مع عقوبة السجن التي قد تطبق بحق الصحافيين الاميركيين ماثيو كوبر وجوديث ميلر لرفضهما كشف مصادرهما للقضاء بدأت الصحافة الاميركية تتساءل حول الحرية والحماية اللتين كانت حتى الآن واثقة من انها تحظى بهما في ظل القانون.
وتحدى ماثيو كوبر من مجلة تايم والصحافية جوديث ميلر من صحيفة نيويورك تايمز امرا صادرا عن مدع عام فدرالي ينذرهما بكشف مصادرهما في اطار تحقيق حول عملية تسريب معلومات خلافا للقانون يشتبه انها صدرت عن ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش وادت الى كشف هوية امرأة من عناصر وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه).
وتحدى ميلر وكوبر الامر القضائي متمسكين في ذلك بحق السرية المهنية الذي يخولهما عدم كشف هوية مصادرهما.
وكان كوبر ذكر هوية عميلة السي اي ايه في احد مقالاته في حين ان ميلر حققت في القضية غير انها لم تكتب عنها ولم تستخدم اطلاقا بالتالي المعلومات التي نقلت اليها بشأن العملية تحت طي السرية.
ويشدد الصحافيان على ان استخدام مصادر بدون كشف هويتها امر ضروري في العمل الصحافي من اجل كشف فضائح مذكرين بصورة خاصة بالدور الذي لعبه مخبر ملقب ب”الحلق العميق” في فضيحة ووترغيت التي ادت الى سقوط الرئيس ريتشارد نيكسون.
ومن المحتمل ان تودع جوديث ميلر السجن ابتداء من الاربعاء لقضاء عقوبة لمدة 18 شهرا صدرت بحقها بتهمة الاساءة الى قاض بعد ان رفضت المحكمة العليا الاميركية الاسبوع الماضي النظر في القضية.
اما مات كوبر فقد يتمكن من تجنب السجن اذا ما اكتفى الادعاء بقرار رئاسة تحرير مجلته تسليمه مفكرته.
واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز احتمال دخول صحافيتها السجن في حين انها بنظرها لم تخالف اي قانون امرا “مثيرا للصدمة”.
ونددت لجنة الصحافيين من اجل حرية الصحافة ب”مهزلة” القضاء فيما وصفت منظمة مراسلون بلا حدود القضية بانها “رجعية وتقضي على الحرية” وتشكل هزيمة لجميع الصحافيين.
وقال جون واتسون هو استاذ في الصحافة في الجامعة الاميركية ساعيا للتخفيف من وطأة المسألة “انها صدمة كبيرة لكن هذا يحصل كل 25 او 30 سنة”. واضاف “هذا لا ينذر بنهاية الصحافة. انه اخلال كبير بحرية الصحافة لكننا سنتجاوزه”.
واعتبر آلي كولون من معهد بوينتر للصحافة ان قضية ميلر/كوبر يجب ان تحمل الصحافيين على التفكير مليا في مصادرهم السرية مضيفا “يجب الا يتحول ذلك الى عادة جارية”.
وصدم دعاة حرية الصحافة بقرار مجلة تايم تسليم الوثائق المطلوبة وعبر البعض عن خشيتهم بان تشجع هذه المبادرة هيئات تحرير اخرى على التعاون مع القضاء بالرغم من احتجاجات الصحافيين لتجنب عواقب قضائية وتجارية وخيمة.
وقال رئيس تحرير تايم نورمان بيرلستين مبررا قرار المجلس الخميس “ان الدستور نفسه الذي يحمي حرية الصحافة يفرض كذلك احترام قرارات القضاء”.
من جهتها عبرت صحيفة نيويورك تايمز عن “خيبتها الكبيرة” لقرار المجلة.
ويسعى القضاء للتحقق مما اذا كان مسؤول في البيت الابيض هو الذي كشف للصحافة هوية عميلة السي اي ايه فاليري بلام زوجة السفير السابق جوزف ويلسون في وقت كان الاخير ينفي علنا حجج الرئيس جورج بوش لشن الحرب على العراق وعلى الاخص في ما يتعلق باسلحة الدمار الشامل المنسوبة الى نظام صدام حسين.
وكشف هوية عميل في السي اي ايه يعتبر عملا اجراميا في الولايات المتحدة.
وتذرع الصحافيان بالتعديل الاول للدستور الذي يضمن حرية الصحافة والتعبير ويحمي برأيهما سرية المصادر.
اما الادعاء فيستند الى قرار صادر عن المحكمة العليا عام 1972 وينص على ان الحماية التي يضمنها الدستور لا تنطبق على الصحافيين الذين قد تكون شهادتهم اساسية في حالات اجرامية.