في تقريره الأول لرصد ومتابعة إجراءات الحكومة في تنفيذ توصيات جنيف 2013
- حزمة التشريعات المقيدة لحرية الإعلام لم تعدل .. والمطلوب خطة وطنية تتضمن مؤشرات قياس وآليات تنفيذ
أصدر مركز حماية وحرية الصحفيين تقريره الدوري الأول حول رصد ومتابعة تنفيذ الحكومة لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان والمتعلقة بحرية الإعلام.
أظهرت نتائج التقرير الذي أعده المركز ضمن مشروع “تغيير لإصلاح الإعلام في الأردن” أنه وبعد مرور أكثر من سنة ونصف على توصيات مجلس حقوق الإنسان وقبول الأردن لمجموع التوصيات المتعلقة بالإعلام، فإن الذي تحقق من هذه التوصيات لا يزال متواضع جدا ولا يمكن النظر إليه باعتباره منجزا سريعا وملموسا، بعكس الاستجابة الفورية للحكومة تجاه التوصيات التي قبلتها ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
ويرصد التقرير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بشأن تنفيذ تعهداتها خلال الفترة من 1 يناير 2014 ولغاية مايو من العام الحالي 2015.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور أن “هذا التقرير يهدف إلى حث الحكومة ودفعها لتنفيذ ما تعهدت به من توصيات خلال الاستعراض الدوري الشامل الذي استحق على الأردن في أكتوبر 2013، وذلك من خلال تتبع ورصد ما تقوم به من إجراءات ملموسة”.
وأضاف منصور “لقد رحبنا سابقاً بقبول الحكومة تنفيذ 15 توصية تتعلق بحرية الإعلام والرأي والتعبير رغم تحفظها على ثلاث توصيات أخرى، إلا أن المهم ترجمة هذه الموافقة إلى خطوات عملية في الجوانب التشريعية والإجراءات التنفيذية بشكل يعزز بالفعل الحريات الإعلامية وحرية التعبير وحرية الإنترنت”.
وجرى استعراض الأردن في الاجتماع السابع الذي عقد في 24 أكتوبر 2013، واعتمد الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل في جلسته الرابعة عشرة المعقودة في 31 أكتوبر 2013 التقرير المتعلق بالأردن.
وتضمنت جميع التوصيات التي قدمتها الدول وعددها 173 توصية من بينها 18 توصية تتعلق بحرية التعبير وحرية الاعلام وحرية الانترنت، وأظهر التقرير أن الحكومة الاردنية وافقت على 126 توصية ورفضت 33 توصية فيما علقت 13 توصية للدراسة.
وفي نهاية المطاف قبل الوفد الحكومي بـ 15 توصية تتعلق بحرية التعبير وحرية الإعلام وحرية الإنترنت.
وأشار التقرير إلى وجود قلق دولي من تراجع الحريات الشخصية الأساسية في الأردن، خاصة في مجال حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام وتداول المعلومات وحرية الإنترنت، وذلك خلال مراجعة التوصيات المتعلقة بالإعلام في جنيف.
واعتمد التقرير في إعداده على قياس مؤشرات ثلاث محاور رئيسية هي التشريعات، الممارسات والسياسات والالتزامات الدولية التي تعهدت الأردن بتنفيذها.
وتضمنت مؤشرات القياس على مصادر المعلومات وطبيعة المؤشرات الكمية والنوعية بالإضافة إلى آلية جمع المعلومات، ومن ثم تحديد الإجراءات المطلوب من الحكومة اتخاذها لتنفيذ كل توصية من التوصيات على حدا، ودلالات هذه الإجراءات.
وخلص التقرير أن الحكومة لم تراعِ مبادئ الموائمة الكاملة وتعديل التشريعات الوطنية استجابة لتعهداتها الطوعية بتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل.
وقال أن ما قامت به الحكومة حتى الآن هو تعديلات إجرائية لا تمس جوهر حماية حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة.
وأضاف “لا تزال الحكومة لم تراعي ضمان الحق في ممارسة حرية التعبير ضماناً كاملاً، ولم يتم تعديل اللوائح المتعلقة بوسائط الإعلام بما في ذلك حرية الإنترنت”، مشيراً إلى أن الحكومة لم تقدم ضمانات كافية لممارسة حرية الرأي والتعبير وفقاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وتابع “لم تبذل الحكومة ضغوطاً كافية للبدء بإجراء تعديلات على بعض القوانين الضاغطة والمقيدة للإعلام استناداً إلى مواقفها على التوصيات بالاستعراض الدوري الشامل”.
