أجمع المشاركون في الملتقى الوطني التشاوري الثاني للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان للأردن 2018 على أهمية التشاركية بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لتعزيز حقوق الإنسان.
وقال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة في افتتاح الملتقى الذي نظم صباح أمس في فندق الريجنسي أن “الأردن شهد تطوراً ملحوظاً وقفزة نوعية في مجال حقوق الإنسان”، مؤكداً على أن “الحوار بين الحكومة والمجتمع المدني هو أساس التشاركية بعيداً عن الاتهامات والتشكيك للوصول إلى حلول مقبولة في قضايا حقوق الإنسان”.
وأضاف المعايطة أن “الحوار المبني على الثقة دون نوايا مسبقة هو الأهم من أجل التقدم للأمام وأنه الخطوة الأولى والنهائية لتحقيق النجاح ليس فقط في حقوق الإنسان بل في جميع الجوانب الأخرى”.
وبين ممثل الأمم المتحدة في الأردن أندرز بدرسن أن “حقوق الإنسان تواجه تحدياً كبيراً على مستوى العالم”، مشيراً بأن “حقوق الإنسان ستبقى في صلب عمل الأمم المتحدة وأن عملية الاستعراض الدوري الشامل فرصة لكل الدول لتحقيق التقدم المنشود على هذا الصعيد”.
ونوه بدرسن أن مكتب الأمم المتحدة في الأردن يدعم كل ما يعزز حقوق الإنسان وأن المجتمع المدني جزء لا يتجزأ لمساعدة الحكومة على توفير حلول للمشاكل المعقدة، مشيراً أن عملية الاستعراض الدوري الشامل تجعل مؤسسات المجتمع المدني شريكاً مع الحكومة.
من جهته قال المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور موسى بريزات بأن واقع حقوق الإنسان في المنطقة أصبح على المحك وأنه من الجيد تقديم صورة جيدة عن الأردن في إطار حقوق الإنسان من خلال التشاركية بين المجتمع المدني والحكومة.
وحث بريزات الحكومة بالتحدث عن مشكلات حقوق الإنسان بشكل واضح ومحدد، مشيراً بأن الحكومة تقدمت خطوات في تعزيز حقوق الإنسان ولديها ما تقوله أمام الاستعراض الدوري الشامل في جنيف 2018.
بدوره قال المنسق الحكومي لحقوق الإنسان باسل الطراونة بأن الحكومة لا تزال تواجه قصوراً في معالجة بعض قضايا حقوق الإنسان إلا أن الإرادة السياسية متوفرة ومنها على سبيل المثال الخطة العشرية الوطنية الشاملة لحقوق الانسان والتي جاءت بمبادرة ومباركة من الملك عبدالله الثاني.
وثمن الطراونة دور المؤسسات الوطنية مشيراً بأن الحكومة تعمل على كافة المستويات لحفظ الأمن وحفظ حقوق الإنسان، مؤكداً على استمرارية المساهمة مع مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق أفضل تطبيقات حقوق الإنسان في الأردن.
وممثلاً عن مؤسسات المجتمع المدني أشار الإعلامي والكاتب عريب الرنتاوي أن نشاط حقوق الإنسان في الأردن قد شب عن الطوق وأثبت حضوراً فاعلاً، إلا أن العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والحكومات المتعاقبة ومؤسسات الدولة لم تصل بعد إلى مستوى المأسسة ووضع أسس صلبة للشراكة.
وأضاف الرنتاوي بأن مؤسسات المجتمع المدني تعاني من حوارات وتفاعلات خارجة عن المضمون، وان مشوار المجتمع المدني لا زال طويلاً للوصول إلى موقع الشريك الكامل والفاعل والمؤثر في مؤسسات الدولة.
وفي الجلسة الأخيرة من الملتقى أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي أندريا فونتانا في حديثه عن رؤية المجتمع الدولي للاستعراض الشامل للأردن عن أهمية تقديم الدعم لأصحاب المصلحة المتفاعلين مع الاستعراض من أجل مستقبل حقوق الإنسان مما يعمل على منع النزاعات وخلق الاستقرار.
