انتقد عدم موافقتها على 3 توصيات مهمة.. ويعرض تفاصيل ما حدث في جنيف
رحب مركز حماية وحرية الصحفيين بموافقة الحكومة على 15 توصية تتعلق بتعزيز حرية التعبير وحرية الإعلام والانترنت قدمت من قبل الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل لحالة حقوق الإنسان في الأردن، التي عقدت في جنيف في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكانت اللجنة الثلاثية في مجلس حقوق الانسان قد أعلنت يوم الثلاثاء 29 أكتوبر/ تشرين أول التقرير المبدئي لجلسة المراجعة الدورية الخاصة بالأردن، وتضمن جميع التوصيات التي قدمتها الدول وعددها 173 توصية من بينها 18 توصية تتعلق بحرية التعبير وحرية الاعلام وحرية الانترنت، ويظهر التقريرأن الحكومة الاردنية وافقت على 126 توصية ورفضت 33 توصية فيما علقت 13 توصية للدراسة.
ووصف المركز في بيان له قبول الأردن لهذا العدد من التوصيات بأنه “خطوة إيجابية”، وقال الرئيس التنفيذي للمركز الزميل نضال منصور “نثمن تعاطي الحكومة الايجابي وقبول هذه التوصيات”، لكنه إستدرك بالقول “المهم الآن ترجمة هذه الموافقة إلى خطوات عملية في الجوانب التشريعية والإجراءات التنفيذية بشكل يعزز بالفعل الحريات الإعلامية وحرية التعبير وحرية الإنترنت، ويلغي كل الخطوات والإجراءات التي أتخذت خلال الأشهر الماضية وأدت إلى تراجع مستوى الحريات في البلاد”.
وأوضح المركز في بيانه أن وفدا يمثل المركز قد حضر في جنيف مداولات الجلسة الخاصة بالأردن ضمن إطار وفد مدني يمثل تحالفا لعدد من منظمات المجتمع المدني. وأشار إلى أن الوفد المدني سعى للتواصل مع الوفد الحكومي برئاسة وزير الدولة لشؤون الاعلام الدكتور محمد المومني قبل وخلال جلسة الإستعراض الدوري من اجل عرض موقف المجتمع المدني حيال عدد من الملفات المتعلقة بحالة حقوق الإنسان، وحث الوفد الرسمي على قبول كل التوصيات التي تهدف الى تعزيز حقوق الإنسان في المملكة.
وفي الوقت الذي أثنى فيه المركز على الإيجابية التي أبدتها الحكومة في التعامل مع آلية المراجعة الدورية الشاملة وانفتاح الوفد الرسمي برئاسة وزير الدولة لشؤون الاعلام الدكتور محمد المومني على وفد منظمات المجتمع المدني خلال تواجد الطرفين في جنيف، الاأنه أعرب عن أسفه لعدم موافقة الحكومة على باقي التوصيات التي تقدمت بها الدول والتي من شأن قبولها وتنفيذها أن يؤدي إلى تحسين حالة حقوق الإنسان في الأردن، ويكفل للأردنيين حقوقا أساسية نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية، خاصة في مجال المساواة الجندرية، وحقوق المرأة، والطفل، وحقوق العمال، والعمالة المهاجرة، واللاجئين، والحد من جرائم التعذيب وسوء المعاملة وتعزيز مبادئ المحاكمات العادلة وإنهاء محاكمات المدنيين أمام محكمة أمن الدولة.
وفي هذا السياق قال الزميل منصور “أن وفد منظمات المدني إلتقى الوزير المومني والوفد الحكومي أكثر من مرة قبل وخلال إجتماعات مجلس حقوق الانسان، وكان الحوار إيجابيا، وتلقينا وعودا بقبول أكبر عدد من التوصيات، وهذا حصل بالفعل” وأضاف “خلال إجتماعنا الأخير مع الوزير والوفد الرسمي في جنيف قبيل تقديم الحكومة ردودها الرسمية الأولية على التوصيات للجنة الثلاثية حاولنا الدفع باتجاه قبول جميع التوصيات،إلا أن الوفد الرسمي لم يقبل بذلك، خاصة التوصيات المتعلقة برفع باقي تحفظات المملكة على إتفاقية سيداو ومساواة المرأة بالرجل خاصة في منح الجنسية والمصادقة على البروتوكول الاختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب” وتابع القول “حاولنا أيضا إقناعهم بعدم إعلان رفض هذه التوصيات ووضعها للدراسة إلى حين موعد تقديم الرد النهائي والمقرر في شهر مارس/ آذار من العام 2014، الا أن الوفد لم يقبل بذلك ايضا”.