ونوه التقرير إلى أن الحكومة لا تتحمل وحدها مسؤولية الإشكاليات في التشريعات المتعلقة بالبرلمان، وإنما مجلس النواب والأعيان شريك في الأمر أيضاً، ففي المجلس هناك أصوات متعددة لا تؤيد إحداث تعديلات جذرية داعمة لحرية التعبير والإعلام، وتؤيد وجود نصوص تعتبر مقيدة ولا تتفق مع المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير والإعلام.
التعديل على التشريعات الماسة بحرية الإعلام ..
وأشار التقرير إلى أن موائمة التشريعات الوطنية مع المادة 19 من العهد الدولي الحالي بالحقوق المدنية والسياسية أمر لم يحدث حتى الآن.
وبين أن الحكومة لم تجرِ التعديلات المطلوبة على عدد من التشريعات ذات الصلة بحرية الإعلام ومنها على سبيل المثال قانون المطبوعات والنشر وقانون نقابة الصحفيين وقانون العقوبات وقانون محكمة أمن الدولة.
وأشار إلى أن قانون المطبوعات والنشر الذي طاله النقد الكثير لم يراجع حتى الآن، ولم ترفع الكثير من القيود التي يتضمنها ومن بينها شرط الترخيص للمواقع الإلكترونية.
ونوه بأن قانون منع الإرهاب قد أتاح محاكمة الصحفيين أمام محكمة أمن الدولة، وتضمن على عقوبات سالبة للحرية في القضايا التي يلاحق الصحفيون عليها بموجبه.
وبين التقرير أنه بالرغم من مرور أكثر من ثمان سنوات على إصدار قانون حق الحصول على المعلومات فإن إنفاذه وتطبيقه حتى الآن ما زال محدوداً، ولا تزال كثير من الوزارات والمؤسسات لم تصنف المعلومات حتى الآن ولم تضع آليات لإنفاذه، وبقيت الاستثناءات الواردة في القانون موسعة بشكل غير مبرر ما يتعارض مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وقال أن وسائل الإعلام لا تزال تحاكم بموجب قانون العقوبات الذي يتضمن عقوبات سالبة للحرية في قضايا الإعلام، وقد شكلت وزارة العدل لجنة لتعديل القانون ووضعت هذه اللجنة مسودة أولية، ولكن لم يتم تعديل أو إلغاء أياً من مواد أو بنود من هذا القانون.
وأضاف أن الحكومة لم تجرِ مراجعة للمادة 3/أ من قانون محكمة أمن الدولة بحيث يعدل النص القانوني بما يتضمن نزع اختصاص محكمة أمن الدولة في النظر بقضايا المطبوعات والنشر و/أو الإعلام المرئي والمسموع، بحيث يقتصر الأمر على محكمة البداية.
الإجراءات والسياسات ..
وقال التقرير أن ما تم رصده وتوثيقه في محور السياسات والممارسات تظهر بأن ممارسات الحكومة تتنافى مع التعهدات والالتزامات التي وافقت على تنفيذها وتطبيقها.
وأظهر أن الحكومة لم تضمن حرية الرأي والتعبير وفقاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولم تجرِ تحقيقات نزيهة في جميع حالات الاعتداء على الصحفيين ومضايقتهم وترهيبهم وتقديم الجناة إلى العدالة، كما لم تُفَعِّل الحوار مع أصحاب المصلحة المعنيين والمجتمع المدني بهـدف مراجعة القوانين التي تفرض قيوداً على الإعلام.
وفي الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الحكومة لتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل، قال التقرير أن الحكومة استحدثت منصب المنسق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء، واستحدثت وحدة متخصصة بحقوق الإنسان في الرئاسة لوضع الأسس التي ستعمل عليها الحكومة في مجال حقوق الإنسان، حيث أنيطت بالمنسق الحكومي لحقوق الإنسان عدد من المهام التنفيذية.