وأعرب فونتانا عن أهمية وجود الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان وأن الاتحاد الأوروبي يدعم هذه الخطة من خلال الحوار من أجل احترام حقوق الإنسان، مشيراً بأن الاتحاد الأوروبي لديه حوار مع الأردن ضمن الشراكة التي أطلقت عام 2016 وتضمن على خمسة أولويات هي حرية التعبير، سيادة القانون، مكافحة التعذيب، منع الإعدام وتمثيل المرأة وحرية التجمع وتشكيل الجمعيات.
وقال أن الاتحاد الأوروبي يعمل مع الحكومة في مجال حماية المرأة وتمكينها وتحسين وضع المرأة في الريف، وإعطاء فرص أكبر للمرأة في مكان العمل وأن لا يكون هناك أي نوع من التمييز.
وأضاف أن العمل مع الحكومة يتضمن إيجاد بدائل للاحتجاز والحصول على المساعدة القانونية لوصول أكبر قدر من المتظلمين للعدالة، إضافة إلى العمل لزيادة حماية اللاجئين.
ونظم الملتقى تحالف “عين الأردن” بالشراكة مع تحالفات “إنسان، جوكات، وإرادة شباب” والتي ستقدم تقاريرها للاستعراض الشامل للأردن 2018 وبالتعاون مع مكتب المنسق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء، وحضره ما يزيد عن 70 مشاركاً من قادة وممثلي المجتمع المدني والفريق الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة ومفوضية الاتحاد الأوروبي والعديد من البعثات الدبلوماسية.
وتوزعت أعمال الملتقى على ثلاثة جلسات حيث تناولت الجلسة الأولى المشاورات الوطنية بين مؤسسات والمؤسسات الوطنية والحكومة، حيث تحدث مدير هيئة الإعلام محمد قطيشات قائلاً بأن شكل العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والحكومة قد تغير وأصبح ضمن مؤسسية وإطار منهجي، ويحتاج كل طرف من الطرفين للآخر من أجل ترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان.
وأضاف أن “الحكومة لا يمكن أن تقوم بدورها دون مؤسسات المجتمع المدني”، داعياً
إلى مواجهة التحديات القادمة وأبرزها وضع أولويات لتوصيات الاستعراض التي لم تنفذ أو نفذت جزئياً ودفعها للتحقق خلال الشهور الأربعة المقبلة، قائلاً أن الاستعراض فرصة لتحقيق الأولويات.
ودعا المتحدث عن دائرة قاضي القضاة القاضي الشرعي القاضي منصور الطوالبة إلى تعزيز مبدأ الحوار قائلاً بأن قبول الأردن لـ 126 توصية في الاستعراض الماضي يعني بأنه يسير بخطى حقيقية لتعزيز حقوق الإنسان وأن هذا المبدأ ليس غريباً على الدولة الأردنية.
وأشار الطوالبة بأن الدولة بدأت بمأسسة العلاقة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، مؤكداً على أن طبيعة العلاقة قد تطورت من خلال اللقاءات والمشاورات المتعلقة بالاستعراض الشامل، داعياً مؤسسات المجتمع إلى إعادة بناء علاقتها مع الحكومة في ظل هذا التطور.
وقال أن أكبر تحديات الاستعراض الشامل ويشكل أبرز عوامل العلاقة بين مؤسسات المجتمع والحكومة هو آلية إعداد تقرير الاستعراض وتقنية التقارير المقدمة للاستعراض والآليات التعاقدية، منوهاً إلى وجود ضعف حكومي في إعداد التقرير، داعياً الحكومة للتعاون مع المجتمع المدني في هذا المجال.
وتحدثت في الجلسة الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس مشيرة إلى أن علاقة المؤسسات الوطنية مع الحكومة تشبه علاقة الحكومة مع مؤسسات المجتمع المدني.