وانتقد مركز حماية وحرية الصحفيين موقف الوفد الرسمي في التعاطي مع التوصيات المتعلقة بحرية الإعلام لجهة عدم قبول ثلاثة توصيات علقها للدراسة، رغم مطالبات وفد المجتمع المدني للوفد بقبولها كونها تتوائم مع المعايير الدولية.
وأوضح منصور “لاحظنا أن الوفد قبل التوصيات العامة التي تتحدث عن تعزيز الحريات الإعلامية، فيما التوصيات الثلاثة لتي لم يقبلها هي تلك التوصيات التي فيها إلتزمات محددة لا تقبل اللبس او تفسير على نحو آخر، اهمها إزالة شرط الترخيص المسبق لوسائل الاعلام وتوسيع تعريف الصحفي”.
وأضاف “أن ذلك يجعلنا نشعر بالقلق من إستمرار الحكومة في الحديث بشعارات براقة عن حرية الإعلام وتمارس ما يخالفها على أرض الواقع”.
وأوضح المركز في بيانه أن الوفد الحكومي قبل 15 توصية تتعلق بحرية التعبير وحرية الإعلام وحرية الانترنت وكانت على النحو التالي:
- إطلاق عملية مراجعة لقانون العقوبات والقوانين المتعلقة بالمطبوعات والنشر، على أن تشارك منظمات المجتمع المدني وخبراء دوليين في المراجعة التي يجب أن تستند للمعايير الدولية.
- إلغاء او تعديل كل المواد في قانون العقوبات التي تضع قيود جائرة على حرية التعبير.
- تعديل التشريعات لتوفير ضمانات أكبر لحرية الرأي والتعبير وبما يتوافق مع المادة 15 الفقرة 1 من الدستور الأردني المعدل ، ويتوائم مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
- اتخاذ الخطوات التشريعية المناسبة لضمان تقديم حماية كاملة للحق في حرية التعبير والرأي وخاصة فيما يتعلق بالنشر الإلكتروني والصحافة الإلكترونية.
- التأكد من أن الدولة وتشريعاتها تحترم المادتين 19 و21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تكفل حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات والتنظيم النقابي.
- دعم وتعزيز حرية الاعلام وحرية التعبير وضمان أن تكون التشريعات وممارسات الدولة متوائمة مع متطلبات المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
- مراجعة قانون المطبوعات والنشر بما يضمن توفير الحماية الكاملة لحرية التعبير.
- توفير ضمانات شاملة لممارسة الحق في حرية التعبير بما في ذلك حرية الإنترنت، ومن أجل تحقيق ذلك، لا بد من العمل على تعديل القوانين المتعلقة بالإعلام الالكتروني.
- ضمان حرية الرأي والتعبير بما يتوافق مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
- تعديل قانون المطبوعات والنشر لتخفيف القيود المفروضة على نشر المعلومات عبر الإنترنت.
- إعادة النظر في التعديلات الأخيرة على قانون المطبوعات والنشر، وقانون جرائم أنظمة المعلومات، وقانون العقوبات والتي من شأنها تهديد الحق في حرية التعبير خاصة عبر الوسائل الإلكترونية.
- القيام بإجراء تحقيقات مستقلة في كل حالات الإعتداء والإنتهاكات والمضايقة والترهيب التي يتعرض لها الصحفيون، ومحاكمة مرتكبي الإنتهاكات أمام العدالة.
- تعديل قانون المطبوعات والنشر لإفساح المجال لوجود قنوات إتصال مفتوحة مع الجمهور ، من خلال وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية ، بما يعزز القدرة على الوصول إلى المعلومات العامة من أجل تعزيز قدرة المواطنين على المشاركة بشكل فاعل في الحياة العامة.
- البدء بعملية حوار مع أصحاب المصلحة والمجتمع المدني ضمن رؤية تستهدف مراجعة وتعديل قانون المطبوعات والنشر وخاصة التعديلات الاخيرة التي تم إقرارها في سبتمبر /أيلول 2012
- موصلة الجهود لتنفيذ الإستراتيجية الإعلامية الوطنية بالتعاون مع مختلف الجهات والشركاء ذوي العلاقة والمصلحة.
