قرارين قضائيين جديدين ينتصران لحرية الإعلام الأردني صدرا الخميس الماضي من محكمتين مختلفتين في الدرجة، القرار الأول أصدرته محكمة الاستئناف ويقضي بفسخ قرار محكمة صلح جزاء عمان بإدانة إذاعة راديو البلد ومديرها الزميل داوود كتاب، والثاني أصدرته محكمة بداية جزاء عمان ويقضي بعدم مسؤولية جريدة المحور الأسبوعية ورئيس تحريرها الزميل فارس الشرعان والصحفي يوسف الطورة عن جرم الإساءة إلى كرامة الأفراد.
واعتبر المحامي محمد قطيشات مدير وحدة المساعدة القانونية التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين والذي تولى الترافع في القضيتين أن “القرارين يشكلان إضافة هامة لصالح حرية الإعلام في المملكة”، وأضاف “أن القرارين يؤكدان على مبادئ قانونية أساسية تخدم حرية الإعلام وحرية التعبير بشكل عام في الأردن وهي مبدأ حق النقد المباح للشخصية العامة، ومبدأ حسن النية إلى جانب تأكيد محكمة الاستئناف على أهمية تعليل محكمة الدرجة الأولى لقرارها على أسس سليمة من القانون”.
وكانت محكمة صلح جزاء عمان قد أدانت راديو البلد وديفيد جورج كتاب في الدعوى التي حركتها هيئة الإعلام المرئي والمسموع والأمانة العامة لمجلس النواب بسبب تعليقات بثت عبر الإذاعة بحق مجلس النواب وجهات أخرى. وأدانت محكمة الصلح الإذاعة بجرم مخالفة أحكام المادة 20/ل من قانون الإعلام المرئي و المسموع والمادة 15 من اتفاقية الترخيص المنظمة بين الهيئة والشركة المشتكى عليها، ومخالفة المادة 6/3 و 2 من تعليمات البرامج والإعلانات والدعاية التجارية رقم 1 لسنة 2006 مكرر خمس مرات.
وقررت المحكمة الحكم على كل واحد منهما (الإذاعة والزميل كتاب) عملا بالمادة 29/ب من قانون الإعلام المرئي والمسموع بالغرامة عشرة آلاف دينار والرسوم لكل واحد منهما عن كل جرم. وعملا بأحكام المادة 72 من قانون العقوبات قررت المحكمة تنفيذ إحدى العقوبات بحق كل واحد منهما لتصبح الغرامة عشرة آلاف دينار لكل واحد منهما وإزالة الضرر الناشئ عن المخالفة .
إلا أن محكمة الاستئناف وبعد النظر في القرار قررت فسخ الحكم واستندت في قرارها على أسباب الاستئناف المقدمة من وكيل المحكوم عليهما المحامي محمد قطيشات مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين وأهمها : أن محكمة الدرجة الأولى أخطأت – مع الاحترام – في تسبيب الحكم المستأنف إذ جاء غير مستند على أسس سليمة من القانون وتحليل غير سائغ من البينات المقدمة في الدعوى وقاصرا في التعليل والتسبيب. ولم يناقش أحكام القانون نهائياً لا من حيث التفسير و لا من حيث التطبيق.حيث أيدت المحكمة ذلك وقررت فسخ الحكم.
وبناء على هذا قرار الاستئناف فان المحاكمة في هذه القضية ستعاد من جديد من قبل محكمة صلح جزاء عمان.
وفي قضية أسبوعية المحور التي نظرت فيها محكمة بداية جزاء عمان فقد قررت المحكمة إعلان عدم مسؤولية كل من جريدة المحور الأسبوعية ورئيس تحريرها فارس الشرعان و الصحفي يوسف الطورة عن التهم التي أسندت إليهم في الدعوى التي أقامها أعضاء المجلس البلدي في معان ضد الجريدة.
وكانت النيابة العامة قد وجهت للزملاء جرم الإساءة إلى كرامة الأفراد وحرياتهم الشخصية وإشاعة معلومات كاذبة بحقهم خلافا لنص المادة 38 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته في القضية رقم 3107/2008 ، وذلك على خلفية نشرة مادة صحفية بعنوان ” فساد مالي واداري في بلدية معان ” والتي تضمنت نشر لبعض التجاوزات المالية والادارية في بلدية معان ” حسبما جاء في قرار الظن الصادر من قبل المدعي العام في هذه القضية .
إلا أن المحكمة بقرارها أخذت بالدفوع القانونية التي أثارها المحامي قطيشات مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين وأهمها : أن نص المادة 38/د مطبوعات ونشر تحمي حق الأفراد في السمعة بينما لم تشير المادة الصحفية الى أي فرد وانما تحدثت عن هيئة معنوية وهي المجلس البلدي لمدينة معان .
كما اعتبرت المحكمة أن المادة الصحفية لا تشكل أي اساءة لأي جهة وانما هي من قبيل النقد المباح الذي توافرت شروطه من حيث أهمية المادة الصحفية لمصلحة العامة وثبوت الوقائع الواردة فيها.
وارتأت المحكمة أيضا أن استخدام عبارة فساد مالي واداري انما جاء ليعبر ويصف عن حجم المشكلة التي يعاني منها المجلس البلدي، كما وجدت المحكمة أخيرا أن حسن النية كان متوافرا في تلك المادة الصحفية.