خلال المنتدى الإعلامي التابع لـ “حماية الصحفيين” تفكيك وتحليل للمشهد السوري وسيناريوهات ما بعد سقوط نظام الأسد

تفكيك وتحليل للمشهد السوري وسيناريوهات ما بعد سقوط نظام الأسد

  • أبو رمان: المسؤولون الأردنيون غلّبوا المصالح الاستراتيجية على الهواجس بشأن سورية
  • زيارة وزير الخارجية أيمن الصفدي لسورية ومقابلته الشرع كانت زيارة موفقة ومهمة جدا
  • الأردن تاريخيا ليس له مطمع في سورية، وليس له أي أجندة تجاهها
  • على الأردن مراعاة تشكل منطقة جديدة بصورة مختلفة عن المرحلة السابقة
  • المرحلة القادمة هي للدور السعودي وهو الأهم في المنطقة
  • الجولاني يمتلك دهاء رهيبا، وتعامل بذكاء مع الأتراك والروس
  • ماضي: سورية ستشكل ضلعا من أضلاع الحراك السياسي العربي
  • “حالة الإلهام” التي حدثت في سورية لن تتأثر بها الأردن
  • البنية الأساسية والتنظيمية لهيئة تحرير الشام بدأت فيها التحولات السياسية والأيدولوجية مبكرا
  • عودة اللاجئين السوريين قد يترك فراغا لأنهم جزء من الاقتصاديات المحلية في المحافظات الأردنية
  • الحكم الجديد في سورية والموقف العربي لن يسمح بتوسع مناطق نفوذ الأكراد

قال الباحث والوزير الأسبق، محمد أبو رمان، إن المسؤولين الأردنيين غلّبوا فكرة المصالح الاستراتيجية على فكرة الهواجس، فزيارة وزير الخارجية أيمن الصفدي لسورية، ومقابلته الشرع، كانت زيارة موفقة ومهمة جدا، وإعلان العقبة كان مهما فهو جاء لبناء موقف عربي مشترك من الأحداث الأخيرة في سورية، لتقريب المواقف ومحاولة توحيدها تجاه الوضع الجديد.

وأضاف أن الأردن تاريخيا ليس له مطمع في سورية، وليس له أي أجندة تجاهها مثل دول أخرى، وله بعض المكاسب من تغير المشهد السوري، منها؛ أن دولة الكبتاجون تلاشت، وقضية اللاجئين وعودتهم بدأت بالتحرك، وكذلك انتهاء وجود المليشيات المسلحة والطائفية عند الحدود الأردنية، والفرص المتاحة للأردن بأن يكون له جزءا مهما في عملية إعادة الإعمار.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي، بدر ماضي، خلال استضافته في المنتدى الإعلامي التابع لمركز حماية وحرية الصحفيين، وضم الباحث والوزير الأسبق، محمد أبو رمان، وأدار الحوار فيه الزميل نضال منصور، مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين، تحت عنوان “سورية بعد سقوط نظام الأسد.. سيناريوهات المستقبل، إن “سورية ستشكل ضلعا من أضلاع الحراك السياسي، خاصة إذا زاد منسوب الثقة بين الدولة الأردنية والنظام القائم في سورية، فالحكم الجديد في سورية إذا ما أثبت مرونته فسيشكل عامل دعم جيد لتفاهمات مع الأردن والسعودية وقطر”.

وأوضح أبو رمان أن على الأردن مراعاة تشكل منطقة جديدة بصورة مختلفة عن المرحلة السابقة، وأن الفاعلين التقليديين؛ سوريا، والعراق، ومصر أصبحوا غائبين عن التأثير الإقليمي، والمرحلة القادمة هي للدور السعودي وهو الأهم في المنطقة خلال المرحلة القادمة، منوها إلى أن إيران الآن في وضع صعب جدا، فحزب الله تم تقييده، وتحجيم دوره، وحركة حماس لديها تحولات سياسية باتجاه أكثر واقعية في التعامل مع مخرجات الحرب على غزة.

وعاد أبو رمان ونبه إلى أنه بعد عدة أشهر سيكون ملف الضفة الغربية حاضرا بقوة على الطاولة، فالمشروع الإسرائيلي في الضفة مرعب، ويمس الأمن الوطني الأردني، وفي المرحلة القادمة يجب أن ننظر إلى الهيمنة الإسرائيلية، فهي تشعر أنها بأوج قوتها، وتسيطر على مصادر المياه في الجنوب السوري الأمر الذي يُشكل تهديدا كبيرا.

وعن انعكاس الأحداث الأخيرة في سورية على الأردن، أوضح ماضي أن ما يُسمى “حالة الإلهام” التي حدثت في سورية لن تتأثر بها الأردن فهي حصنت نفسها من خلال القرارات والتشريعات التي ضمنت مشاركة الجميع، مُبينا أن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قد يترك فراغا واضحا لأنهم جزء من الاقتصاديات المحلية في المحافظات الأردنية، وخاصة في الشمال.

وفي قراءة لما حدث في سورية، قال ماضي إن البنية الأساسية والبنية التنظيمية لهيئة تحرير الشام بدأت فيها التحولات السياسية والأيدولوجية مبكرا، ونظرتها للوضع في سورية اختلفت مبكرا أيضا عن نظرة بعض الحركات الإسلامية المتطرفة، وعملت هيئة تحرير الشام على بناء حالة وطنية سورية داخل تنظيمها، ومحاولة تسويق نموذج الإسلام السياسي المحلي (السوري) مقابل الحركات الإسلامية التي تؤخذ المنحى الإقليمي، والأممي.

