قطيشات مديراً لهيئة الإعلام … دلالات ومطالب
  • نضال منصور

عينت الحكومة المحامي محمد قطيشات مديراً لهيئة الإعلام، وهو لا يحتاج مديحاً أو إطراءً مني أو من الإعلاميين، فقد قدم شهادات اعتماده منذ ما يقارب 15 عاماً حين بدأً يدافع عن الصحفيين الذين تقام عليهم دعاوى النشر، وأصبح من ألمع المحامين وأكثرهم خبرة في قضايا الإعلام ليس في الأردن فحسب بل بالعالم العربي.

طوال السنوات الماضية التي اقترب فيها قطيشات من الإعلام محامياً، استطاع أن ينسج شبكة من الصداقات مع الوسط الصحفي، وتعرف على المشهد الإعلامي ومشكلاته والتحديات التي تواجهه باحثاً ومدافعاً، ولذلك فهو لا يبدأ من الصفر ولا تنقصه الخبرة وانما يبني على ما اكتسبه من معارف ومهارات.

حظي تعيين قطيشات مديراً لهيئة الإعلام بارتياح ورضى غالبية الإعلاميين، وربما لم يعجب قرار اسناد هذه الوظيفة الهامة لمحامٍ شاب في مقتبل العمر لقلة في مواقع مختلفة، يعتبر بعضهم أن هناك من هو أحق منه، واخرون تضايقوا واستفزهم أنه لم يأت من دائرة “السحيجة” وانما تشكلت شخصيته في المجتمع المدني.

وقبل أن نتحدث عن التحديات والمهام الصعبة التي تنتظر مدير هيئة الإعلام الجديد، علينا أن نشكر الحكومة وتحديداً وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور محمد المومني لحرصه أن يرشح لهذه الوظيفة خبيراً قانونياً ربما لا يتفق معه في كثير من التفاصيل، لكنه يريد من يجدد ويغير، والثناء على الجهات التي تقبلت وتوافقت على تعيين قطيشات في وظيفة تشتبك ملفاتها مع جهات أمنية وسيادية.

والان ماذا سيفعل المدير العام الجديد؟!

لست في العادة ممن يبالغون في رفع سقف التوقعات، حتى لا نلحق الضرر السريع بالمدير الجديد، وحتى لا نقع ضحية الإحساس بالإحباط إذا لم تتحقق مطالبنا وأمنياتنا سريعاً، وقبل ذلك ندرك ونعرف أن التغيير في بلادنا خاصة في ملف القوانين بطيء ويتعرض لمقاومة ورفض من قوى مختلفة، وهو ليس اللاعب الوحيد بهذا الملف، ولا يملك بالتأكيد عصاً سحرية، وهذا لا يُفهم منه أننا لن نحاسبه وننتقده إن لم يعمل جاهداً للتغيير ويفرض معطيات واتجاهات جديدة في عمل هيئة الإعلام.

إذن ماذا نريد من هيئة الإعلام الوريث لدائرة المطبوعات والنشر وهيئة الإعلام المرئي والمسموع؟

نريد لهيئة الإعلام أن تتوقف عن لعب الدور الرقابي والعقابي، وأن تركز أكثر على الدور التنظيمي لعلها تسهم في تطوير المشهد الإعلامي.

ماذا يعني ذلك؟

طوال السنوات الماضية انشغلت هيئة الإعلام وأذرعها بمراقبة محتوى الإعلام وقد أبديت في أكثر من لقاء معارضتي واحتجاجي على هذا التوجه، وهذه المنطلقات في التفكير كانت السبب في توجه هيئة الإعلام للمعاقبة وإقامة الدعاوى القضائية، بل إنها تغولت على سلطة القضاء حين أعطت لنفسها الحق بأن تملك سلطة القرار في حجب وسائل الإعلام، وتوسع هذا الدور لتبدأ بالتضييق على وسائل الإعلام بإصدار تعاميم حظر النشر وقد كنت ومازلت أعتبرها رقابة مسبقة تخالف الدستور والمعاهدات الدولية التي صادق عليها الأردن؟

كثيرة هي المطالبات التي نتوقع من المحامي قطيشات أن يبدأ بها وهو يعرفها جميعاً، وأولها البدء بالعمل مع الحكومة بشكل جاد على تعديل حزمة التشريعات المقيدة للإعلام بدءاً من قانون المطبوعات ومروراً بالإعلام المرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية والعقوبات وانتهاءً بمنع الإرهاب، ويسعفه لتحقيق هذا الأمر أن الأردن قدم تعهدات والتزامات دولية في مبادرة الحكومات الشفافة، والاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، وكذلك في عمله مع اليونسكو والخطة الاستراتيجية لحقوق الإنسان.

وإن كان من مهمة عاجلة للمدير قطيشات فعليه أن يتوقف فوراً عن إصدار تعاميم حظر النشر، وإقامة الدعاوى القضائية على الإعلاميين.

تعديل التشريعات ليست المهمة الوحيدة التي يمكن أن يلعبها، وأعتقد أن هيئة الإعلام تستطيع أن تلعب دوراً إيجابياً في تحفيز وتشجيع التنظيم الذاتي والمثال الحاضر “مجلس الشكاوى” الذي أُحبط بعد أن قطع أشواطاً نحو التحقق.

المهمة أمام قطيشات صعبة، ولا يوجد لديه خيار سوى الإنجاز، ومعيار النجاح هو أن تتحول هيئة الإعلام لجسم داعم لحرية الإعلام واحترافه المهني، فإن لم يتقبلوا ورفضوا هذا التحول والتغير، فما عليه سوى أن يستقيل ويرحل ويعود لموقعه حتى لا يخسر سمعته بالدفاع عن حرية الإعلام.

قلت للصديق قطيشات بعد أن تسلم مهام وظيفته مديراً لهيئة الإعلام “سنقف معك وندعمك ونساندك طالما دافعت عن حرية التعبير والإعلام”.