقء عيني سيدة جرش واعتداء أم على رضيعتها في الزرقاء اللتان شهدهما الأردن الشهر الماضي، إن نائبا بث خطاب كراهية في موقع إلكتروني ضد مؤسسات المجتمع المدني اتهمها بمهاجمة الدين الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية، فيما بثت كاتبة صحفية في صحيفة يومية واسعة الانتشار خطاب تحريض وعداوة وكراهية ضد الأم التي اعتدت على طفلتها، فيما بث موقع إلكتروني يتبع لفضائية تلفزيونية خطاب كراهية ضد ذات الأم اعتمادا على ما بثه نشطاء على منصة الفيسبوك.
وأشار التقرير إلى أن حادثة فقء عيني المرأة في جرش ظلت بعيدة عن خطاب الكراهية وإن أظهرت تنميطا لصورة المرأة الضعيفة والمستسلمة لقدرها ولعنف زوجها، الذي تمت مهاجمته هو الآخر، إلا أنه ظل خارج الأضواء ولم يظهر نهائيا في مشهد تداعيات القضية، تماما كما لم يظهر زوج السيدة الأم التي اعتدت على طفلتها، فقد ظل الزوجان مختفيان تماما عن وسائل الإعلام لتبقى السيدتان هما من يتلقى تغطيات الإعلام وتعليقات الجمهور، واحدة تتلقى الدعم والمؤازرة وأخرى تتلقى الاتهام والتحريض عليها، فيما تلقت مؤسسات المجتمع المدني وجبة من التحريض وخطاب الكراهية والاتهام.
وأوضح التقرير الذي يعتمد في رصده على 14 وسيلة إعلامية (4 صحف يومية و10 مواقع إلكترونية) أن ما يمنح السياق صفة التحريض والعداوة والكراهية أن توقيت النشر جاء في بيئة متفاعلة مع الحدث، ولدى جمهور غاضب ومستفز، فضلا عن البيئة السياسية التي دفعت بالنائب بث خطاب تحريض وكراهية ضد مؤسسات المجتمع المدني من خلال توظيف الدين في التحريض عليها ولدى نوع من الجمهور لا يشعر بالصداقة والثقة مع مؤسسات المجتمع المدني.
وأشار التقرير أن نتائج الرصد والتوثيق التي ينفذها فريق مختص في المركز قد أكدت على مصداقية الفرضية التي تقول إن أكثر الجهات إنشاء وبثا لخطاب الكراهية هم الصحفيون والسياسيون بسبب ما يتوافر لديهم من منابر سياسية وإعلامية مفتوحة أمامهم، يجعلهم يقفون عادة في رأس قائمة منشئي ومذيعي خطاب التحريض والعداوة والكراهية.
ومن حيث توافر النية أشار التقرير إلى أن منشئي خطاب التحريض والكراهية استغلوا البيئة السياسية والاجتماعية التي توافرت لدى اقتراف الجريمتين لبث خطابهم، وقد ظهرت قصدية التحريض وبث الكراهية والعداوة واضحة من خلال التوصيفات التي تم صرفها للأم ولمؤسسات المجتمع المدني، كما تم بث هذا الخطاب في جمهور مستفز وواسع، وفي وسائل إعلامية مباشرة ومفتوحة مما حقق شرط علنية الخطاب واحتمالات تأثيراته الواسعة في جمهور لا يملك وسائل التصدي لمثل هذا الخطاب التحريضي.
ومن حيث الأرجحية قال التقرير إن أخطر ما يمكن احتماله في خطاب الكراهية في هاتين الحادثتين هو التحريض على مؤسسات المجتمع المدني الذي ظهر في خطاب النائب لكونه ربط وجودها ونشاطها بالتمويل الخارجي وبالدين الإسلامي، وبقانون الأحوال الشخصية الذي يستمد معظم مواده من الشريعة الإسلامية.
وأضاف أن هذا الخطاب قد يؤدي إلى ردات فعل من بعض الجمهور قد تصل إلى حالة الخطر، وقد يدفع بالحكومة إلى اتخاذ قرارات قد تعرقل عمل مؤسسات المجتمع المدني، ومن المرجح أن تتعرض تلك المؤسسات إلى حملات شعبية تنال من سمعتها ومن مركزها القانوني، مما سيؤثر سلبا على عملها، فيما سيظل التحريض على كراهية الأم المعتدية على مرضعتها في مكانه ولن يتجاوزه، وسيبقى محصورا في عدم خلق بيئة اجتماعية متعاطفة معها.
وأشار التقرير إلى أن فريق الرصد والتوثيق رصد 142 مادة تم نشرها في عينة الرصد خلال شهر تشرين ثاني نوفمبر الماضي، بلغت نسبة خطاب الكراهية والتحريض فيها (2.1 %) وهي أعلى نسبة خطاب كراهية يتم رصدها وتوثيقها منذ انطلاق مشروع الرصد والتوثيق في شهر حزيران يونيو 2019.