نفى الأمير تركي الفيصل سفير المملكة العربية السعودية في لندن والرئيس السابق لجهاز استخباراتها، أن تكون لبلاده علاقة بصحيفة “الزمان” التي يصدرها في لندن الصحفي العراقي سعد البزاز، والذي وافق محاموه ومحامو الصحيفة يوم الثلاثاء (25/1/2005) على أن يدفعوا مبلغ 10 آلاف جنيه استرليني على سبيل التعويض، ونصف مليون جنيه استرليني تكاليف ومصاريف المحاماة وقضية التشهير التي أقامتها ضد الصحيفة حرم أمير دولة قطر.
وذكرت المنظمة العربية لحرية الصحافة أن نفي السفير جاء عبر شركة محاماة تضمن “إن ليس في السعودية أو الاستخبارات السعودية أو المسئولين السعوديين من له أو كانت له علاقة بصحيفة “الزمان” وذلك بعد أن ألزمت المحكمة العليا في لندن صحيفة “الزمان” التي يصدرها البزاز الذي يوصف بميردوخ الإعلام العراقي المستقل، بالاعتذار ودفع التعويض التي أقامتها ضد الصحيفة الشيخة موزة بعد أن اتهمتها بالتدخل في شؤون الدولة القطرية والتعامل سرا مع اسرائيل، وقدم فيها محامو المدعية وثائق قالوا انها تثبت أن الصحيفة يسيطر عليها مسؤولون من المخابرات السعودية يدفعون المال لاستخدام الصحيفة في شن حملة دعائية ضد قطر وقيادتها.
وأظهرت الوثائق كذلك أن مسؤولي الصحيفة أسسوا “مركز الدفاع عن حرية الصحافة والحرية الفكرية في العالم العربي” بهدف جذب المنشقين السعوديين في المنفى حتى تتمكن السلطات السعودية من مراقبتهم.
وكان تكشف خلال جلسات في القضية عن أن مبالغ مجموعها مليوني ونصف مليون جنيه استرليني قد تلقاها البزاز في حسابه في فرع إيلينج لبنك نات وست البريطاني، محولة إليه من السعودية عبر بنك الرياض. وتضمنت وثائق شكك محامو البزاز فيها، أن التمويل والتوجيه السياسي للصحيفة كان مباشرا وتحت غطاء أعضاء بارزين في الاستخبارات السعودية، والتي كانت تحت رئاسة الأمير تركي السفير في بريطانيا حاليا.
ولم يعترض محامو الصحيفة والبزاز على صحة هذه التحويلات وإنما نفوا أن تكون هذه التحويلات من أجل شن حملة تشهير ضد دولة قطر.
وقد وافقت “الزمان” على تسوية خارج المحكمة، فاتفقت على نشر اعتذار في الصفحة الاولى للشيخة موزة ودفع التعويض للمدعية عن المزاعم التي نشرتها الصحيفة في شهري يونيو ويوليو عام 2001. ولم يدفع محررو وناشرو الزمان بأن المزاعم صحيحة. بل قالوا انها استندت الى مواد تم الحصول عليها من مصادر موثوق فيها وهو ما يفرض على الزمان باعتبارها صحيفة جادة ومستقلة ان تعرضها على قرائها مشيرين الى الحصانة المقيدة التي تحمي صاحبها من المساءلة عما يقال أو يذاع من عبارات التشهير اذا كان الدافع هو المصلحة المشروعة.
وفي ضوء الوثائق التي تشير إلى صلة “الزمان” بالسعودية حكم القاضي ديفيد ايدي بأن الصحيفة لا يمكنها أن تطالب بالحماية على اساس انها صحيفة مستقلة.
وأفاد بيان تلي في المحكمة بأن الصحيفة ومحرريها يقبلون الآن انه لم يكن هناك أساس من الصحة من أي نوع لاي من المزاعم التي نشروها.
وينص الحكم القضائي أيضا على أن تنشر الصحيفة اعتذارها على الصفحة الأولى في غضون 14 يوما من تاريخ صدور الحكم، على أن يظل منشورا على مدار شهر في موقعها الإلكتروني.
وقد قدم فريق محامي الشيخة موزة وثائق زعموا أنها تثبت أن صحيفة “الزمان” يسيطر عليها مسؤولون من الاستخبارات السعودية، وان هؤلاء دفعوا المال لاستخدام الصحيفة في شن حملة دعائية ضد قطر وقيادتها وأن اتفاقا لتنظيم حملة ضد قطر تم التوصل إليه في نوفمبر 1998 بين رئيس تحرير الصحيفة سعد البزاز وداعميه السعوديين الذين التزموا بتعويضه عن أي تكاليف مالية قضائية أو غيرها قد تنتج عن حملة التشهير ضد قطر، وأنهم مرتبطين بالمخابرات السعودية كانوا يشرفون على إدارة الزمان، وجعلوا المساعدات المالية للصحيفة تبدو وكأنها عائدات إعلانات.
كما كشفت الوثائق التي استند إليها محامو المدعية القطرية على تورط “الزمان” في عمليات تحريض ضد صحفيين وكتاب عرب معروفين بسبب انتقادهم للسعودية، ومنها رسالة من المدير العام للزمان لشخص في الرياض يحرضه على تهديد ناشرين بحرمانهم من التوزيع في السعودية إن هم نشروا أجزاء من مذكرات الصحفي المصري محمد حسنين هيكل قد تسيء “للمملكة وقائدها” كما ورد في الرسالة.
يذكر أن سعد البزاز كان احد الرموز الاعلامية البارزة في العراق خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات، وتقلد مناصب مهمة في الاعلام العراقي في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين حتى انشقاقه وخروجه من العراق في بداية التسعينيات، واستقراره في بريطانيا وحصوله على الجنسية البريطانية، ثم عودته إلى العراق ليؤسس امبراطورية إعلامية تضم قناة فضائية.