ولاحظ التقرير من خلال صفحة التنسيق الحكومي لحقوق الإنسان في الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء، خلو أية تقارير دورية صادرة عن هيئة الإعلام، أو أية هيئة رسمية ذات صلة بالعمل الإعلامي في الأردن.
ومن خلال عمليات الرصد والمتابعة تبين أن الحكومة أصدرت تعميمات إلى كافة الوزارات والدوائر الرسمية لضرورة تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل بالإضافة إلى الالتزامات الدولية بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية الأساسية المعنية بحقوق الإنسان.
وقامت الحكومة بإنشاء فريق عمل ضمن مكتب المنسق الحكومي لإعداد دراسة للتوصيات، وتقديم موجز حولها والآلية المقترحة لتنفيذ هذه التوصيات من الجهة المختصة بالتنفيذ، وهي ما تم تسميتها بـ”المصفوفة”.
ومن خلال دراسة المصفوفة التي وضعها فريق عمل المنسق الحكومي أظهر التقرير بأن الفريق لم يبين المنهجية العلمية والعملية التي وضعت على أساسها هذه المصفوفة، وإنما اكتفى بالإشارة إلى الجهات المعنية ذات الشأن بمضمون التوصيات، وأيضاً لم تراعِ المصفوفة دور مؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ التوصيات عملاً بقرار مجلس حقوق الإنسان والذي اعتبر أن لأصحاب المصلحة دوراً في متابعة تنفيذ التوصيات، وليس فقط في المساهمة في إعداد التقارير.
ولم تتضمن المصفوفة خططا واليات واضحة للتنفيذ، كما انها لم تتضمن خططا زمنية لتحقيق ذلك باستثناء توصية واحدة نصت فيها على تعديل القوانين واللوائح الوطنية ذات الصلة بحلول 1 تشرين الاول اكتوبر 2014، وبالرغم من ذلك فإن هذا الحد الزمني لم يتحقق نهائيا.
وطالب التقرير الحكومة العمل على إعادة صياغة المصفوفة لتنبني على برامج وخطط تنفيذية محددة وقابلة للقياس، وضمن مدة زمنية محددة للتنفيذ وهي الفترة المحددة للإعداد للتقرير الثالث، مع تخصيص جزء من موازنة الدولة لتنفيذ الالتزامات والتعهدات الدولية الواردة ضمن توصيات الاستعراض الدوري الشامل.
وعلى صعيد رصد الممارسات القضائية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير تبين وجود حالات اعتداء عل الصحفيين ومضايقتهم نتيجة لقيامهم بممارسة عملهم الإعلامي، ولم تقم السلطات الأردنية بتقديم الجناة إلى العدالة.
توصيات ..
ووجه التقرير عدداً من التوصيات للحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، حيث طالب الحكومة بالإسراع في تنفيذ توصياتها وتعهداتها الواردة ضمن تقرير الفريق المعني بالاستعراض الدوري الشامل، والمتعلقة بالإعلام، من خلال إعادة دراسة التشريعات الوطنية ومواءمتها مع الالتزامات الدولية خصوصا المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وحَث فريق التنسيق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء، على متابعة دراسة التشريعات المتعلقة بالإعلام، والعمل على إلغاء التشريعات التي تتضمن تقييداً لحرية الإعلام وتخالف المعايير الدولية، و/ أو العمل على إجراء تعديلات عليها بما يتوافق والمعايير الدولية.
وأوصى التقرير بالعمل على صياغة خطة وطنية خاصة بمتابعة تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل المتعلقة بحرية الإعلام والصحافة، ورفدها بخطط تنفيذية واضحة المعالم ومحددة وقابلة للقياس، وضمن مدة زمنية محددة، وتوفير الدعم المالي اللازم لكافة الدوائر الرسمية والوزارات والقطاعات الحكومية لتنفيذها.
وطالب بالالتزام بإشراك كافة أصحاب المصلحة بمتابعة الخطوات التي تقوم بها الحكومة لتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل، من خلال إنشاء جسم وطني يتمتع بصلاحيات الرقابة والمشاركة في التنفيذ.
وأشار إلى ضرورة تنظيم اللقاءات الدورية بين الحكومة وكافة أصحاب المصلحة، لرصد مدى استجابة الحكومة للتوصيات المتعلقة بحرية الإعلام والصحافة وحرية الرأي والتعبير.