وأيدت النمس العمل والمشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني لما له من تأثير إيجابي على الأنشطة التي تقوم بها المؤسسات الوطنية، ودعت الحكومة لتطبيق أهداف التنمية المستدامة في تقريرها الذي ستقدمه في أكتوبر المقبل للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
ودعا الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين الدكتور مهند العزة الحكومة إلى تقديم المزيد من التقارير للجان التعاقدية بعد دورة الاستعراض الشامل الحالية خاصة مع وجود الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين منسق تحالف نضال منصور أن مؤسسات المجتمع المدني تسعى للتغيير ومأسسة العمل من أجل حقوق الإنسان، داعياً للعمل المؤسسي والتخطيط لتحقيق النجاحات.
وعرض منصور أبرز ما حققته مؤسسات المجتمع المدني في انخراطها بالاستعراض الشامل ومنها المشاورات مع الحكومة، مشيراً أن ما تقوم به مؤسسات المجتمع المدني هو عمل علني وشفاف وتحت الأنظار ولا توجد له أجندات خفية.
وأشار منصور إلى عدد من التحديات أبرزها طريقة تفهم الحكومة لدور المجتمع المدني والوثوق به مع وجود أصوات محافظة داخل الحكومة لا تبدي حماساً لأجندة حقوق الإنسان، متسائلاً عن تمثيل المجتمع المدني ضمن الفريق الوطني في جنيف؟.
وعرض الممثلون عن تحالفات مؤسسات المجتمع المدني موجزاً عن تقارير الإفادات التي سيقدمونها للاستعراض الشامل نهاية آذار/ مارس الحالي، وقد تحدث كل من هالة عاهد ممثلة عن تحالف إنسان، إنعام العشا عن تحالف “عين الأردن”، نور الإمام عن تحالف JO – CAT وإيناس زايد عن تحالف “إرادة شباب”، وبالإضافة إلى نسرين زريقات ممثلة عن المركز الوطني لحقوق الإنسان.
وتناولت الجلسة الثالثة والأخيرة احتياجات مؤسسات المجتمع المدني والتحرك الحكومي خلال الأشهر المقبلة، ورؤيا المؤسسات الوطنية وجهودها في الاستعراض الشامل، ونظرة المجتمع الدولي على الاستعراض.
ودعت مديرة جمعية النساء العربيات ليلى نفاع في حديثها لهذه الجلسة إلى استمرار الحوار مع الحكومة لطرح كافة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، والمحافظة على المكاسب التي حصل عليها المجتمع المدني.
وقالت أن المبادرات التشاورية بين الحكومة ومؤسسات المجتمع هي من أنجح المبادرات.
وأشارت نفاع إلى أن المجتمع المدني في الأردن متنوع ويجب دعمه خاصة وأنه يتعرض هذه الفترة لتضييق يتنافى مع القوانين السارية المفعول.
ووصف المقدم سالم الهدبان من مكتب الشفافية وحقوق الإنسان في الأمن العام طريقة إعداد الحكومة لتقريرها ومنهجيته وعملية التشاور، منوهاً بأن الحكومة وفي إطار الشراكة المجتمعية قامت بعدد كبير من المشاورات وطلبت من مؤسسات المجتمع المدني ملاحظاتها واقتراحاتها لكتابة التقرير.
وأضاف الهدبان بأن كتابة التقرير الحكومي ستقوم به اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان في وزارة الخارجية بعد جمع المعلومات من جهات حكومية وغير حكومية وبالاعتماد على التوصيات الصادرة عام 2013.
وعرض الهدبان بعض ما سيحتويه التقرير الحكومي والتي ستعلن فيه العمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان على أرض الواقع وستسعى لتطوير منظومة التشريعات لموائمتها مع معايير حقوق الإنسان التي صادقت عليها الأردن بما فيها القوانين التي صدرت بين 2013 و2018.
وستشير الحكومة في تقريرها إلى تأسيس مركز إقليمي لتدريب موظفي إنفاذ القانون على حقوق الإنسان، واستحداث ما يتوافق مع معايير المحاكمات العدلة للنيابة الشرطية ومحكمة الاستئناف شرطية.