وهو ما أكد عليه أبو رمان بقوله “هيئة تحرير الشام أظهرت ذكاء شديدا، والجولاني شخصية تمتلك دهاء رهيبا، فهو تلاعب بالبغدادي، والظواهري، وجزء من التابعين له الذي انفصلوا لاحقا، وتعامل بذكاء مع الأتراك، والروس”، مشيرا إلى أنهم يملكون قراءة سياسية للتحولات الاستراتيجية التي ستحدث في المنطقة، ونتيجة لهذه التحولات اغتنموا الفرصة وقاموا بالعملية العسكرية التي أطاحت بنظام الأسد”.

ويرى أبو رمان أن تطور الشرع السريع، والتحولات التي مر بها في الجماعات الجهادية لم يكن مفاجئا، بل كانت تحولات بطيئة ومتدرجة، وطبيعية، وحتى على صعيد هيئة تحرير الشام فنسبة كبيرة منهم ليس لديه تاريخ في حركات الجهاد الإسلامي، ولكن انضموا لها بسبب العاطفة، أو بسبب السياقات السورية الداخلية خلال “الحرب الأهلية”، وعلاقة الهيئة بتنظيم القاعدة ليست علاقة صلبة.

وبيّن أبو رمان أنه لم يكن هناك تفاهمات مسبقة بين هيئة تحرير الشام ودول أخرى، وإن كان هناك تفاهمات أميركية أو غربية فقد كانت مع الدولة التركية، وحتى تهديدات نتنياهو لبشار الأسد قبل يومين من بدء تحرك هيئة تحرير الشام كانت جزءا من التهديد والترهيب لبشار، وليست مرتبطة بما فعلته هيئة تحرير الشام، مستبعدا أن يكون الجولاني جزءا من “مؤامرة” إسرائيلية صهيونية أميركية، مؤكدا أنه توقع أن أول من سيدفع الثمن نتيجة الأحداث في المنطقة هو بشار الأسد لأنه الطرف الأضعف في حلف “الممانعة”، وما حدث جزء من ارتدادات ما حدث في غزة، وتحولات إقليمية، وجيوبلتيكية أدت إلى تحول في الموقف الإسرائيلي.

ونوه إلى أنه التقى قبل 7 أشهر صحفيا مقربا جدا من أحمد الشرع “الجولاني”، وأخبره في وقتها بأن الشرع ومن معه سيذهبون من إدلب إلى دمشق خلال فترة قريبة، وسيطيحون بنظام الأسد، لافتا إلى أن القراءات التركية، والعربية، وحتى المعارضة السورية كانت تستهدف توسيع منطقة خفض التصعيد وبأقصى تقدير الوصول والسيطرة على مدينة حلب، لكن الجولاني ومن معه كان لديهم يقين كامل بأن نظام بشار الأسد لن يتحمل الضربات نتيجة التحولات الإقليمية التي طرأت على المنطقة في الأونة الأخيرة، فأخذوا الضوء الأخضر من تركيا في البداية ولكن كان لديهم ترتيبات مسبقة للوصول إلى دمشق.

من جانبه قال ماضي “الشعب السوري خلال سنين الثورة كان أمام ثلاثة خيارات، إما السجن والتهجير، أو القتل، أو تكون جزءا من جوقة النظام السابق، ولكن في السنوات الأخيرة كان العمل الجاد والأساسي لهيئة تحرير الشام، وهذا ما خلق شعورا لدى الشرع، والهيئة بأنهم هم من أعطوا ثقلا على الأرض”، موضحا أن الفترة الانتقالية التي قررت من هيئة تحرير الشام ومدتها 3 شهور ونصف، تبدو كاختبار حقيقي ليس على المستوى السوري، بل على الإقليمي أيضا، واختبار آخر لهيئة تحرير الشام ومدى قدرتها على إدارة الحكم في سوريا، بالإضافة لأن الشرع أعطى فرصة لنفسه ليرى من سيقف لمساعدته في هذه الفترة.

وأضاف أن بعض الدول العربية لديها مخاوف، وحساسية من الإسلام السياسي، ولكننا ننسى في المنطقة بعض التجارب في التحولات الأيدولوجية للإسلاميين في بعض الدول، مثل التجربة المغربية، وحتى في تونس كان هناك مراجعات كبيرة من الغنوشي، ولكن التجربة لم تنضج بسبب ظروف داخلية وإقليمية ودولية.

وعن المشكلة الكردية في شمال سوريا، أكد ماضي أنها ليست مشكلة سورية فقط، ولكنها مشكلة تركية وإيرانية أيضا، وما حدث في العراق من الممكن أن يكون نموذجا في سوريا، وبالتالي إذا أصبح لدينا نموذجين في العراق، وسورية، قد يمتد لإيران وجنوب تركيا، مما يشكل حالة من الخطر الوجودي على الأمن القومي التركي والذي لن تقبل به تركيا، وكذلك إيران لن تقبل به.

وأشار إلى أن الحكم الجديد في سورية، وحتى الموقف العربي لن يسمح بتوسع مناطق نفوذ الأكراد، وحتى الموقف الأميركي كان واضحا من خلال تصريح بربارا ليف رئيسة وفد الخارجية الأميركية الذي التقى بالجولاني، عندما قالت إن الهدف من إنشاء قوات قسد الكردية قد انتهى، من جانبه قال أبو رمان أن تركيا ستكون التحدي الأبرز لسورية، فهي لديها موقف ثابت ضد الأكراد، وترى أن لديها دين على النظام والدولة الجديدة في سورية وتنتظر أن يسدد لها.