بالمقابل لم تقبل الحكومة الموافقة على ثلاثة توصيات اخرى تتعلق بحرية التعبير وحرية الإعلام والإنترنت، ووضعتها قيد الدراسة، وهي:
- إبطال التعديلات الأخيرة التي تم إدخالها على قانون العقوبات وقانون المطبوعات والنشر وقانون جرائم أنظمة المعلومات.
- تعديل قانون المطبوعات والنشر لتعزيز وجود الإعلام المستقل المنفتح، من خلال توسيع تعريف الصحفي وإزالة العقوبات المالية وإلغاء شرط الترخيص المسبق وضمان حرية الإعلام والإنترنت.
- إتخاذ إجراءات لدعم وتعزيز حرية وإستقلالية الإعلام ، وخاصة الإعلام الإلكتروني والأخذ بعين الإعتبار إلغاء شرط التسجيل للمواقع الإلكترونية المستقلة.
وأشار المركز إلى أن القراءة المتأنية لما جرى في جلسة الإستعراض الدوري الشامل من نقاشات وتوصيات تشير إلى وجود قلق دولي من تراجع الحريات الشخصية الأساسية في الأردن خاصة في مجال حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام وتداول المعلومات وحرية الإنترنت.
وأشار الى أن موضوع حرية التعبير وحرية الإعلام و الإنترنت كان من أبرزالمواضيع التي تم التركيز عليها خلال جلسة الإستعراض من قبل الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بعد حقوق المرأة ومكافحة التعذيب، وتجاوز في أهميته مواضيع كانت تعتبر أكثر أهمية في سجل الأردن منها العمالة المهاجرة وحقوق اللاجئين وحقوق الطفل وضمانات المحاكمة العادلة.
ونوه المركز إلى أن ذلك يعد مؤشر على حجم التراجع في حرية التعبير وحرية الإعلام والإنترنت في الأردن، خاصة إذا ما قورن الأمر بالإستعراض الدوري الاول الذي جرى في العام 2009 والذي لم تطرح خلاله سوى توصية واحدة تتعلق بالإعلام وحرية التعبير تم قبولها وكانت تتسم بالعمومية لتعزيز حرية وإستقلالية الإعلام وعمله، فيما طرح هذا العام (2013) 18 توصية.
وأعرب المركز عن سعادته بأن جهوده في العمل والتحضير من أجل الإستعراض الدولي الشامل قد أثمرت عن تركيز الدول في توصياتها على أهمية حرية الصحافة، والطلب من الحكومة تحسين بيئة حرية التعبير والإعلام والإنترنت، مشيدا بالوقت ذاته بجهود منظمات المجتمع المدني الأخرى وعملهم الجماعي إستعدادا لإجتماعات مجلس حقوق الإنسان.
وشدد المركز على أن هذه التطورات تؤكد صحة المواقف التي إتخذها المركز خلال السنوات الماضية في دعوة الحكومات إلى احترام وتعزيز حرية التعبير وحرية الإعلام في الأردن عبر تشريعات وإجراءات تنفيذية تتوائم مع المعايير الدولية.
وأشار المركز إلى أنه طالما حذر الحكومة من إنعكاسات الإنتهاكات التي تجري بحق الإعلام وحرية التعبير والقيود التي تفرضها القوانين الجديدة على صورة الأردن في العالم.
من جهة أخرى أعلن المركز عن مساندته أيضا لموقف منظمات المجتمع المدني الاخرى المنتقد لرفض الحكومة قبول التوصيات الاخرى خاصة المتعلقة بحقوق المراة والمحاكمات العادلة وحرية التنظيم النقابي والحد من التعذيب وغيرها.
وأكد على أن تحالف منظمات المجتمع المدني الذي شارك في جلسة الإستعراض الدوري الشامل ينوي العمل بالتنسيق مع مختلف منظمات المجتمع المدني الاخرى،من أجل التحاور مع الحكومة، والضغط عليها لتغيير موقفها اتجاه التوصيات الأخرى، وحثها على القبول بها، كما انها ستعمل على إدامة الحوار مع اللجنة الحكومية الخاصة بالمراجعة الدورية من أجل متابعة تنفيذ الحكومة للتوصيات التي أقرت بها.